الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علم الاجتماع والنسيج الاجتماعي في ليبيا

حسين سالم مرجين
(Hussein Salem Mrgin)

2019 / 3 / 17
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


عقد خلال المدة من 10 إلى 11 مارس، المؤتمر السنوي الأول للجمعية الليبية لعلم الاجتماع ،والذي كان بعنوان ( النسيج الاجتماعي في ليبيا : المخاطر والتحديات)، حيث تم عرض مايقرب من واحد وعشرين ورقة علمية، وجاءت المشاركات من جُل أقسام علم الاجتماع بالجامعات الليبية- تقريبا - من شرق البلاد وغربها وجنوبها، لتتجاوز بذلك فعاليات المؤتمر حالة الانقسام السياسي التي اتسمت بها البلاد منذ 2014م، فكانت هناك عدة موضوعات عن النسيج الاجتماعي في ليبيا، حيث سأكتفي في هذا السياق بالتنويه إلى بعضها، وهي :
 القبيلة والنسيج الاجتماعي.
 المؤسسات التعليمية والتربوية والنسيج الاجتماعي .
 المجتمع المدني والنسيج الاجتماعي.
 الحرب والنزوح والنسيج الاجتماعي.
 الفساد والنسيج الاجتماعي.
 المصالحة الوطنية والنسيج الاجتماعي.
وبالرغم من كون بعض الموضوعات البحثية التي تم طرحها لا تزال بحاجة للمزيد من البحث والكشف؛ حيث لم تستطع بعض المشاركات العلمية من الاقتراب من تلك الموضوعات بالشكل المطلوب من خلال كشف المضمر واستنطاق المسكوت عنه وإزالة العتمة المضروبة حولها، إلا أن بعضها الآخر تمكن في حقيقة الأمر الاقتراب أكثر من الموضوعات من خلال طرح عدد من الوثائق وتحاليل مما جعل تلك المشاركات تتسم بكونها أكثر تماسكا وبالتالي أكثر فهما لما تم طرحه من قضايا ذات علاقة بالنسيج الاجتماعي في ليبيا.
وعموما فإنه ما يعنينا الإشارة إليه في هذا الخصوص هو أنه يمكن رصد عدد من الملاحظات حول فعاليات المؤتمر، وهي :
• غياب واضح وجلي لجيل الأساتذة الكبار – الفئات العمرية - في علم الاجتماع، الذين أعتقد بأن سنوات عهد القذافي أوجدت لديهم القناعة الراسخة – التي لا تزال موجودة - بالتسليم والانقياد حول موضوعات وقضايا محددة، ليس موضوع المؤتمر من تلك الموضوعات، وربما هذا أحد مبررات عدم الحضور والمشاركة.
• جُل المشاركات كانت من جيل الشباب من أساتذة علم الاجتماع، والذين ربما أوجد لديهم الفعل الاجتماعي الحاصل في 2011م الرغبة نحو الولوج إلى موضوعات وقضايا جديدة.
• اللافت للانتباه وجود حالات من الاختلاف في تسمية الفعل الاجتماعي الحاصل في ليبيا خلال العام 2011م، فهناك بعض الأساتذة عرفها بأنها مجرد أحداث فقط ، في حين أن البعض الآخر عبر عنها بالثورة، كما وصفها البعض الآخر بالتغير الاجتماعي، وهناك أيضًا من وسمها بالحراك المجتمعي.
• هذا الاختلاف والتباين في تسمية وتحديد المفهوم جاء أيضًا في الورقة المرجعية للمؤتمر، حيث وصفت ما حصل في 2011م إلى كونه " صراع سياسي كانت له تأثيرات سلبية شكلت تهديدا خطيرا لاستمرار حالة الترابط الاجتماعي التي تضمن المحافظة على الهوية الوطنية"، كما تنتقل بنا الورقة المرجعية أيضًا في سطور أخرى لتؤكد وجود هذا التباين وعدم ضبط المفهوم، حيث عرفت في موقع آخر الفعل الحاصل خلال 2011م بأنه ثورة، حيث تقول "الشعارات التي سادت أيام الثورة".
• غياب موضوع دور المرأة الليبية في مسألة المصالحة الوطنية، ودورها في وحدة النسيج الاجتماعي، وإن كانت هناك إحدى الورقات العلمية طرحت توصية بأهمية إقحام المرأة في برامج وأنشطة المصالحة الوطنية، إلا أن الأمر كان بحاجة إلى وجود مشاركات تبين دور المرأة في المجتمع الليبي ، خاصة وأن دور المرأة الليبية علاقتها بالرجل هي علاقة متميزة وتحتاج إلى بحث ودراسة ، ولعلي أتجاسرـ دون تجاوزـ فأقول بأن هذه العلاقة لا يوجد لها مثيل في جل دول العالم، حيث أن الحالة الليبية ربما تكون الوحيدة التي تتميز بكون الرجل هو الذي ينسج ألبسة النساء، وهو ما يسمى في المجتمع الليبي بالرداء، في حين أن المرأة هي التي تنسج ملابس الرجال، وهو ما يسمى بالجرد أوالحولي، بالتالي أعتقد بان الأمر بحاجة إلى وقفة للتدير من قبل البحاث والمهتمين، كما تستحضرني واقعة حول دور المرأة وهي أن أحد الأصدقاء من الجنوب الليبي ذكر لي بأن اتفاقيات المصالحة التي يتم إبرامها بين قبائل الجنوب لا يتم الالتزام بها،والإخفاق في تنفيذ تلك الاتفاقيات حسب وجهة نظره عديدة، إلا أنني قلت له دَعْوا الأمر لنسائكم، فحسب اعتقادي بأن أيّ اتفاقيات مصالحة وطنية هي بحاجة إلى دعم ومساندة من قبل المرأة، لكن صاحبي لم يُعلق، وربما أسرها في نفسه ولم يبدها، وبعد فترة من ذلك اللقاء قامت الأمم المتحدة بمبادرة لجمع النساء بين قبيلتين من قبائل الجنوب من أجل دعم جهود المصالحة الوطنية.
• بعض توصيات المؤتمر كانت بحاجة إلى توضيح أكثر من خلال التوسع في تبيان معانيها والابتعاد عن الغموض والعتمة المضروبة حولها مثل : توصية " بخطورة شرعنة المكونات الاجتماعية سياسيا لإضفاء صيغة قانونية على وجودها الاجتماعي الأمر الذي سيؤدي إلى تزايد حدة التعصب العرقي والقبلي يفضي ذلك إلى زيادة في تمزق وحدة النسيج الاجتماعي" ، وكذلك التوصية " بمطالبة صناع القرار في ليبيا بالابتعاد عن توظيف المكونات الاجتماعية والجز بها في الصراعات السياسية لتحقيق مصالح شخصية وحزبية ذات نزعة سلطوية" حيث كان الأمر بحاجة إلى تشخيص والكشف عن المقصود من تلك التوصيات دون تحيز أو تعميم لفهم طبيعة وأدوار تلك المكونات المجتمعية.
و أخيرأ، فإن التحدي الكبير الذي واجه المؤتمر العلمي للجمعية الليبية لعلم الاجتماع هو عملية إنجاز وتنفيذ أعمال المؤتمر، وهذا التحدي أكاد أجزم بأنه تم إنجازه وبالشكل المقبول؛ خاصة في ظل الظروف الراهنة، وذلك بفعل مبادرات شخصية من قبل المسؤولين عن إدارة الجمعية، وهم في الحقيقة يستحقون كل الشكر والتقدير، ولكن التحدي الأكبر الذي سيواجه أعمال الجمعية الليبية لعلم الاجتماع هو عملية الاستمرار في إنجاز أعمال وممارسات أخرى ذات علاقة بقضايا المجتمع الليبي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مجرد الاطلاع على حدوث هكذا مؤتمر في ليبيا يعطينا
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2019 / 3 / 17 - 20:31 )
الامل بان شعب ليبيا الشقيق المعذب سيتجاوز محنته ويبداء ببناء ليبيا معززه بسيادتها وخطها التنموي في المجالات الثلاث-العمل والعلم والثقافه ركائز الحياة الكريمه المعاصره-تحياتي


