الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يثق الدستور بالسلطة التشريعية؟

سالم روضان الموسوي

2019 / 4 / 4
دراسات وابحاث قانونية


هل يثق الدستور بالسلطة التشريعية؟
إن اغلب الدساتير في العالم قد أكدت على مبدأ الرقابة الدستورية على القوانين، ويقصد بهذه الرقابة وجود جهة قضائية أو سياسية، تتولى فحص القوانين التي تصدرها الجهات التشريعية بناءً على طعن من الإطراف التي لها حق الطعن في عدم دستورية القوانين، وفي العراق تتعدد الجهات التي لها هذا الحق وتشمل مؤسسات الدولة وكذلك المواطن العادي وعلى وفق الشروط التي وفرها القانون والدستور لذلك الطاعن، وهذا المبدأ المتمثل بالرقابة على دستورية القوانين مرده إلى عدم الإفراط في الثقة تجاه سلطات الدولة عند عملها لان من يقوم على شؤونها هم من أبناء الشعب ولهم أهواء وأمزجة تتوحد أحيانا على شكل كتل وتيارات وأحزاب سياسية تشارك في تمثيل الشعب في مجلس النواب، ولهذه التجمعات السياسية برامج وأهداف تمثل مصالحها ومصالح القائمين عليها، وعلى وجه الخصوص في ظل تنامي التيارات الشعبوية، ومن الممكن أن تشرع قوانين تخالف فيها المبادئ الدستورية التي تعتبر الأساس الذي يجب أن تصدر بموجبه كل القوانين وان تعدل جميع القوانين الصادر على وفق ما وردت فيه من مبادئ لأنه الأساس الذي تبنى عليه الدولة، لذلك لابد من وجود جهة تتولى فحص هذه التشريعات وبيان مدى مطابقتها عند وجود شك بعدم دستوريتها، وهو ما يسمى بالرقابة الدستورية على القوانين التي تتولاها المحكمة الاتحادية العليا في العراق ، لذلك يرى البعض إن وجود هذا المبدأ الدستوري جاء من جراء عدم الثقة بالعمل السياسي في إتباع المبادئ الدستورية، ومن الممكن ان تغلب الأهواء على تلك المبادئ فتصدر القوانين على خلاف ما اقره الدستور وأثبتت لنا التجارب العالمية ،وكذلك تجربة القضاء الدستوري في العراق، أن الثقة في العمل التشريعي لا يمكن الاعتماد عليها، حيث صدرت عدة تشريعات قد خالفت النصوص الدستورية النافذة ، وتم الحكم بعدم دستوريتها من المحكمة الاتحادية العليا بعد الطعن فيها سواء من الأفراد أو من المؤسسات، واخلص إلى القول بان الدستور لم يكن يثق بالجهات التشريعية في الأساس وإنما وضع في نصوصه ما يعزز الشك والحذر من ميل السياسة وأهوائها وجنوح من يمارسها والابتعاد عن قيم الدستور، مما دعاه إلى وضع القيود الدستورية وبأشكال متعددة منها وضع الذي يتولى قيادة شؤون البلاد تحت القسم وجعل له عقوبة إن حنث به، كما وضع ضوابط لعملية التشريع واليات إدارة الدولة ووضع قيود تحد من السلطة المطلقة، لذلك فان العمل التشريعي قائم على أساس الشك به والحذر منه ، لان الثقة المطلقة هي قرينة الاستبداد كما يقول احد رؤساء أمريكا توماس جيفرسون، ويقول أيضا بان (الثقة المطلقة بنواب الأمة تكون وهماً خطيراً، وقد أثبتت الثقة في كل مكان إنها قرينة الاستبداد) لذلك فان الاعتراضات التي يقدمها البعض على الأداء الحكومي أو على عمل المؤسسات التشريعية أو القضائية أو غيرها ليس القصد منه التجريح، وإنما التحذير من الميل والجنوح نحو المخالفة الدستورية، لان من يقوم بالعمل في النهاية هو إنسان ويستطرد توماس جيفرسون فيقول (يجب ألا تبنى الحكومات الديمقراطية على تلك الثقة، وإنما على أساس الشك والحذر، ولنتجنب في مسائل الحكم والسياسة كل حديث عن الثقة بالإنسان، ولنعمل بدلاً من ذلك على تقييده بالدستور)، وهذا يعني في مضمونه بان نبتعد عن تقديس الأشخاص او القادة السياسيين، وإنما لابد من وضع توجيهاتهم مع مسطرة الدستور فان طابقتها نأخذ بها وان خالفتها نتركها ونتخلى عنها، ويذكر بان الرئيس الأمريكي جيفرسون هو أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة، والكاتب الرئيسي إعلان الاستقلال (1776) وثالث رئيس للولايات المتحدة للفترة (1801 – 1809)وكان متحدثاً باسم الديمقراطية، نادى بمبادئ الجمهورية وحقوق الإنسان وكان له تأثير عالمي ، وما أشار إليه كان الأساس في نهوض الأمة الأمريكية وتطور الديمقراطية والارتقاء بالإنسان والحفاظ على القيم المثالية للمجتمعات المتحضرة، لذلك اتمنى ان يكون العمل على وفق الدستور لغرض ضمان الحريات والحقوق والارتقاء بالبلد نحو افاق التقدم لان مهمة الدستور الأساسية هي تقييد سلطة الحاكم وضمان حريات الأفراد.
القاضي
سالم روضان الموسوي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غارتان إسرائيليتان تستهدفان خيام النازحين في حي زعرب برفح


.. اعتقال مؤيدين لفلسطين في جامعة ييل




.. الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟ • فرانس 24


.. وكالة الأونروا.. ضغوط إسرائيلية وغربية تهدد مصيرها




.. آلاف المهاجرين في بريطانيا يخشون الترحيل إلى رواندا