الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (31)

عماد علي

2019 / 3 / 1
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


كذلك الغزالي و كاشعري في احدى مؤلفاته الاخيرة و طرحه كسيرة حياته الفكرية، و في جزء علم الكلام و الهدف و النتيجة، و هو يقصد اختزال اسباب ظهور علم الكلام كمحافظ على مباديء اهل السنة من الحفاظ عليه من تشويش اهل البدعة ( 14).
عند كل من (حنا الفاخوري و خليل الجر) كاتبا تاريخ الفلسفة، ان تعريف ابن خلدون لعلم الكلام اشعري وهو السائد. و لكن لا يمكن ان ان يدعوا بان المعتزلة هم من المتكلمين لسببين، و على الرغم من انهم تكلموا مشابهين لاهل الكلام ، لان علم الكلام لم يتجسد في عصرهم بشكل واضح و من جهة اخرى انهم كانوا مخالفين لاهل السنة (15)، و عليه لا يمكن ان نسمي المعتزلة باهل الكلام، لكون الكلام عندهم هو عامل لكي يدافعوا به عن الاحاديث و الكتب لديهم، في الوقت الذي نعلم بان المعتزلة مخالفون و مناوئون لاهل الحديث (16).
ان كان علم الكلام هو العلم الذي يمكن ان يختص بالتفكير و تحليل العقيدة الاسلامية و فهمها، فاننا يجب ان نعود الى ماقبل تاريخ المعتزلة، اي تفسير القرآن بالخبرة و معرفة العلوم اللغوية، و هذا يحمل خلافات من وجهين، وهو ما يعترفون هم بان تعريف الخلدوني لعلم الكلام هو اشعري، و مع ذلك ياتون الى تفسير ذلك وفق التعريف ذاته لمذهب اسلامي و هو اشد مناويء لاكبر حركة كلامية وهم المعتزلة و يحددون به ذلك العلم. و بهذا، فانهم يعتقدون ان عدم التقدير الكامل لهذا العلم هو السبب الرئيسي لما نقول بان هذا العلم لم يكن موجودا قبل مجيء الاشعري. مع ان مجيء الاشعري بذاته ضربة قوية لهذا الاتجاه الاسلامي و في نتيجة ادت الى الوقوف بوجه الحركة العقلانية الاسلامية. اما الخلاف الثاني وهو؛ انهم يعتقدون بانه خلاف الحركة العقلاني للمعتزلة، و باعتقاد اهل السنة هو اشارة الى انهم لم يكونوا ضمن اطار اهل الكلام، و بمعنى اخر، انهم لم يدافعو عن مباديء اهل السنة، خلاف هذا التفهم هو ان مباديء اهل السنة لدى ابن خلدون و عندهم ايضا هو الفهم الاشعري للعقيدة الاسلامية، وليس بفهم الحنبلي او الحنفي او الماتوردي او الخوارج و المعتزلة او العديد من الجماعات الاسلامية السنية. في الوقت الذي يبرز السؤال الاعتيادي للباحث ، لماذا يكون ذلك عقيدة لاهل السنة الذي يقع بعد الاخرين تاريخيا؟! و ليكن هذا السؤال خارج الميول المذهبية ايضا، يجب ان نسال، فهل يمكن ان يكون تعريف جماعة ومذهب واحد لاهم مفصل ديني و هو العقيدة ان يكون مقياسا لتصنيف الجماعات و المذاهب الاخرى؟! لذا و وفق راي ابن خلدون من حيث الموضوع و المتن، ان هذا العلم بشكل عام( عقيدة ايمانية بعد فرضها بشكل صحيح وصراع ان يسلّم بدلاءل عقلية، و بهذا تنزاح البدعة و لم تبق الشكوك و التشوهات) (17).
