الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكريات ولد كوردي 17

جمشيد ابراهيم

2019 / 3 / 1
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ذكريات ولد كوردي 17
كنا نقول المدرسة و نعني بها (مدرسة مقاومة الطائرات) و اليوم تستطيع عندما تقييم مدارس من هذا النوع ان تسأل ماذا حقتت و ماذا انجزت؟ الجواب هو كما تقول الالمانية: لا شيء عدا المصاريف و التكاليف. كانت مكتبة المدرسة تحتوي على كمية قليلة من الكتب لا يهتم الضابط بها و لا يزورها فكنا نجلس لوحدنا في هذه الغرفة الخلفية و لكن الدخول اليها كان يعني عبور غرفة استراحة الضباط بلباسهم المكوي النظيف وهم يشربون الشاي و يدخنون و يضحكون و كانما حضروا لحفلة الزفاف بدلا من الخدمة العسكرية و كان عليّ التحية و انا ارجف من الخوف قبل الدخول.

و هنا تذكرت مقال لصحفي الماني يكتب عن الحرب العراقية الايرانية بانه عندما قابل ضابط عراقي ليسأله عن الحرب اجاب الضابط بان العراق ينتصر و عندما سأله الصحفي كيف تعرف؟ اجاب بانه وصل توا من الجبهة. و هنا يعلق الصحفي الالماني و يقول كيف يمكن ان يحضر توا من الجبهة و احذيته تلمع من الصبغ و ملابسه مكوية نظيفة كالذي حضر لحفلة الزفاف.

و في يوم من الايام وصل وفد من المعلمين السوفيت لتعليم الضباط استعمال المدافع السوفيتية المستوردة و كان الروسي الوحيد هو المترجم و المشرف و نوع من جهاز الامن السوفيتي يمنع الخبراء الاخرين من الاختلاط الكثير مع العراقيين و كان مدخنا سلسليا chain smoker لا يتوقف عن التدخين و لا دقيقة.

مرت الايام لاقع في كآبة شديدة و تذمر رهيب - رسمت جدولا خاصا بعدد الايام المتبقية من الخدمة المكروهة لاشطب او اقتل يوم بعد يوم من حياتي الضائعة و هنا تعرفت على ضابط لطيف كان يقول لي: حياتك افضل من حياتي لان خدمتك تنتهي بعد فترة و لكني انا محكوم عليّ بالسجن المؤبد في العسكرية. قلت كيف و العوائل الكوردية في مدينتي تزوج بناتها طمعا بنجمات الضابط او احيانا تزوجها حتى لاخوته طمعا بحياة افضل من الناحية المالية و الاجتماعية؟

و في هذا الجو الكئيب الاسود حضر مراسل الى المكتبة ليطلب مني مراجعة مكتب المدرسة في (شغلة) مهمة. هاج هذا الخبر خوفا مرعبا في داخلي ليصفر وجهي حالا ولكن زميلي في المكتبة و لربما حس بان في هذا الخبر بشرى سارة لي علق و قال: الله (ينطي) يعطي الجوز (للماعنده سنون) للذي ليس عنده اسنان. وصلت للمكتب و انا ارجف خوفا من العقاب كالذي ارتكب جريمة كبرى و عندما سألني الضابط المسؤول: هل عندك احد في وزارة الدفاع؟ اجبت بالنفي و لكنه و رغم انه لم يصدقني قال: تريدك وزارة الدفاع ان تنتقل اليها. سلمني رسالة الانفكاك و طلب مني المباشرة في الوزارة.

فكرت كثيرا لكي اعرف سبب نقلي الى الوزارة و والدي لم يتوسل بالواسطة و الرشوة هذه المرة و هنا تذكرت النائب الضابط الطيب الذي اراد ان يعينني بالوزارة عندما راجعتها و لكنه لم يتمكن لذا ارسلني للمدرسة.
www.jamshid-ibrahim.net








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير