الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتائب الظل وما بقي من جيش السودان الوطني

فؤاد عيد

2019 / 3 / 11
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


كتائب الظل وما بقي من جيش السودان الوطني
فؤاد عيد
لقد تم اختطاف جيش السودان الوطني منذ انقلاب الإنقاذ المشؤم في العام "89" وتم استبداله بكيانات "مرتزقة" تتاجر في الدين والارتزاق وتزاحم ما بقي من الجيش في أعماله ومهامه الوظيفية وأحيانا تقوم بها بلا خجل أو استحياء. تعود حكاية خطف الجيش إلى أوائل عهد الإنقاذ وذلك عندما سلكت طرقا ووسائل مخجلة لإحالة الضباط الأكفاء للمعاش وتعقبهم عن طريق مجموعة من أفراد جهاز الأمن مختصة بتتبع من تمت إحالتهم للمعاش ومحاولة ارجاعهم للخدمة ولكن لخدمة الحركة الإسلامية بدلا عن خدمة السودان. وأغلبهم كان يخضع لعملية الابتزاز هذه من أجل "لقمة العيش" ومن يرفض عليه أن يختار إما الهجرة لخدمة "دويلات الخليج" أو يتسول في شوارع الخرطوم.
بالفعل عملت هذه المجموعات المبتزة على تدريب مليشيات وكتائب الإنقاذ التي حلت مكان الجيش لذلك ليس غريبا أن نرى مجموعات أخرى موازية للجيش بل تتفوق عليه في التسليح والامتيازات مثل قوات "الدفاع الشعبي" و "استخبارات حرس الحدود" و"كتائب ظل على عثمان" وقوات "الدعم السريع".
كتائب ظل على عثمان
الحقيقة بدأ تكوين هذه الكتائب قبل وصول الإنقاذ لحكم السودان وكان الهدف الأساسي من تكوينها هو التفرغ التام لحماية الحركة الإسلامية، وفي الواقع أن تكوين مثل هذه المليشيات ليس من قبيل الفتوحات والفيوضات الربانية التي ألهمها الله لعراب الإنقاذ "حسن الترابي" وانما للحكاية أصل وجذر تاريخي تلتقي عنده كل الأنظمة والحركات الشمولية، فلقد أنشأت ألمانيا النازية قوات " فالكلاري" لتعمل في الظل لحماية زعيم النازية "أدولف هتلر".
بالفعل قد تم تدريب هذه الكتائب في ايران تحت اشراف "لاحس الكوع" نافع وأخيه في الوضاعة "قطبي المهدي". وقد شاركت هذه القوات في انقلاب الإنقاذ في الرصد وجمع المعلومات والاعتقالات وحماية مراكز الاتصالات "عشية الانقلاب"، كما كان لها دورا بارزا في اعداد قوائم المفصولين والتصفيات والاغتيالات الجسدية مثلما تفعل الآن في حق الثوار السلميين.
بل هذه الكتائب لها وجود مقدر في مجالات الخدمة المدنية خاصة في مجال الشركات الأمنية مثل "شركة الهدف"، وفي مجال الكهرباء والاتصالات وقطاع البنوك وديوان الزكاة وهيئة الحج والعمرة، والصندوق القومي للتأمين الاجتماعي والمعاشات وغيرها من مؤسسات الدولة.
