الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اكتشاف حديث يؤكد صدق هيرودوت

طلعت رضوان

2019 / 3 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اكتشاف حديث يؤكد صدق هيرودوت
طلعت رضوان
لازالتْ الحضارة المصرية- بعد مرورأكثرمن عشرة آلاف سنة منذ بداية تكوّنها- قادرة على العطاء.. أى أنها- إنْ جازالتشبيه- فى (حالة ولادة مُـتجـدّدة) ولادة ليس لها (زمن مُـحدد) ولاعمرافتراضى ل (سـِـن اليأس) كما هوالحال لدى الكائنات الطبيعية..من إنسان وحيوان..وكان آخرالاكتشافات ما قام به باحثون من جامعة أوكسفورد..حيث عثروا على ((حطام قارب محفوظ بعناية تامة)) فى المياه المحيطة بمدينة (هيراكليون) المصرية الغارقة..وهذا الكشف- كما قال علماء المصريات والآثاريؤكد ويــُـثبت دقة المؤرخ هيرودت فى القرن الخامس قبل ميلاد المسيح (حوالى484- 425ق.م) الذى وصف القوارب المصرية..ومع ملاحظة أنّ وصفه لها أثارالجدل بين علماء الآثارحول مدى دقتها.
وعن تعريف مدينة (هيراكليون) وفق النطق اليوناتى، أما باللغة المصرية القديمة فكانت تــُـنطق (ثونيس) وتقع على عمق نحو10 أمتارتحت سطح الماء، بالقرب من شاطىء أبوقيربالإسكندرية..وتعليقــًـا على الكشف الحديث فإنّ د.داميان روبنسون (مديرمركزالآثارالبحرية بجامعة أكسفورد) قال أنه ((باكتشاف حطام المركب المصرى، أدركنا أنّ هيرودوت كان على صواب، خاصة وقد ظلّ وصفه غامضًـا لعلماء الآثارعلى مدارعدة قرون)) وكان هيرودوت قد شهد بناء القارب الذى كان اسمه (باريس) وذلك نسبة إلى مدينة (باريس المصرية) وكان ذلك عام450ق.م..وكتب حول ما رآه بشأن طريقة العمال فى بناء القارب..وقال: قطع العمال ألواحـًـا خشبية بطول متر، ثم وضعوها فوق بعضها البعض كالطوب، وبعدها أضافوا ألواحـًـا آخرى بنفس الطول على القطع الخشبية القوية والطويلة، ثـمّ مدوا جذعـًـا فوق هذه القطع والألواح..وحشروا التشققات من الداخل ببرديات))
هذا الخبرنشرته صحيفة الأهرام (19مارس2019- ص2) نقلا عن صحيفة الجارديان..وفى نفس الصفحة قرأتُ الخبرالتالى: أكد د. إبراهيم درويش (مؤسس إدارة الآثارالغارقة..ومديرمتحف وآثارالإسكندرية الأسبق) أنّ البعثة المصرية/ الفرنسية التابعة لمعهد الآثارالبحرية الفرنسية، برئاسة العالم البحرى (فرانك جوديو) اكتشفتْ ما يقرب من 72مركبـًـا غارقـًـا فى منطقة أبى قيربالإسكندرية، ويجرى العمل حاليـًـا على تحديد نوعيتها..ومسار رحلاتها واستخداماتها والبضائع التى كانت تحملها..وأضاف أنّ الكشوف الأثرية مازالت مستمرة برعاية وزارة الآثارالمصرية فى منطقة (هيراكليون) التى انهارتْ مع زلزال حدث فى القرن الثامن ق. م..وكانت هذه المدينة تــُـعتبراحدى المدن الثلاث (كانوب ومينونس وهيراكليون)
