الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاجرُ موغادور: الفصل السابع 10

دلور ميقري

2019 / 3 / 17
الادب والفن


ماذا كان يأمل من جعل خليلته تعترف بجريمة قتل زوج " رومي " بالسم، طالما أنّ أحداً لم يطلب من السلطات فتحَ تحقيق حول ملابسات القضية؟ لن يعيد كشفُ الجاني الحياةَ للقبطان، وسيبقى مطلق السراح حال ذلك البدويّ، الذي اتجهت أصابعُ الاتهام إليه بشأن مصرع الربّان " بوعزة ". ربيبة هذا الأخير، من المفترض أن تكون بدائرة التهمة في كلتا الجريمتين، وذلك لو تهيأ للتحري عنهما محققٌ يمتلك أبسط قواعد المعرفة بأصول مهنته. بيد أنّ إصرار " جانكو " على تولي مهمّةٍ لا خبرة له بها، كان أشبه بانتقاله من حرفة الأثاث إلى صفة التاجر. ولم يكن ليتجشّم هكذا عناء، لولا جملة من الأسباب كنا قد تطرقنا إليها في مكان آخر من سيرتنا. في حقيقة الحال، فقضية الجريمة لا تتعلق، حَسْب، بصداقته لكل من القبطان الراحل وامرأته: الخليلة، المشدود الانتباه إليها في القضية، عليها كان أن تبرئ نفسها تماماً فيما إذا أرادت أن تغدو زوجته وأم طفله. إذ لا يُعقل أن يضم لحضنه أفعى خطرة، من الممكن أن تندفع في أيّ وقت ولأي سبب مهما كان ضحلاً، لتكرار فعلتها تلك، المزدوجة.
وهذه " ميرا "، تستمع لسيّدها باضطراب واضح وهوَ يحكي لها عن سبب وجوده في حجرتها: " مخدومك السابق، كان هنا وأخبرني بأن ثمة شكوكاً بكون زوج رومي قد تم تسميمه أثناء مأدبة الغداء، التي كنتُ قد أقمتها في المنظرة بمناسبة سفر نائب قنصل بلاده إلى مراكش. ولأنك كنت يومئذٍ في المطبخ، فإن واجبي أن أبدأ مكاشفتك بالموضوع ". استمعت إليه شاردة البال، وكما لو أنها على علم بالحكاية. غير أن الجملة الأخيرة، استوقفتها كما يلوح مما دهم قسماتها من حزن. قالت تحاول تبرئة نفسها، وقد وهن صوتها نتيجة الانفعال: " أنت بدأت بموضوع مقتل بوعزة؛ أليسَ كذلك؟ "
" لندع موضوع مقتله جانباً، الآنَ على الأقل "
" بكل الأحوال، من الواضح لك، وللآخرين أيضاً، عجزي عن مغادرة الدار؛ كوني تحت رقابة مشددة من لدُن المدبّرة. ثم نأتي إلى التهمة الثانية، أيّ الزعم بأنّ رجل تلك النصرانية قد تم تسميمه في دارنا حينَ تناولَ الشاي "
" ولكن، كيفَ عرفتِ أنه جرى وضع السمّ بالشاي وليسَ الحلوى أو الطعام؟ "، سألها من فوره فيما كان يحدق في عينيها بنظرة اتهام لا لبسَ فيها. لم تجرؤ هذه المرة على مقابلة نظرته بجسارة. عاد ليخاطبها عن كثب، بصوت أشد وقعاً: " نعم، لقد تم تسميمه فعلاً بوساطة قدح شاي، زوجُ تلك النصرانية ". تشديده على المفردة الأخيرة، إنما كان لتذكيرها بمعلومة لا يجهلها أحدٌ على معرفة بالسيدة الفرنسية؛ وهيَ أنها من سلالةٍ، سبقَ لمؤسسها أن تحوّل إلى الإسلام.
بقيَ سؤاله محلّقاً في الفراغ، لحين أن اهتدت خليلته إلى جواب. قالت بصوت ضائع، كأنه صادر عن صورتها في المرآة: " كذلك فهمتُ منك، كما أنّ أي شخص معتاد على الخدمة سيفكّر أولاً بالشاي لا الحلوى أو الطعام "
" أنت تظنين ذلك كخادمة، مع أنك انتقلت مؤخراً لمقام آخر؟ "، تساءل بنبرة ساخرة. ثم عاد وتنحنح، متذكّراً ضرورة التزام الحذر، فاستدرك القول: " بوعزة، سبقَ له أن أساء لك ولأسرتك.. هذا شيء معروف. وما يثير استغرابي، بخصوص قضية القبطان، أنك لم تبادري للتساؤل عما هيَ مصلحتك في وضع السم لامرأته؟ "
" أنت تعني، وضع السم للقبطان؟ "
" لعلمك، كان قدح الشاي مقدماً أساساً للسيّدة رومي. فلما تذمرت من شدّة حلاوته، فإن رجلها بادر لشربه "
" أتذكّرُ حقاً إنني كنتُ في المطبخ آنذاك، لما تم إعداد الشاي. إلا أنّ أحد الخدم، هوَ من أخذ على عاتقه مهمة الضيافة وبإشراف مباشر من مدبّرة الدار "
" ولكنني، لو تذكرين، كنت قد أعفيتك من شؤون الدار والاهتمام فقط بجنينك؟ "
" نعم، بالطبع أذكر ذلك. والضجر كان هوَ ما يدفعني للنزول إلى المطبخ "
" يبدو أن شعورَ الغيرة، لا الضجر، هوَ ما حثك في ذلك اليوم على التواجد في المطبخ؟ "
" في هذه الحالة، يجب أن يكون لديّ مال كثير كي أستطيع إقناع الخادم بالاشتراك في خطة تسميم امرأة القبطان. ولحُسن الحظ أن ذلك الخادم رجلٌ عجوز، ليسَ بالوسع إغرائه بالوصال الجسديّ! "، قالتها مستعيدة الثقة بالنفس. وكذا ابتسامتها، المنطبعة على شفتيها الممتلئتين واللتين بلون حَبّ الملوك الناضج.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني


.. بعد فيديو البصق.. شمس الكويتية ممنوعة من الغناء في العراق




.. صباح العربية | بصوته الرائع.. الفنان الفلسطيني معن رباع يبدع


.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر




.. فتاة السيرك تروى لحظات الرعـــب أثناء سقوطها و هى تؤدى فقرته