الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى مَتى سَنبقى نُحارب طواحين الهواء؟.

زيدان الدين محمد

2019 / 3 / 24
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


" جَميعنا هكذا يا صديقي، نَعجز عن رُؤية أنفسنا فِي مشهد حي، قائم..
مَتى ما كَان بوسعك أن تُقاتل، قاتل
فلا أحد بإمكانه أن يقطع الطّريق عوضًا عنك، ولا غُفران في الجحيم مُذنبًا كُنت أو طاهر".
- ندئ عادل.


الإستعداد للحرب يمنع الحرب، و نحنُ قد غبر علينا وقتنا دون حتى أن نحمل سيوفًا على أجنابنا فوضع كل حاكم لدولتنا ،كعب رجله في أفواهنا .
إننا شعوبًا مقهورة، مخنوقة و من يقول غير ذلك فهو أعمى البصيرة ،مبتور عَن حقيقة الواقع، و هذا المبتور ليس أشد خطرًا على واقعنا من حيث أنه سندًا لإستمرارية التصفيق للإستبداد ، بل الأشد خطرًا هو زمرة السَّاسة و المتفيصحين شعاراتٍ و الثائرين خلف شاشاتهم و أبوابهم ، و كمُجملٍ "نحنُ جميعًا" أشد خطرًا على واقعنا، نحنُ الأقدام الصالحة لركض الإستبداد في أقطار البلاد و على بطون العباد.

يقول الحُكماء قديمًا ضمن سياق الإستبداد:
"مِن المعلوم أنّ مُجرد الإستعداد لِلفعل ،فعل يكفي شرّ الإستبداد".
لكننا نحنُ أقوامًا فضّلنا الإنبطاح وامتهان الصُّراخ و أيدينا نائمة، فما كُنا في هذا سوى نُسخ مريعة من "دون كيخوته"، نمتطي أمجادًا بشعاراتنا لنظهر حينها مُجرد محاربين لطواحين هواء .

إن حُكَّامنا قد أصيبوا بلعنة عشق التمسك بالكراسي، فمثلًا لا حصرًا تجد السيسي أثناء مشاركته في منتدى شباب العالم الذي أستضافته مدينة شرم الشيخ قبل عدة أشهر، أعرب من خلال بعض تصريحاته أنهُ سيتشبث بالسلطة حتى الموت، بل و في خفايا العبارات أعرب عن شديد خوفه من أي نمط للتغيير أو الثورة..و هذا ما يُلحظ في أكثر حكّامنا ،حيث لا يبالون بالشعب و بحقوقه فأغرقونا في إصلاحاتٍ مُزيفة ينشدونها على الشاشات لتخديرنا بأملٍ كاذب. و في حقيقة الأمر أن حُكامنا لا يخدمون حقوقنا بل يستخدموننا لإحتضان مصالحهم الشوهاء.
إنهُ هوس الحكومات الخالدة التي لا يحق لنا أن نقول لها كيف و إلى متى و إلى أين و لماذا!.
حكومات متقنعة بشكليات الديموقراطية و دساتير وهمية و أعلام يُزيف كل وقائعهم ومحاكم ظالمة لا تعرف وجودًا لحق الإنسان و لا تعرف وزنًا لِأي شيء سوى للدولار و تمرير الهدايا من فوق الطاولة أو تحتها.

نحنُ متورطون مَع هذه ِالحكومات التي امتهنت الإعتساف بحقوقنا ابتداءًا مِن خَنقنا فِي الكدِّ ليل نهار للبحث عن القوت الذي بدوره يَقتل التَّطلعات إلى التغيير و الحُرية والعدالة الإجتماعية، ويؤدي لوأد كُل فكرة رامية إلى الحصول على الحقوق المشروعة.
يقولُ جوزيف كولينز و فرانسيس مور لابيه في كتاب "صِناعة الجوع" :
"سَنزداد تعرضًا للإبتزاز يومًا بعد يوم؛ لأن قدرتنا على إنتاج ما يكفي لغذاء أعدادنا المُتزايدة تقلّ يومًا بعد يوم، على الرُغم مِن أننا نملك المال والأرض الصّالحة للزراعة".
و مِن هذا القول فإننا نُشير لحكّامنا الإمعات بـ "صُنّاع الجوع" ، فمن يصنع الجوع في بلاده وشعبه بكُل السُبل ، يحافظ على إستمرارية الإستبداد و تنويم التطلعات التي ذكرناها سابقًا ،و يقضي على كل حلم للتغير الأكبر و يبقى الهم الأكبر للشعب كيف يجد قوت يومه ولو لزمه تقبيل حذاء السلطة و أصحابها.
علينا الآن الإعتراف بأن أنظمتنا قمعية ديكتاتورية بعباءة الديموقراطية،لا تعرف سياسة مع شعوبها سوى لُغة الحديد والنّار والضّرب في "المليان" بحسب مصطلح العمائم التي تُشرعن الباطل في بعض الدول العربية.

وأمام وجه الإجراءات اللآدمية التي تُمارس علينا ، يجب إعادة إحياء الربيع العربي المُجهض ، و علينا توخي إعادة نسخ ولصق فعلتنا السابقة التي أجهضت ربيعنا العربي و لم تفضي به إلى النور ،و في سياق تعداد أسباب إجهاض الربيع العربي ،نجد أسباب كثيرة و أهمها نُشير إليها بالتّالي:
-إنسلاخ الوعي الشّعبي لمفهوم الثورة.
-عدم جاهزية المنطقة للثورات وتبعاتها.
-غياب قيادات فعّالة تلهم الشباب للسير والمضي قُدمًا لتحقيق طموحاتهم.
-الترويض الأيديولوجي السالب الجماهير قدرتها على بناء الذات.
-عدم وجود أي فهم حقيقي للتغيير و تغييب الوعي الروحي والفِكري الذي يقود لثورة وعي تسلخ الظلم من على أكتافنا.
-عدم وجود قادة حقيقيون يلهمون الشعوب تنظيمًا وتنسيقًا لكيفية حركته،فالحِراك العفوي ضد الحاكم المستبد يعتبر من الخطورة الشديدة و في هذا علينا فقط بالنّظر إلى الصينيين حين حاولوا الإطاحة بنظامهم في أواخر الثمانينات.
-فشلنا و عدم وجود خطط وصبر و تنفيذ بروية هو سر نجاح صعود حُكّام مستبدين خططوا للوصول إلى العرش و تحالفوا مع هذا و ذاك، فشلنا من حيث إنعدام التخطيط ،و التفكيك في الداخل المعارض هو العامل الأقوى لتفوق الطّرف الآخر.
هذهِ بعض الأسباب المُهمة و أركّز دائمًا على غياب العقل المُدبر والقائد الملهم ، ولنستذكر هُنا اقتداءً بـ "نيلسون مانديلا" الذي علّم شعبه كيف يكون خوض الحرب مِن أجل السلام ،فشعبه لم يقاتل مِن أجل الحزب أو القبيلة، بل من أجل جنوب أفريقيا ديموقراطية تشمل الجميع و تكفل الحُرية و التساوي والتعايش المُتكافئ للجميع.
و لِسنتلخص إيجازًا بعض مقومات القيادة و شروطها و الرؤية الكامنة الوضوح فيها و الشجاعة والشفافية ،والحزم المُصاحب لإمكانية التسوية إذا تحققت الشّروط ، في مقولة بسيطة لنيلسون مانديلا يقول فيها عن نِضاله:
"طيلة حياتي كرست نفسي لنضال الشعوب الأفريقية، لقد قاتلت ضد هيمنة البيض وقاتلت ضد هيمنة السود، آمنت بفكرة الديمقراطية والحرية بحيث يعيش الجميع في وئام وعلى أساس تكافؤ الفرص، ذلك هو المثال الذي آمل لأن أعيش لأُحققه، ولكن إذا لزم الأمر، فذلك هو المثال الأعلى الذي لن أتردد لأن أموت من أجله."
فَهل نجد رجُلًا في عالمنا العربي يجيد أن يقود الثوريين الذين يشاطرونه هذا الهدف بتلك الإمكانية الفذة والقدرات والقرارات الصائبة دون أي إقصاء لرفاقه ومعاونيه بل و مبادئه وأهدافه؟.
"غياب قائد حقيقي يقود الوعي الثوري والتخطيط "فتلكُم هي أهم نقطة أراها ساعدت في إجهاض الربيع العربي و المكوث تحت أحذية فصول شتى تبطش فينا . و هُنا نذكر شيء مُهم قالهُ الكواكبي في كتابه "طبائع الإستبداد ومصارع الإستعباد" :
"مِن الأمور المُقررة طبيعةً و تاريخًا أنَّه؛ ما من حكومة عادلة تأمن المسؤولية و المُؤاخذة بسبب غفلة الأمّة أو التّمكُّن من إغفالها إلّا و تُسارع إلى التَّلبُّس بصفة الإستبداد ، و بعد أن تتمكّن فيه لا تتركه و في خدمتها إحدى الوسيلتين العظيمتين:
جهالة الأُمَّة، و الجنود المنظمة".
إذن، من قول الكواكبي نشير إلى أعلى ما ذكرنا، فإنسلاخنا من الوعي الثوري الحقيقي والتنظي، يساعد جدًا في خلق الجهل و تنظيم أجندات قمعية في حقنا.

لَقد أمسينا كومة إدراك-في أصله خلقه الله لنهتدي به معيشتنا و نتقي هلاكنا- عمياء و بلهاء، مُقعدة كذوبة و تنتظر كل شيء و نصرة من الغير، كومة إدراك مشلولة و ألسنةً صارت كالطلاء للصدأ عوضًا من أن تكون ترجمانًا للضمير.
و المُطبلين اليوم و الكلاب المتذللة المتملقة، يجب أن تعلم أنه ببلاهتها وتملقها هذا تعين الظالم على ظُلمه و كما جيء في الأثر:
"مَن أعان ظالمًا على ظلمه سلّطه الله عليه"،و سيأتي يومًا لهذه الكلاب المتملقة، ويلٌ أيّما ويل.

النداء في أرواحنا المُتعطشة للتغيير لن يصمت ، فنحنُ شعوب ذاقت القهر و الويل و كان فيها الإستبداد صائلٌ لا يرحم و ألمٌ لا يفتر،وقصة ملحمة سوء و شر و بطش لا تنتهي.

إننا نُريد أوطانًا تكفل لنا الحياة الكريمة، تعبنا من بناء أحلامنا و إنتظار حقوقنا تُحقق في بلدان الغرب التي نجد في الوصول إليها معوقات متضاخمة، نُريد أوطانًا تشعرنا بأنها خُلقت لتكريم حياتنا، وليس مجرد أمكنة تفننت في إذلالنا .

إن لم نتحرك لخلق ربيعٍ عربي ثوري صَارخ و بقينا هكذا "متكختتين" لا نجيد سوى مُحاربة طواحين الهواء ، فإن نهايتنا ستكون على شُرفاتٍ محطمة ندندن عليها وقد سُحقنا و أبيدت إنسانيتنا عن بكرة أبيها واغتصبت فيها كرامتنا كبشر لهم الأحقية في حياة كريمة، قول السيد درويش بكُل عجزٍ و إذلالٍ أبله يُضحك علينا الحي والميت:
"أهو دا اللي صار" !.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري