الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فاقد الشيء لا يعطيه .. تعديل

صادق محمد عبدالكريم الدبش

2019 / 3 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


فاقد الشيء لا يعطيه
الفساد معول مدمر للجسد العراقي .
سألوني عن السر في استمرارنا بالتراجع ومنذ عقد ونصف ؟..
وأين تكمن علة العلل ؟ ..
وما السبيل للخروج من هذا الجب العميق ؟..
وهل ذلك ممكن في وضع العراق الحالي ؟
وهل سنخرج من هيمنة الدول الإقليمية والدولية ، ونحقق استقلالنا وتعود الحياة الى هذا البلد الممزق ؟..
الجواب ومن دون تعليل واسهاب وشرح ، نعم هذا ممكن وليس بمستحيل !..
ولكن ( هذه الاكن التي أرقتني ! ) .. نقول علينا أن نشخص العلل لنعطي الدواء المناسب ، ومن دون ذلك لا يمكننا أن نصف الدواء الشافي والناجع ،
سبب كل ما حل في العراق وما سيحل به مستقبلا ، هو النظام السياسي ، الذي تولى حكم العراق من عام 2006 وحتى الساعة ، ونقصد هنا قوى وأحزاب وميليشيات الإسلام السياسي الذي فشل فشلا ذريعا في إدارة ( الدولة ومؤسساتها ! ) الذي ارتكب حماقات وجرائم وموبقات لا حصر لها ولا عد ، والسبب في فشلهم معروف ومفهوم ومعلوم !!..
كون هذا النظام لا يؤمن بالتعددية الفكرية والسياسية ، وكل من ليس معه فهو ضده ، كرس الطائفية السياسية في نهجه وفي رسم السياسات ( للدولة ! ) وللمجتمع ، وقام بنهج وسلوك الدولة الدينية ، ويسير على نهج جمهورية إيران الإسلامية ، أو يحاول تقليدها في الكثير من سياساته ، وهو مَنْ صَنَعَ الميليشيات والحشد الشعبي وبإرادته ، وبالمساعدة السخية من حلفائهم الإيرانيين ، والجميع يعلم بأن ذلك كله يتعارض مع قيام دولة المواطنة .
المسألة الأهم هي غياب الرؤيا في شكل الدولة ، وشروط بنائها وركائزها ، ودون أن تتوفر تلك الشروط ، لا يمكن أن نطلق بأن لدينا دولة ، ومنها وحدة المؤسسة الأمنية والعسكرية واستقلالها ، وقيامها على أساس مهني وبعقيدة عسكرية وعلمية ، في هيكلها الهرمي ومؤسستها المستقلة ، ورفدها بكل ما تحتاجه من خبرات وتسليح وتموين وتدريب وخلافه ، وشريطة أن يقودها أناس مستقلين ، وبعيدين عن هيمنة الأحزاب ، من أصحابي الكفاءة والخبرة ، وتحكمها قوانين ناظمة لسير عملها ، ووفق القانون الخاص بها كمؤسسة مستقلة ، وحصر السلاح بيدها دون غيرها .
دولة المواطنة تقوم على الفصل الكامل بين السلطات ، وأن يكون القضاء مستقلا ولا يخضع لإرادة أي سلطة أخرى ، والجميع يخضع كدولة ومجتمع ، للقانون والدستور وللقضاء بشكل مطلق ولا أحد فوقه .
المحافظة على الوحدة الجغرافية والسياسية للعراق من شروط دولة المواطنة ، ولا يجوز الإخلال بهذا الشرط الأساس لقيام الدولة .
من مهمات الدولة توفير العيش الكريم للمواطنين والمقيمين على هذه الرقعة الجغرافية التي نطلق عليها جمهورية العراق ، وتحقيق أمن وسلامة الجميع دون تمييز ، وتوزيع الثروة بشكل عادل وعدم التمييز بين المواطنين .
ومن شروط دولة المواطنة ، هو حماية الحريات العامة والخاصة ، وحرية التعبير والمعتقد ، وتقوم دولة المواطنة ، على أساس الديمقراطية العلمانية الاتحادية ، والمساواة الكاملة للمرأة وتمكينها من نيل حقوقها كاملة وعدم إلغاء دورها ، ومشاركتها في صنع القرار وعدم تهميشها .
هذه بعض الشروط الأساس لقيام دولة المواطنة !..
فهل القائمين على إدارة ( الدولة ! ) اليوم قادرين على فعل ذلك ؟..
نعتقد بأن هؤلاء الفاسدون والطفيليون الطائفيون ، ليس لديهم ما يقدموه للناس ، والسنوات العجاف التي مرت قد أثبتت للجميع ، بأنهم ليس لهم عهد ولا ميثاق ، وغير قادرين على اصلاح ما تم تدميره .
لغتهم الوحيدة ونهجهم الذي يسيرون عليه منذ سنوات ، يقوم على الإلغاء والإقصاء والفساد وتقاسم المغانم ، ولا يتورعون باستخدام سياسة التهديد والوعيد ، والاعتداء على من يخالفهم أو من يهدد مواقعهم ومصالحهم الأنانية والجشع المفرط الذي يتميزون به .
ومن يتصدى لفسادهم وجرائمهم وما ارتكبوه ، فإنهم سيماثلونهم العداء ، والأحداث قد عكست تلك الحقائق ، اللاغية لدولة المواطنة ، واتضح لكل الخيرين والديمقراطيين والوطنيين ذلك جليا .
على جميع القوى الخيرة ، النظيفين والوطنيين والديمقراطيين ، أن يدركوا هذه الحقائق ، وأن يأخذوا حذرهم من مخططات هؤلاء ، الذين لا يتورعون من فعل أي شيء للحفاظ على مواقعهم ومصالحهم .
ونعلم جيدا بأن هناك غياب للقانون والعدل ، وغياب دولة المواطنة دولة القانون والحق والعدل ومنذ سنوات .
نتيجة لما ذكرناه ، كل شيء عندهم مباح ، بغياب المؤسسة الأمنية والعسكرية المستقلة والمهنية وغير المنحازة ، التي مهمتها حماية البلد والمواطن من أي عدوان ، وهذا هو أحد أهم الأسباب للتدهور والانهيار الذي يعيشه العراق .
واستمرار قيام حكومة طائفية وعنصرية تقود البلد هو سبب مهم أخر .
وغياب القضاء المستقل والنزيه الذي عليه أكثر من علامة ، يشكل الخلقة الأضعف في الفساد وانتشار العصابات الخارجة عن القانون ؟ ..
برلمان يخضع في غالبيته لإرادة الفاسدين ، كونهم يملكون فيه العدد الذي يؤهلهم للتحكم في صناعة القرارات المصيرية والتي تخص حياة الناس ومنهم الفقراء على وجه التحديد ، هيمنة هؤلاء هو من يقرر مصير البلد ، نتيجة لتقاسم الدولة ومغانمها ، نتيجة المحاصصة البغيضة ، وما أفرزته الانتخابات الأخيرة كان أعظم ، وما شابها من تزوير وخروقات للقانون والدستور ، هذا باعترافهم أنفسهم .
ونتيجة لغياب ( الدولة ! ) أضحى الحفاظ على أرواح المعارضين المناهضين لنهجهم ولفلسفتهم ، من الناشطين بشكل خاص والمواطنين بشكل عام ، أصبح سمة من سمات هذا النظام ، حياتهم غير مأمن عليها ، وأصبح يهدد حياتهم وفي خطر مستمر .
وقد تم قتل العديد من الناشطين المدنيين وبدم بارد وأخرهم د.عماد المشذوب ، وما زال مصير الناشط المدني جلال الشحماني مجهولا، المختطف منذ ما يزيد على السنتين .
والغريب في الأمر وبالرغم من مسلسل التصفيات والاعتداءات والاعتقالات والترهيب ، فأن النظام الحاكم لا يولي أي اهتمام بتلك الجرائم ، وجميعها قد تم تسجيلها ضد مجهول ، وكأن دماء الناس رخيصة أو هم عدد من القطيع لا أهمية لهم ولدمائهم ، وأن الحفاظ على أرواحهم ليست من صلب مهماتهم وواجباتهم .
ألم تكون الحكومة والبرلمان ورئاسة الجمهورية ، المسؤولين عن حماية المجتمع من أي اعتداء وعن سير الحياة الطبيعية في هذا البلد ، والناشطين في مقدمتهم ، والتوقف عن ترويع الناس وتهديد حياتهم ، والذي يأدي لتهديد السلم الأهلي ، ويغذي الطائفية والتناحر والعنصرية ، ويكرس نهج الطائفية السياسية كسلوك وممارسة .
بالرغم من الوعود الخادعة والكاذبة ، بأنهم سيسعون لإعادة بناء دولة المواطنة وتحقيق العدالة والمساوات ، والخروج من المحاصصة والطائفية وفلسفة الدولة الدينية ، ويسعون منذ سنوات لفرضها على ( الدولة ! ) والمجتمع ، وعلى وجه الخصوص في التعليم والمدارس والجامعات ، وفرض مناهج وتعاليم وقيم خارج إطار المناهج المقرة ، واستمرارهم في منح الشرعية للسلاح المنفلت ، من خلال ميليشياتهم المدججة بالسلاح ، التي تجوب مدن العراق .
هذه الميليشيات التي تدين بالولاء لأحزاب الإسلام السياسي الحاكم ، الذين حولوا مؤسسات ( الدولة ! ) الى ضيعة وإمارة من إماراتهم ، وحقيقة الأمر قد أسسوا الى الدولة العميقة ، وبدئوا بالتأسيس لهذا النهج ، بعد استيلائهم على الحكم عام 2006 م وما زالوا كذلك .
