الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ردة أبدية

بكر الإدريسي

2019 / 3 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


صرخة "مالك بن نبي" الشهيرة في العالم الاسلامي: ( الأفكار التي تتعرض للخيانة تنتقم لنفسها).
إنها صرخة تعبر عن ذات واقعة تحت عقدة ذنب شديدة تجاه الماضي المجيد.

حسناً أظنك يا بن نبي تتحدث عن أن الإسلام الحقيقي تمت خيانته و لذلك هو ينتقم منا منذ قرون.

كم هي مثيرة هذه العلاقة المازوشية أو السيزيفية لشعوب تحمل على ظهرها الشريعة الإسلامية بوفاء منقطع النظير، و لا تنال مقابل ذلك إلا العذاب والانتقام الأبدي.

ترى أيهما الأكثر إبهاراً؟ هذا التوكيد والإصرار على تطبيق الشريعة رغم المائلات الكارثية
أم هذه الشريعة التي لا تكف عن الانتقام من المتماهين معها، المخمورين بها حد الثمالة؟

لماذا لا تخون الشعوب حقاً فكرة تطبيق الشريعة الاسلامية وتسقطها عن كاهلها، تقذف بهذه الصخرة الجاثمة على صدرها إلى الجحيم؟

قد أجد جواباً لسؤالي على لسان ابن عربي حيث يقول فيما معناه:
إن العذاب في جهنم من قبل المعشوق (أي الله) يشعر به العاشق (أي المخلد في النار) كعذوبة.

هكذا أفهم مشاعر هذه الشعوب التي أدمنت العذاب حتى تحول لعذوبة وحلاوة.
عذوبة أنشدت فيها العرب أجمل الشعر غزلاً وأرقّه عشقاً بجلادها:
عذِّب بما شئت غيرَ البعدِ عنكَ
تجدْ أوفى محبٍّ بما يرضيكَ مبتهِجِ

ومن هنا نفهم لماذا (إن عذابها كان غراما)
نعم مخيال جنوني يمتلكه العربي حين يصبح العذاب في الجحيم غراماً؟
درجة من أسمى درجات الحب.

وإلا فكيف نفسر سلوك قيس ابن الملوح عندما جاءته ليلى لتروي عطشه وهيامه قائلة له: يا قيس أنا ليلى
فنظر إليها وقال:
(إليك عني فإن حبك شغلني عنك)
بكلمة إنه الجنون!

ذاك هو حال مفكر كمالك بن نبي لطالما حث "العالم الاسلامي" على النهضة و عندما جاءت منظومة الحداثة قال لها إليك عني إن ماضينا يحمل منظومة أفكار أصيلة ومطبوعة في جينات شعوبنا لا يمكن أن ننهض إلا باستعادتها والتطابق معها والتطهر من الأفكار الغريبة والمستوردة.
إنه يشبه قيساً، يصرخ من العطش والتخلف النهضة النهضة (أي ليلى ليلى)
ولكن عندما تأتي شروط النهضة الحديثة يصد عنها ويولي مدبراً إلى الجحيم ليرتوي منه.

فهل عندما ننتظر تخلي شعوبنا عن الشريعة الإسلامية نكون أشبه بمَن ينتظر مِن قيس المجنون خيانة ليلى العامرية؟


عندما تصبح العلاقة مع الدين حالة من العشق المستحيل والشعف* تكون النتيجة ما نراه العذاب يصبح عذوبة، الفناء والدمار يصبح شهادة وحياة في جنات نعيم.
ذاك هو مآل الافكار المسمومة التي يموت الانسان في سبيلها وهي تنتقم منه.



*قيل في تعريف الشعف : " هو إحراق الحب للقلب مع لذة يجدها " أي هو الاكتواء بنار الحب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العذاب والعذوبة
أكرم فاضل ( 2019 / 3 / 20 - 01:15 )
ما يجعل البعض يرى في العذاب عذوبة هو ايمانهم بالوعود المبالغ بها في العالم الآخر ولذلك نرى الانتحاري الذي يفجر نفسه فرحاً لأنه يؤمن بأنه بعد لحظات سيفوز بالملذات التي حرم منها.

اللهم نَوِّر

اخر الافلام

.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا


.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد




.. يديعوت أحرونوت: أميركا قد تتراجع عن فرض عقوبات ضد -نتساح يهو


.. الأرجنتين تلاحق وزيرا إيرانيا بتهمة تفجير مركز يهودي




.. وفاة زعيم الإخوان في اليمن.. إرث من الجدل والدجل