الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الكتابة قطب الأدب وفدامة العقول ، ومن صناعة التَرسّل – أدب الرسائل-- الحلقة الأولى من حوارنا مع الأديب هاشم مطر في -بؤرة ضوء-

فاطمة الفلاحي
(Fatima Alfalahi)

2019 / 3 / 20
مقابلات و حوارات


"الكتابة قطب الأدب وفدامة العقول ، ومن صناعة التَرسّل*¹ – أدب الرسائل-" الحلقة الأولى من حوارنا مع الأديب هاشم مطر في "بؤرة ضوء"

استنجدت بقرع باب الكتابة والوقوف على أعتاب ثقافة كتاباته الواسعة لتشكيل أخيلتي كمقدمة تليق بكاتب أنيق في أدب الرسائل؛ فوجدتني لا أجيد فن الكتابة حين اقترنت بأسمه ، فاعتنقت الصمت لفقداني ذاكرة الحروف، وكيف سأكتبه..؟ ظلت ورقتي صامتة ببياضها، قاب ليلتين ونهار كامل...!
فقررت ولوج ممرات كتاباته، لأنهل من أفكار أمانيها البيض بصيصَ ضوء يمنحني حق الكتابة وأسافر عبره لأوزعه انحناءات قلبي للنقاء الذي يحمله في قلوب أصدقاء الخريف.

هاشم مطر :
في سبابة الناقد هاشم مطر المثقف إشارة وحضور كما ينبغي ، فهو صاحب مشروع فكري شامل، مالم تعرفونه عنه، مهارته في فن أدب الرسائل وثقافة البوح؛ فلغته مرهفة للغاية وملتزمة. انظروه معي:
ارتكب فعل الكتابة في الحوار المتمدن أنتريًا في سنة 24/7/2011،

- صدر له كتابًا نقديًا بعنوان : "المغامرة والإبداع في صوامت الأنباري" .
تناول مواضيعًا عدة منها :
- "نقد المشروع الديمقراطي" .. سادرًا في :
- هي كانت رؤيا حد اليقين :"محاولة في فك لوازم العشق"
- سبَر غور : "غابة النخيل الإنسانية"
- يتذكر لحظات سائبة من مواقيته: "كيفك أنت، الرسالة التي تذكرها صاحبي"
- يلوك صمت الحكايا:" كنت جميلًا بما يكفي أن تغادر بصمت"
- منظر رائع في كل الفصول : "أصدقائي والخريف "

* قرأهم كما يشتهي وفق :
- القلادة : حداثة النص بين الإسقاط والتناص والتأويل
- المدني في رحلته الأثيرية الى نبتون، في سيرة السيد عبد الكريم المدني
- تحولات أسئلة النص في رواية "عشاق وفونوغراف وأزمنة" للطفية الدليمي.
- الخيال: التقديم والنهايات، دراسة نقدية في أدب برهان شاوي من خلال روايتين.
- الزمان والسرد في النظام القصصي لشاكر الأنباري في روايته ( أنا ونامق
سبنسر).
- سوسن أبيض لمحيي الأشيقر، البحث عن زمن جديد
- التركيب الخاص والسلوك الظاهر، بطنها المأوى : دنى غالي
- الصورة ومنجم الضوء ورحلة الألم وحداثة النص : فاطمة الفلاحي
- ومن المراثي "شيء يشبه الحكايا" مرثيته لعامر مراد ، ومرثيته لسنان نادر " ينظر من خرم الإبرة!" قد نحرتك محبة الوطن يا سنان..
"سودوكي" رحيل صباح المرعي و "غروب الوليد" رحيل وليد جمعة، وداعًا هاشم القريشي، وتأبين الروائي والكاتب العراقي الراحل سعد محـمد رحيم.
- توجعاته في صخب الحروب : "حداد"
- زهرة : "حكاية امرأة لم تغادر" فيلم للمخرج محمد بكري
- ولم ينس خوفه على الوطن الجديد الذي منح المغتربين دارًا دافئة مريحة، كاتبًا في
الحرب والسلام " مجزرة النرويج وفكرة المواطنة لجيلنا الثاني"

ركز أبو القاسم ابن الجد على الأخلاق الفاضلة والشمائل الرفيعة التي تَحلّ بها صديقهُ وهي ذاتها في صديقي المخلص هاشم مطر، "حامل أداب ومعارفٍ ، ولابسُ من خلع الفضل مطارف، ومتميز بفضول محاسن منحت جمالها ، ومتفرد بخواص فضائل جمعت كمالها".
في ذاكرتي عن أدب الرسائل : هو لون من ألوان النثر الفني الجميل وضرب من ضروبه التي تنهال على القريحة انهيالًا، ولايكاد يختلف مفهوم أدب الرسائل عند الأندلسيين عن مفهومه عند المشارقة ، فالأدب في عرفهم جميعًا ينقسم إلى أصلين أساسيين: منظوم ومنثور، والمنثور فيه الخطب والرسائل، وهما فن واحد أو فنان متقاربان يقابلان الشعر*2