كل ما يعدون به وما يسوقوه ، لا يعدوا كونه تظليل ومراوغة وكذب ولكسب الوقت ، وقد يقومون بإجراءات سطحية لا تغير من الواقع المزر المعاش من شيء ، وكل ما يقال عن نيتهم وسعيهم لمحاربة الفساد ، فهو أضحوكة وسخرية من الشعب ، لإيهام الناس بأنهم سيغيرون من نهجهم ومن سياساتهم التي دمرت البلاد وأفقرت الأغلبية الساحقة من شعبنا ، نتيجة فسادهم وجهلهم ونتيجة المحاصصة والطائفية والتمييز .
السؤال الذي يدور في أذهان المتتبعين والمهتمين بالشأن العراقي ، كيف للفاسدين واللصوص والمتاجرين بالدم العراقي وبثروات البلاد ، وبالوطن والمواطن وبتأريخ العراق هذا البلد العظيم ، كيف لهؤلاء أن يصلحوا ما أفسدوه ؟ أو يعيدوا الأموال التي سرقوها ، ويمثلوا أمام العدالة ؟.. كيف ؟..
ليس بعاقل من يعتقد حتى بنسبة 001% أن ذلك سيحدث !!..
فكيف يحدث إذا لم تتغير الأدوات ، ونأتي بأشخاص مهنيين وطنيين ونظيفي اليد والسيرة ، من أصحابي الخبرة والدراية ، من المستقلين والمشهود لهم بالنزاهة ، وتشريع قوانين تساعد هؤلاء على القيام بمهماتهم التي ستوكل إليهم ، وحمايتهم وعوائلهم من هؤلاء الفاسدين .
السؤال الأخر !.. من بمقدوره أن يدفع بنظيفي اليد والسيرة ، كي يتبوأ هؤلاء هذه المناصب ؟..
وكما نعلم فأن الفاسدين والمتنفذين ، متواجدين في كل مفاصل ( الدولة ! ) ، يمتلكون الفيتو لمنع أي شخص غير محسوب على ملاكهم ، ولا يسير في دائرتهم ويتبع نهجهم ، والدليل على ذلك ، فبالرغم من مرور عشرة أشهر على الانتخابات فما زالت الكابينة الوزارية لم تكتمل ، والسبب هي المحاصصة وتقاسم المغانم ؟.. كيف ؟..
السؤال الأخر .. هل يمكن لعاقل أن يصدق بأن هؤلاء سيكشفون عن فسادهم وجرائمهم ، ويذهبوا بأنفسهم الى السجن ؟.. كون كبار ساستهم المتنفذين ، هم أنفسهم حيتان الفساد ومن في دائرتهم وفلكهم ؟..
أَلَمْ يكن هذا ضرب من الخيال ؟ هو سؤال بريء .
خلاصة الأمر .. لا يمكن إعادة بناء دولة المواطنة ومحاربة الفساد ، على أيدي الفاسدين والمفسدين والطفيليين ، ولا يمكن التصدي لأفة الفساد في ( الدولة ! ) والمجتمع على أيديهم ، وبالأدوات التي يأتون بها ، فكل ما يأتون به فهو باطل .
لا يمكننا الكشف عن المتسببين في احتلال داعش للمحافظات الغربية وحزام بغداد ، الذين تسببوا في تهجير ستة ملايين إنسان وألاف القتلى والمصابين والدمار الذي لحق بهذه المدن ، وقد تزيد كلفة إعادة إعمار هذه المدن على مائة مليار دولار !..
فمن يتحمل مسؤولية هذه الخسائر الهائلة !.. ناهيك عن الأرواح التي زهقت ؟؟.. هؤلاء لا يمكنهم القيام بأي عملية بناء، أو الكشف عن الفاسدين ، ولا هم راغبون ، ولا وجود ذلك حتى في أذهانهم وتفكيرهم .
كل شيء ممكن الحدوث ، ولكن شرط أن يكون من خارج دائرة وهيمنة وتسلط قوى الإسلام السياسي ، المتحكم بالبلاد منذ عقد ونصف .
ولكنه ممكن بإرادة قوى شعبنا الديمقراطية والتقدمية ، والملايين إن تحركت هذه الملايين !.. وبجموع قوية تستعيد إرادتها وقدرتها على انتزاع حقوقها المسلوبة ، ومن خلال تطور وعي هؤلاء وهذا الجيش من البؤساء والمحرومين ، حينها ستعود الحياة الى هذا البلد الممزق وتدور عجلة الاقتصاد والنماء من خلال إرساء دعائم دولة المواطنة .
كل شيء دون ذلك ، يعني الاستمرار بكابوس الموت والدمار ، وتستمر عجلة الحياة بالتراجع المستمر ، ويحل الظلام ويسود الفقر وعسر الحياة وبؤسها وعذاباتها أكثر .
صادق محمد عبدالكريم الدبش
6/3/2019 م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصعيد إسرائيل في شمال قطاع غزة هو الأعنف منذ إعلان خفض القوا


.. طفل فلسطيني برفح يعبر عن سعادته بعد تناوله -ساندويتش شاورما-




.. السيناتور ساندرز: نحن متواطئون فيما يحدث في غزة والحرب ليست


.. البنتاغون: لدينا بعض المخاوف بشأن مختلف مسارات الخطط الإسرائ




.. تظاهرة مؤيدة لفلسطين في بروكلين للمطالبة بوقف تسليح إسرائيل