الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقرير المصير

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2019 / 3 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


اين ستنتهي المفاوضات الجارية بين النظام المغربي ، وبين جبهة البوليساريو المدعمة من قبل النظام الجزائري ، والنظام الموريتاني ؟
مثل سابقاتها ، فان مآل المفاوضات الجارية بجنيف ، وتحت اشراف المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ، سيكون الفشل . وهنا ولكي نكون واضحين ، فان كل الفرقاء مقتنعين بحتمية الفشل ، ومع ذلك يستمر الجميع في الكذب على نفسه ، وفي الكذب على الشعب الذي يعيش بين ظهرانيه . وهذا لا يعني في الصميم ، غير حاجة كل الأطراف للعب على الوقت ، ما دام ان أي حل ، قد يعجل بتغييرات ، او قد يسبب في اعاقات ، او مشاكل جيو-- ستراتيجية ، الجميع في غنى عنها .
فمن خلال تصريحات فرقاء النزاع ، تبيّن ان كل طرف متشبث بحله ، ويرفض حل الطرف الآخر الذي لا يرضيه . فالجبهة ومن وراءها الجزائر، تشبثا بحل الاستفتاء وتقرير المصير ، كما تنص على ذلك قرارات مجلس الامن ، وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ، رغم ان حل الاستفتاء ، قد اصبح اليوم متجاوزا ، بسبب اعتراف النظام المغربي الصريح بالجمهورية الصحراوية في سنة 2016 ، في حين تشبث ممثل النظام المغربي بوريطة ، بحل الحكم الذاتي الذي ترفضه الجبهة ، ومعها النظام الجزائري ، كما تجاهلته كل قرارات مجلس الامن ، وقرارات الجمعية العامة . فعند اصدار قرارات هاتين المؤسستين ، هناك فقط التنصيص على الاستفتاء ، دون الإشارة الى حل الحكم الذاتي الذي مات قبل ان يجف الحبر الذي كتب به .
إذن امام تباعد مواقف الأطراف، نتساءل : ما الجدوى من الاستمرار في مفاوضات ، عقيمة ، وعاقرة ، ومحكوم عليها بالفشل ؟
ثم ما الفائدة من استمرار المفاوضات ، دون تحديد سقف زمني لإنهائها ، وخاصة ما صرح به السيد كوهلير ممثل الأمين العام ، منْ انّ المفاوضات ستطول .
فإذا كانت المفاوضات ستطول بتصريح كوهلر ، فكم مدة زمنية ستبقى المفاوضات جارية ، وخاصة وانه منذ 1991 ، تاريخ ابرام اتفاق وقف اطلاق النار ، لم تتوقف المفاوضات بين اطراف النزاع ، ولم تنجح في إيجاد حلول ترضي الطرفين المتصارعين ؟
فهل تصريح السيد كوهلر بطول المفاوضات ، سيستغرق ثمانية وعشرين سنة أخرى ؟ وهل الصراع برمته سيستمر أربعة وأربعين سنة قادمة ؟
لكن المثير للدهشة ، هو ما صرح به ممثل النظام المغربي بوريطة ، بخصوص تفسير المعنى والقصد من الاستفتاء ، وذلك عندما اعتبر ان تقرير المصير لا يؤدي الى الاستقلال .
فهل الاستفتاء وتقرير المصير لا يؤديان الى الاستقلال ؟ .
ان مشكلة بوريطة ، انه عجز في معاجلة القضية الصحراوية ، لأنه خلط بينها ، وبين الأراضي التي تكون خاضعة للاستعمار الأجنبي والقومي . ان الاستفتاء المؤدي الى الاستقلال بالنسبة للصحراء الغربية المغربية ، كان مقبولا عندما كانت الصحراء تحتلها اسبانيا . لكن عندما استرد المغرب الصحراء ، اصبح تقرير المصير يتعارض مع القضية الوطنية ، لأنه اضحى حق يراد به باطل ، لذا فالحكم الذاتي بالنسبة للقضية الوطنية ، يبقى نوعا من تدبير السكان للشأن العام ، ضمن الوحدة القومية المغربية .
بالرجوع الى نص القرار 1514 الذي أصدرته الجمعية العامة في سنة 1960 ، ومن خلال التصريح الأخير للأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو گتريس ، حول الحاجة الماسة لسبعة عشر إقليما ، لممارسة حقها في تقرير المصير ، لا نجد ما يفسر نتيجة الاستفتاء ، بالانفصال عن الدولة الام ، ومن جهة سنجد السيد گتريس يؤكد فقط على الحكم الذاتي ، ليس فقط لسكان الصحراء الغربية ، بل لسكان ستة عشر اقليما لا تزال تنتظر الحكم الذاتي . وهنا يمكن الرجوع الى تصريح الأمين العام ، وهو موجود بحائطي الفيسبوكي .
ان تقرير المصير والاستفتاء المؤدي الى الاستقلال ، وحسب ما ينص عليه ميثاق الأمم المتحدة ، يخص السكان والاقاليم المحتلة ، من قبل استعمار اجنبي قومي ، والحال ان هذه الحالة لا تنطبق على الصحراء الغربية ، وانتمائها التاريخي ، والقانوني ، والجغرافي الى المغرب .
كما ان لينين حين اعترف بتقرير الشعوب لمصيرها ، فهو كان يعني الشعوب المستعمرة من قبل الدول الامبريالية ، ولم يقصد انفصال السكان عن اوطانها ، لتشكل دويلات قزمية ، وكنتونات تخدم الاستعمار القديم والجديد ، وتشكل قواعد خلفية له .
ان الخلط بين تقرير مصير الشعوب التي يستعمرها استعمار اجنبي قومي ، وبين المطالب الانفصالية باسم تقرير المصير المنصوص عليه في الميثاق الاممي ، هو ما اربك الفهم بين الاستفتاءين معا ، فتم اسقاط الحل الأول على الثاني ، رغم الفوارق الشاسعة بينهما ، ورغم الحجج التاريخية ، والقانونية ، والجغرافية .
انّ تركيز القرار 1514 الصادر في سنة 1960 عن الجمعية العامة ، وانّ ما صرح به مؤخرا السيد أنطونيو گتريس على منح الأقاليم السبعة عشر حكما ذاتيا ، ليفند جملة وتفصيلا ، كل تأويل يذهب باتجاه الانفصال . والاّ ماذا منع الأمين العام للأمم المتحدة ، من ان يفسر تقرير المصير بالانفصال ، ومنْ اجبره على تفسير الهدف من الاستفتاء بمنح الحكم الذاتي للأقاليم السبعة عشر .
نعم ان الحكم الذاتي بالمعايير الأممية والدولية ، الذي يجري بناءه تحت اشراف الأمم المتحدة ، هو نوع من تقرير المصير ، لان الوصول اليه ، كان بفضل رغبات السكان ، والدولة التي ينتمي اليها هؤلاء ، وبتشجيع من الأمم المتحدة ، لتثبيت الامن ، والسلام الدوليين .
ولنا ان نتساءل . اين كانت الجزائر عندما أصدرت الجمعية العامة قرارها 1514 في سنة 1960 ؟
الجزائر لم تكن بعد قد تشكلت كدولة ، كانت لا تزال تخضع للاستعمار الفرنسي . واستقلالها كان في سنة 1962 .
وأين كانت جبهة البوليسرايو التي تأسست في سنة 1973 .
وأين كانت الجمهورية الصحراوية التي اسستها الجزائر وليبيا في سنة 1976 .
وأين كان الشعب الصحراوي الذي تم اكتشافه في غشت 1977 .
وكيف نفهم ونفسر ، كون النزاع قبل 1974 ، كان ثنائيا بين المغرب واسبانيا منذ 1960 ، وبقدرة قادر سيصبح بعد 1974 ، ثلاثيا ، ورباعيا ، الجزائر وموريتانية التي كانت جزءا من المغرب .
ان ادعاء الاستفتاء وتقرير المصير في حالة الصحراء المغربية ، هو حق يراد به باطل .
ان التغليط في تفسير بعض المصطلحات كتقرير المصير ، للنيل من وحدة الشعوب ، ووحدة ارضها ، هو سياسة عنصرية مقيتة ، تلعب على الفوارق الجغرافية ، والاثنية ، والعرقية ، والقبائلية لترسيخ التجزئة السرطان المعرقل لوحدة الأرض ووحدة الشعب ، والاّ كيف نفهم انّ الغرب الذي يتمسك حرباءيا بالاستفتاء وتقرير المصير ، يرفضهما في شبه جزيرة القرم ، وفي فلسطين ، وفي كتالونية، وفي إقليم الباسك ...لخ ؟
ان المفاوضات الجارية اليوم بين النظام المغربي ، والنظام الجزائري وجبهة البوليساريو ، هي مضيعة للوقت ، لأنه محتم عليها الفشل ، بسبب تباعد المواقف .
النظام المغربي يفاوض على بقاءه من خلال رفض أي حل يؤدي الى الانفصال ، لأنه يعلم علم اليقين ، انّ ذهاب الصحراء يعني سقوطه الحتمي ، والجبهة تفاوض مُعوّلة على المجتمع الدولي ان يلبي مطالبها بالانفصال ، والجزائر الطرف الرئيسي في الصراع ، يناور لكي تصبح له حدود بالمياه الأطلسي الباردة ، والنجاح في تطويق المغرب .
إذن الى متى استمرار حالة اللاّحرب ، وحالة اللاّسلم . والى متى استمرار هذا الخلط ، المغرب يسيطر على ثلثين الأرض ، ولا توجد دولة تعترف له بمغربية الصحراء ، والجبهة تسيطر على الثلث ، ولا دولة تعترف لها بسياسة الامر الواقع ، والجزائر التي كان لها نفود محترم طيلة السبعينات والثمانينات ، فقدته اليوم في عهد الدولة الضعيفة التي تبحث عن استعادت قوتها على حساب المغرب .
الجميع متضرر من هذا الوضع الشاد ، والحل الذي يرضي كل الأطراف يبقى معلقا ، ومن دون حل يفرضه مجلس الامن ، او تفرضه الحرب بعد سنة 2020 ، فاحتمال استمرار الستاتيكو يبقى أكيدا ، في انتظار المعجزة التي قد تبطل كل التنظيرات .
والسؤال الى الجبهة : الى متى المراهنة على الحلول الخادعة والكاذبة . لقد مر النزاع من محطتين :
-- المحطة الأولى ، وكانت مرحلة حرب ، ودامت ستة عشر سنة .
-- المحطة الثانية ، وتبتدأ من 1991 ، وهي مرحلة المفاوضات ، فشلت في إيجاد حل يرضي الجميع .
فهل انتم راغبون في الانتظار أربعة وأربعين سنة ، منها ثمانية وعشرين سنة كلها مفاوضات عقيمة وعاقرة ؟
عودوا وكونوا وحدة مع الشعب المغربي ، وبعدها من حقكم ان تناضلوا ، وتطالبوا باي نظام سياسي يعبر عن طموحاتكم ، التي ستكون هي طموحات كل المغاربة ، في بناء الدولة الديمقراطية التي تتسع للجميع وبدون عنصرية ولا تمييز .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شولتز: المساعدات الأميركية لا تعفي الدول الأوروبية من الاستم


.. رغم التهديدات.. حراك طلابي متصاعد في جامعات أمريكية رفضا للح




.. لدفاعه عن إسرائيل.. ناشطة مؤيدة لفلسطين توبّخ عمدة نيويورك ع


.. فايز الدويري: كتيبة بيت حانون مازالت قادرة على القتال شمال ق




.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة