الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


باب الرحمة

مهند طلال الاخرس

2019 / 3 / 5
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


باب الرحمة
باب الرحمة ...هو الباب الشرقي لسور المسجد الأقصى وهو من الأبواب المغلقة للمسجد، ويقع في السور الشرقي للمسجد الأقصى المبارك، والذي يمثل أيضا جزءا من السور الشرقي للبلدة القديمة،
؛ اذ يوجد للمسجد الأقصى أبواب توزعت في جهاته الأربعة، فكان حظه منها في الجهة الغربية ثمانية أبواب مغلق منها واحد، وفي الجهة الشمالية ثلاثة أبواب، وللجهة الجنوبية ثلاثة مغلقة، أما الجهة الشرقية فقد حظيت بأقل عدد من هذه الأبواب، لكنها حوت أجملهم وأميزهم حجما وتاريخا وبناء ألا وهو باب الرحمة والتوبة.

ويقع باب الرحمة على بعد 200 م جنوبي باب الأسباط في الحائط الشرقي للسور ويعود هذا الباب إلى العصر الأموي، وهو باب مزدوج يعلوه قوسان ويؤدي إلى باحة مسقوفة بعقود ترتكز على أقواس قائمة فوق أعمدة ضخمة، وفي أعلى البابين من السور هناك تاج حجري صغير يتخلل السور.

ويطل باب الرحمة من الخارج على وادي جهنم ( قدرون ) بانحدار شديد تشغله مقبرة الرحمة، والباب من الخارج باب الرحمة والذي جاوره ودفن في ظله الصحابي الجليل عبـادة بـن الصّـامت ، وشـدّاد بـن أوس وعدد من الصحابة والعلماء.

وقد أغلق باب الرحمة، وقيل إن الذي أغلقه هو صلاح الدين الأيوبي دفاعاً عن المسجد أو لإدخال الزوار إلى الأسواق قبل الدخول إلى المسجد، وقام صلاح الدين بكتابة الآية الكريمة "فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ العَذَاب" داخل الباب، واستخدمت للصّلاة والذّكـر والدّعاء، واتخذ على باب الرحمة زاوية تسمى الناصرية وكان بها الشيخ نصر المقدسي يقرأ العلم مدة طويلة ثم أقام بها الإمام أبو حامد الغزالي فسميت الغزالية وكان يدرِّس في المسجد الأقصى المبارك، وفيها وضع كتابه القيم "إحياء علوم الدين"، ثم عمرها الملك المعظم بعد ذلك وبقي الأمر كذلك حتى الوقت الحاضر . وقيل إن العثمانيين هم الذين أغلقوه بسبب خرافة سرت بين الناس آنذاك، مآلها أن الفرنجة سيعودون ويحتلون مدينة القدس عن طريق هذا الباب، وهو من أجمل أبواب المدينة، ويؤدي مباشرة إلى داخل المسجد الأقصى.

ومن أسماء هذا الباب: البوابة الأبدية و البوابة الدهرية وباب توما توما و باب الحكم و باب القضاء ويطلق عليه الغربييون والفرنجة اسم الباب الذهبي ، بالاضافة الى بابي الرحمة والتوبة بالنسبة لنا نحن المسلمين،
حيث ترجع هذه التسمية نسبة إلى مقبرة الرحمة الملاصقة له من الخارج، ويرجح أن يكون الاسمان للباب تشبيها وتصويراً لما ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى: (يَوْمَ يَقُولُ المُنَافِقُونَ والْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا ورَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ العَذَابُ) (الحديد:13).

وقد جاء في تفسير هذه الآية ان السور: سور بيت المقدس، به باب الرحمة، وخلفه وادي جهنم. كما قال ابن عباس، وقال ابن جرير وقد قيل : إن ذلك السور سور بيت المقدس عند وادي جهنم )) ثم قال : حدثنا ابن البرقي ، حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، عن سعيد بن عطية بن قيس ، عن أبي العوام - ] ص: [18مؤذن بيت المقدس - قال : سمعت عبد الله بن عمرو يقول : إن السور الذي ذكر الله في القرآن: (فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب) هو السور الشرقي باطنه المسجد وما يليه ، وظاهره وادي جهنم.
وقال كذلك كعب الأحبار: هو الباب الذي ببيت المقدس المعروف بباب الرحمة .
وقال عبد الله بن عمرو: إنه سور بيت المقدس الشرقي باطنه فيه المسجد وظاهره من قبله العذاب يعني جهنم.
وقال زياد بن أبي سوادة: قام عبادة بن الصامت على سور بيت المقدس الشرقي فبكى ، وقال : من هاهنا أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى جهنم.
فلذلك أطلق على البابين باب الرحمة وباب التوبة لموافقتهما مع ما سلف ذكره لذلك كان باب الرحمة من الداخل مصفحا بالذهب كناية عن معادن أهل الجنة، ومن الخارج مصفح بالحديد كناية عن لباس أهل النار، تطبيقا للآية.

حظي باب الرحمة بسطور كثيرة في صفحات وكتب الرحالة والتاريخ؛ فكتب الرحالة الإدريسي يقول: وبيت المقدس مدينة جليلة قديمة البناء أزلية وكانت تسمى إيليا وهي على جبل يصعد إليها من كل جانب وهي في ذاتها طويلة وطولها من المغرب إلى المشرق وفي طرفها الغربي باب المحراب وهذا الباب عليه قبة داؤود عليه السلام وفي طرفها الشرقي باب يسمى باب الرحمة وهو مغلق لا يفتح إلا من عيد الزيتون لمثله)) ...114.