اي ان عمل المهتم بعلم الكلام لن يثبت ان النصوص الدينية هي القائل والمدعي، و مع كل ذلك و وفق تعريف الفارابي لعلم الكلام، فلا يمكن ان تشمل الجماعات الاسلامية ك( القدرية و الجبرية و المعتزلة و الجهمية و الماتوريدية و الاشعرية و الاخرى) فقط و انما يمكن ان تشمل و تستوعب الاتجاهات اللاهوتية المسيحية والاديان الاخرى ايضا. و اما التعريف الاخر عند ابن خلدون و الغزالي و الاشعريين بشكل عام، فانه يشمل هم و مذهبهم فقط. في الوقت ان علم الكلام لم يشكل للدفاع عن العقيدة الاسلامية و لا هو شكل اسلامي لتقدير التفهم الديني مع ذلك ان كان علما و اداة للدفاع فانه اداة للصنع ايضا و هو في ذاته شكل لفهم العقيدة الاسلامية، بمعنى اخر، علم الكلام لم يكن دفاعا فقط و انما تفسير للعقائد و محاولة لعقلانية العقيدة الدينية ايضا، لذا فاولاءك الذين ادوا هذا العمل كانوا مثقفي عصرهم قبل اي شيء اخر، و محاولين ان يستخدموا المجمع الثقافي العلمي و اللغوي و الفلسفي لفهم المفاهيم و المعطيات الدينية ليكونوا اصحاب عقائد دينية موازية و مناسبة مع الثقافة الدنيوية، وهكذا عند جاحظ الذي عاش في العصر الذهبي للنشاط الكلامي، و كان احد المثقفين البارزين في هذا المجال، عند الكلام عن اؤلاء المعروفين بصلتهم بهذا العلم ( قال جاحظ؛ ان المتكلمين يريدون ان يعلموا كل شيء) (18). و هذا يدل على ان هؤلاء لم يكونوا جماعة دينية فقط و انما كانوا قبل ذلك اتجاها ثقافيا جديدا، حتى و ان كان دفاعا، فانه لم يكن دفاعيا فقط، و الذي يسميه ابن خلدون مباديء اهل السنة، و الذي يقصده انه المباديء الاشعرية، و الذي كان بالدرجة الاولى دفاعا عن المباديء العقلانية امام المناوئين لهم، و عند الجاحط نفسه و في سياق مدحه الذين اهتموا بكلام الاسلام، قائلا ، ان لم يكن الكلام، لم يبق دين الله، لم يختلفو عن الملحدين و لم يُفرق الحق عن الباطل( 1))، اي ان الكلاميين بقدر ما كانوا يواجهون الملحدين و بنفس الدرجة كان عليهم ان يواجهوا التفهم الخاطيء، و به كان يمكن التفريق بين الصحيح و الخطا، و بمعنى اخر، فان اتجاه الدفاع عن علم الكلام بقدر ما كانوا يواجهون المناوئين التلقليديين للاسلام، وقفوا امام النجاح العقلاني في وجه الهجوم الايماني( كاهل الحديث)ايضا ( 20)، و كمثال، مسالة خلق القرآن، و الذي له العقلاقة المباشرة بكيفية الله و صفاته في اطار فهم التوحيد، و مع ذلك فان علم الكلام يقع كثيرا قبل عصر ظهور العقيدة الاسلامية الارثوذوكسية، في قالب الاشعري كان ام الحنبلي. بمعنى اخر، علم الكلام ليس علم الدفاع عن المباديء الاسلامية بالشكل الوارد في القرآن، كما صورتها دائما الاكثرية الساحقة من المصادر الاسلامية، و انما قبل ذلك كان تفهم العقل الاسلامي و شكل من ظهور الوعي الجديد في المجتمع الاسلامي و محاولة لتقدم التاويل العقلاني للعقيدة الاسلامية القرآنية، و بشكل خاص التفسير و التحليل لتلك الايات المتشابهة و التي تحمل اكثر من معنى، و بالاخص الايات التي تتحدث عن صفات ( اليد، العين، الارجل، المكان و الحركة) الله، الذي يحمل معاني مختلفة و مخالفة في الثقافة الاسلامية بشكل دائم، هذا و كما قلنا من قبل، يمكن ان يُعتبر هذا المرحلة الاولى لعلم الكلام، قبل ان يتغير على ايدي الاشعريين الى المنهج المجرد للدفاع عن المقولات الديينية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام


.. حكومة طالبان تعدم أطنانا من المخدرات والكحول في إطار حملة أم




.. الرئيس التنفيذي لـ -تيك توك-: لن نذهب إلى أي مكان وسنواصل ال