الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (56)

عماد علي

2019 / 3 / 15
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


و من هناك فان شخص كابن عساكر يقسم علم الكلام الى قسمين، قسم سيء و الاخر جيد. اولهما: انه كلام اهل البدعة الذي هو عكس القرآن و السنة. و بلا شك الثاني: هو المتجانس و المتوافق مع القرآن و السنة و يتوضح بالعقل و هذا مقبول و ضروري في وقت الحاجة( 12) و ما يقصده بالاول من البدعة عنده وهو كشخص اشعري في القرن السادس، هو عبارة عن الاتجاه الاسلامي الذي لم يكن مستعدا وفق خطابه الاشعري ان يسلّم عقله الانتقادي لمقولات النص الديني. اي لم يبتعد عن عمل الفسفة. و من هذا المنظور فان ولفسون وهو احد المستشرقين المختصين في مجال علم الكلام الاسلامي، في المجلد الاول من كتابه الكبير حول فلسفة المتكلمين، يقسم مراحل علم الكلام الى ثلاث مستويات، الاول: مرحلة ماقبل المعتزلة، عصر الحوارات حول كيفية الله، القضاء و القدر، حكم الخطيئة الكبرى، و الموقف من المشاركة في معركة الجمل و الصفين، و بالاستناد على العقل. الثاني: مرحلة كلام المعتزلة بعيدا عن الفلسفة، التي استغرقت حوالي قرنا؛ من النصف الاول للقرن الثاني الى النصف الاول من القرن الثالث، عصر ظهور ترجمة الكتب الفلسفية. الثالث: مرحلة ظهور الكلام المختلط مع الفلسفة، الذي يبدا من النصف الاول من القرن الثالث.( 13). و هذه مرحلة تعرّف المسلمين و بالاخص المثقفين اللاهوتيين على الفلسفة اليونانية و المؤلفات الاجنبية بشكل عام. و كما يظهر من رسالة الكندي الى الخليفة معتصم، وهو كمثقف يعتقد بان عملية الترجمة و معرفة تلك المؤلفات لدى المسلمين انه على فعل ديني و ضروري ايضا، هذا الفعل و طلب الكندي لذلك العصر، عدا العراقيل التكنيكية امام عملية الترجمة لذلك المجتمع فلم تكن لديهم اقل خبرة في هذا المجال، في الوقت نفسه لم يكونوا بعيدين عن العراقيل الدينية و مقاومة رجال الدين التقليديين.
بداية الترجمة:
عند العودة الى رسالة الكندي الى الخليفة العباسي و تشحيعه على ترجمة المؤلفات الفلسفية بشكل عام، لنا ان نكتشف بشكل واضح بداية تقاطع و خلافات رجال الدين التقليديين مع الاشخاص المهتمين بالفلسفة، ويسميهم الكندي بتجار الدين. و لذلك فان هؤلاء، اي رجال الدين التقليديين كانوا يهاجمون الفلسفة، لانهم سيطروا على السلطة الدينية بشكل مجحف و مُنحوا موقعا في المجتمع الذي ليس لهم، و هذا الاجحاف الذي اشار اليه عبارة عن الجهل وعدم المعرفة بالدين بشكل عميق، وبعكسه فان قوتهم تاتي من جهل الناس العوام، و عليه؛ ان اهداف هؤلاء في عداوتهم للفلسفة كما يقول الكندي هو للدفاع عن الكراسي التي حصلوا عليها اجحافا و بالحيل.لكي يكونوا زعماء و تجار، هؤلاء ليس لديهم دين لان من يتاجر بشيء يبيعه، الشخص الذي يبيع الشيء ليس له. اي من يتاجر بالدين ليس له دين، و هذا الشخص يستحق ان يتجرد من الدين( لان مثل هؤلاء ينكرون علم حقيقة الاشياء و يسمونه بالكفر.( 14).
و بهذا الشكل فان الكندي ليس باول شخص الذي اوصل الاهتمام بالفلسفة الى القمة فقط وليس الشخص الاول الذي حمل المذهب الارسطي فقط(15) و انما كان متاثرا بارسطو ايضا(16)، و عليه عُرف ب (ابو الفلسفة الاسلامية)، اول مثقف الذي شجع السلطة ان تهتم بالترجمة و قاوم رجال الدين التقليديين بشدة و سماهم بتجار الدين، و ان كانت عملية الترجمة للمؤلفات الاجنبية في المجتمع العربي و وفق الكثير من المصادر تعود الى نصف قرن من قبل هذا و من المزعوم ان اول نتاج مترجم الى اللغة العربية كان على يد شخص فارسي، وهو( عبدالله بن مقفع/عاش بين 106 – 142الهجري) و هو كتاب المنطق، هو مترجم للكتاب كليلة و دمنة (17) و هذا هو الاعتقاد الذي كرره د. عيساني في رسالته للدكتوراه (18). و لكن في الحقيقة ان اول شخص الذي ترجم كتاب ارسطو هو مسيحي باسم يوحنا بطريك في سنة 200 الهجري، وفي سنة260 الهجري ترجمه حنين بن اسحاق بسبب سوء ترجمته الاولى. و ترجمه للمرة الثانية، و بعدهم محمد بن عبدالله بن مقفع والذي سماه نيقولاي ريشر بالولد المعروف ( 19) و ليس ابن المقفع الاب هو من ترجم لارسطو، وحتى ابن مقفع كان يعرف اللغة الفارسية و لم يعرف السريانية و اليونانية، و عليه، في الحقيقة ان هذا التوجه هو خطا في العديد من الاوجه، وكما صدق المستشرق الكبير بول كراوس و هو احد الباحثين العلميين ذلك باسم( هذه الترجمات تصل الى النتيجة بانه من المؤكد ان اي كتاب فلسفي يوناني لم يُترجم من الفارسية الى العربية ( 20). عدا ذلك، ان كنا نريد ان نحلل هذا الموضوع بالعودة الى الاولين، و نسال من هو المترجم الاول في الثقافة الاسلامية، فتاريخ عملية الترجمة كتقليد عقلاني اقدم كثيرا من هذا, وفق الكثير من المصادر القديمة التي تخص بتعداد و ترتيب و تنظيم الكتب القديمة و في مقدمتهم الفهرست لابن النديم، و يروي احد احفاد معاوية و اسمه خلد ابن يزيد ابن معاوية في القرن الاول الهجري ( توفي في 85 او 95 ه) يروي عنه بانه كان يحب العلم، و عليه فانه معروف بحكيم عائلة المروان. عندما ذهب هذا الشخص الى مصر امر ان يجمعوا له عددا من الفلاسفة اليونانيين، و بعد جمعهم امرهم بترجمة الكتب الفلسفية من اللغة اليونانية و القبطية الى اللغة العربية ، وهذه اول ترجمة في الاسلام من لغة لاخرى (21).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلقة جديدة من برنامج السودان الآن


.. أطباق شعبية جزائرية ترتبط بقصص الثورة ومقاومة الاستعمار الفر




.. الخارجية الإيرانية: أي هجوم إسرائيلي جديد سيواجه برد إيراني


.. غارات إسرائيلية تستهدف بلدتي حانين وطير حرفا جنوبي لبنان




.. إسرائيل وإيران لم تنتهيا بعد. فماذا تحمل الجولة التالية؟