الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (39)

عماد علي

2019 / 3 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


مشكلة التشبيه
ان مشكلة تشبيه الله باحد مخلوقاته هو احد العقائد لدى تعبد المسلمين و الذين حاولوا التحفظ عنه، و لكن لم يكن في اي وقت ذلك بفعل بسيط و اعتيادي، و كما يقول الله في القرآن انه ليس كمثله شيء، في الوقت نفسه و في اكثر من مكان منح العديد من الصفات الى الله ينفح منه عطر تشبيه الله مع مخلوقاته او يبين ملامح ذلك التشبيه، ومنها صفات اليد و الساق و العين و فوق العرش و المجيء و الذهاب، و صفات اخرى كثيرة. و لهذا السبب فان المسلمين تحدثوا و فسروا تلك العقائد و الايآت في المراحل الاتية، و الذي كما راينا وفق راي ابن خلدون انه هو سبب ظهور علم الكلام، لان النص القرآني بذاته مثلا لم يتكلم بشكل قاطع و نهائي في توضيح ذلك وما هو المقصود باليد و الساق و العين. و القران بنفسه سمى جزء من هذه الايآت بالمتشابهات كما هو في سورة آل عمران، الآية السابعة تقول ان القرآن يجتوي على نوعين من الآيات، بعضهما معلوم و واضح و محدود فسميت بالمحكمات و الاخريات اللاتي يمكن ان تحملن اكثر من معنى و تفسير. و عليه قال بعض منهم ان المقصود في هذه الكلمات هو المعنى نفسه الذي تحمله الكلمات دون ان يكون هناك معنى مشابه مع الموجود في وعي المسلمين و الناس، لذا قالوا لديه ايدي، و لكن كيفية تلك اليد و شكلها و نوع تلك اليد لا يشبه اية ايدي او شيء اخر. و عليه يقال عن هذه الايآت (المثبتة) و ما تعنيه انها التي تثبت صفات الله، و المثال البارز لذلك هم من اهل الحديث و الحنبليين بشكل خاص. و التيار الاخر المعروفين ب ( المعطلة) الذين يرفضون صفات الله، و قالوا بان هذه الكلمات ليست بصفات الله و و ليس بعمناه الحقيقي وهي مجازية، لذا قالوا ما تعنيه اليد هو القوة و الساق هو السلطة والعظمة و الهيبة الالهية، و العين تعني الرؤية. و من امثال هؤلاء هم كل من الجهمي و المعتزلة و العديد من الجماعات الاسلامية الاخرى. ان المعروف في الثقافة الاسلامية بالمشبهة اي المشابه، هما نوعان؛ احدهما هؤلاء الذين يشبهون الله بشيء اخر، الثاني ؛ هؤلاء الذين يشبهون صفته باحد اخر ( 48) كما قلنا ان هذا نقطة رئيسية لتحريك و تفعيل القدرة العقلية في الحضارة الاسلامية للتحفظ و الابتعاد عن العقائد المخالفة للعقل و النص الديني. شاهدنا من قبل ان احد تلك الاتهامات التي عرضه رجال الدين من اهل النقل و اسند الى الحركة القدرية، محاولة ربطه بالاديان الاخرى المخالفة مع الاسلام، و بالاخص اليهود، و بعكسه، فان العقلية ذاتها هي مصدر تشبيه الله بالمخلاقات الاخرى و التي رُبطت باليهودية, في هذا الجانب فان الاسفراييني الذي اتهم من قبل القدريين، قا بان مصدر هذه العقيدة هو اليهود, و عن مصدر تشبيه صفات الله من حيث المعنى بالمخلوقات الاخرى، المعروف بالمشبهة، يقول؛ هم اصل التشبيه، اي مسلم يؤمن بالتشبيه فهو تابع لهم .( 49). وقبله الشهرستاني ( و هو كاشعري مناويء للمعتزلة) في الحديث عن التشبيه، يقول ان المسلمين تعلموا ذلك من اليهود، لان التشبيه هو من طبيعة اليهود (50). الى ان قال الغزالي حول تطرف عقيدة المسلمين، ان منح صفة الجسد الى اهلس هو من ارث اليهود، عندما يتكلم عن ذلك الحديث الذي يقول( ان الله خلق ادم على شاكلته) يقول( اذا فهمت من الصورة او الشكل بهذا الشكل (اي كلمة الصورة في الحديث) هي تلك الصورة التي تُرى بالعين، لذا تصبح مشبه مطلق، كما يُقال انك اصبحت يهوديا مجردا ( 51) في الوقت ان هذا الكلام و الاتهامات تحمل على الاقل خلافين داخليين كبيرين: كما شاهدنا من قبل الخطاب الاسلامي ذاته لتيار اهل الشرع، و بالاخص الاسفراييني، قالوا ان مصدر الكلام عن القضاء و القدر هم اليهود او المسيحيين. في الوقت ان كان القدريين حركة كلامية و كانت محاولة لانتاج تفسير لافعال الانسان التي تكون متجانسة و متوافقة مع العقل، وفي هذا الاطار ان جمع تلك النصوص التي تعطي معاني معاكسة و هي مؤّولة، لذا فان التشبيه يكون مذهب معادي للعقلانية، لا يمكن ان يكون صاحب للمصدر نفسه، لذا فان كلمة ( المشبه) في مؤلفات العقائد الاسلامية و الاشعرية بشكل خاص، كان باستمرار مقصد اهل الحديث، التيار الذي عرف نفسه بالممثل الحقيقي للعقيدة الاسلامية منذ احمد بن الحنبل، لان هؤلاء قالوا دائما ان المقولات القرآنية حول اسم و صفات الله و كل تلك الاحاديث كانت صحيحة وفق منهجهم، يجب ان يكون بالمعنى ذاته دون تاويل او اعطاءه اي معنى اخر، يجب ان يُؤمن به كما هو. مثلا عندما يتحدث المؤرخ المقدسي في اواسط القرن الرابع عن الجماعات المشبهة الاسلامية، يقول؛ ان اكثرية اهل الحديث يحملون تلك العقيدة . ( 52). و بعد ذلك و في جزء ( اهل الحديث) يسميهم بالحشوي، اي اؤلائك الاشخاص الذين ياخذون صفات الله كما هي و يعتقدون ان هذا هو المقصود ( 53). و بالشكل ذاته يعرف الجويني هؤلاء باهل المظاهر لمعاني النصوص( 54).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في زلة لسان جديدة.. بايدن يطلب من إسرائيل ألا تقتحم حيفا


.. اعتصام أمام البرلمان في المغرب للمطالبة بإسقاط التطبيع مع إس




.. ما طبيعة الرد الإسرائيلي المرتقب على هجوم إيران؟


.. السلطات الإندونيسية تحذر من -تسونامي- بعد انفجار بركان على ج




.. خيمة تتحول لروضة تعليمية وترفيهية للأطفال في رفح بقطاع غزة