الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإرهاب - الداعشي- الأبيض

راسم عبيدات

2019 / 3 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


الإرهاب " الداعشي" الأبيض
بقلم :- راسم عبيدات
الجريمة الإرهابية البشعة التي ارتكبها "داعشي" أبيض بحق مصلين مسلمين عزل ساجدين وخاشعين لربهم في بيوت الله في نيوزيلاندا بغض النظر عن المذهب أو الدين او اللون او الجنس الذي ينتمي اليه، لأننا نرى بأن الإرهاب سواء مارسه فرد او جماعات او دول،فهو ارهاب عابر للطوائف والمذاهب والأديان والدول والقارات،ولا يمكن لصقه او اخذه حجة على مذهب او دين بحد ذاته،ولربما كان الدين الإسلامي أكثر الأديان التي يجري محاولة الربط بينه وبين الإرهاب،لوجود جماعات اختطفت الدين الإسلامي،ومارست كل أشكال إرهابها وقتلها باسم هذا الدين،الذي هو براءة من كل هذه الجماعات الإرهابية،وكذلك هناك دول مثل امريكا والعديد من دول أوروبا الغربية ودول اقليمية وعربية استخدمت هذا الإرهاب ووظفته لخدمة اهدافها ومصالحها في اكثر من بلد،واستغلت وجود مثل هذه الجماعات واجرامها وإرهابها للربط بينها وبين الدين الإسلام،وبتنا امام خطر ما يسمونه" الإسلامفوبيا"،ولعل الجميع يذكر كيف استخدمت امريكا ما يسمى بفرق الجهاد العالمي والمجاهدين الأفغان في خدمة مصالحها واهدافها في أفغانستان عندما كانت تحت سيطرة الحكم الشيوعي في زمن الإتحاد السوفياتي السابق،وفي تلك الحقبة وصف الرئيس الأمريكي انذاك ريغان،هؤلاء بالمجاهدين والمناضلين من اجل الحرية،وعندما انتهى الدور الذي اوكل اليهم،وصفوا بأنهم جماعات إرهابية،وشنت عليهم أمريكا حروبها،وما أشبه اليوم بالبارحة،حيث جرى استخدام الجماعات الإرهابية والتكفيرية وفي المقدمة منها "داعش" وغيرها من المسميات لنفس المنتوج في جلب الدمار والخراب والقتل للعديد من الدول العربية،وفي المقدمة منها العراق وليبيا وسوريا ومصر،والهدف واضح تجزءة المجزء من الجغرافيا العربية،والسيطرة على خيراتها وثرواتها،وتحويلها الى دويلات مذهبية وطائفية هشة امنها واقتصادها مربوط بمراكز القرار الأمريكي المالي والأمني في واشنطن.
إن ما جرى في جريمة المسجدين المقززة والتي راح ضحيتها عشرات المصلين المسلمين واصابة عشرات آخرين تقول بشكل واضح بان هذا الإرهاب والتطرف في المجتمعات الأوروبية الغربية وفي المجتمع الأمريكي ،والذي بدأ بالنمو والإنتشار بشكل كبير، هو نتاج لسياسات تحريضية تقوم بها قوى يمنية متطرفة امريكية واوروبية غربية،مستفيدة من سيطرة اليمين المتطرف الحكم في امريكا والعديد من بلدان اوروبا الغربية،ففي أمريكا شهدنا حملة مسعورة من قبل الإدارة الأمريكية على المسلمين ،بحيث منع رعايا سبعة دول عربية واسلامية من دخول الولايات المتحدة،ومورست الكثير من القيود والضغوط علي حركتهم وحريتهم واعمالهم،وهذا السلوك وتلك المواقف،ليست قصراً على الولايات المتحدة الأمريكية،بل امتدت الى العديد من دول اوروبا الغربية،والتي رأت في المهاجرين اليها،نتيجة الإرهاب الذي زرعته امريكا ودولهم في بلدانهم،خطراً على مجتمعاتهم مجتمعياً واقتصادياً وثقافياً ،وقد قتل العديد منهم على تلك الخلفية،وشن عليهم تحريض غير عادي.
إن "غول " الإرهاب "الداعشي" الأبيض الذي يخرج من "قمقه" في أمريكا واوروبا،مستفيداً من خطاب وسياسات متطرفة حيث شهدنا في أمريكا حرب اعلنها الرئيس الأمريكي ضد المهاجرين وأصحاب البشرتين السوداء والحمراء،وعمد الى إقامة جدار عنصري على طول حدود امريكا مع المكسيك في مواجهة المهاجرين الى أمريكا،وكذلك يشن حرباً على المواطنين الأمريكان من أصول امريكية لاتينية،ويعمل على التدخل في الشؤون الدول المستقلة من اجل قلب أنظمة حكمها،والسيطرة على خيراتها وثرواتها،تحت ذريعة ويافطة زائفة،تحرير تلك الدول من الأنظمة الديكتاتورية،وإقامة ما يسمى بالأنظمة الديمقراطية،كما يحدث الان مع فنزويلا،حيث الهدف من إسقاط نظام الحكم البوليفاري اليساري هناك بقيادة القائد نيكولاس مادورو،ليس الحرية ولا الديمقراطية،ولا غيرها من الشعارات الزائفة التي استخدمت في قلب أنظمة عارضت السياسات والمخططات والأهداف الأمريكية،والعراق مثال صارخ وحي،حيث دمر وشرد شعبه واحتل ونهبت خيراته وثرواته،وإعدم رئيسه الراحل صدام حسين،تحت زيف إمتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل،والتخلص من ديكتاتورية صدام،والإيتاء بديمقراطية حكام جدد للعراق على ظهر الدبابة الأمريكية يخدمون أمريكا وإسرائيل ومصالحهما في المنطقة.
إن من يشعل نيران العنصرية والتطرف والحقد والكراهية في أوروبا وامريكا، لن ينجو من تأثيرات ونتائج ما سيجلبه ذلك على مجتمعاتهم من حروب أهلية قد تندلع على خلفية اللون والجنس والدين،فالكثير من اليمين المتطرف يبدون اعجابهم بأفكار ونزعات و"شطحات" ترامب المتطرفة،والذي يعزز خطاب الكراهية والحقد ضد المسلمين والمهاجرين والملونين ويجدون في تلك الأفكار مثالاً يحتذى فيما يقومون به من اعمال إرهابية بحق المسلمين وغيرهم من أبناء المهاجرين والملونين.
نحن كشعب فلسطيني من موقعنا،كنا اولاً وعاشراً ضحايا إرهاب مورس وما زال يمارس علينا كشعب فلسطيني،حيث طرد وشرد شعبنا من أرضه،وما زال يعيش تحت ظروف إحتلال يمارس بحقه كل أشكال الإرهاب والعنصرية،ويمنعه من نيل حريته وحقوقه،ولا تجد كل القرارات الدولية التي اتخذتها المؤسسات الدولية لصالحه من جمعية عامة ومجلس امن ومجلس حقوق إنسان و"يونسكو" ،أي ترجمات عملية لها على الأرض،بل نجد دعاة من يسمون انفسهم حملة راية الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان،يمنعون اتخاذ أي قرارات او عقوبات قد تتخذ او تفرض على إسرائيل،نتيجة لخرقها وخروجها السافرين على القانون الدولي ومواثيقه واتفاقيته،ويصنعون منها دولة فوق القانون الدولي.
ان زعماء العالم الذين تقاطروا ونفروا الى باريس،عندما ضرب الإرهاب هناك،وفي المقدمة منهم الزعماء العرب والمسلمين،وعقدوا مؤتمراً لما يسمى بمناهضة الإرهاب،لم نجد عندهم مثل هذه الحماسة والنخوة من اجل التقاطر الى نيوزيلاندا من أجل القيام بمسيرات وعقد مؤتمرات ضد خطر الإرهاب،وكأن هذه العملية الإجرامية التي حصلت بحق مصلين مسلمين،تقول بأن هناك دم غالي ودم رخيص،وإزدواجية وانتقائية في المعايير والقرارات والعقوبات،ونحن نعرف بأن زعماءنا العرب والمسلمين التابعين لأمريكا،والذين ارتضوا في قمة الرياض أيار/2017،ان تكون أمريكا"إمامهم" وقائدتهم،ودفعوا لها مئات المليارات من الدولارات صاغرين ك "جزية" لن يكونوا في يوم من الأيام مدافعين عن حقوق شعوبهم وحريتهم وكرامتهم ودينهم ،فعندما يسجن المئات بل الألآف من الناشطين والحقوقيين في العالم العربي على خلفية حرية الرأي والتعبير عشرات السنين ويعدم البعض منهم،ندرك مدى حالة الإنهيار والتعفن والتبعية التي وصل اليها النظام الرسمي العربي. هذا النظام الذي تحدد له أمريكا معايير من هو " أرهابي" ومن هو غير "إرهابي" ،فكل من يقف ضد مصالح أمريكا وإسرائيل في المنطقة والعالم " إرهابي".

القدس المحتلة – فلسطين
16/3/2019
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا