الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العمل الموسمي والمياوم للنساء بالمغرب عُملة لاضطهاد يومي واستلاب للكرامة...

عائشة العلوي
(Aicha El Alaoui)

2019 / 3 / 8
ملف 8 آذار / مارس يوم المرأة العالمي 2019 - دور وتأثير المنظمات والاتحادات النسوية في إصلاح وتحسين أوضاع المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين


البطالة ظاهرة متفشية في المغرب، تجد تفسيرها بالأساس في البنية الاقتصادية التي تبقى هشة وضعيفة وتبعية للاقتصاديات المهيمنة في العالم. فحسب المندوبية السامية للتخطيط للمغرب (HCP)، بلغ معدل الشغل 41,7% على المستوى الوطني في سنة 2018: 35,9% بالوسط الحضري و 52% بالوسط القروي. كما بلغ هذا المعدل 65% في صفوف الرجال مقابل 19% في صفوف النساء؛ و57,8% بالنسبة للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 35 و44 سنة؛ و20,2% لدى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة. كما أنه "يشتغل قرابة ثلثي النشيطين المشتغلين بالوسط الحضري (64,4%) في قطاع الخدمات وما يقارب نشيط مشتغل واحد من بين كل خمسة (17,9%) في قطاع الصناعة بما فيها الصناعة التقليدية. وعلى مستوى الوسط القروي، يشتغل ما يقارب ثلاثة أرباع السكان النشيطين المشتغلين (72%) في قطاع الفلاحة والغابة والصيد،" (HCP, 2018).
الأكيد أن العمل حق من حقوق الإنسان، إنه مدخل أساسي لتحقيق استقرار ليس فقط مادي بل أيضا نفسي لكل فرد داخل المجتمع. إنه وسيلة للاندماج الاجتماعي والاقتصادي للمواطن(ة)، ووسيلة تساعد للاهتمام بمجالات أخرى كالسياسة والعمل المدني. ويعتبر الأجر صيغة مادية مقابل العمل المنجز. ومن المنطقي أن يكون هذا الأجر ضامن للكرامة الإنسانية للعامل(ة) ويحميه(ها) من المخاطر المستقبلية والغير المتوقعة كحوادث الشغل والأمراض والشيخوخة وغيرها. كما يعتبر العمل من إحدى العوامل الأساسية في العملية الإنتاجية. تحليل شروط العمل وبنيته في بلد معين يمكن الباحثين/ات من فهم طبيعة المؤسسات المتواجدة فيه وكذا طبيعة نشاطه الاقتصادي والفئات العمرية ومعدل الجنس العامل في كل قطاع.
إن المنافسة والتطور التكنولوجي عوامل ضمن أخرى فرضت على المشغلين البحث عن يد عاملة متعلمة ومتدربة. لكن هذا لا يمنع في أن اليد العاملة الغير المتعلمة لا تجد مكانا لها، بل لازالت البنية الاقتصادية خاصة للبلدان النامية تشتمل على فرص العمل لفئة هشة اجتماعيا وتعليميا. للأسف هذا النوع من العمل يقابله أجر زهيد (أقل من الحد الأدنى من الأجر) وغياب شبه تام للشروط الإنسانية للعمل، وانعدام لأية حماية اجتماعية للعمال والعاملات.
في المغرب، تعتبر مهن "العمال والعمال اليدويون في الفلاحة، الغابة والصيد" الأكثر مزاولة من طرف السكان النشيطين المشتغلين بنسبة 21% (3,1% في المدن و 43% في القرى). كما أن حوالي 39,3% من النساء النشيطات المشتغلات يعملون بدون أجر مقابل فقط 9,5% من الرجال. وتبلغ هذه النسبة 70,5% لدى النساء القرويات، (HCP, 2018). تضاعف هذه الوضعية من تأزم الواقع المعيشي للنساء خاصة للاتي تدفعهن ظروفهن الاجتماعية أو الاقتصادية إلى العمل في قطاع لا يفرض أية كفاءة سوى النهوض الباكر وركوب سيارات (بيكوبات) وشاحنات وتمضية النهار بطوله (أكثر من الساعات القانونية للعمل) لجني دراهم معدودات أقل من الرجل. نساء خلفن وراءهن أطفالا أو أيتاما أو أباءاً لا معيل لهم سوى صبر الأم أو تفاني الزوجة أو تضحية البنت على تحمل قساوة العمل، ومرارة المجتمع الناكر لعملها ومجهودها والمغتصب لجسدها. نساء تصادفهن كل يوم في أماكن تدعى المُوقف (مكان يجتمع فيه الباحثون والباحثات عن العمل)، مستعدات للركض والشجار من أجل الصعود إلى عربات قد تلقي حتفها جراء اصطدام دون اعتباره بعد ذلك حادثة شغل، و أنها ضحية لظروف العمل التي تسلبها إنسانيتها. نساء يتعرضن في الغالب للابتزاز والتحرش الجنسي مقابل أًجر يَسد جزءا ضئيلا من متطلبات الحياة. هذه الفئة المهمشة من النساء تتعرضن لكل أنواع الإقصاء والتهميش والتحرش.
لغة الربح مرة أخرى تسيطر على منطق صون الكرامة الإنسانية خاصة للمرأة الداعمة الأساسية لجيل الغد، بحيث أن المرأة في الدول النامية لم تسلم من اضطهاد الدول التي تتدعي الديموقراطية والدفاع عن حقوق النساء. تعقد هذه الدول اتفاقيات بلغة المساومة والابتزاز واستغلال الثروات ومنها اليد العاملة. فكانت المرأة من إحدى بنود الاتفاق لأنها وبكل بساطة يد عاملة رخيصة ونشيطة ومخلصة لأسرتها. فتضطهد المرأة بلغة الاتفاقيات الدولية، فيشتغلن بضمانات أقل من ما هو متعارف عليه في البلد المستقبل وتكن غالبا عرضة للتحرش الجنسي والعنف الجسدي. إنهن سعيدات بهذا العمل المؤقت خارج حدود وطن لم يمنحن لهن حماية اجتماعية وأمنا اقتصاديا. إنهن سعيدات بهذا العمل الذي يفرض عليهن الانحناء من أجل التقاط أحلى وأشهى الفواكه حتى إن أصابتهن الأمراض. إنهن قادرات على الصمت ونفي واقع التحرش والأذى الجسدي لأنهن محتاجات للعودة من جديد للعمل في حقول الفراولة.
إنها مأساة نساء يتعرضن للقتل المباشر كما حدث للشابة المعيلة لأبيها المريض وأم لطفلة لم تتجاوز السابعة، أو لحادث سير كما حدث لنساء منهكات جراء إنهاء يوم شاق من العمل ومتلهفات لاحتضان من خلفن وراءهن ، أو لاغتصاب وتحرش من سيدها أو زميلها في العمل. مآسي تتكرر لن يوقفها سوى العدالة والإنصاف والحق في الثروة الوطنية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م


.. ألفارو غونزاليس يعبر عن انبهاره بالأمان بعد استعادته لمحفظته




.. إجراءات إسرائيلية استعدادا لاجتياح رفح رغم التحذيرات


.. توسيع العقوبات الأوروبية على إيران




.. ما أسباب استعداد بولندا لنشر أسلحة نووية أمريكية على أراضيها