الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (52)

عماد علي

2019 / 3 / 13
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


كما ان المصدر اللغوي للكلمة فارسي او ايراني(39) فان اكثرية الزنادقة وعلى الاقل في التاريخ الاسلامي كانوا في البداية من المتكلمين باللغة الفارسية( 40)، وكان العراق منطقة نشاطاتهم بسبب قربه و تاثره بالثقافة الايرانية. و من هذا المنظور كان العراق ايضا هو منطقة تاثير المانية على ظهور الباطنية الاسلامية . هذه الحقيقة التاريخية ادّت الى ان الباحثين في هذه الثقافة على ان يقولوا( كانت الغنوصية الاسلامية على الاقل في بداية ظهورها ظاهرة عراقية)(41).
منذ القرن الثاني الهجري اصبحت هذه الحركة قوية و مؤثرة على الفضاء الثقافي الاسلامي،و بهذا الشكل، فعند العصر العباسي لو كان اي شخص متهما باقل تهمة مانية فكان مصيره القتل. ( دكتور النشار) يعتقد بان الغنوصية مؤآمرة شعبوية فارسية من اجل تدمير الاسلام، وبدات تلك المؤآمرة بابن مقفع وهو اكبر عدو للاسلام (42). لذا فاُقططع جسده بامر المهدي و اُسقط في تنور مشتعل بالنيران، و كذلك الشعراء امثال بشر ابن برد و ابو العتاهية و ابو نؤاس، و كانوا من الزنادقة بدرجات مختلفة. كان هناك من يؤمن كليا بماني كابوالعتاهية و كان هناك من يفتخر بماني كجزء من ميراث قومي و منهم بشار، و كان هناك من يعتقد بان المانوية و مبادئه دلائل اخرى للشك بالاديان بذاتها كما كان ابو نؤاس ( 43). الهدف الرئيسي للباطنية في الاسلام السني بدون شك هو التيارات الشيعية كالاسماعيلية و القرامطة و بقية الجماعت الاخرى. اولاءك الذين كانوا يعتقدون كما ان الله صاحب القرآن و اختار النبي له، فبالشكل ذاته فهو من يعطي المعنى للقرآن و اختار الائمة لهذا الهدف، اولهم علي و بعده احفاده عند الشيعة، هؤلاء يؤمنون بقوة بوجود جوهر حقيقي وراء ظاهر النصوص المقدسة، لذا لم يكن كتاب الغزالي بعنوان (فضائح الباطنية و فضائل المستضهرية) شيئا عدا هجوم مذهبي و سني على الجماعة الاسماعيلية الشيعية. الغزالي السني و الاشعري و المشرع و المؤيد العتيد للسلطة العباسية السنية في بغداد، كتب كتابه هذا بناءا على طلب الخليفة العباسي ( المستضهر بالله) (44)، لانه اصبحت الاسماعيلية الباطنية في ذلك العصر خطرا جديا على السلطة العباسية في بغداد، كما يشير اليه الغزالي بنفسه، و يقول ان هناك الكثيرين من الناس قد التفوا حول توجهاتهم. و في كتاب الغزالي نفسه سخّر الفصل التاسع منه لمدح الخليفة العباسي و تعريفه كالسلطة الشرعية الوحيدة و شبّه طاعته بطاعة الله و دافع عنه كثيرا و قال حول هذه الخليفة ( انه خليفة الله على الناس و طاعته فرض على الجميع). و من عنوان الكتاب يتوضح الميل السياسي ( فضيحة الباطنية و فضيلة التابعين للمستضهر) التي كانت الكنية الدينية للخليفة، و هذا لا يعني ابدا ان الغنوصية كما كانت تيارا مناوئا للسلطة السنية فكان في الوقت ذاته تيارا مناوءا للعقلانية و النشاط العقلي في الثقافة الدينية، و هذا اتهام عند بعض الكتاب العرب كثيرا و بالاخص عند شخص مثل الجابري ضمن مشروعه الفكري في القراءة النقدية للعقل العربي الاسلامي، على اعتقاد ان الغنوصية و التيار الباطني هي القوة القاتلة للعقلانية الاسلامية، وفق ما كان هذا التيار اتجاه فنطازي و المنطقي غير المستقر، و هذه مسالة نعود اليها فيما بعد. وبالاخص عند تحديد تلك القوة الداخلية الاسلامية التي كانت مسؤولة في سقوط الفكر الفلسفي الاسلامي بدرجة اولى، و عليه فان كانت الغنوصية متاثرة في بدايتها بالاديان العرفانية القديمة خارج الدائرة الاسلامية، الا انها في المرحلة الثانية كانت متاثرة بالكثير من المعطيات الفلسفية اليونانية، وبالاخص بعد ظهور الترجمة لتلك المؤلفات ومن ثم ضمان فكرة تفسيراتها في هذه الحضارة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس وإيطاليا توقعان 3 اتفاقيات للدعم المالي والتعليم والبحث


.. #إندونيسيا تطلق أعلى مستوى من الإنذار بسبب ثوران بركان -روان




.. الجزيرة ترصد آثار الدمار التي خلفها الاحتلال بعد انسحابه من


.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش صفقة التبادل والرد الإسرائيلي عل




.. شبكات تنشط في أوروبا كالأخطبوط تروّج للرواية الروسية