الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الإسلام في خطر ؟؟!،،.

محمد بنميلود

2019 / 3 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


===
الدين في السياسة يفسدها وتفسده. النتيجة سياسة مشوهة ودين مشوه.
الدين حرية شخصية ولا يوجد على هذه الأرض دين يملك الحقيقة المطلقة. إنها مجرد اعتقادات أساسها الغيب وليس الشهادة. انتماءاتنا إلى الأديان يحكمها الإرث والثقافة والبيئة والسلطة أكثر مما يحكمها التأمل والوعي والاختيار الحر.
لا أنتقد الدين أبدا ولا أدخل في نقاشات حوله لأني أعتبره حرية شخصية. رغم أن انتقاد أي دين حق من حقوقي. من حقك أن تكون مسلما أو مسيحيا أو يهوديا أو بوذيا أو ملحدا أو لا دينيا أو حلزونيا (تعبد الحلزون) أو كن كما تريد. أنت شخص عاقل ومن حقك اختيار زوجتك ولون سيارتك ودينك. ليس الدولة هي من يجب أن تختار لك أن تكون مسلما مالكيا أشعريا جنيديا مثلا، إلا إذا كنت عددا فقط وليس إنسانا. ما أنتقده وأهاجمه ليس هو الدين بل محاولة المتدينين أو التأويلات الحالية للدين فرض سيطرتها على الجميع وعلى الفضاء العام والتقليل من شأن العقائد الأخرى واضطهاد الخارجين من الدين ومنعهم من التعبير عن آرائهم وعن معتقداتهم وعن مجاهرتهم بما يعتقدونه. ردهم على الدين في الغالب ليس هجوما بل دفاع عن النفس. حين يصعد شخص إلى منبر ويقول إنه خرج من الإسلام وإنه لا يريد أن يظل مسلما لأن الإسلام بالنسبة إليه ليس دين الحق وإنه لا يريد أن يصوم رمضان، ويأتي فقيه ويقول: هذا مرتد مجاهر بارتداده حكمه القتل باسم الله، أو هذا عميل للصهاينة، أو هذا لم يعرف الإسلام إلخ.. يصير مفروضا على هذا الشخص أن يدافع عن نفسه وأن يفند ادعاءات الفقهاء وأن يثبت لهم أن الإسلام الذي يبشرون به ليس حقا بل باطلا بما أنه كما تقدمونه يقتل من خرج منه أو يحث على كراهية الآخر أو أن المسلمين حسب ما لقنهم فقهاؤهم يناصرون بعضهم البعض فقط ولا يهمهم الإنسان. لو أن الفقهاء يهتمون فقط بما هو روحي في الدين ويلزمون المساجد ويبتعدون عن السياسة والتلفاز والمذياع و لا يتدخلون في غيرهم لما هاجمهم أحد ولما سخر منهم أحد ولما هاجم أحد الإسلام الذي يتمترسون خلفه. المشكلة لا تكمن في الدين ولا في التدين فلكل منا حاجاته الروحية حسب وعيه وثقافته وتكوينه العقلي والنفسي إلخ.. وسؤال الله، وجوده من عدمه، وسؤال الأديان أيها صحيح، وهل هي ضرورية أم لا، إلخ.. هذه كلها أسئلة إنسانية كانت دائما وستظل، والإجابة عنها يجب أن تكون إجابة حرة بعيدا عن أي سلطة أو ترهيب أو ترغيب أو حروب. المشكلة لا تكمن هنا. بل تكمن في الدولة والمواطنة والفضاء العام. هذا فقط هو ما يهمني. وهو إشكال سياسي أكثر مما هو ديني. كيف نمتلك وعيا مختلفا بالدين وبالدولة. كيف نميز بين الخاص وبين العام. بين الحميمي وبين المشترك. الفضاءات العامة ليست ملكا للمتدينين أو غير المتدينين بل للوطن والمواطنين. أنت مواطن قبل أن تكون مسلما. الإسلام يخصك وحدك أما الوطن فيخص الجميع. الجميع من حقهم العيش بحرية داخل الفضاء العام باختلاف عقائدهم وأعراقهم ولغاتهم إلخ.. للأسف الفقهاء والمتدينون يرفضون هذا الأمر اليوم باسم الأغلبية وباسم نصوص تنسب إلى رسول أو إلى إله دون إثباتات قاطعة، بالتالي يضطهدون الأقليات وعوا بذلك أم لم يعوا. تلك الأقليات تحاول الدفاع عن نفسها. الحقيقة لا يتم التصويت عليها بالأغلبية. إنها تظل حقيقة حتى لو قال الجميع العكس.
ننتمي إلى ثقافة استبدادية لا تعترف سوى بفكرة واحدة ونمط عيش واحد وبالجماعة دون الفرد وبالإجماع دون الاختلاف أو النقاش أو التعدد، هذا كله هو ما ينتج الحاكم الواحد المسيطر. بنيات أنظمتنا المسيطرة الفاسدة لم تأت من الفراغ. بل هذه الثقافة التي تعشش داخلنا ونحافظ عليها رافضين أي تجديد يخلخلها هي ما يصنع تلك الأنظمة. طبيعي أن تستمر إلى الأبد ما لم نغير وعينا وتفكيرنا. الأنظمة تعيد تكرير المنظومة وللأسف الشعب الذي تصنعه تلك الأنظمة يصبح مع الوقت هو النظام نفسه رافضا لأي تغيير.