ويقول الرحالة الفارسي ناصر خسرو... وحين يدخل السائر هـذا الرواق متجهـا ناحيـة الشرق، فالأيمـن مـن هـذين البـابين هـو " بـاب الرحمـة " والأيسـر هـو " بـاب التوبـة "، ويقال أن هذا الباب هو الذي قبل الله تعالى عنده توبة داود عليه السلام، وعلـى هـذا الرواق مسجد جميـل كـان فـي وقت مـا دهليـزا فصيروه جامعـا وزينـوه بأنـواع السـجاد، ولـه خـدم مخصصـون ، ويذهـب إليـه كثيـرون مـن الناس ، ويصلـون فيـه ويدعـون اللـه تبارك وتعالى، ...... وكل انسان هناك يأمل في التوبة والرجوع عن المعاصي .........وهنا صليت أنا ناصر، في هذا المقام، ودعوت الله تعالى أن يوفقني لطاعته .......

وفـي كتـابه " معجم البلـدان " يقول ياقـوت الحموي : مسـجد باب الرّحمـة ، وطولـه من الشرق إلـى الغرب ثـلاثون ذراعـاً ، وعرضـه قبلةً وشمالاً أربعـة عشـر ذراعـاً ونصف ، وسـعة محرابـة ثلاثـة أذرع وربـع . يصلّـي فيه إمـام مفـرد ، وهـو معقـود بالحجـر المنحوت سـتّ قبـاب : اثنتان مرتفعتان ، وأربعـة منبسطة علـى عاموديـن صوّان بيض في الوسط وساريتين فـي وسطه .

وكحظه في كتب التاريخ والرحالة كان لباب الرحمة نفس الحظ من الادعاء والتزييف في كتب اليهود والنصارى وعقيدتهم؛ اذ يشكل باب الرحمة في عقائد اليهود والنصارى التقاء واحدا إذ يطلقون عليه (الباب الذهبي ) golden gate إذ يعتقد النصارى أن المسيح عندما اصطحبه تلاميذه لرؤية المعبد دخل من باب الرحمة إلى المعبد وأخذ يزيح بيده البضائع والمقامر ويطرد الباعة ويقول لهم (مكتوب في الكتاب : بيتي يدعى مكانا للصلاة، وانتم جعلتموه مغارة لصوص ...... ) لوقا 46:19 وعلى هذا الاساس يعتقد الإنجيليون منهم أنه لابد من دخول المسيح من هذا الباب بعد عودته في آخر الزمان.

خلاصة القول بالنسبة للنصارى فهم يعتقدون أن المسيح عليه السلام قد دخل من هذا الباب في عيد الفصح وأن هرقل دخل منه للقدس بعد انتصاره على الفرس وقد أطلقوا عليه اسم الباب الذهبي وهي ترجمة خاطئة لإسمه باللغة اليونانية والتي تعني الباب الجميل، اضافة الى انه في زمن الإحتلال الصليبي كان الباب يفتح مرتين فقط في ذكرى دخول عيسى عليه السلام (عيد الشعانين)وذكرى دخول هرقل للمدينة(عيد رفع الصليب).

أما اليهود فيرون أن هذا الباب هو من آثار المعبد الأول والذي بناه الملك سليمان بنظرهم ( نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام ) وأن المعبد الثالث لن يقوم إلا بخروج المسيح والمسيح سيدخل من هذا الباب ليعيد حكم بني إسرائيل للعالم، فهو باب النصر عندهم ولذلك أطلق عليه الباب الذهبي.

وخلاصة القول بالنسبة لليهود بأن باب الرحمة يشغل حيّزا كبيرا في معتقداتهم قديما وحديثا ؛ فهم يعتقدون أنّ المسيح عليه السلام دخل فيه، وأنّـه هـو الذي سيفتحـه فـي المستقبل ولهذا أسموهُ الباب الذهبي . وقد زعم الصهاينة حديثا أن هذا الباب ملكٌ لهم، وأن سليمان عليه السلام هو من بناه على هذه الهيئة العظيمة.

كما يزعم اليهود إن أهمية هذا الباب بالنسبة لهم أنه في نفس المكان يوجد الباب الشرقي للهيكل، لذلك يسمونه "الباب الذهبي"، وهذا ما يتناسب مع الدعاية الصهيونية المتعلقة بالهيكل حيث ان الرواية الموجودة قديماً تتحدث عن أن مسيحهم المنتظر سيدخل من هذا الباب في آخر الزمان معيداً حكم بني إسرائيل للعالم. وهو ما يفسر بروز اهتمامهم مؤخراً بالوصول إلى هذه المنطقة بعد اقتحامهم ساحات المسجد الأقصى لإقامة صلواتهم "التلمودية" هناك بشكل متكرر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا نعرف عن انفجارات أصفهان حتى الآن؟


.. دوي انفجارات في إيران والإعلام الأمريكي يتحدث عن ضربة إسرائي




.. الهند: نحو مليار ناخب وأكثر من مليون مركز اقتراع.. انتخابات


.. غموض يكتنف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران




.. شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل طلابا محتجين عل