الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


افتقار القرآن للتنقيح مطلع البقرة مثالا

ضياء الشكرجي

2019 / 3 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


افتقار القرآن للتنقيح مطلع البقرة مثالا
ضياء الشكرجي
مما يؤكد لي بشرية القرآن هو افتقاره إلى تنقيح أكثر نصوصه، بحيث يكون من النادر جدا أن أجد آية من غير حاجة، على الأقل إلى استبدال مفردة بغيرها. واخترت فقط كنموذج مطلع السورة الثانية (البقرة)، وذلك لغاية الآية السابعة.
النص القرآني للآيات السبع:
أَلِف لام مّيم (1) ذالِكَ الكِتابُ لا رَيبَ فيهِ هُدًى لِّلمُتَّقينَ (2) الَّذينَ يُؤمِنونَ بِالغَيبِ وَيُقيمونَ الصَّلاةَ وَمِمّا رَزَقناهُم يُنفِقونَ (3) وَالَّذينَ يُؤمِنونَ بِما أُنزِلَ إِلَيكَ وَما أُنزِلَ مِن قَبلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُم يوقِنونَ (4) أُلـاـئِكَ عَلى هُدًى مِّن رَّبِّهِم وَأُلـاـئِكُ هُمُ المُفلِحونَ (5) إِنَّ الَّذينَ كَفَروا سَواءٌ عَلَيهِم أَأَنذَرتَهُم أَم لَم تُنذِرهُم لا يُؤمِنونَ (6) خَتَمَ اللهُ عَلى قُلوبِهِم وَعَلى سَمعِهِم وَعَلى أَبصارِهِم غِشاوَةٌ وَّلَهُم عَذابٌ عَظيمٌ (7)
وسأعرض نصين بديلين منقحا الآيات السبع، الأول مع فرض إن محمدا رسول الله، والقرآن كتاب الله، والثاني مع فرض بشرية القرآن وبالتالي انتفاء نبوة محمد.
النص البديل الأول مع فرض نبوة محمد:
... (1) ذالِكَ الكِتابُ لا رَيبَ فيهِ هُدًى لِّلصّالِحينَ (2) مِنهُمُ الَّذينَ يُؤمِنونَ بِالغَيبِ وَيُقيمونَ الصَّلاةَ وَمِمّا رَزَقتُهُم يُنفِقونَ (3) وَمِنهُمُ الَّذينَ يُؤمِنونَ بِما أُنزِلَ إِلَيكَ وَما أُنزِلَ مِن قَبلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُم يوقِنونَ (4) أَو الَّذينَ استَقاموا وَصَلُحوا وَأَصلَحوا سَواءٌ آمَنوا أَو لَم يُؤمِنوا أُلـاـئِكَ عَلى هُدًى مِّن رَّبِّهِم وَأُلـاـئِكُ هُمُ المُفلِحونَ (5) إِنَّ مِنَ الَّذينَ لَم يُؤمِنوا مَن سَواءٌ عَلَيهِم أَدَعَوتَهُم لِلإيمانِ أَو لَم تُدعُهُم لا يُؤمِنونَ (6) وَفَريقٌ مِّنهُم خُتِمَ عَلى قُلوبِهِم وَعَلى أَسماعِهِم وَعَلى أَبصارِهِم غِشاوَةٌ، لَهُم جَزاؤُهُم عِندَ رَبِّهِم بِما أَساؤوا، وَاللهُ أَعلَمُ بِما يَستَحِقّونَ، فَلا تَقولوا أَنَّهُم كَفَروا وَأَنْ لَّهُم عَذابٌ عَظيمٌ (7)
والآن أبين أسباب التعديل:
النص البديل الأول مع فرض نبوة محمد:
... (1): أهملت لأن الحروف المتقطعة (ألف، لام، ميم) لا معنى لها، ومن الممتنع على الله بحكمته أن يخاطب الناس بطلاسم وألغاز، لا يعرف أحد كيف يحل شفرتها.
ذالِكَ الكِتابُ لا رَيبَ فيهِ هُدًى لِّلصّالِحينَ (2): أبقيت تقريبا على ما هي عليه، مع استبدال «المُتَّقينَ» بـ «الصّالِحينَ»، لأنها أعم، فتشمل الديني واللاديني، بل المؤمن بالله وغير المؤمن، طالما كان مستقيما وصالحا، لأن الله بعدله ورحمته لا يثيب ويعاقب على ضوء عقيدة الإنسان، لأنها بنسبة أكثر من تسعين بالمئة أمر غير اختياري، ويمتنع عقلا على الله أن يعاقب على ما هو غير اختياري، خاصة إذا علمنا إن التقوى مصطلح ديني، ثم هي تتضمن معنى الخوف، فالمتقي يستقيم وفق معايير الدين ليتقي عذاب الله، والعلاقة بين الإنسان المؤمن وربه لا يجب أن تكون علاقة خوف.
مِنهُمُ الَّذينَ يُؤمِنونَ بِالغَيبِ وَيُقيمونَ الصَّلاةَ وَمِمّا رَزَقتُهُم يُنفِقونَ (3): هنا استخدمت «مِنهُم»، لأن ليس كل الصالحين والمستقيمين الذين يستحقون أن يكونوا من المفلحين وبالتالي رضا الله وثوابه، هم من «الَّذينَ يُؤمِنونَ بِالغَيبِ وَيُقيمونَ الصَّلاة»َ. واستبدلت «رَزَقناهُم» بـ «رَزَقتُهُم» لأن لا معنى لتكلم الله بضمير الجمع، أولا لأنه واحد أحد، وثانيا لأن العظيم لا يحتاج إلى تعظيم نفسه.
