الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحت راية سحقاً للمصريين

لبنى حسن

2006 / 4 / 27
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


أطل علينا اللواء محمد هاني محافظ جنوب سيناء عبر أكثر من فضائية متحدثاً عن الجهود الأمنية وتعويضات ضحايا الهجوم الإرهابي الأخير ليقلب علينا المواجع و يذكرنا بالوعود الحكومية بتعويضات ضحايا العبارة و منتجي الدواجن و حريق بنى سويف و قبلهم جميعاً تعويضات ضحايا قطار الصعيد و التي لم تصرف حتى يومنا هذا و نُسيت كما ستنسى تلك الوعود البراقة التي تعودنا أن نسمعها مع كل مصيبة...أوحى لي حديثه بفكره مناسبة لوضعنا الحالي في ظل القيادة الحكيمة..لما لا ننشأ وزارة للتعويضات و ضحايا الكوارث؟؟ فضحايا كوارث النظام المباركي في تصاعد مستمر حتى أننا أصبحنا نعجز عن إحصائهم فعلى الأقل إنشاء تلك الوزارة يضمن استمرار تذكيرنا بتقديم واجب العزاء و المواساة لنا قبل أن يكون لأهالي الضحايا فقد بتنا جميعا من الضحايا.

و من ناحية أخرى فالكوارث مرشحة للاستمرار و الانتشار خاصة في ظل الفوضى الأمنية التي كرسها النظام البوليسي الحاكم فالأمن متفرغ للشعب و يبذل مجهود جبار في التضييق على شباب الجامعات من المنضمين لكفاية أو غيرها من قوى المعارضة, كما يستهلك طاقته في قمع المتظاهرين و المعتصمين و مواجهة المحاميين و الصحافيين و أساتذة الجامعات و الأطباء و المهندسين و الطلاب و العمال و القضاة و غيرهم.

الأمن مكبل بالأعباء و مشغول لشوشته في تأمين النظام المحصن بقانون الطواريء الذي يبيح له سحل اى مواطن فلا فرق بين قاضى و مختل و كفاية و أخوان, وزارة الداخلية بكل أجهزتها غارقة في دوامة التصدي للشعب الخارج عن "شرعية" النظام -المفترضة من جانبه- فتبذل الكثير من الجهد في كيل الاتهامات و تلفيق القضايا و التعذيب و تعليق المواطنين كالذبائح في الأقسام و سحل حتى من يتجرأ على استخدام الموبايل لتصوير الاعتداءات الأمنية على المواطنين في الشوارع, و طبعا هذا إلى جانب الوقت الكبير الذي يقتطع من الداخلية في مفاوضات و تدريبات مع البلطجية و النشالين و قطاع الطرق المتعاونين مع الشرطة على قمع و سرقة المعارضين, معتصمين كانوا أو متظاهرين, فلم نعد نفرق الآن بين الشرطة في زى مدني و بين البلطجية بعد أن أعلنوا اندماجهم تحت راية سحقا للمصريين.

أجهزة الداخلية مشتته بين مراقبة الصحف لتحديد من يجب ضربه علقة ساخنة و من وجب اعتقاله, و بين متابعة مواقع النت المعارضة لغلقها أو تعقب أصحابها, الأمن مرهق بملاحقة المتظاهرين و المعتصمين و يبذل مجهود كبير في التفنن في إهانة المصريين و التصدي لهم و ملاحقتهم, فأمسى من الطبيعي أن يستوقف الأمن اى مواطن و يجرجره على قسم الشرطة و يبدأ في تعذيبه و إجباره على الاعتراف باى قضية يريدون غلقها أو حتى لا يريدون فالمتعة وحدها تكفي!
و السؤال: لماذا تعالت الصيحات بعد الهجوم الإرهابي الأخير و كثر الحديث عن القصور الأمني؟ فالأمن أساسا يتحمل فوق طاقته و يعمل في خارج نطاقه المألوف في كل دول العالم و هو بالطبع من نوع فريد مضحي و مقدام يتحمل كل الصعاب و لولا كرمه الزائد و الذي لا نستحقه لوسع دائرة الاشتباه و بدلا من ملاحقة كل فئة على حدا لاعتقل الشعب كله ليتجنب العناء, و يأخذ وقته في فرزه حتى يفرج تدريجيا و على مهله عن القلة التي يثبت ولاءها المطلق للنظام.ولا أدرى لماذا الهجوم على الحكومة و كيل الاتهامات لوزارة الداخلية؟ فكيف يكونوا متفرغين لمواجهتنا كشعب - من أجل التغيير- ثم ننتظر منهم حمايتنا و حماية منشأتنا السياحية و مصالحنا؟ نحن من يُقتل منا ألف دون يقال وزير أو محافظ, و نحن من ننهب ونحرق و نسحل بشكل روتيني.

وليس غريبا أو تلفيقا تصريح ملكنا المفدى انه يعمل من أجل الإصلاح ومرتاح جدا لان المقصود لم يكن ما تبادر إلى ذهن العامة و البسطاء من إصلاح اقتصادي و سياسي يكفل العدالة الاجتماعية و حرية التعبير, و إنما المقصود هو إصلاح و تهذيب الشعب على طريقة الإصلاحيات و السجون التي تُخرج سنويا دفعات من المجرمين و المشوهين نفسياً, هذا الشعب الذي مازال يعيش وهم آدميته و لم يقتنع بعد بأنه مجرد رهينة مخطوف من قبل عصابة تتحمله إلى أن تنجح كوارثها في تخليصها منه. و الرئيس مرتاح جدا لان الفكر الجديد نجح بالفعل في خلق جيل إما من "المضطربين نفسيا" جراء ما يعانوه من حياة اقل ما توصف به أنها غير طبيعية, أو من "البلطجية" نتيجة غياب القانون و تلاشى هيبة الدولة و تخبط النظام الذي بات يحمى الخارجين عن القانون و يتعاون معهم بدعوى مواجهة الشعب الخارج عن شرعية النظام الحاكم –بالعافية- و طبقاً للخطة الأمنية المحبوكة فما تبقى من أفراد الشعب سيجدوا أنفسهم تدريجيا مضطرين إلى الانضمام إلى اى الفريقين فالخلل النفسي سهل الانتشار في ظل القمع والضغوط الحالية أما البلطجة فهي ما سيضطر البعض للجوء إليه مادام لا قانون يسري و لا قاضي يحترم, فالعنف يولد العنف و المواطن لا يجد سواه حينما يحاول المطالبة بحقوقه بشكل سلمى, فهل نعتقد انه سيظل سلمي طويلا؟ هل نظن انه سيظل يخرج إلى الاعتصامات و المظاهرات أعزل و يتقبل برحابة صدر ضرب الشوم والسنج و المطاوي و العصي؟!

نحن شعب طيب يعرف انه في مهب الريح فلا نكاد نفيق من صدمة كارثة حتى تلحقنا الأخرى فأصبحت تلك الأحداث عادية تكيفنا معها و صرنا نتقبلها بهدوء و لكن يبدوا أن أوضاعنا وصلت إلى حالة غير مسبوقة من التردي تتطلب الانتقال من مرحلة المظاهرات إلى مرحلة جديدة أكثر ايجابية و فاعلية لنحافظ على ما تبقى – لو فيه- من مصرنا و آدميتنا و كرامتنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هنية يزور تركيا لإجراء محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردو


.. توقعات بموجة جديدة من ارتفاع أسعار المنتجات الغدائية بروسيا




.. سكاي نيوز عربية تزور أحد مخيمات النزوح في رفح جنوبي قطاع غزة


.. حزب -تقدّم- مهدد بالتفكك بعد انسحاب مرشحه لمنصب رئاسة مجلس ا




.. آثار الدمار نتيجة قصف استهدف قاعدة كالسو شمالي بابل في العرا