الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علاقة الآثار اليمانيه بمتاحف -فرنسا- . البدايه والأرقام .. عددها واهميتها .. تاثيراتها حضاريآ ..

فاطمة رضا

2019 / 3 / 24
الادب والفن


د.فاطمة رضا | 24 مارس 2019

- لم يسجل التاريخ الأثري العلمي الحديث دلالات أقدم لوجود الإنسان في شبه الجزيره العربيه بأكملها أقدم من تلك الآثار التي وجدوها في اليمن والتي نُسبت الى من يطلق الباحثون عليهم "مملكة سبأ" والتي نشأت في الفترة ما بين 1000 و 1300 قبل الميلاد وقد نشأت مملكة سبأ في منطقه زراعيه سابقآ وكانت الزراعه تشكل مكان ملائم لقيام الحضارات حيث أن البشر كان اغلب اعتمادهم على الزراعه وكانت اليمن ذات حظوه اكثر من غيرها في هذا الجانب، ويقال ان اول حضاره بدأت تتشكل كانت "سبأ" وضمت إتحاد كان يشمل عدداً كبيراً من القبائل كأول دوله بسيطه تشكلت حينها في جزيرة العرب. لكن مؤخرآ ظهرت آراء علميه معترف بها دوليآ تقول أن "مملكة سبأ" لم تكن أول دوله تشكلت في اليمن بل قال علماء الآثار بأن هناك دلالات لحضارات اقدم من سبأ حيث وجدوا قبور وجدت في منطقة "إب" و "تعز" وقاموا بتسميتها بقبور "ميغاليث" وتعود إلى العصر الحجري القديم ولا زالت الدراسات بشأن تاريخ اليمن القديم في بداياتها مقارنه بباقي الحضارات الأخرى، فكثير من الأمور لا تزال تحتاج لبحث طويل وقد تاخرت الإكتشافات بسبب ظروف الحرب. تعرف قبور "ميغاليت" والتي تم تحديد سجلها الأحفوري الى أواسط الألفية الثانية قبل الميلاد بانها الاقدم وتقع في منطقة (جبله) تحديدآ وتعود إلى العصر البرونزي وتسبق الممالك الخمس المعروفة. حيث وجدت أطلال لمدينة عتيقة في العام 2008 ولها مايشير الى وجود عماره بنيانيه مندثره ومباني تحت التراب وخنادق تنتهي إلى مخابئ لتخزين الأمتعة الثمينة؛ ولا زالت الأبحاث جارية حول هذه الحضارة الصغيرة من قبل علماء كثيرين وقد توقفت في الحرب الاخيره.

الكثير يعتقد أن قسم الآثار اليمنيه في متحف اللوفر في باريس يحوي آلاف الآثار وهذا غير صحيح فقسم اثار اليمن لايشكل حتى 10% من الآثار المصريه هناك ، ويحتوي قسم اثار اليمن بأغلبه على اثار العهد السبأي والحميري ودولة معين وقتبان واوسان وكنده ودول متاخره مثل الرسوليه والصليحيه، البعض كذلك يقول ان اغلب الاثار هناك "لمملكة سبأ" وهذا غير صحيح فاغلب اثار مملكة سبأ كانت قد اندثرت في الالف سنه التي تلت حكمهم، والنهب بدأ من السكان أنفسهم، لكن اغلب الآثار الموجود في "متاحف فرنسا" تعود لبروز عهود مابعد السبأيين واغلبها موجود بسبب فترة القنصليات المزدهرة في نهب آثار اليمن والتي كونت "اللوفر" بقسمه اليمني وباقي متاحف فرنسا. وبكل تأكيد تغلق فرنسا فصلاً في مسلسلها الشهير وتفتح آخر. فلم تتعثر طويلاً، وابتكرت طريقة جديدة لمواصلة مسيرتها بجلب كل ماهو جديد من آثار اليمن، لتزويد المتاحف الفرنسية بالآثار اليمنيه، وقد كانت عملية تقسيم الاثار المستخرجة من المواقع الاثرية الى مهم و أهم وجيد الأهميه من اصعب المراحل في تقسيمهم لآثار حضارات اليمن.

في السنوات مابين 1859 - 1875م وصلت الى متحف "اللوفر" اولى دفعات الاثار اليمنيه القادمه من "مأرب" من معبد الشمس،وكان ذلك بداية انصهار الاثار اليمنيه بالمتاحف الفرنسية الجديدة لنهب الآثار الناتجة عن البعثات الكشفيه، وهي وسيلة خدعت بها فرنسا الشعوب في جلب الاثار اليمانيه وغيرها من آثار الحضارات الى متحف "اللوفر" ومتاحف فرنسا الاخرى، ولا تزال حتى اليوم تمارس هذه الوسيله تحت مسميات مختلفه.

لكن أخطر من قام بجلب اثار اليمن لفرنسا جاء فيما بعد وقام بتقسيم ملحق القسم اليمني في "اللوفر" وهو الباحث الفرنسي "جوزيف هاليفي" والذي قضى كل عمره بإسال الآثار اليمنيه الى باريس، وقد جاء الى اليمن موفداً من قبل متحفه لشراء عدد من التماثيل الحجريه لآلهة سبأ القديمه مثل "تمثال المقه" و "تمثال الوعل"، وذهب الى صحراء مارب وصرواح وقام بحفائر عشوائية كثيره في مارب، ومستعيناً بارشادات الاهالي وبالاموال التي معه استطاع تجنيد الاف من القبائل، فعثر على "مذبح المقه"، فأخطر متحفه بذلك، فمده على الفور بالمال الوفير لمواصلة عملية "النهب المقدس"..
واسس "جوزيف"مكتبة الاثار بصنعاء" و"ديوان المخطوطات" بضغط من الحكومة الفرنسية على حاكم صنعاء العثماني بذريعة الكشف عن الاثار لابقاء "جوزيف" في صنعاء، وقد حصلوا فعلآ ايامها على اغلب ما يريدون من آثار والتي هي معروضه حاليآ.

ويكفي ان نعرف ان "جوزيف" وحده ارسل الى فرنسا مايقارب من 6 الف مخطوطه تاريخيه، ولكي نعلم مدى الخسارة والتاثيرات التي ألحقها هذا الرجل بالاثار اليمنيه والتاريخ اليمني القديم، علينا ان نقرأ عنه جيدا من كتب العثمانيين ووثائقهم والتي وثقت تسليمهم اياه آلاف الوثائق ويعتبر العثمانيون شريك في التفريط بالآثار اليمنيه لتهاونهم في تسليمها مقابل صفقات سياسيه فالآثار حينها كانت تعتبر ورقة ضغط سياسيه مهمه ولازالت حتى اليوم.

وثائق "جوزيف" تقول ان العثمانيين اعطوا للفرنسيين في تعز وحدها اكثر من الف لوحه للدوله الرسوليه ومخطوطات تعتبر "الأندر" في الدوله الرسوليه في تعز كلها، وتماثيل لحكام"قتبان ومعين واوسان" ومن لوحات لقصر غمدان وعدد كبير من التماثيل الصغيره الذهبيه من منطقة "يريم"والتي كان يحتفظ بها مشائخ المناطق كإرث قديم لدولة أسعد الكامل للحميريين من مدافن الحميريين وعددها بالمئات وكل ذلك مذكور بالتاريخ في مذكرات "جوزيف".

دخل "جوزيف هاليفي" الى اليمن في الفترة من 1910 الى 1935م متنكرآ بزي يهود اليمن ليستطيع التحرك بين القبائل ومستغلآ التفكك والحرب بين الدوله القاسميه والعثمانيين، عمل الرجل في نهب الآثار مع اخرين وحدثت زيادة عظيمة في حجم المجموعة نتيجة للتغيرات الادارية الكبيرة الناجمة عن انسحاب العثمانيين من اليمن عام 1911م فعملوا على زيادة عملهم مستغلين انفلات وجود دوله لسبع سنوات حتى قامت الدوله المتوكليه عام 1919م وبدعم من سايكس بيكو للحكم في شمال اليمن لتعزيز تقسيم الجزيره العربيه، تم منح "جوزيف" تحرك رسمي من المتوكليين تحت خدعة الفرنسيين المعهوده وهي "حفريات تنقيب" وتطبيق برنامج طموح لاعادة تنظيم المتحف وتزويده بالمقتنيات الجديدة، وبنهاية العام 1935م اكتشف المتوكليون امر جوزيف وتوقف عمله وقبضوا عليه، فتعرض الفرنسيون لمأزق خطير سرعان ما تغلبوا عليه، فما فعله جوزيف بالاعتماد على مجموعات كبيرة من وثائق العصور المتأخرة لتزويد المتحف بها، كان الحل الامثل لتلك المشكلة، وبالرغم من ان هذه الوثائق اقل جاذبية وإثارة للجمهور، فإن هذه النصوص "المسنديه" و"الحميريه" و "السبأيه" حوّت ثروة كبيرة من المعرفة عن خصائص معينة في الحضارة اليمنيه القديمه.

بين 1911 و 1935 م، دخل المتحف عدد كبير من البرديات والاوستراكات والنصوص الخارجة من مستحوذات اثار اليمنيين مقابل المال وباستغلال جهل اليمنيين بالتراث، الا ان الوحيدين الذين كلفوا "جوزيف" الكثير من المال والوقت هم (اليهود اليمنيين) حيث ان اليهود وحدهم عرفوا قيمة المخطوطات وكانوا يهتمون بكثره بالآثار اكثر من غيرهم لخبرتهم في التاريخ والحضارات السابقه فكانوا لايبيعونها الا بمبالغ مضاعفه وخياليه، وتمثل الآن تلك المخطوطات في مجموعها واحدة من اكبر المجموعات في هذا الجانب للشأن اليمني القديم بشكل عام في متحف "اللوفر" وباقي متاحف فرنسا، وعن طريق الشراء من الافراد دخل "اللوفر" عدد متميز من الاثار اليمنيه القديمه، فيما بعد الثوره ايضآ وما بعدها في عهد الرئيس صالح، تم شراء مجموعه كبيره من الاثار، من مواطنين ومن السوق السوداء ولطالما إهتم الفرنسيون بالآثار اليمنيه دون غيرها، بسبب خصوصيتها بالنسبه للجزيرةه العربيه قديمآ، وحتى اثار بعد الإسلام فقد إستطاع الفرنسيين شراء أقدم مخطوطه اسلاميه من مسجد صنعاء الكبير ومساجد اخرى تتمثل بمصحف كامل للقران الكريم بخط الإمام علي وجدوه في الجامع الكبير بصنعاء واوراق لما يسمى الجفر من تجار اثار محليين وتعتبر حاليآ نسخة مصحف الجامع الكبير اقدم النسخ للقران الكريم على الإطلاق ويتقاسم اوراقه متحف "اللوفر" مع المتحف "البريطاني، كما تمكن الفرنسيون من شراء عشرات العملات القديمه والتماثيل الصغيره الثمينه اثريآ باسعار زهيده تصل ل 10 الاف دولار لقطع يصل سعرها دوليآ الى عشرات الملايين من الدولارات.

واذا ركزنا في النشاط الفرنسي في الآثار باليمن، نجد انه بدأ منذ فترة مبكرة جداً، ربما تكون اولى محطاتها الحملة الفرنسية على شمال افريقيا والشام، والآثار اليمانيه في "اللوفر" جاءت من كل بقاع اليمن من اقصى الشمال الى ادنى الجنوب. ومن اقدم العصور السبأيه، وعصور ما قبل التاريخ مروراً بالعصر العتيق وعصور الدول القديمة والوسطى والحديثة بما تخللها من عصور اضطراب وحتى نهاية الاحباش والساسانيين ثم العروج على آثار العصور الاسلاميه وحتى الاقيال وسلاطين عدن.و رحلات طريق البخور التي تبدأ على وجه التقريب منذ سبعة آلاف عام قبل الميلاد وتمتد حتى سبعمائة ميلادية، أي حوالي 70 قرناً وهي عمر التجربة الحضاريه اليمانيه منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى الفتح والدخول الإسلامي مما اخذه الفرنسيون سواء بالتنقيب او بالشراء من اليهود. إذن هي رحلة زمانية مكانية، خاضها الفرنسيون في سبيل تكوين متاحفهم وخسروا لاجلها المال والوقت والجهد ويرون أن تسليمها محال بل شديد الإستحاله ويخفون الكثير منها بل الاغلب ولا يظهرونها للعلن لكنها مؤرشفه ضمن ارشيفهم، فعندما فرطنا بآثارنا كانوا هم من حافظ عليها طوال هذه السنين ويرون أنه لايحق لنا سوى النظر اليها فقط وتصويرها بل ويقولون انهم يملكون حقوقها الملكيه القانونيه فكيف نقنعهم بترك هذه الاثار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024


.. السجن 18 شهراً على مسؤولة الأسلحة في فيلم -راست-




.. وكالة مكافحة التجسس الصينية تكشف تفاصيل أبرز قضاياها في فيلم


.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3




.. فيلم مصرى يشارك فى أسبوع نقاد كان السينمائى الدولى