وَمِنهُمُ الَّذينَ يُؤمِنونَ بِما أُنزِلَ إِلَيكَ وَما أُنزِلَ مِن قَبلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُم يوقِنونَ (4): «مِنهُم» لأن كذلك من هؤلاء من يؤمن بالرسول محمد وبسائر الأنبياء قبله، ومنهم من لم يقتنع بنبوته، لكن آمن بمن قبله، أو لم يؤمن بالنبوات أصلا، ومع هذا كان إنسانا صالحا. وكذلك منهم من آمن ولكنه لا يقيم الصلاة، لكنه يأتي بكل الأعمال الصالحة والإنسانية.
أُلـاـئِكَ عَلى هُدًى مِّن رَّبِّهِم وَأُلـاـئِكُ هُمُ المُفلِحونَ (5): أبقيتها على ما هي بلا تعديل.
إِنَّ مِنَ الَّذينَ لَم يُؤمِنوا مَن سَواءٌ عَلَيهِم أَدَعوتَهُم لِلإيمانِ أَو لَم تُدعُهُم لا يُؤمِنونَ (6): هنا استخدمت «مِنهُم»، لأن العقلاء يتجنبون عادة التعميم والإطلاق، ولكون الله سيد العقلاء والحكماء، فمن المستحيل أن يستخدم ما هو غير مقبول عند العقلاء. واستبدلت «الَّذينَ كَفَروا» بـ «الَّذينَ لَم يُؤمِنوا»، لأن مفردة الكفر ومشتقاتها مثقلة بالمعاني السلبية، وتحث على الكراهة، وتسيء إلى كرامة الذين لا ذنب لهم إلا أنهم لم يستطيعوا أن يقتنعوا ليؤمنوا بما عليهم أن يؤمنوا به.
وَفَريقٌ مِّنهُم خُتِمَ عَلى قُلوبِهِم وَعَلى أَسماعِهِم وَعَلى أَبصارِهِم غِشاوَةٌ، لَهُم جَزاؤُهُم عِندَ رَبِّهِم بِما أَساؤوا، اللهُ أَعلَمُ بِما يَستَحِقّونَ، فَلا تَقولوا أَن لَّهُم عَذابٌ عَظيمٌ (7): وهذه نسبية في النسبية، حيث إن من هؤلاء الذين ذكروا آنفا «فَريقٌ مِّنهُم» من تنطبق عليهم هذه المواصفات، مع استبدال «خَتَمَ اللهُ عَلى قُلوبِهِم» بـ «خُتِمَ عَلى قُلوبِهِم»، حيث ليس من الصحيح نسبة الختم على القلوب إلى الله، بل جُعِلَ الفعل مبنيا للمجهول دون تحديد الفاعل، لتنوع وتعدد حصول هذه الحالة، بما هو معذور صاحبها فيه أو مدان.
أما النص الذي ينطلق من نفي نبوة محمد وعموم النبوات، فيمكن أن يكون على النحو الآتي:
... (1) هـاـذا كِتابٌ فيهِ ثَمَّةُ هُدًى لِّلمُستَهدينَ (2) مِنهُمُ الَّذينَ يُؤمِنونَ بِالغَيبِ وَيُقيمونَ الصَّلاةَ وَمِمّا رَزَقتُهُم يُنفِقونَ (3) ما أُنزِلَ إِلى أَحَدٍ مِّن كِتابٍ وَما يُؤاخِذُ اللهُ النّاسَ إِن لَّم يَكونوا يوقِنونَ (4) الَّذينَ استَقاموا وَصَلُحوا وَأَصلَحوا سَواءٌ آمَنوا أَو لَم يُؤمِنوا أُلـاـئِكَ عَلى هُدًى مِّن رَّبِّهِم وَأُلـاـئِكُ هُمُ المُفلِحونَ (5) لا تَقولوا لِلَّذينَ لَم يُؤمِنوا قَد كَفَروا أَو إِنَّهُم سَواءٌ عَلَيهِم أَدُعوا لِلإيمانِ أَو لَم يُدعَوا لا يُؤمِنونَ (6) ما خَتَمَ اللهُ عَلى قَلبِ أَحَدٍ وَلا عَلى سَمعِهِ وَلا جَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً، فَلا تَقولوا عن الَّذينَ لَم يُؤمِنوا أَنَّهُم كَفَروا، وَأَنْ لَّهُم عَذابٌ عَظيمٌ (7).
وأترك هذا النص بلا تعليق، سوى الإشارة إلى استبدال «ذالِكَ الكِتابُ لا رَيبَ فيهِ هُدًى لِلمُتَّقينَ» بـ «هـاـذا كِتابٌ فيهِ ثَمَّةُ هُدًى لِّلمُستَهدينَ»، إذ استبدلت «ذالِكَ» بـ «هـاـذا»، و«الكِتابُ» بـ «كِتابٌ»، و«لا رَيبَ فيهِ هُدًى» بـ «فيهِ ثَمَّةُ هُدًى»، و«لِلمُتَّقينَ» بـ «لِّلمُستَهدينَ»، تاركا تشخيص أسباب الاستبدال، وتقييم عموم النص البديل المنقَّح للقارئ المتجرد والمدقق. وهذا كان مجرد مثال، يمكن تطبيقه على كل القرآن من «الحَمدُ للهِ رِبِّ العالَمينَ» حتى «مِنَ الجِنَّةِ وَالنّاسِ».








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ذلك اسم اشارة للبعيد ( مفرد ومذكر )
johnhabil ( 2019 / 3 / 21 - 11:52 )

كنتُ أُعلمُ تلامذتي الحوار وبلغةٍ عربية فصحى وسهلة مثال أفتحُ حقيبة أحدهم وأخرجُ منها القلم وأرفعه ُ وأقول : ماهذا؟؟ الجواب قلم يا استاذ ، ثم أرفع الدفتر و أسأل ثانية ما هذا ؟؟ الجواب دفتر ، وثالثاً أرفع الكتاب وأسال فيأتي الجواب إنه كتاب.... أي كتاب هذا ؟؟؟ الجواب كتاب القراءة وفي أول كلام الوحي جاءت الآية (( اقرأ باسم ربك )) وفي البقرة2 جاءت الآية ذلك الكتاب لا ريب فيه (( وذاك اسم اشارة يدل على وجود كتاب )) وقال الكفار : لو شئنا لقلنا مثله ما هو إلا اساطير الأولين ، اقرأ كتابك ، كتاب احكمت اياته ثم فُصلت
وكتابٌٌ دُرست آياته ... والسؤال الهام : أين هو ذلك الكتاب؟؟؟؟ والتراث يؤكد أن عثمان بن عفان قد حرق المصاحف ومات مقتولاً لآنه زوٌر في سنة الله حسب السيدة عائشة


2 - الاية 2 فقط
محمد البدري ( 2019 / 3 / 21 - 12:28 )
ماذا كان يعني عندما قال: ذالِكَ الكِتابُ لا رَيبَ فيهِ هُدًى لِّلمُتَّقينَ؟
القرآن باكمله يحتمل الحذف والاضافة والتحميل والتبديل والتقديم والتأخير والادغام ... الي آخر ادوات التصييغ اللغوي بغرض الابهار، لهذا فالاية 2 يمكن ان تصاغ لاستخراج مفاهيم كلها مضمرة في نصها المعروف لدينا.
1- ذالِكَ الكِتابُ لا رَيبَ - فيه هدي للمتقين
2- ذالِكَ الكِتابُ الذي لا رَيبَ فيه - يحمل - هدي للمتقي

في الاولي يسعي قائله تأكيدا علي وجود الهدي بالكتاب وفقط
وفي الثانية لو جعلنا لفظ فيه ملحقة بالريبة فالقائل يسعي لتبديد الشك في الكتاب ذاته ثم يصبح الهدي مجرد اضافة
فالبلاغة القرشية تعبئ اي نص بالكثير من المفاهيم التي تصل احيانا الي حد التعارض كما في الاية انما يخشي الله من عباده العلماء. حيث تنقلب المنظومة برمتها الي نقيضها لمجرد سعي القائل لموسيقي ولالحان تطرب السامعين علي حساب قدراتهم العقلية التي تتآكل كلما اوغلنا في قراءة هذا الكتاب المريب.
تحياتي


3 - ومن سيهدي الكفار والمشركين
بولس اسحق ( 2019 / 3 / 21 - 19:09 )
القران يقول {ذالِكَ الكِتابُ لا رَيبَ فيهِ هُدًى لِّلمُتَّقينَ (2) الَّذينَ يُؤمِنونَ بِالغَيبِ وَيُقيمونَ الصَّلاةَ وَمِمّا رَزَقناهُم يُنفِقونَ (3)....} فاذا كان ولنفرض القران.. والذي المقصود به ليس القران بكل تأكيد، لأنه لا وجود لكتاب القران عند نزولها.. هدى للمتقين والصالحين فما الفائدة منه.. لان المتقين والصالحين هم متقين وصالحين على أي حال.. سواء بالقران او بدونة.. الم يكن بالأجدر ان يقول: هذا الكتاب هدى للمشركين والكافرين.. فهل القران نزل للمتقين والصالحين فقط.. فمن سيهدي المشركين والكفار يا أبا حميد!! تحياتي.

اخر الافلام

.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت


.. #shorts - Baqarah-53




.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح