الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مطلوب عشائرياً !!

فياض موزان

2019 / 3 / 18
مواضيع وابحاث سياسية



"مطلوبْ عشائرياً لا يُباع أو يُشترى"
شعارات نشاهدها قد إنتشرت على جدران البيوت، بخطوط بارزة، تنفث حمما حمراء اللون يتطاير شررها وشرورها، يملأ الفضاءات التي تحيط بها، تُرعب، تُرهب، وتُخيف من يتمعن بها أو يلقي نظرة عليها، تتغوّل وتتوحش على واجهة جدار محل أو جدران بيت أو بناية تركها أصحابها شاغرة لفترة طويلة -مكرهين- لإسباب عديدة: إما أن يكون مالكها مهاجراً، أو تركها بسبب الأوضاع الأمنية الصعبة، أو بإختلاق ذريعة دين أو مال بذمة أصحابها . وفي وقت محدد ومحسوب تظهر جماعات مسلحة تقوم بإقتحام الدار والإستحواذ عليها بعد التفاهم و التنسيق مع بعض أفراد الشرطة المحلية في تلك المنطقة أو الحي، تقدم نفسها (مدّعية) أنها تنتمي الى أحزاب أو منظمات أو جهات سياسية معينة و بعد أن تنتهي هذه "الفصائل" أو العصابات - بالمعنى الأصح - من رصد هذه البيوت أو المحلات الشاغرة وبعد أن تتأكد من خلوّها من ساكنيها، تستغل ذلك وتنشر على سطوحها أو تعلق على جدرانها وأبوابها الخارجية بيارق ويافطات وشعارات تمثّل طائفة دينية معينة كخطوة تمهيدية أولى تتبعها خطوة ثانية يقومون بإستقدام عائلة من معارفهم تشغل هذه البيوت وتسكنها.
أما الخطوة الثالثة والأخطر تتم من خلال شبكة اتصالات وعلاقات لهم مع الفاسدين في دوائر العقار تبدأ بالتأكد من سند العقار وإسم مالكه، وإستخراج سند جديد يستطيعون بواسطته البدء في خطوات التزوير من بيع العقار أو تحويل ملكيته الى آخر أساليب الإحتيال .
لا شك أن هذه الظاهرة الخطيرة تبرز عندما تغيب الدولة ويضعف القانون ويصيب المجتمع الخوف والهلع بعد أن يفقد الثقة بالدولة، وإنها غير جديرة بحماية حياته وأملاكه، ولا تختلف هذه الظاهرة -في عنوانها- عن الدگات العشائرية، والتجاوزات والإعتداءات على الأطباء والمعلمين بإسم العشيرة وسطوتها، أو الإعتداء على موظف الدولة أو التجاوز على شرطي المرور بإهانته، والإعتداء عليه، و ضربه أمام مرأى وسمع المواطنين، وهو الذي يمثل عنواناً لإحترام القانون وفرض النظام في الشارع وحفظ هيبة الدولة أمام المواطن، ومتى ما أُسقطت هيبته سقطت هيبة الدولة .
ان هذه الظواهر تبرز عندما تضعف الدولة ويغيب القانون وينتشر السلاح المنفلت وتسود شريعة الغاب عندها تتصدر المشهد العشيرة والعصابة وتفرض قوانينها وشرائعها على الناس والمجتمع بعد أن تُرهب الناس وتخيفهم ليطبقوا أفواههم ويلزموا الصمت والسكوت خوفاً من الإعتداء والقتل والموت الذي سيتعرضون له على يد هذه العصابات.
بعد غزو الكويت عام 1990، تخلخل الأمن في العراق بعد الإنتفاضة الشعبية التي عمّت معظم محافظات العراق، و بعد فرض الحصار على العراق، وإتساع ظاهرة الفقر وانتشار الجريمة المنظمة، ولكي يتم إستتباب الأمن و إعادة هيبة الدولة وبقاء النظام، قام صدام حسين بالهيمنة والسيطرة على العشيرة وضبط حركتها لتلعب العشيرة دورھا في إيقاف التجاوزات وحل المنازعات بين أفرادها وقام بإحياء "العشائرية" من جديد و نفخ الروح - شفهياً- في قانون العشائر الذي سبق وتم إلغاءه في السنة الأولى من ثورة 14 تموز 1958. وقد أثبت الواقع أن بعث الحياة في "العشائرية" وقانونها أشبه بغول يفترس المجتمع، فقد أرادوا إحياء هذا القانون من جديد عندما طرح البعض مشروع قانون العشائر في البرلمان العراقي عام 2012 في محاولة لتقنين "العشائرية" وشرعنتها وتكريس مفاهيمها المتخلفة بين أفراد المجتمع العراقي والوقوف بوجه الثقافة المدنية المتنامية والمتصاعدة بين أفراده ، وهدم ركائز النظام المدني الديمقراطي الوايد، وإضعاف المجتمع العرافي المبتلى بمختلف الإنقسامات.
ان العملية القائمة على إحياء "العشائرية" ما هي إلا عملية إعاقة، لبناء المجتمع المدني، وللتقدم الحضاري، وتھديد للسلم الأھلي، والوحدة الوطنية، لأنھا بالنتيجة تؤدي إلى تفتيت النسيج الاجتماعي، كما الطائفية والعنصرية.
ان تطبيق القانون وإحترامه من قبل الناس يكون حاضراً عندما تكون الدولة قوية ومهابة وفي استطاعتها فرض القانون، عندئذ يمكن القضاء على هذه التمظهرات الشاذة وقطع دابرها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات في بريطانيا لبناء دفاع جوي يصُدُّ الصواريخ والمسيَّرات


.. جندي إسرائيلي يحطم كاميرا مراقبة خلال اقتحامه قلقيلية




.. ما تداعيات توسيع الاحتلال الإسرائيلي عملياته وسط قطاع غزة؟


.. ستعود غزة أفضل مما كانت-.. رسالة فلسطيني من وسط الدمار-




.. نجاة رجلين بأعجوبة من حادثة سقوط شجرة في فرجينيا