الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (46)

عماد علي

2019 / 3 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


مميزات الفكر الغنوصي
الغنوصية نوع من التدين الذي يعود لما قبل قرنين وفق الكثير من البحوث و ظهرت بين الاديان الشرقية. وفق هذه الفلسفة، فان روح الانسان في الحياة مسجونة في جسد الانسان و هي طريقة الوصول الى المعرفة و الابتعاد و التحرر من الجسد، و مصدر هذه المعرفة هو القلب. في هذه الفلسفة الدينية، فان الجسد و الروح تؤمان ضد الخير و الشر، احدهما الهي و سمائي و الاخر ارضي و شيطاني، احدهما نوراني و الاخر ظلامي. طالما كنا قريبين من الحياة والجسد نكون بعيدن عن المعرفة، و قمة المعرفة هي اخر حدود الروحانية.
في هذا الاتجاه العرفاني، فان فهم الدين المعروف بالغنوصية و هو روح الاديان الايرانية والهندية القديمة، سيكون بشكل خاص عن طريق تفسير النص المقدس الذي شرع طريقه قبل مجيء الاسلام من اجل الاختلاط مع الدينين السمائيين، كما كانت الفلسفة اليونانية بالشكل نفسه ممتزجا مع اللاهوت المسيحي و اليهودي، ظهرت الغنوصية في الدين المسيحي بشكل و اتجاه باطني، كانت لها تاثيراتها الكبيرة على التلمود، و حتى كانت لها انعكاساتها على التورات بنفسه.
اتجاه (كابالا) هو تيار باطني يهودي يُحسب على امتداد الغنوصية الايرانية، كابالا مذهب تصوفي يهودي، وهو العقيدة التي تجمع معرفتها عن طريق الكشف و يؤمن بوجود الوحي من خارج التورات، فهو كالتصوف الاسلامي بالضبط (7). يُعتقد بان هذه الثقافة اختلطت مع الثقافة الدينية اليهودية بعد رحيل اليهود الى بابل، و ظهرت و عبرت عن نفسها باشكال متعددة في الدين المسيحي، بالاختلاط مع المجتمع الايراني و تبرعم الثقافة الاسلامية العربية و الايرانية مع البعض، فكانت من نتائجه الرئيسية هي الحركة الباطنية بشكل عام، و التي استخدمت هذا النهج الشيعة بداية و من ثم التصوف في نظرتهم الى الوجود و الله و فهم النص المقدس. عند ( جوزيبي سكاتوليني) المكان الخاص لاختلاط الغنوصية بالدين اليهودي و المسيحي في القرن الاول الى القرن الثالث الميلادي هو الاسكندرية، تلك المدينة التي كانت مركزا لتواصل الفكر اليوناني مع الفكر الشرقي، و هو المصدر الكبير لتواصل الثقافة اليونانية بالحضارة الاسلامية. عند المستشرق و استاذ الفلسفة و التصوف الاسلامي و المسيحي جوزبيني، فان تيار الغنوصية كما هو صاحب لاربع خصائص رئيسية، فبالشكل ذاته كانت لهذه الخصائص تاريخيا انعكاساتها العميقة على التصوف المسيحي بداية و من ثم الاسلام في المراحل التالية، و هذه الخصائص عبارة عن؛ اولا: الايمان بوجود قوتين مضادتين و مخالفتين للبعض، احداهما قوة الخير ( عالم الروح و النور) و الثاني قوة الشر( عالم الجسد و المادة و الظلمة). و كذلك كانوا يؤمنون بان روح الانسان كما يسمونها بنفس الانسان قد سقطت من السماء الى الجسد و الحياة، لذا لحين يوم تحريرها من ذلك السجن، فانها تبحث باستمرار عن طريقة لذلك. ثاني خصوصية لذلك التيار هي ايمانهم بان الله موجود في الوجود و في جوهر الانسان بنفسه، و لكن بسبب الجهل و النسيان الذي يعبترونه الجريمة الاولى للانسان، فانهرنسي تلك الحقيقة، لذا فان الواجب الاول للانسان هو الابتعاد عن الحياة المادية كي يسعد بتلك الحقيقة و يصل الى وعيه الاول، الخصوصية الثالثة هي عبارة عن الايمان بالتحرير عن طريق المعرفة الخاصة و الذين يسمونها بالغنوصية، و التي هي نوع من المعرفة الخاصة لاشخاص معينين الذين يصلون اليها عن طريق محاولات و رياضات كثيرة و في النتحية تتوفر لديهم القدرة لتحرير انفسهم و الذين على شاكلتهم ايضا.
بهذا الشكل، فان هؤلاء اصبحوا اصحاب الخصوصية الرابعة التي هي عبارة عن الايمان بالنص المقدس كالانجيل في المسيحية ( و قرآن الاسلام) ظاهريا في الاشخاص الاعتياديين و البسطاء، و لكن الذين عندهم المعرفة الغنوصية يعرفون المعنى العميق و الاسرار(اي العارفين)، لانهم لهم القدرة على الولوج الروحي في عمق النصوص و لهم قدرة رؤيتها و الاخرون عمي عن هذا. الخصوصية الرابعة للغنوصية في اللاهوت المسيحي في فترة القرن الاول الى القرن الثالث الميلادي، و هي عبارة عن كتابة العديد من النصوص الدينية باسم المسيحية، و حتى كُتب احد الاناجيل وفق هذه الثقافة، و هذا يدل على تاثير هذا التيار على الدين المسيحي، و كذلك خلافاتهم مع الفهم الرسمي للكنيسة المسيحية (8). و بهذا الشكل، فان الغنوصية تعود الى القرن الاول الميلادي عن طريق مزجه مع الافلاطونية الجديدة و عقيدة الهرمسيين، و الفكرة الرئيسية لهذا الاتجاه هي عبارة عن ( تؤمية الانسان و تقسيمه الى جزء مادي و اخر روحي، الذي يمثل الجسد هو كل شيء مادي و ظلام و مباد، و العقل ( مماثل من حيث المعنى مع الروح) يمثل كل شيء ابدي و حقيقي. و هو في النهاية يتسبب في تحريرها من سجن الجسد، و نشاطاته تجسد محاولات الروح للتحرر و دعوته الى الحياة النورانية العليا، اي لعند الله و الذي تسميه تلك النصوص بالاب الكلي( 9). ان كانت طريق الجنة عند اليهودي هي تطبيق الشريعة و لدى المسيحية الايمان بعيسى و في الاسلام الاثنين معا، اما عند الغنوصية فان طريق الجنة و الموافقة على الوصول الى اهسى تكون بسبب ( التحرر عن طريق النشاطات الروحية الداخلية و الذي يتمدد الى معرفة النفس في اعمق مستوياتها، وهذا مايؤدي الى معرفة الله بالتلذذ و الكشف و الالهام). تتسبب هذه المعرفة في تحرر الروح المسجون في الجسد المادي و الحياة المادية الواسعة، كي تعود الى مصدرها لما قبل نزولها (10).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكونغرس الأمريكي يقر مشروع قانون مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا


.. لازاريني: آمل أن تحصل المجموعة الأخيرة من المانحين على الثقة




.. المبعوث الأمريكي للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط: على إسرا


.. آرسنال يطارد لقب الدوري الإنجليزي الممتاز الذي غاب عن خزائنه




.. استمرار أعمال الإنقاذ والإجلاء في -غوانغدونغ- الصينية