الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نيران النعرات الدينية

إبراهيم رمزي

2019 / 3 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أعقب مجزرة نيوزيلاندا، الإشادة بتصرف مراهق لم تعجبه أفكار أحد المتطرفين. وشاع مقطع فيديو لأشخاص يعتلون كنيسة ويحطمون صليبا وهم يكبرون.

المواقف وردود الأفعال تتباين، ووصفها يستند إلى مرجعيات وأهواء متعددة .. والاختلاف في الآراء شيء وارد حسب زاوية النظر، مثل الاختلاف في إطلاق تسمية: الشهيد، والإرهابي.

غير أن أسوأ ما في الموضوع هو الشحن ـ قصداً، أو عَرَضاً ـ بالأحقاد ـ حتى ولو كانت بسيطة حقيرة ـ. فالسذّج سيعتبرون ذلك ردا "عاديا" يدخل في إطار الانتقام، و"تحريضا" على الأخذ بالثأر، و"دفعا" إلى بطولة وهمية دونكيشوتية.

منطلَق الإرهابي منفِّذ المجزرة، ومنطلَق ردود الأفعال على ذلك، .. يستندان ـ مع إضافة بعض "التوابل"ـ إلى إخراج الدين من دائرة الشأن الفردي، إلى احتلال مجال الفضاء العام، والنفخ في نار التبايُنات الدينية، والخلط المتعمّد بين: "الاستفزاز" لغير المتدين، و"التنويه" بالمتدين (دون الاهتمام بمستوى تدينه، ودرجة تقواه وإيمانه، والتزامه بأداء جميع الشعائر، ...)

والاستفزاز يولِّد الاستفزاز. فالطاريء على مجتمع ليس مجتمعه الأصلي ـ حين يمارس طقوسه وشعائره ـ خاصة في المجال العام ـ بأساليب تثير حنق "صاحب الأرض" أو تمس ببعض مقدساته .. لا شك أنه يساهم في شحن الجو بالتوتر، يبدأ بشيء من الاستغراب، ثم الاستنكار، ثم الازدراء، ثم الغضب، ثم الكراهية، ثم الاصطدام، .. ولذلك فـ"المهاجر، والمسافر" ملزمان باحترام قوانين البلد المستضيف، ومشاعر سكانه، وعاداتهم وتقاليدهم، ...
من الأمثلة الشائعة: طقوس عيد الأضحى. حين تصير الأزقة والشوارع مجازر، ومجاري للدماء، وركامات من النفايات العطنة، وتعلو الرؤوسَ أدخنةٌ كالسحب، ... هذه الصورة تصدّت لها دول أوربية ، بتخصيص مجازر للذبح بعيدا عن الأحياء السكنية .. وهو ما اعتبره "المتشددون" تضييقا عليهم في دينهم، و"استفزازا" لهم، متناسين مبدأ المحافظة على البيئة ومراعاة قواعد الصحة العامة، التي لا تفرط فيها تلك المجتمعات، ولا تتسامح فيها.

والحل ـ كما تدعو إليه العلمانية ـ هو فك الارتباط بين تسيير الشأن العام وبين الدين (سماويا كان، أو وضعيا). واعتبار قمة النضج الفكري تتجسد في احترام جميع الممارسات الدينية، لأنها تخص معتنقيها، ومن ثم لا يحق لأحد ركوب النعرات الطائفية أو المذهبية للتهجم عليهم أو على معابدهم.

وهذا لا يتنافى مع موقف العلمانية حين تغضي عن الممارسات وأداء الشعائر، ولكنها تنتقد الأفكار الدينية، التي تراها: مخالفة لحقوق الإنسان، ومحبطة لتقدمه، وكابحة لحريته، ومتعارضة مع العقل والمنطق، ... .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المشهديّة | المقاومة الإسلامية في لبنان تضرب قوات الاحتلال ف


.. حكاية -المسجد الأم- الذي بناه مسلمون ومسيحيون عرب




.. مأزق العقل العربي الراهن


.. #shorts - 80- Al-baqarah




.. #shorts -72- Al-baqarah