الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محمد على ووأد مشروعه: إنهاء تبعية مصرلتركيا

طلعت رضوان

2019 / 3 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



يـُـعتبرمحمد على الذى تولى حكم مصر(1805- 1848) شخصية مهمة فى تاريخ مصرالحديث..وذلك بمراعاة دوره فى نقل مصرمن مرحلة التخلف التى عاشتها طوال سنوات الخلافة الإسلامية، إلى أنْ كانت أسوأ وأحط أشكالها فى عصرالخلافة العثمانية.
ولكى يـُـحقق محمد على مشروعه نحو(تحديث مصر) رأى أنّ تحقيق هذا الهدف لن يتحقق إلاّبإستقلال مصرعن مركزالخلافة العثمانية..وإنهاء تبعية مصرتلك الخلافة الغاشمة.
كانت البداية عندما تأكــّـد محمد على بأهميته..حيث توافقتْ رغبته مع رغبة السلطان فى ضرورة التخلص من الوهابيين..وبصفة خاصة- كما ذكرالجبرتى ((تخليص الحرميْن الشريفيْن من قبضة الوهابيين..وكان السلطان ظلّ يرسل لمحمد على- من حين لآخر- لتوجيه حملة قوية ضد الوهابيين..كما أرسل أيضًـا فى ذلك الوقت الولاة الآخرين، مثل والى الشام ووالى بغداد دون جدوى)) (عجائب الآثارفى التراجم والأخبار- ج4- ص89، 94)
ولكن بالرغم من الدورالمهم الذى أدّاه محمد على لصالح السلطان العثمانى، فإنّ الأخيرعندما استشعرأنّ (محمد على) يرفض أنْ يمتثل لسلطة الخلافة..ويخضع لطاعتها بنسبة100%وبنفس النسبة لابد أنْ يؤكد على (تبعيته المطلقة) لمركزالخلافة..وبالتالى تبعية مصر، لذلك استعان السلطان بالدول الأوروبية للتخلص من محمد على.
وبالرغم من كل المحاولات المبذولة للإطاحة بمحمد على فإنه استمرلمدة43سنة (من1805- 1848) وكانت بريطانيا من أكثرالدول تشجيعـًـا للسلطان..وتؤيده وتؤازره حتى يتخلص من محمد على..ولكن المسئولين البريطانيين كانوا فى كل مرة، يتحجـّـجون برغبتهم ((فى أنْ يسود الهدوء فى الشرق)) وحتى لاتكون الفرصة سانحة للروس، فيـُـوجـّـهون قواتهم نحوالقسطنطينية..ولذلك ((عوّل السلطان على وضع العراقيل أمام محمد على..وإثارة الاضطرابات والفتن ضده فى بلاد الشام..حتى يـُـضعف قوته..ويتمكن من طرده من الشام، التى حكمها بفرمان سلطانى، ندم السلطان عليه فيما بعد (د.أحمد فريد على مصطفى فى كتابه: مصروالشام فى عصرمحمد على- رسالة دكتوراه عام1955- طبعة هيئة الكتاب المصرية- عام 2018- ص250)
وانتهزالسلطان محمود الثانى فرصة وجود محمد على بالسودان، وأخذ يحشد قواته على الحدود السورية..واستعان السلطان بخبراء أوروبيين لتدريب جيشه، حتى يقضى على قوات جيش إبراهيم فى سوريا..ولذلك حشد إبراهيم قواته على الحدود..وأقام الشطرالأكبر فى حلب..ووقف متيقظــًا متحفزًا..وهكذا أصبح الجيشان على أهبة الاستعداد..وصارتْ الحرب بين سلطة الوالى محمد على..والسلطان وشيكة الوقوع..وفى22يناير1839، اجتمع ديوان الأستانة لمناقشة (مسألة السلام أوالحرب مع محمد على)..وأرسل السلطان خطابـًـا إلى رئيس الديوان قال فيه إنّ ((جيشى قادرعلى سحق القوات المصرية فى سوريا..كما أبلغنى القبوضان باشا أنّ أسطولى من القوة بحيث أنه يستطيع تحطيم الأسطول المصرى))
ولما عزم السلطان على مهاجمة جيش محمد على، أراد- قبل أنْ يـُـصدرأوامره- أنْ يحصل على تأييد بريطانيا ومساعدتها بعقد (معاهدة دفاعية معها)..وكان السلطان التركى يعتقد أنّ محمد على هوعدوه الأول..وليست روسيا..ولكن بريطانيا لم تستجب لتوسلات السلطان، بالرغم من علمها بأنّ الروس أصبحوا يـُـسيطرون على عقل السلطان..وفى تلك الأثناء اجتازحافظ باشا التركى، بقواته الفرات..ونشرجواسيسه فى سوريا، بهدف الاتصال بالمُـهيجين للتعاون معهم فى القضاء على جيش إبراهيم..وبينما كان حافظ باشا سادرًا فى حركاته العدوانية..وقف إبراهيم بقواته فى حلب، متخذًا خطة الدفاع، بارًا فى ذلك بوعده لوالده بأنْ لايكون المبتدىء بالعدوان..وهكذا وقعتْ مسئولية البدء بالعدوان على عاتق الأتراك.
كان إبراهيم لايتخذ أى قرارإلاّبعد استئذان والده..فأصدرمحمد على الأمرإليه فى10يونيو1839كى يتخذ خطة الهجوم..ويطرد الأتراك من سوريا..وهذا بعد أنْ أيقن من أنّ تحرش الجيش التركى ((يرجع إلى تحريض الإنجليز..وتشجيع الدول الأوروبية..وبالتالى صارت الحركات العدوانية، التى يقوم بها الأتراك من الأمورالتى لايجوزغض الطرف عنها..خاصة وقد أدّتْ الدسائس التى أخذ وكلاء الأوروبيين، يحبكونها ضد المصريين..وذلك بإثارة الفتنة والشغب..وهوما أدى إلى تحرج موقف الجيش المصرى..حيث قام أهالى بعبلك..والبلاد المجاورة بالاتحاد مع دروزحوران بالتمرد ضد الحكومة المصرية فى الشام..ولذلك اضطرإبراهيم لتنفيذ خطة الهجوم ضد القوات التركية..ودارتْ المعركة فى24يونيو1839، وكان النصركاملا وحاسمًـا للجيش المصرى بقيادة إبراهيم..وبذلك صارالطريق أمامه إلى الأستانة مفتوحا..وبذلك اهتزعرش آل عثمان للمرة الثانية..وكتب قنصل فرنسا إلى حكومته قائلا: لقد تمكن الجيش المصرى بقيادة إبراهيم باشا من ((دحرالجيش التركى واضطرالقائد التركى إلى ترك ساحة المعركة بعد ساعتيْن من بدئها..وحصد المصريون السلاح التركى من البنادق والمدافع والذخيرة..إلخ)) (المصدرالسابق- من ص251- 259)
إبراهيم رأى أنّ الفرصة مواتية لدخول الأستانة والقبض على السلطان..ولكن والده رفض اقتراحه، لأنّ الدول الأوروبية ترفض سيطرة الجيش المصرى على تركيا..وفى حواربين الفرنسى (كاييه) الذى حاول إقناع إبراهيم بوقف زحفه نحوالأستانة..قال له إبراهيم: إذا ((كنتَ قد درستَ التاريخ، فهل سمعتَ مرة أنّ قائدًا منتصرًا توقف عن مواصلة زحفه، إنْ كنتَ قد سمعتَ فأنا لم أسمع به)) وكان إبراهيم يرى أنه لايجوزأنْ يدع الفرصة لتركيا لإعداد جيش جديد لغزوالأملاك المصرية..وبالرغم من ذلك خضع إبراهيم لأوامروالده..ولم يتقدم بقواته نحوالأستانة، بناءً على رسالة والده التى حملها الفرنسى (كاييه) وهكذا وقفتْ فرنسا- مثل بريطانيا- عقبة فى سبيل تحقيق آمال محمد على وابنه إبراهيم باشا، فى استقلال مصر..وإنهاء تبعيتها لمركزالخلافة العثمانية (المصدرالسابق- ص271، 272) وعلى القارىء تصورالسيناريوالذى رفضه محمد على: ماذا لو(كان) قد وافق على خطة ابنه إبراهيم باشا؟ والتى كان- بموجبها- أنْ تكون امبراطورية (الرجل المريض- تركيا) تحت إدارة التحديثى العظيم: محمد على؟
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا مجال للإفتراض في التاريخ
حميد فكري ( 2019 / 3 / 11 - 18:22 )
ماذا لو(كان) قد وافق على خطة ابنه إبراهيم باشا؟ والتى كان- بموجبها- أنْ تكون امبراطورية (الرجل المريض- تركيا) تحت إدارة التحديثى العظيم: محمد على؟
مع أن هذا السؤال غير مقبول في مجال التاريخ بدليل أنه يجب أن تضع الهلالين حول لفظ (لو) وليس كان .فالأولى إفتراضية ،والافتراض لايصح في مجال التاريخ ،لأن التاريخ غير قابل للإختبار ،فهو قد حصل وانتهى الأمر ،ولاسبيل لإعادته للتحقق من هذا الإفتراض .
، فقد يحتمل اجابة آخرى ،غير تلك التي تظن أنها ستحدث .وهي أن بريطانيا وفرنسا لن تسمحا بأي سيطرة على تركة الرجل المريض، (كانت اجابة محمد علي حكيمة وثاقبة ) خاصة ونحن أمام قوى رأسمالية استعمارية قوية تسعى للهيمنة ،وهذا قد يجر على مصر الدولة الفتية مشاكل أخطر.


2 - ماذا لو .. أطلق للعنان خيالى
محمود سعادة ( 2019 / 3 / 13 - 13:18 )

أتخيل عندها ان أوروبا كانت سترضخ للأمر الواقع وان مركز الخلافة والسلطنة كان سينتقل الى القاهرة فى قلعة الجبل وأن تركيا كانت ستصبح ولاية مصرية (فى ظل محبة ابراهيم الجارفة للعروبة واللغة العربية) وأن سيناريو التوريث كان سيتخذ مسارا مختلفا بحيث يفترض أن السلطان الحالى فى عام 2019 سيكون أحد أحفاد الأمير عبد الحليم ابن ابراهيم باشا وأن القاهرة اليوم كانت ستصبح من أجمل وأرقى وأغنى عواصم العالم وأن البحر المتوسط كان سيصبح بحيرة مصرية ولا وجود لدولة تسمى اسرائيل على الخريطة
!!

اخر الافلام

.. ماريشال: هل تريدون أوروبا إسلامية أم أوروبا أوروبية؟


.. بعد عزم أمريكا فرض عقوبات عليها.. غالانت يعلن دعمه لكتيبه ني




.. عضو الكنيست السابق والحاخام المتطرف يهودا غليك يشارك في اقتح


.. فلسطين.. اقتحامات للمسجد لأقصى في عيد الفصح اليهودي




.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال صبيحة عي