2 - الزؤان لا يطرح قمحا
sasey ( 2019 / 3 / 18 - 18:51 )

أجزم ان جميع الاوراق (العلمية) المشار اليها ، قد تناولت الموضوع ، برؤية تقليدية محافظة ، و بأسلوب استعراض (تسميع) نتف من الاقتباسات ، و بأدوات تحليل مستعارة من المدرسة الليبرالية التقليدية (في أحسن الاحوال مدرسة دوركايم) ، و أرجّح أنها لا تستند إلى مسوح اجتماعية و احصائية ميدانية ، و أزعم أنها لا تخلو من الاستدلالات المقتبسة من التراث الديني على المذهب المالكي الاشعري . لماذا اقول هذا ؟ لأن مناهج التعليم المعتمدة في الجامعات الليبية ( و في كل العلوم الانسانية ، بما فيها علم الاجتماع) ، و بالخلاف تماما لما كانت عليه مناهج التعليم الجامعي من تقدمية إبان العهد الملكي ، هي مناهج تقليدية تلقينية ، موروثة عن نظام معمر القذافي ، و قد وضعها - منذ السبعينيات - اساتذة جامعيون مؤدلجون إسلاميا و ليبراليا ، تشبعوا بفكر الاخوان المسلمين محليا ، و تأطروا ليبراليا في جامعات الغرب ؛ فلا يُنتظر من مخرجاتها أي تميز أو إبداع . و النتيجة هي أوراق إنشائية اجترارية ، بها من المواعظ و ظلال المجتمع القبلي ، اكثر مما بها من الموضوعية (العلمية) و الاستنارة المعرفية .


3 - قبل 40سنه حضرت مؤتمرا ليبيا في علم الاجتماع ولم يك
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2019 / 3 / 19 - 04:33 )
ولم يكن كما يصف الزميل في التعليق رقم 2اعلاه
انا اكاديمي عراقي قديم حصلت على الدكتورا مرتين في 66 و73في مجالين متكاملين 1التخطيط الاقتصاديو2تخطيط التعليم واقتصادياته وعملت لاكثر من 10سنوات في جامعة عراقيه وسنتين في جامعة عدن ثم منذ 79ولقرابة 14سنه في 3جامعات ليبيه منها قرابة10سنوات في جامعة قاريونس-بنغازي وبعيد وصولي للبيضاء ببضعة اسابيع شاركت بمؤتمر لعلم الاجتماع الليبي لدراسة الاسره ومشاكلها في ليبيا واود هنا كشهاده للتاريخ ان اؤكد انه في كامل ال14سنه التي درست فيها في الجامعات الليبيه لم يتدخل احد مطلقا في منهجي التدريسي ومحتوى محاضراتي لا دينيا ولا سياسيا-ثوريا-قذافيا وكذالك في محتوى الاوراق البحثيه التي كنت اساهم فيها في المؤتمرات او اللقاءات الاكاديميه علما ان تخصصي الاكاديمي متشابك مع اهتمامات علم الاجتماع جدا-صحيح في خارج العمل الجامعي كانت ضغوط لكسب الاكاديميين ليبيين وغير ليبيين للعمل السياسي في اطار ماكان يسمى اللجان الثوريه والكتاب الاخضر وكنا نقدم بعض المجاملات والانتسامات للتملص من الضغوط وكانت محاولاتنا في الغالب الاغلب ناجحه وكان في الاغلب الاعم يتم تقييمنا بمعايير علمي


4 - مع وافر الاحترام للسيد الدكتور صادق الكحلاوي ، اهل
sasey ( 2019 / 3 / 19 - 10:59 )
مع وافر الاحترام للسيد الدكتور صادق الكحلاوي ، اهل ليبيا - بما خبروه لحظة بلحظة - من انعكاس تقلبات معمر القذافي المزاجية ، على كل مناحي الحياة في بلادهم ، بما لم يدع مجالا إلا و طالته (توجيهات الأخ القائد) التي كانت فوق كل القوانين ، لم تكن مناهج التعليم الجامعي بمنأى عن (التعديل) وفقا للتوجيهات القادمة من خيمة باب العزيزية . فمفردات مناهج علوم الاقتصاد ، استبعد منها كل ما له علاقة بالماركسية ، حيث كان (الأخ القائد) يكن عداء شديدا للنظرية الماركسية (رغم انه اقتبس منها بطريقته السطحية فكرة فائض القيمة في كتابه الاخضر) ، و كذلك استبعد من مناهج تدريس علم الاجتماع كل ما له علاقة بالمادية الجدلية في دراسة الظواهر الاجتماعية . يظهر ذلك بوضوح ، عند مقارنة مناهج تدريس علم الاقتصاد و علم الاجتماع - بكل فروعهما - قبل و بعد ما يسمى بالثورة الثقافية التي اطلقها القذافي في خطاب النقاط الخمس سنة 1973 ، و التي اعقبها اعتقال كل المثقفين الليبيين ، و في مقدمتهم مثقفو اليسار (بتهمة الشيوعية) ! ..
يتبع


5 - بل هو كما وصفتُه و أكثر
sasey ( 2019 / 3 / 19 - 11:06 )
و من اللافت جدا ، و مما له دلالته ؛ انه كان من بين المعتقلين - بتهمة الشيوعية - الاستاذ الدكتور (عبد الرحمن بدوي) ! الذي كان وقتها استاذا في جامعة بنغازي ، التي غير القذافي اسمها الى جامعة قاريونس ، كما غير اسم جامعة طرابلس الى جامعة الفاتح ، و في سياق ثورته الثقافية الديماغوجية (الاسلاموية) ، تجدر الاشارة الى ان توجيهات الاخ القائد ، قضت بإلغاء كلمة (فلسفة) و استبدالها بمصطلح (علم التفسير) في مناهج كليات الاداب ، فصار قسم الفلسفة ، يسمى قسم التفسير ! . و امتدت ثورة القذافي الثقافية ، الى طرد كل الطلاب اليساريين من الجامعات الليبية سنة 1976 (مثلهم في ذلك مثل الاسلاميين) و حرمانهم حرمانا مطلقا من الدراسة ، فيما سماه بثورة الطلاب .

اخر الافلام

.. ماذا نعرف عن انفجارات أصفهان حتى الآن؟


.. دوي انفجارات في إيران والإعلام الأمريكي يتحدث عن ضربة إسرائي




.. الهند: نحو مليار ناخب وأكثر من مليون مركز اقتراع.. انتخابات


.. غموض يكتنف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران




.. شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل طلابا محتجين عل