الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


امريكا اللاتينية... اجنحة الاقتصاد القوية

مظهر محمد صالح

2019 / 3 / 5
الادارة و الاقتصاد


امريكا اللاتينية... اجنحة الاقتصاد القوية

مظهر محمد صالح

عندما كان الوسط الاقتصادي الاكاديمي يتداول اوضاع امريكا اللاتينية الاقتصادية في العقود الاربعة الماضية،وقدرة فضائها الاقتصادي على توليد الانطلاق نحو التنمية ، فأن الشك وخيبة الامل كانت تراود جميع الاقتصاديين ، بل كان يأخذهم القلق بان تلك القارة ليس لها تاريخ حافل في بناء الاقتصاد سوى اخفاقها في اداء ديونها الخارجية وانغماسها بالمشكلات المالية الخطيرة والتدهور الاقتصادي والتضخم الجامح وتعثر برامج التنمية فيها وفشل سياساتها الاقتصادية، فضلاً عن كون بلدانها الاثنا عشر كانت ساحة استقطاب ومسرح للتوترات في زمن الحرب الباردة بين اقصى اليسار واقصى اليمين. ولكن ظل التاريخ الاقتصادي شيىْ وحقائق اليوم شيىٌ آخر. فقد تبدلت الحياة الاقتصادية والسياسية وبيئة الاعمال في هذه القارة و على نحو لا يصدق. وهو الامر الذي يذكرني بالحكمة التي كان يتداولها المخرج السينمائي الامريكي الراحل ستانلي كوبرك ، بعد ان اخرج فيلمه الناجح الشهير في العام 1955: القبلة القاتلة، قائلاً حينما اسرف ايكارس ابن ديدالس في التحليق عند هروبه من سجنه ليصبح على مقربة من الشمس ،كما تقول الاساطير اليونانية القديمة ، ذاب جناحيه الشمعيتان وسقط في البحر. وعليه يرى المخرج الراحل ستانلي كوبرك ان الخيار البديل في عالم التقدم هو بناء اجنحة قوية تجعلنا اقرب الى الشمس قبل ان نحلق في السماء ثانية!. فمنذ العام 2010 سجل النمو الاقتصادي في تلك القارة اللاتينية الجنوبية المركز العالمي الثاني من حيث سرعته ودرجة تفاعله مع بيئة الاعمال الدولية الناجحة والذي زاد على 6% وانه سيستمر حول هذا المعدل حتى العام 2015. ويعود ذلك النجاح الى التحسن الذي طرأ على العوامل او المتغيرات الاقتصادية الاساسية وبشكل خاص المعايير المتعلقة بالدين الخارجي والدين العام واحتياطي العملة الاجنبية والحساب الجاري لميزان المدفوعات ووضع الموازنة العامة. فقد امست الديون الخارجية للقارة هي الاقل على الصعيد العالمي. ولم تتعدى تلك الديون حالياً كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي للقارة المذكورة سوى 20% بعدما كانت تتعدى 70% من الناتج المحلي الاجمالي وهي النسبة التي قادتها الى فشل في خدمة ديونها سنويا ودخولها في مشكلات الاخفاق وعدم تحمل الدين. اما الدين العام او الدين الحكومي فهو الاخر انخفض الى النصف ولم يزيد المتراكم منه على 45% من الناتج المحلي الاجمالي وان معدل العجز السنوي في الموازنه هو بنحو 2 ونصف بالمئة ،الامر الذي ادى الى اعتدال الفائدة المصرفية لدى المصارف اللاتينية بعيداً عن المزاحمة الحكومية وانخفاض كلفة الاقتراض بما يخدم نشاط الاستثمار المتعاظم.كما ارتفع احتياطي القارة الرسمي من النقد الاجنبي ليبلغ قرابة واحد تريليون دولار وهو يشكل 12% من الاحتياطي العالمي ، ما جعل بلدان القارة تمتلك القابلية على امتصاص الصدمات الاقتصادية الخارجية والداخلية بيسر. اما على صعيد الحساب الجاري لميزان المدفوعات فقد انخفض العجز الى اقل من واحد ونصف بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي للقارة. ومن المعلوم فأن المشكلات الاقتصادية تظهر بقوة عندما يبلغ ذلك العجز في الحساب الجاري بنحو اكثر من 4% كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي. اما على الصعيد الديموغرافي ، فأن سكان القارة البالغ عددهم اقل من 600 مليون نسمة حالياً وهم يمثلون حوالي 9% من سكان الارض ، فان عددهم سينمو في العام 2050 ليبلغ بنحو 820 مليون نسمة من اصل سكان العالم الذي قد يبلغ اكثرمن 9 مليار نسمة في ذلك الوقت.

ختاماً، يلحظ ان استقرار اقتصادات امريكا الجنوبية وازدهارها الاستثماري، جعل رأس المال الامريكي الشمالي (المغذى) بسيولة الاصدار النقدي الامريكي وعبر سياسات التيسير الكمي (طبع العملة) يتدفق اليها بشكل لافت مسبباً لها مشكلات ارتفاع اقيام عملاتها المحلية تجاه الدولار ، ما اخذ يؤثر سلباً على القوة التصديرية لبلدان القارة اللاتينية بسبب ارتفاع اقيام منتجاتها المصدرة ومحاولة إضعاف القدرة التنافسية التصديرية لها، وهو الامر الذي حفز وزير مالية البرازيل السابق ان يطلق على هذه التحركات الضارة لرأس المال الامريكي الشمالي المتجه نحو جنوب القارة بغزارة بحرب العملات!!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قاض بالمحكمة العليا البريطانية يحدد شهر أكتوبر للنظر في دعوى


.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 23 أبريل 2024




.. بايدن يعتزم تجميد الأصول الروسية في البنوك الأمريكية.. ما ال


.. توفر 45% من احتياجات السودان النفطية.. تعرف على قدرات مصفاة




.. تراجع الذهب وعيار 21 يسجل 3160 جنيها للجرام