الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-صراع البقاء- بين روسيا واميركا

جورج حداد

2019 / 3 / 23
السياسة والعلاقات الدولية




في عالمنا المعاصر اليوم دولتان كبيرتان تخوضان معركة "صراع بقاء" او "صراع وجود" مع اميركا واليهودية العالمية، هما: روسيا وايران.
بالنسبة لايران هناك "موضوع نزاع" ستراتيجي ـ ايديولوجي واضح. وقد قال القائد العظيم الامام خامنئي بشكل صريح لا لبس فيه، علميا وسياسيا: انهم يريدون اسقاط النظام الثوري الاسلامي في ايران.
ومن المؤكد انه في اللحظة التي ـ لا سمح الله ـ تعلن فيها ايران التخلي عن الثورة الاسلامية، فإن جميع الحملات المعادية لايران ستتوقف فورا، وسيتسابق امراء وشيوخ النفط العرب وخلفهم جميع القادة العرب (ربما باستثناء "بعض لبنان") لتعفير رؤوسهم تحت اقدام قادة الثورة المضادة المفترضة في ايران، سواء اتخذت شكلا دينيا (اسلاميا مواليا لاميركا واليهودية العالمية) او سياسيا او عسكريا.
اما في روسيا فلا يوجد لا ثورة اسلامية، ولا اورثوذوكسية، ولا اشتراكية، وحتى لا ثورة مخدراتية (على الطريقة الافغانية)، ولا مثلية ولا اباحية ولا اي ثورة كانت! ولا يوجد فيها رئيس يعلن عن اسفه لعدم مضاجعة ابنته، كما قال ترامب عن فاتنته ايفانكا!
فلماذا اذن تشن اميركا واليهودية العالمية والغرب هذه الحملة العدائية الشرسة ضد روسيا؟
علما ان روسيا هي التي قدمت اكبر التضحيات وحوالى الثلاثين مليونا من خيرة ابنائها، في الحرب العالمية الثانية، لانقاذ اوروبا والعالم من خطر العبودية للنازية، وخاصة انقاذ يهود العالم اجمع من الابادة التامة.
اننا لا نرى سببا علميا او سياسيا لذلك سوى النظرة الاستعمارية ـ العنصرية الجامحة نحو روسيا من قبل اميركا والغرب واليهودية العالمية. اي: الرغبة الدفينة في ابادة الشعب الروسي والاستيلاء على ارضه ونهب خيراتها غير المحدودة.
انت روسي! اذن عليك ان تموت؛ او ان تعيش عبدا رقيقا عديم الكرامة الانسانية مشردا في مجاهل الدول الغربية.
ومنذ اكثر من ثلاثين سنة كتب المستشار السابق للامن القومي الاميركي سبيغنيو بريجينسكي (بولوني ـ كاثوليكي ـ معاد بشكل اعمى لروسيا والاورثوذوكسية والشيوعية) انه من اجل السيطرة على روسيا ينبغي العمل بكل الوسائل لتخفيض عدد سكانها الى اقل من 50 مليون نسمة (في حينه كان تعداد سكان الاتحاد السوفياتي بقيادة روسيا اكثر من 300 مليون نسمة) واليوم يبلغ عدد سكان روسيا (من دون الروس خارج حدود الدولة) 147 مليون نسمة. اي ـ عملا "بوصفة" بريجينسكي ـ يجب ابادة او ازالة 100 مليون روسي على الاقل، بالحروب والعقوبات الاقتصادية والتضييقات والخنق والتشريد والتجويع. وهذا ما تطبقه الادارة الاميركية واليهودية العالمية ومن ورائهما الدول التابعة الغربية والموالية للغرب.