تتجلى رسائل المديح :
مكانة عظمى في أدب الرسائل في الأندلس في القرن الخامس الهجري، ويندرج في مجموعتين، أولهما في مدح أمهات الفضائل : الكرم، الجود، الصدق، الحميّة، والشجاعة والإباء، وقد يضاف إليها فصاحة اللسان وقوة البيان . وثانيهما : مديح الإخاء والمودة والصداقة وما يتعلق بهما، والتعبير عن المشاعر الصادقة والعواطف النبيلة التي تجمع بين الأصدقاء*3 .
علَّمتُ موقعي في الحوار المتمدن ببحوث عدة عن الأدب العالمي، فتلقفت عيناه " بحثي عن رسول حمزاتوف " لم تكن قصائدي عضوًا في الحزب الشيوعي"
فكاتبني مادحًا وفق رؤى أبو محـمد بن عبد البر بمكاتبة الصديق :" عِوضٌ من لقائهِ إذا امتنع اللقاء، واستدعاء لأنبائه إذا انقطعت الأنباء،وفيهما أنس تلذ به النفس، وارتياح تنعش به الأرواح، وارتباط يتصل فيه الاغتباط"
فقد برع بالتأنق وتجميل حبر رسالته؛ مستعملًا الألوان البديعية .

بصحبتكم الرسالة
روائع حمزاتوف بصحبة فاطمة الفلاحي .
هل جف عرقك يا فاطمة أم مازال نداك يقطر على وقع خطاه ،حمزة، حمزة، حمزة ؟
أنا على يقين مازلت تكتبين.
تضعين جهدك بتواضع على موقع الحوار، أو ترسليه لصديق، فهل ياترى انتبهت إلى نبض قلبك؟
إلى وجدانك المبلول بعطر الجبال، وتلك المجاهل التي ألفتيها أحسن من أهلها؟
إنك مدهشة...
تقفين على أحلام عاشق، فتجعليه مواظب على الحب كما تريدين، ولو كان حيًا لقبل جبينك وأردى نفسه قتيلًا أو مقتولًا ، لسبب واحد أنه لم يلتقيك.
من أين لك بكل هذا الحب، وأنت تسطرين ستين صفحة من سيرة عاشق أحب داغستان، فاصبح بلدك، أمه أمك، وأباه أباك، كان يسدي له النصح لأنه فتى. كم أنت محبة صديقتي. ..!!
قد قطعتي عليّ سبل الكلام، وأنت تحكين القصص، ورثاء المحزونين، وصمت المفجوعين، وروعة أليفة تغلف مشطك، تسرحين به جدائل حمزة، المضمخة برائحة الزهور البرية النابتة في تلك الأقاصي، وتدفعين بالسهل كما السهل ليفهمها هاشم وغير هاشم. لكنك وعن قصد رميت بسهم واحد أصاب كل عاشق فأفاق.
هناك في الكون الفسيح، من له قلبًا أرق من جنح فراشة؛ والأمر سيّان، أن يكون قلب حمزة أم فاطمة، تبدأين بشعار تحريفي محرض ومغامر «يا عشاق العالم اتحدوا!»‏ ولو كان ستالين على قيد الحياة، لأحرق كتب حمزة وفاطمة. وربما أرسلكما في نزهة طريفة، أو إجازة مدى الحياة إلى سيبريا!.
بداية لا أصفها، لأنها طعنة ماركيزية. حب مفعم بتجربة كونية رائدة.
فرس أنت تتنقل بحوافرها على أرض حمزة حتى تصيب العالم كله ذلك ماحمل لحمزة الشعراء «فخير البلاد ما حملك».
طعنات وردية بحنو تضعيها على جسد القصيدة والمعنى من النثر في مقولته :
«فلم يعد هناك فرق بين الحبيبة والوطن، ولا بين النشيد الوطني ونشيد العاطفة والنفس».
لا اكتمك أني حزنت! وأنا اقرأ الملف الرائع ،فاستشعرت سلالة الألم في قلبك، يتدفق بإصرار ينبوع اكتظت بمياهه جبال داغستان.
وإذا أهملك الكلّ
وهجرك كلّ عاشق
وفاض حزنك الدّاكن مكثّفا كالغسق
فأعلمي
أنّ رسول حمزاتوف
يرقد خامدًا بالتأكيد
بقبر بعيد, عند سفح جبل مهجور

أيُّ فتنة لأثر تضعه حوافرك، التي ادماها السؤال! فما بين حب حمزة للعالم وحبيبته، تضعين بكل أناقة ما كان يقوله، فتمزجين لحظة الإنتظار والغياب لحمزة.
«نحن في إنتظار وردة لم نزرعها بعد».
وكأنك تتحسسين قلق القارئ وحماسه، فترفعين الصخرة التي حبست السيل. فيأتي حمزة وكأنه يزيح عن نفسه بكل خطوة حجاب. متنقلًا بخفة أيل جبلي بين ولادته ومماته، فيهدي سيل الإبداع إلى كل كائن حي، وهو يسطر جوائزه على سرير فاتِمات، المرأة الذي أحبته وأحب هو العالم بعطرها كل نساء الكون، فلن تغيب عنه حبيبته حتى وهو ينوء تحت إجحاف القدر بحقه، متنقلًا من رصيف لآخر ،عله يعثر على وجه يشبه فاتِمات ،فقرر أن يجده في زمن آخر.
ثم تبعثين بتلك المفارقة التي يجد القارئ فيها تلك المزاوجة بين الكل والذات والحبيب
«داغستان، أنت عشقي، وعدي، ابتهالي ومرتجاي. فيك وحدك معنى كتبي وحياتي».
وكعاشق مغامر يوزع حبيبته على الأرض ولغاتها
«لماذا تبحث عن لغة واحدة ؟ فلتكن هناك عشرون لغة».
ثم يعاود الاختصار
" نجوم كثيرة .. وقمر واحد ..
نساء كثيرات .. وأم واحدة ..
بلاد كثيرة .. ووطن واحد " .
ثم صمت العاشقان، فتختارين له حين ينسى العالم المر ويبقي على الصمت:
«...لكنني لم أستطع عبر الجبال كلها أن أنسى المرأة الثالثة وهي وحدها التي أحلم بها من بينهن جميعًا».
براعة الكشف هنا تجعلني وحدها أن أقول «فهمت فاطمة حمزة أكثر حتى من فاتِمات».
ثم تعودين إلى أسلوب المفارقة التي ينبه القارئ إلى شغل العناية بالقراءة والاستمتاع، مع التساؤل والإسقاط، بين زمنين مختلفين.
«حدث ذلك قبل أن أركب حصانًا وقبل أن أتعلم الركض» ذكرياته عن أبيه، وعندما أصبح شيخًا مطعونًا بحربة الأهل والبلاد حينما «أصبحت فيها أسعار الطماطم أغلى من البشر». مخاض الشاعر العاشق حينما يتحول الحب بين أصابعه إلى رماد! «مذهل».
ثم قليلا من الأخبار والنصح والحسد، فتكتمل الشخصية بريشة بارعة، عن القراءة والسيرة، فقد وضعته دون شرح «كما هو أفضل». فالأعمال والقصائد ،والتذكير بقصيدة «الغرانيق» لأن كل شيء قابل للهدم، ثم صورة التحدي في «العاديون» والمضامين الأخرى المختلفة في قصائد تالية لا تختلف قوة وجمالًا عن «الغرانيق»- سوى بميلها للحقل الكتابي المعرفي، فيكتب نفسه المتصالحة المتناقضة، التي جعلت منها فاطمة رياضًا للقارئ يرى في الحقل جمال الورود ويشم عبيره ملئ رئتيه.
ثم تنقلنا إلى عالم الحكايا ، ذلك الذي يخطف اللب ويقشعر له البدن، وكانها تنوي تذكيرنا بألف حكاية وحكاية على لسان الأمهات. فتذكرت فعلاً أمي "الحاجة زكية " رحمها الله وهي تتلو وتقص علينا حكايات لم تكن من بين ألف ليلة وليلة، سجلتها أختي الأديبة الرسامة (أمل مطر) مع ابنتها الكاتبة صبا، على شكل حكايات، نشرت أجزاء منها بالدنماركية..
نعم الأم العراقية كما تذكرنا فاطمة بالأم الداغستانية «الأم ..... الشاهد الصادق وإن يكن على ما يزهر ويذوي , يولد ويموت , يأتي ويروح». «الأم التي تهز السرير وتمدد طفلها على ذراعيها , وتضم إليها ابنها الذي يتركها إلى الأبد». فما أطيب الأرحام وما أقسى قلوب الأبناء. أو شيء من هذا القبيل.

تختم فاطمة بسلسلة من الروابط الرائعة، جمعتها ببريق عينيها ولطف سجاياها ومحبتها الوافرة.
لم يجف عرق فاطمة فمازال نداها يقطر حمزة، حمزة، حمزة
فما أقربك يا فاطمة من حمزة.
شكري وتقديري ،محبتي
هاشم
___________________

الهوامش
1* يتَرسَّلُ الكاتبُ : يأتي بكلامٍ مُرسلٍ غيرِ مُقيّدٍ بقافيةٍ أَو سجعٍ.
2* كتاب أدب الرسائل في الأندلس في القرن الخامس الهجري، فايز القيسي في 4/9/1986، ص9.
3* رسالة ( أبي المطرف بن الدباغ) في الذخيرة : ق3 م1، ص300
4* بحث عن رسول حمزاتوف في الحوار المتمدن بتاريخ 8/10/2011 من " الأدب العالمي- المكتبة الإلكترونية"، فاطمة الفلاحي . http://www.m.ahewar.org/s.asp?aid=278729&r=0
__________________________

"من أدب الرسائل "
انتظرونا عند " الرﱢسالة والرﱠسالة في رقة الألفاظ وتواؤمها في الجرس وجمال النغم" من "الكتابة قطب الأدب وفدامة العقول ، وصناعة الترسَّل– أدب الرسائل-" "الحلقة الثانية من حوارنا مع الأديب هاشم مطر في" بؤرة ضوء "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو