الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تناول الإعلام الأمريكي للمشكلة الإيرانية موضوع قديم جديد - توصيف ادوارد سعيد نموذجا

آزاد احمد علي
كاتب وباحث

2019 / 4 / 9
الصحافة والاعلام


تناول الإعلام الأمريكي للمشكلة الإيرانية موضوع قديم جديد
توصيف ادوارد سعيد نموذجا
آزاد أحمد علي
ولد ادوارد سعيد عام 1935 في القدس، وتوفي عام 2003 في أمريكا, وهو مفكر فلسطيني، كان أستاذا للغة الإنكليزية والأدب المقارن في جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة الأمريكية. كما يعد من الشخصيات المؤسسة لدراسات ما بعد الكولونيالية. وقد نال شهرة واسعة خصوصاً بعد صدور كتابه " الاستشراق" الصادر سنة 1978.
كما لا يمكن تجاوز ادوارد سعيد كمفكر عام، فكان يناقش أمور ثقافية وسياسية وفنية وأدبية بشكل دائم من خلال المحاضرات والصحف والمجلات والكتب. اضافة‌ إلى نشاطه السياسي، فقد ظل إدوارد سعيد عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني لسنوات طويله‌. لقد تميز ادوارد سعيد في ربط الثقافة بالسياسة والأدب، لدرجة أن اعتبر المقاومة فعلا ثقافياً بامتياز. هذا وقد ساند سعيد الاتجاه النيوليبرالي المعولم حيث اعتبر السياسة في جوهرها خطاب ثقافي، أي أنها مجموعة متكاملة من الرموز والمعاني التي نشترك في معرفتها جميعاً، يعاد تشكيلها وإعادة ترتيبها على الدوام فيما يعرف "بالخطاب السياسي". هذا وقد ربط كإنسان فلسطيني، الثقافة مع المقاومة واعتبر كل منهما فعلا سياسيا. حتى بات يوصف المثقف، بأنه الشخص الذي "يمثل رسالة فردية، طاقة لا تنضب، قدرة لا تلين لتشتبك بوصفها صوتاً ملتزماً واضح المعالم وجدير بالاعتراف به، مع عدد كبير من القضايا التي تتصل في نهاية الأمر بالتنوير والتحرر والحرية".
إضافة إلى هذا الغنى المعرفي العميق والواسع، اهتم المفكر ادوارد سعيد بالإعلام المعاصر وبظاهرة الإعلام الأمريكي بشكل خاص، الذي عالجه نقديا في كتاب مهم ومنهجي هو (تغطية الاسلام) أو التغطية الإعلامية للإسلام بشكل أدق، إذ كان العنوان الأصلي للكتاب (Covering Islam).
في كتابه Covering Islam الذي كتبه عام 1980، وترجم إلى العربية‌ عام 2011*. يتطرق ادوارد لكيفية تناول الإعلام الأمريكي لمسألة احتلال السفارة الأمريكية في طهران نهاية عام 1979، بالتالي يعالج عبر هذا الحدث الموقف الأمريكي السياسي الرسمي والثقافي من الثورة الاسلامية في ايران، وصولا الى مسألة في غاية الحساسية ألا وهي آلية قيام الاعلام الأمريكي بصناعة الصورة وصياغة الأحداث وسردها عموما، وطريقة التغطية الإعلامية لحادثة احتلال السفارة الأمريكية في طهران خصوصا. وبهذه المناسبة سلط سعيد الضوء على عمل وأداء الإعلام الأمريكي في أيام الأزمات. فقد وثق ودقق وقارن بين أداء العديد من أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة والصحف الكبرى خلال فترة زمنية تجاوزت عدة أشهر من عمر الحدث. حيث عمل أكثر من ثلاثمائة صحفي في طهران على تغطية حدث احتلال السفارة واحتجاز الرهائن. توصل الكاتب لنتائج قيمة لم يصبها في قوالب مهنية إعلامية فحسب بل توصل عبر أداء الإعلام الأمريكي إلى خلاصات مهمة متعلقة بالثقافة الأمريكية وبالسياسات التي تتبعها مراكز القرار، فضلا عن معرفة جانب من الذهنية الأمريكية وتصوراته للعالم الإسلامي.
لذلك جاء عنون القسم الأول من الكتاب معبرا: "الإسلام بوصفه خبرا إعلاميا". بين فيه الباحث ادوارد سعيد مستوى التسطيح والاختزال الذي قام به الإعلام الأمريكي لمعرفة الاسلام والمسلمين. فأكد على أن أمريكا لم تكن تعرف الاسلام على مستوى واسع، حتى صدمتها الثورة الإيرانية وداهمتها بأحداث احتلال السفارة الأمريكية في طهران عام 1979، لذلك سارع الإعلام الأمريكي لسد الثغرة المعرفية باستعجال، وسعى لخلق صورة لإيران الشيعية ومن خلالها صورة مشوشة للعالم الإسلامي.
كما أفصح سعيد بشجاعة في القول بأن: الإعلام الأمريكي ليس مستقل تماما، ولا حر بالقدر الكافي، فالمسألة نسبية. وثمة تنافس على صناعة الخبر وطريقة نشره، وهذا كله يهدف من وراءه خدمة الجهات الممولة بطريقة غير مباشرة. وأكد على وجود قوى جاثمة وراء الستار لإدارة المؤسسات الإعلامية الكبرى في الغرب. فالإعلام الأمريكي يبدو وكأنه غطاء لمصالح المؤسسات المالية الكبرى وهي تخدمها بذكاء وحرفية حينا وبطرق فجة حينا آخر. أما الخبر فهو بحد ذاته مستقل، لكن صناعة الخبر في أمريكا علم بحد ذاته، فشكل صياغة الخبر وطريقة سرده وتوقيت نشره له هدف ووظيفة محددة. فالإعلام الغربي عموما له خطة وهدف رئيس هو تشكيل وصياغة الرأي العام.
كما أشار إلى أن الفرصة لم تتح للمتلقي الأمريكي لمعرفة الاسلام، لكن تكثيف الصور الواردة في حدث احتلال السفارة والمرافق للثورة في إيران لم يتوفر لها الوقت والمساحة الطافية، فأظهرت فقط الجانب المظلم من الاسلام، الجانب المعاد للديمقراطية الغربية فحسب.
في القسم الثاني من الكتاب ركز الكاتب على معرفة إيران، وفيها انتقد جريدة نيويورك تايم كونها جعلت من قصة احتلال السفارة قصة لمعرفة إيران وبالتالي قصة لمعرفة الاسلام في اختزالات مضغوطة ومنحازة. بالمقارنة مع هذا الأداء أشاد بتناول جريدة لوموند الفرنسية للحدث بموضوعية أكثر وكذلك بمهارات أريك رولو بشكل خاص.
أخيرا أبدع الناقد والمفكر الفلسطيني ادوارد سعيد في توصيف، رصد وتحليل طريقة تناول الإعلام الأمريكي للأحداث في العالم الإسلامي وكذلك رسم وصياغة صورة الآخر وخاصة في الحالة التي يتناولها الكتاب: الآخر المسلم، اضافة الى صورة الاسلام عموما، والاسلام الشيعي على وجه الخصوص. فمن خلال تفاصيل تناول الإعلام الأمريكي لحادثة احتلال السفارة، وضع سعيد هذا الإعلام تحت مشرح النقد العلمي الرصين. حتى اتخذ من الحدث – التغطية اختبارا حقيقيا وصعبا لمهنية ودرجة حيادية الإعلام الأمريكي بمختلف اتجاهاته. لدرجة أن وصفها: "كان تناول أجهزة الإعلام لأنباء (الاسلام) وإيران في عام 1979 يتسم بدرجة بالغة من الضعف والروح العدائية، حتى إننا لنظن أن ذلك قد أضاع عددا من الفرص السانحة لحل أزمة الرهائن، وربما كان ذلك هو السبب الذي حدا بالحكومة الإيرانية في عام 1980 إلى أن تقول إن تقليل عدد الصحفيين في إيران قد يؤدي إلى تهدئة التوتر ويؤدي إلى الحل السلمي." وهذا ما شكل محور كتابه أي درجة فعالية الإعلام في التأثير على مسار أحداث عالمنا المعاصر.
++++++
*الترجمة الأولى : محمد كرزون، والتالية للدكتور محمد عناني.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توترات متصاعدة في جامعات أمريكية مرموقة | الأخبار


.. !الرئيس الألماني يزور تركيا حاملا 60 كيلوغرام من الشاورما




.. مئات الإسرائيليين ينتقدون سياسة نتنياهو ويطالبون بتحرير الره


.. ماذا تتضمن حزمة دعم أوكرانيا التي يصوت عليها مجلس الشيوخ الأ




.. اتهام أميركي لحماس بالسعي لحرب إقليمية ونتنياهو يعلن تكثيف ا