ولدى انهيار الاتحاد السوفياتي في بداية التسعينات من القرن الماضي اثيرت على عجل حرب الشيشان ضد روسيا، وبأوامر مباشرة من "البيت الابيض" الاميركي قصف يلتسين بمدفعية الدبابات "البيت الابيض" الروسي، (وهي التسمية التي تطلق على البرلمان الروسي)، ووضعت البلاد على حافة الحرب الاهلية، ثم تكالبت الاحتكارات الرأسمالية الكبرى واليهودية العالمية على نهب البلاد بطريقة وحشية جدا، وفقد الروبل اي قيمة له، وبدأ تجويع الشعب الروسي ونشر المخدرات والفودكا الرخيصة المغشوشة لتسميم الناس، وصارت سيارات الاسعاف تجمع يوميا من الشوارع والحدائق العامة مئات الموتى من المشردين والجائعين والسكرانين والمخدرين في مدينة موسكو وحدها. وبدأ الانهيار الديموغرافي المخيف وانخفض عدد السكان اكثر من عشرة ملايين نسمة في غضون 3 او 4 سنوات فقط.
اي: صراع بقاء وحرب ابادة حقيقية ضد الشعب الروسي.
كل ذلك احدث صدمة في المجتمع الروسي. وحتى كاتب منشق (سابقا)، عدو للشيوعية وموال للغرب مثل الكسندر سولجينستين بدأ ينفخ في بوق القومية الروسية المهددة بالزوال، انطلاقا من غريزة حب البقاء على الاقل.
ولكن، في فرحتهم ببداية مرحلة نهش وابتلاع روسيا، فإن جهابذة الجيوبوليتيكا اليهود والاميركيين والفاتيكانيين والغربيين، نسوا ثلاث حقائق تاريخية جوهرية وهي:
الاولى ـ منذ ايام نظام العبودية في الدولة الرومانية القديمة التي سمّت الـ Slav (الروس السلافيين) عبيدا (slave) ـ فان الشعب الروسي وجد فوق ارضه كشعب حر، عنيد، صعب المراس ولا يهزم، وكعدو وجودي للعبودية الغربية. وفي القرون الوسطى استطاع الشعب الروسي البائس والفقير تحطيم الصليبيين الشماليين (البلطيقيين والسكندينافيين والجرمانيين وخونة السلافية البولونيين) الآتين من الشمال، وفي المرحلة التاريخية ذاتها سحق الغزاة التتار والمغول والطورانيين واليهود الخزر الآتين من الجنوب. واليوم فإن الستراتيجية الروسية تقوم على توفير القدرة والاستعداد 24-24 ساعة لسحق جميع القوى مجتمعة التي قد تهدد الامن القومي الروسي من اقصى الغرب الى اقصى الشرق ومن اقصى الشمال الى اقصى الجنوب.
والثانية ـ انه بالرغم من ان إلغاء الاتحاد السوفياتي كان خطأ تاريخيا كبيرا كما قال بوتين فيما بعد، الا ان انهيار المنظومة السوفياتية والاتحاد السوفياتي اديا ايضا الى ان منظومة الارهاب الايديولوجي ـ الدموي المركب، الستاليني والنيوستاليني، دفنت ايضا بدون مراسم وذهبت الى مزبلة التاريخ. ولم يعد بالامكان ارسال عشرات ملايين المواطنين الروس الشرفاء المؤمنين بالاشتراكية الانسانية، الى معسكرات الاشغال الشاقة حتى الموت، وارسال مئات آلاف ضباط الجيش الاحمر الاشاوس والمناضلين الشيوعيين غير الذيليين الى منصات الاعدام، وهم يهتفون: عاش ستالين العظيم! كما لم يعد بالامكان ارسال الدبابات لسحق انتفاضة المجر الاصلاحية سنة 1956 او سحق "ربيع براغ" سنة 1968 باسم الدفاع عن "الاشتراكية!".
والثالثة ـ انه مع سقوط المنظومة السوفياتية والاتحاد السوفياتي، سقطت ايضا اتفاقية يالطا التي وقعها ستالين ـ الخائن الاكبر للشيوعية. وبالتالي سقط التفويض الستاليني والنيوستاليني لاميركا بالهيمنة على العالم. واصبح يتوجب على اميركا ان تقلع شوكها بيديها بدون اي دعم ستاليني ونيوستاليني.

وبالتدريج، ولكن بسرعة مذهلة لم تتوقعها جميع الدوائر والمخابرات الغربية، تشكل في روسيا تيار قومي روسي ـ اورثوذوكسي، وقف ضد الهجمة الغربية ـ اليهودية العالمية على روسيا، وقام بإزاحة يلتسين عن السلطة والمجيء بفلاديمير بوتين من الصفوف الخلفية للكا جي بي.
والمكونات الرئيسية لهذا التيار تتألف من:
ـ1ـ الجيش الروسي الذي لا يقهر، والذي قدم اعظم التضحيات خلال الحرب العالمية الثانية، وتمكن ـ بالرغم من كل الخيانات التي ارتكبها ستالين والنظام الستاليني ـ من سحق الافعى النازية في وكرها ذاته، والقادر اليوم على تحطيم وسحق كل عدو يهدد الامن القومي لروسيا.
ـ2ـ التيار القومي الروسي ـ الاورثوذوكسي في الصفوف الخلفية للكا جي بي (البوليس السري، او البوليس السياسي) الذي كانت تعتمد عليه الستالينية والنيوستالينية في الارهاب الايديولوجي – الدموي ضد الجيش الروسي خاصة والشعب الروسي عامة. وعلينا التأكيد هنا ان كل النزاعات الداخلية في روسيا منذ بداية عهد ستالين حتى نهاية عهد يلتسين، كانت تتمحور حول النزاع بين الكا جي بي والجيش الاحمر (الروسي). ولاول مرة في تاريخ روسيا الحديث تعود الوحدة بين الكا جي بي والجيش الاحمر كما كانت في المرحلة اللينينية (1917 ـ 1924) من الحكم السوفياتي.
ـ3ـ المجمّع الصناعي الحربي، الذي يقوده دميتري روغوزين (احد صقور التيار القومي) والذي يضم آلاف مراكز الابحاث والمختبرات وميادين التجارب والمنشآت والمصانع والمستودعات والمجمعات السكنية والمدن العلنية والسرية، فوق وتحت الارض؛ والذي تصب فيه تسعة اعشار الدورة المالية ـ الاقتصادية للدولة؛ والذي يعمل فيه مئات الآلاف من المبتكرين الطليعيين والعلماء والخبراء، وعشرات ملايين الاختصاصيين والعمال المهرة والعاديين القادرين على صنع كل شيء (حرفيا كل شيء) من الدمية ـ لعبة الاطفال الى صاروخ "سارمات" الباليستي النووي الاسرع بعدة اضعاف من الصوت والعابر للقارات والذي تزن آخر نسخة منه 200 طن.
ـ4ـ الكنيسة الاورثوذوكسية التي تعتبر العمود الفقري الروحي، التاريخي والآني، للقومية الروسية، وللدولة الروسية المؤلفة من عشرات الاديان والمذاهب والاتنيات والاقليات القومية الكبيرة والصغيرة. وبهذه المناسبة فقد تعلم بوتين بسرعة كيف يرسم على وجهه اشارة الصليب (بالطريقة الاورثوذوكسية) وزعم ان والدته عمدته مسيحيا وهو صغير بدون علم والده اللاديني.
ومن اجل بقاء روسيا وتطورها، يضع التيار القومي الروسي ـ الاورثوذوكسي نصب عينيه الآن مهمة القضاء التام على الهيمنة العالمية للدولة الاميركية واليهودية العالمية. ولن ينتهي هذا الصراع الا بالقضاء على اميركا كدولة وسحق رأس الافعى المتمثل في الطغمة المالية اليهودية العالمية المعششة في نيويورك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الى الشيحا
جورج حداد ( 2019 / 3 / 23 - 19:58 )
انت تضحك على نفسك
ولا تستطيع ان تفند اي كلمة جاءت في مقالي وانا استند الى التاريخ والواقع
وانت روح بلط البحر

اخر الافلام

.. ما التصريحات الجديدة في إسرائيل على الانفجارات في إيران؟


.. رد إسرائيلي على الهجوم الإيراني.. لحفظ ماء الوجه فقط؟




.. ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت فيه إسرائيل


.. بوتين يتحدى الناتو فوق سقف العالم | #وثائقيات_سكاي




.. بلينكن يؤكد أن الولايات المتحدة لم تشارك في أي عملية هجومية