لكن الوجود الحقيقي والفعلي لهذه الكتائب المجرمة قد بدأ في العام 1990 عندما شرعت الإنقاذ في استبدال الضباط العسكريين المحترفين ذوي الخبرة المعارضين للجبهة الإسلامية القومية بعناصر موالية لها. وقد اقترنت تلك التطهيرات الواسعة للقوات المسلحة النظامية بإعادة التجنيد القسري للضباط العسكريين ضمن قوات الدفاع الشعبي لإعادة تثقيفهم اسلاميا. وبحلول شهر أكتوبر/تشرين الأول من سنة 1993 طرد مجلس قيادة الانقلاب 1500 ضابط – أي أقل من ثلث بقليل من فيلق ضباط كامل - و500 ضابط صف و11 ألفاً من عامة الجنود. كما تم استبعاد 227 ضابطاً آخر في مستهل سنة 1995، منهم 57 عميداً وجنرالاً. وتقاعد كثيرون آخرون بهدوء وقد وعدوا بقروض من النظام المصرفي الإسلامي. وحل محل الراحلين خريجون شباب من الكلية الحربية مناصرون للجبهة الإسلامية القومية. وحدث في الوقت ذاته توسع هائل في التجنيد لقوات الدفاع الشعبي والتدريب من أجل تجهيزها للتعويض عن الجيش النظامي في ساحة المعركة. واحتفظ بهذا المستوى من التعبئة لقوات الدفاع الشعبي من سنة 1992 حتى سنة 1997 تقريباً. وكان يزاد على هذا التجنيد المتواصل في معسكرات التدريب والكتائب المركزية لقوات الدفاع الشعبي، حملات دورية لتجنيد مقاتلين يعلن عنها أبان الحملات العسكرية الكبيرة وهي أقسام يمكن حصرها في الآتي:
1- قسم نخبوي من الوحدات شبيهة بحراس الثورة الإيرانية "الباسدران"، وتتلقى بعض من هذه الوحدات، مثلما يشاع، تدريبات في حقل الدبابات والمدفعية.
2- طلاب ومدنيون أجبروا على التدريب في معسكرات مغلقة.
3- ضباط عسكريون وموظفون مدنيون أجبروا على القيام بتدريب في معسكرات قوات الدفاع الشعبي بغرض إعادة تثقيفهم وإرشادهم عقائدياً.
4- ميليشيات رعوية محلية الطابع تُمدها مكاتب قوات الدفاع الشعبي ولجانها الإقليمية بالمساعدة
5- شبكة متفرقة من المخبرين.
كتائب الظل الآن كيف نعرفها؟
هنالك نوعان من كتائب الظل أحدهما مدنيا يتدثر "بزي الشرطة" وينتعل "باتا أو سفنجة" ويركب سيارة بلا لوحات ويحمل سلاحا، وأما الثاني فهو ذلك الشخص الوضيع الذي يتلثم ويندس وسط الثوار ولا يرتدي زي الشرطة وعند كشفه يترك حتى "ملابسه الداخلية" لينجو بنفسه لأنه أجبن من أن يدافع حتى عن نفسه.
لكن هذه المليشيات ليست بالكفاءة المطلوبة حتى تحمي نظاما آيلا للسقوط من تلقاء نفسه وإن سماها الرئيس تجملا "كتائب اسناد" رغم كثرتها وتنوعها وانتشارها، فهم يطلقون النار بغباء شديد وعشوائية لا مثيل لها بدون تنظيم أو اكتراث فهم يقتلون فقط رغم سلمية الثورة. ويقومون أيضا بأعمال النهب والسرقة والتخريب وصناعة الفوضى وتدمير الممتلكات الخاصة والعامة.
لكن في تقديري إن أسوأ الأعمال التي تقوم بها هذه الكتائب هي "أعمال التزوير" فهي بارعة في تزوير الانتخابات والدين والأخلاق والحقائق والأماني والأحلام والرغبات والموارد وميزانية الدولة وإدارة المؤسسات من الباطن بشكل سري غير متوقع. فهم خفافيش الظلام والظل الذين يديرون شؤون السودان بالهمس والغمز والطلس.

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا


.. كلمة مشعان البراق عضو المكتب السياسي للحركة التقدمية الكويتي




.. لماذا استدعت الشرطة الفرنسية رئيسة الكتلة النيابية لحزب -فرن


.. فى الاحتفال بيوم الأرض.. بابا الفاتيكان يحذر: الكوكب يتجه نح




.. Israeli Weapons - To Your Left: Palestine | السلاح الإسرائيل