الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وداعا صديقنا ( ميمون ألهموس ) من أشاوس أيت مرغاد

علي أحماد

2019 / 3 / 24
الادب والفن


انتشر الخبر الفاجعة في فجاج أوضاض/ ميدلت وأثثت الصور صفحات العالم الأزرق يجللها السواد حزنا وأسى على رحيل ( ميمون ألهموس ) الى دار البقاء باكرا تاركا وراءه زوجة وثلاثة أطفال في أتون الحياة القاسية وهم في أمس الحاجة الى وجوده أبا ومعيلا - ماديا ومعنويا - في غياب أي معاش أو دعم مادي يعينهم على صروف الحياة من دولة / وطن لا يجزل العطاء استثنائيا إلا لوزراء دون ذرة حياء ليموت الفقراء حسرة بغيظهم مقابل الإنبطاح زمن العفاريت والتماسيح .
استطاع الفقيد أن ينقش اسمه في ذاكرة البلدة كأستاذ ( غير رسمي أو متعاقد ) لمادة اللغة الفرنسية في إطار ما يعرف عند العامة ب ( السوايع ) متمرسا وذا كفاءة عالية أفادت الكثيرين من فلذات أكبادنا وأنارت طريق السواد الأعظم لما بذله من جهد ليجيدوا لغة موليير ..لم يمنعه عكازاه وحذاءه الغليظ كمعطل يحمل شهادة عليا أن يبحث عن عمل لئلا يبقى عالة على الغير ، فكسب احترام الجميع وتعاطفهم . خبر العطالة وتجرع مأساة البطالة كعاهة أشد وقعا على النفس من عاهة الجسد فلم يستسلم لكلتا الحالتين . وجد في التدريس ضالته واثبت مهارته و حنكته فأتاه الراغبون من كل حدب وصوب ينهلون من فيض علم لا ينضب معينه .
إذا جالسته وجدته حاملا الهم ينشد التغيير بما يضمن كرامة الإنسان ، متواجدا في كل المحطات والمعارك النضالية . تراه وجها أمازيغيا قحا رسمت عليه قسوة العيش اخاديد الشيخوخة قبل الأوان . سليل عائلة من أيت مرغاد الرحل من أيت عيسى إزم ، القبيلة التي نذرت نفسها لحياة الترحال بحثا عن المرعى والكلأ والماء واتخذت السكن خياما من الوبر لتستقر بسفوح جبل العياشي ترافق قطعان الماشية . هنا مبدأ قصة حياة المرحوم طفلا فرضت عليه العاهة سجنا أبديا ، فرغم رحابة المجال واتساع المكان المفتوح على روعة الجبل والغابة وثغاء الماشية ظل لايبرح مكانه أمام الخيمة إلى أن عثرت فيه أخت من الراهبات الفرنسيسكانيات من دير مريم فرقت لحاله وحملته إليها وتعهدته بالرعاية ، وقد ظل وفيا لذكراها - بعد موتها - يقيم الوليمة ترحما عليها .
كان يأمل في حياة مستقرة لاينغصها مكروه ، لكن المرض الخبيث / العضال ظل متربصا به فنخر الجسد حتى أحاله الى كومة عظام ..مرض يفتك بالأحبة ويغيبهم .
فلترقد روحك في سلام ، فالموت وإن لم يطلبنا نطلبه رحمة بنا ، لأنه القادر على وضع نهاية لآلامنا وأوجاعنا التي لاينفع معها مسكن / مهدىء .
لازلنا نريدك بيننا مناضلا شهما ومربيا فاضلا والإبتسامة ، ابتسامة التحدي والصمود تنير ثغرك رغم سوداوية وقتامة الوضع . سنظل نذكرك ونحمل لك في قلوبنا حبا لايبلى ، وستبقى الجرح الغائر الذي رسمه نصل خنجر حاد حام في خاصرة زمان أوضاض .
لقد اتت الراهبة بإنسانيتها ما لم يأته متدين أو محسن يطمع في قصور الجنة الخالدة لأنهما يستكينان الى القضاء والقدر ، ولولا الراهبة المؤمنة بالإحسان لبقيت زاحفا على الأرض أو مقتعدا - في أحسن الأحوال - كرسيا متحركا وصرت أميا يعتمد على الغير في أدنى تفاصيل الحياة .
فألف رحمة لروحك وروح الراهبة
وسيبقى الموت لغزا يقض مضجع البشرية منذ الأزل ، وهو سوءة لابد أن نواريها كما علمنا الغراب ...
والله يلهمنا الصبر والسلوان ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني


.. بعد فيديو البصق.. شمس الكويتية ممنوعة من الغناء في العراق




.. صباح العربية | بصوته الرائع.. الفنان الفلسطيني معن رباع يبدع


.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر




.. فتاة السيرك تروى لحظات الرعـــب أثناء سقوطها و هى تؤدى فقرته