هذا الاكتشاف الجديد يؤكد- أيضـًـا- صدق ما كتبه علماء المصريات عن أنّ الحضارة المصرية ((حضارة أبدعتْ كل أشكال متطلبات الإنسان..سواء المادية والروحية)) وأنها ليست حضارة (موت) كما ادّعى أعداؤها.
وفى رأى بعض الكــُـتاب (المصريين والعرب) أنّ الحضارة المصرية حضارة موت وأنها تأسّستْ على العبودية والطغيان إلى آخرالكلام الموجود فى أمهات كتب التراث العربى/ العبرى/ الإسلامى/ اليهودى، فما مدى صدق هذا الكلام؟ وهل قرأوا بعض الكتب المتخصصة فى علم المصريات الذى يُـفـنّـد هذه المزاعم؟ فمثلا الهرم ليس مجرد مقبرة للملك، وإنما جمع بفضله بين علوم الفلك والهندسة والرياضيات..ولم يتم البناء بالسُـخرة كما يزعم أعداء الحضارة المصرية..ونفى كثيرون تهمة السُـخرة..ومن بينهم- كمثال- سيرفلندرزبترى الذى أكد أنّ العمل كان يجرى أثناء موسم الفيضان، عندما يكون معظم الأهالى بلا عمل..وذكرهيرودوت أنّ العمال كانوا يُمنحون طعامًا طيبًا.
وكيف تكون الحضارة المصرية مع (الموت) فى حين أنّ النيل كان فى البدء مجرد مجموعة من الأحراش والمستنقعات. جدودنا هم الذين هذبوه وشذبوه فصارالنيل المعروف حاليًا..وعندما لاحظوا انخفاض منسوب مياه النيل أنشأوا الترع لرى الأرض أيام التحاريق..ولذلك كتب العالم برستد أنّ المصريين القدماء برعوا فى هندسة الرى منذ أقدم العصور. فهل هذا سلوك شعب يُفكرفى الموت ؟ وبسبب الزراعة تطوّرت الحضارة المادية، فتم تطويع المعادن لاختراع أدوات الزراعة..والزراعة- أيضًا- هى السبب فى ابتكارالتقويم الشمسى الذى هوأدق تقويم سارعليه العالم كله حتى يومنا هذا..وبسبب الزراعة- ثالثًا- غنى جدودنا أثناء جنى المحصول خاصة فى موسم الحصاد (شمو) ومن هذا الاسم جاء الاحتفال ببداية الربيع (شم النسيم)
وتطوّرتْ الحضارة المادية فكان إجراء أول عملية جراحية فى المخ (تربنة) فى التاريخ وفق الترجمة الموجودة فى المتحف البريطانى، إلى آخرالاكتشافات الطبية والتخصص الدقيق لكل أعضاء الجسم البشرى..كما أنّ الطب فى مصرالقديمة أذهل العلماء فى العصرالحديث..ويكفى الإشارة إلى البردية التى اكتشفها عالم المصريات (إدوين سميث) وسُميتْ باسمه..وفى مجال الفلك تقف العالمة الفرنسية كرستين نوبلكورمندهشة وهى تؤكد أنّ مصرعرفتْ منذ آلاف السنين أنّ القمريستمد نوره من الشمس..ودليلها على ذلك ما وجدته مكتوبًا على تمثال لآمون ((العين اليمنى هى الشمس والعين اليسرى هى القمر..والعين اليسرى تستمد نورها من العين اليمنى))
الحضارة المادية لخصها برستد فى جملة دالة إذْ كتب ((إنّ الصناعة المصرية أخرجتْ كتانــًـا على النول اليدوى بلغتْ فيه دقة النسيج ما جعل من الصعب أنْ نُميّزه عن الحرير..وإذا قارناها بأفضل وخيرما يـُـمكن أنْ يُـنتجه النول الميكانيكى الحديث، فإنّ صناعتنا الحالية تبدو خشنة بالنسبة إليها)) (إنتصارالحضارة ص 100)
وإذا انتقلنا إلى الحضارة الثقافية (الروحية) نجد اعتراف العلماء بفضل جدودنا فى وضع أسس علم الأخلاق..ولم يكن الاجماع بينهم مصادفة على نشأة (الضميرالإنسانى) الذى هوأهم من القوانين الوضعية. إجماع شمل المؤرخين القدامى مثل هيرودوت الذى وصف جدودنا بأنهم ((أتقى البشرأجمعين)) إلى فرويد الذى وصفهم ب ((الودعاء)) وبرستد الذى خصص كتابــًـا عن مصرالقديمة بعنوان دال هو(فجرالضمير)
ويؤكد علماء (علم المصريات) أنّ البرديات التى تركها جدودنا شملتْ الحياة اليومية بما فيها من أشعارالحب والخطابات المتبادلة بين الزوج وزوجته..وكتابة عقود الزواج وعقود البيع مثل العقد المحرربين السيدة (تاحب نفر) وشخص آخرحول شروط بناء بيت لها لصيق ببيته، لدرجة ذكرالحدود من كل الجهات..والعقد محفوظ فى المتحف البريطانى.
وذكرالعالم ت.ج. جيمس أنّ عقد البيع ((يُظهرالمرأة المصرية فى صورة تحفظ لها كيانها القانونى وحقها فى التملك والمحاسبة القانونية بصفة مستقلة)) وذكرماسبيروأنّ ((المرأة المصرية من الطبقة الدنيا والمتوسطة أكثراحترامًا وأكثراستقلالامن أية امرأة أخرى فى العالم)) وذكرماكس ميلر(( لم يكفل أى شعب قديم أوحديث للمرأة مركزًا قانونيًا مماثلا فى سموه كما كفله لها سكان وادى النيل))
وذكرباتوريه ((كل الشعوب القديمة- فى الغرب كما فى الشرق- يبدوأنها أجمعتْ على فكرة واحدة: أنْ تجعل من المرأة كائنــًـا أدنى من الناحية القانونية. أما مصرفإنها تعرض لنا منظرًا جد مختلف. فنحن نجد فيها المرأة مساوية للرجل من الناحية القانونية، لها نفس الحقوق وتُعامل بنفس الكيفية)) (نقلاعن د. محمود سلام زناتى- تاريخ القانون المصرى)
وأضاف د. محمود سلام زناتى ((لقد تمتعتْ المرأة فى مصرالقديمة (الفرعونية) بمكانة فى المجتمع والأسرة لم تبلغها المرأة لدى شعب من الشعوب القديمة. بل فى كثيرمن المجتمعات الحديثة.. فلم يعرف المصريون فكرة انفصال الجنسيْن وحجاب المرأة..وكانت المرأة (سواء فتاة أومتزوّجة) تخرج بين الناس سافرة الوجه وتُسهم بنصيب كبيرفى الحياة الاجتماعية..وأنّ الزوج والزوجة كانا يُعاملان بالنسبة لحق الطلاق على قدم المساواة، فكان للزوجة حق الانفصال عن زوجها وذلك عكس الكثيرمن الشرائع القديمة التى لم تكن تـُـساوى بين المرأة والرجل حيث كان الرجل ينفرد بحق الطلاق..والقانون المصرى سمح بزواج الأرملة وهوما يُخالف بعض المدنيات القديمة))
وذكربرستد أنّ القانون الجنائى فى مصرالقديمة كان يُطبّق على الجميع بغض النظرعن المركزالاجتماعى للمذنب عكس قانون حمورابى..وأنّ مصرالقديمة ((أول دولة متحضرة فى وقت كانت فيه أوروبا ومعظم غربى آسيا لاتزال مسكونة بجماعات مشتتة من صيادى العصر الحجرى)) لذلك ذكرجاردنر((إنّ الذى نُعلنه ونُباهى به باعتباره تاريخ مصرالقديمة لايعدوأنْ يكون عملية تجميعية للكسر والأسمال))
ولأنّ أكثرمن عالم وفيلسوف يونانى عاشوا فى مصرلذلك كتب العالم فون درشتاين ((فى مصر وجد أفلاطون الحقيقة)) وذكرالعالم رندل كلارك أنّ الحضارة المصرية ((حضارة راقية)) ووجد نصًا فى كتاب تركه جدودنا بعنوان (كتاب الطريقيْن) وفيه يقول رب الكون ((خلقتُ كل إنسان مثل أخيه..وخلقتُ الآلهة من عرقى. أما البشرفخرجوا من دموع عينى))
وأبدع جدودنا إلهة للعدالة (ماعت) ولأنّ شعوب أوروبا تُــقدّرحضارة جدودنا، فإنّ البرلمان الإنجليزى يضع فى مبناه صورة لهذه الإلهة..وحكت د. مرفت عبدالناصرأنها دُعيتْ لإلقاء محاضرة فى الطب النفسى فى إنجلترا، وأراد رئيس المؤتمرتكريمها، فوضع خلفها صورة للبرلمان الإنجليزى وفوقه صورة كبيرة ل (ماعت المجنحة) (لماذا فقد حورس عينه- قراءة جديدة فى الفكرالمصرى- دارشرقيات- ص77)
وعندما زارالأديب الفرنسى ووزيرالثقافة الفرنسية (أندريه مالرو) مصرقال إنّ ((ما بحثتْ عنه مصرفى الموت هوتحديدًا القضاء على الموت)) وأضاف إننى ((باسم فرنسا أشكرمصرالتى كانت أول من ابتكرالخلود)) (مصرولع فرنسى- تأليف روبيرسوليه- ترجمة لطيف فرج- هيئة الكتاب المصرية- مكتبة الأسرة- عام1999- ص336)
والحضارة المصرية التى يراها البعض أنها حضارة موت وعبودية لم يحدث فيها أنْ تمتْ محاكمة حكيم مصرى وإعدامه مثلما حدث مع سقراط أوبيع حكيم مصرى مثلما حدث مع أفلاطون..وعلى الذين يخلطون بين لغة العلم والأيديولوجيا أنْ يتأمّلوا كلمات الحكيم آنى ((إذا كنتَ قد تعلمت شيئــًـا.. فأين أنت من بحورالمعرفة))
ولذلك عندما زارعالم اللغوايات (شامبليون) مصر..ووقف أمام الكرنك قال: لسنا فى أوروبا سوى أقزام..ولايوجد شعب قديم أوحديث، تصورالفن المعمارى مثلما فعل المصريون (مصر ولع فرنسى- مصدرسابق- ص88)
*****








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - معضله
كامل حرب ( 2019 / 3 / 25 - 01:18 )
اذن مالذى حدث لمصر ؟ لقد كانت مناره العالم القديم بدون جدال , انا اشير هنا الى الفتره الرماديه والتى حدث فيها رده قويه وضعف وتفسخ وانهيار فى بنيان الدوله المصريه العظيمه , مما لاشك فيه ان اقتحام البدو الغزاه القتله اللصوص مصر الجريحه منذ اكثر من الف وربعمائه عام كان حقيقه اكبر كارثه تتعرض لها مصر فى تاريخها ومازالت حتى وقتنا هذا ترزح تحت هذا الاحتلال البدوى البغيض الجلف العفن , اى شخص منصف يحاول ان يقيم حضاره مصر الفرعونيه العظيمه ومصر الان الكسيحه المتخلفه الشحاته المتسوله الجعانه اكيد سوف يصاب بحاله من الهستيريا

اخر الافلام

.. المشهديّة | المقاومة الإسلامية في لبنان تضرب قوات الاحتلال ف


.. حكاية -المسجد الأم- الذي بناه مسلمون ومسيحيون عرب




.. مأزق العقل العربي الراهن


.. #shorts - 80- Al-baqarah




.. #shorts -72- Al-baqarah