أركز على الإسلام لأني أنتمي إلى ثقافة إسلامية ، و ليس إلى سويسرا أو الدانمارك. حين أنتقد المجتمع المسلم فلأني أنتمي إليه .
لا يهمني ما هو دينك، بل يهمني فقط احترامك للمواطنة وللقانون وعدم فرضك لعقيدتك على الآخرين.
هل الإسلام دين الحق أم لا؟ لا يهمني هذا السؤال. إنه يهمك أنت. اختر ما تريد ليس بناء على اختيارات الآخرين. ما يهمني أكثر هو كيف نتعايش حتى وإن وجد أحدنا أن الإسلام هو دين الحق ووجد الآخر أن الإسلام هو دين الباطل. هذه الإشكالية عليك حلها بمفردك وإلا فأنت تعلن الحرب على الجميع معتقدا أنك تطيع الله ورسوله. هل يطلب منك الله فعلا أن تكره الآخرين؟ وأن ترفض التعايش؟ وأن ترى غير المسلمين أعداء؟ هذه الأسئلة أيضا عليك الإجابة عليها بمفردك أو أن تطلب من فقهائك أن يجيبونك عليها، إن كنت عاجزا عن التفكير بمفردك.
أنا إنسان حر، حريتي تأتي قبل كل شيء. قبل أي اعتقاد. دون حرية لا أستطيع أن أختار بل سأكون غنمة داخل قطيع فقط. أملك قرونا ومستعد للنطح أو لأن يسوقوني إلى الذبح . الإنسان الحر فقط هو الذي يدافع عن حريات الآخرين. أما غير الحر فطبيعي أن لا يدافع عن حريات الآخرين لأنه لم يحرر بعد حتى نفسه. إنه يريد الجميع أسرى لأن الأسر بالنسبة إليه هو الوضع الطبيعي. بالتالي على الحر المساهمة في تحرير الآخرين ليس منة منه بل كي يتسع فضاء حريته.
الحرية لا تعني أن تأكل رمضان في السر وتسكر خفية عن عائلتك في بار معتم وترقص بعد أن تتأكد أن لا أحد يراك وتقبل صديقتك خلف سور أو تحت الأدراج. بل تعني أن تفعل كل ما تؤمن به في العلن. لا يخفي البشر عادة إلا الأخطاء والجرائم. أما الحرية فليست خطأ ولا جريمة.
من حق الناس أن ينتقدوا الأديان وأن يتمردوا عليها وأن يكذبوها وأن يسخروا منها. إنها علاقتهم الشخصية بها وليس بك. الأديان ليست ملكا لك وحدك. أيضا إنها لا تخاطب المؤمنين بها فقط بل تخاطب حتى غير المؤمنين بها. كما من حقك أن تقدسها وأن تعتبرها خلاصك من حقهم أن لا يعتبروها كذلك. التقديس والمنع والخطوط الحمراء لا علاقة لها بالإيمان وبالروح وبالفضيلة، إنها أسلحة السلطة الأكثر فتكا من الأسلحة المادية. الأسلحة التي تقتل الأرواح، قبل الأجساد.
إذا غيرنا طريقة تفكيرنا سنصبح أقوياء وليس ضعفاء. حتى الإسلام سيكون أجمل وأقوى، ليس فقط عند المسلمين بل عند كل العالم.
إذا لم نغير طريقة تفكيرنا سيظل الإسلام في خطر. خطر ليس مصدره الكفار، بل مصدره المسلمون أنفسهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هي الحقيقة ولا حقيقة غيرها
سمير آل طوق البحراني ( 2019 / 3 / 18 - 06:20 )
سلم يراعك ايها المحترم. هي والله الحقيققة ولا حقيقة غيرها. كلنا ورثنا ادياننا من البيئة التي ولدنا وترعرعنا فيها وليس هناك اي دليل على ما نعتقد لانها غيبيات والادعاء ن ديني هو الحق ودين غيري هو الباطل هو ادعاء باطل. من يستطيع ان يثبت ان ما توارثناه من كتب مقدسة وغيرها لم تنله يد التحريف ـ ولو صدقنا بسماويته التي لا دليل عليها ـ بعد مرور 1400 سنة ونحن نعرف ما ذا جرى من حروب طاحنة بين المؤمنين انفسهم وبتعاليم كتبهم وللخروج من المازق المخزي نسبوا كل ذالك الارهاب الى الاجتهاد ـ وكان الله محتاج للاجتهاد في دينه ـ للتغطية وتبرير الغير مبرر. اخي الكريم ان تعدد الاديان والمذاهب والاختلاف في الدين الواحد هو دليل واضح ولا يحتاج لخبراء ومحللين بان لا حقبقة مطلقة ولا احد يمتك الحقيقة. يجب ابعاد الدين عن السياسة ويبقى الدين لله والوطن للجميع ودحض الحجة بالحجة والمنطق وليس بالتهديد والوعيد وليعلم الجميع ان خالق الذرة والمجرة ليس محتاج للفاع عنه. اما الجهاد لقتل المخالف باسم الله فهو ارهاب وهدفه سياسي بحت وهي السلطة ولا شيء سواها وحاضر المسلمين يثبت ذالك ولكم في الاحزاب الاسلامية اكبر دليل.


2 - فضح الدين ضرورة للتحرر الموضوعي
محمد البدري ( 2019 / 3 / 18 - 07:18 )
ايس المسلم بمسلم الا لانه يعتقد بدين الاسلام.
هو إذن ضحية الدين بل ويصبح رقيبا ويدينك لو افطرت في رمضان او احتسيت كاسا من شراب اهل الجنة في بار مظلم او راقصت فتاة تحبها.
فما الذي حوله الي جلاد، اليس هو الاسلام؟
الاسلام نفسه يحصن ذاته بعدم نقده والا فهناك جلادون علي الارض وآخر في السماء حيث العذاب الابدي وجهنم التي وقودها الناس والحجارة.
يا عزيزي الفاضل الارهاب في جوهره هو الدين وخاصة الاسلام في وقتنا الحاضر. فعدم نقده وفضحه يجعله كخميرة في بيئة دافئة قابلة للتمدد لابتلاع العالم.
الاسلام لا يحول تابعيه الي مجرد ارهابيين بل الي اغبياء ايضا يدعون انهم يحاولون التحرر من قيود مجتمعية اخري انشاتها الاديان بتبني الدين كسلاح للتحرر. اليست كل فصائل الجهاد الاسلامي تندرج تحت هذا الصنف من الارهابيين. انه التحرر الزائف المؤدي الي مزيد من القيود

تحياتي