الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-اصفع والدك-، -اطمع في زوجة جارك-، -تطاول على الأنبياء-: نكت مُضحكة أم تشويه للقيّم؟

حبيب مال الله ابراهيم
(Habeeb Ibrahim)

2019 / 4 / 10
الصحافة والاعلام


تنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي منذ سنوات ظاهرة "النكت" او ما تسمى في عصر الإعلام الاجتماعي "بالتحشيش"، إذ يهدف ظاهرها الى الضحك وتقديم الترفيه والمساعدة في التهرب المؤقت من الواقع، وباطنها الى النيل من القيّم الاجتماعية بالدرجة الأساس. لم تعد "النكت" مقتصرة على حقل السياسة وتوجيه النقد للسياسيين وللمواقف السياسية فحسب، بل دخلت شتى مجالات الحياة حتى أصبحت تُشكل تهديداً إلكترونياً صريحاً لمنظومة القيّم الاجتماعية.
تتعالى الأصوات هنا وهناك محذرة من التهديد الذي يشكله هذا الابتذال، أصوات تنادي بايقاف بعض صفحات "النكت"، لكن واقعياً يبدو ان هنالك شباب يقفون ورائها بشكل مباشر كأن يديروا الصفحات او بشكل غير مباشر بإنتاج النكت ونشرها في مواقع التواصل الاجتماعي.
هنالك نسبة لا بأس بها من "النكت" ألتي يحررها الشباب بهدف توجيه النقد للظواهر التي هي بمثابة تقاليد بالية في المجتمع او ظواهر اجتماعية، كزيادة المهور وانتشار الغش والفساد السياسي والمحسوبية وقضايا اُخرى، وهي "أي النكت" بمثابة تنفيس يتم فيها استخدام أسلوب النقد المُضحك. لكن ان يصل الامر الى استهداف قيّم اجتماعية ينبغي الحفاظ عليها وترسيخها، فذلك يشكل تهديداً حقيقياً للبنية القيمية للمجتمع وهو في هذا لا يقل خطورة عن أي تهديد آخر، اذ يمكن رؤية تاثير النكت في المجتمع على المدى الطويل حيث تساهم بطريقة بطيئة في تفريغ السلوكيات الاجتماعية من محتواها القيّمي.
رُغم عدم وجود بحث علمي يدرس محتوى النكت المنشورة لمعرفة نوابا ناشريها، الا ان أهدافها ومحتواها واتجاهاتها تشير الى ان تحريرها ونشرها ليست عملية عفوية يقوم بها بعض أفراد المجتمع ممن يجهلون تأثيرها، فهي عملية مُنظمة لتدمير القيّم الاجتماعية في المجتمعات الشرقية، بسبب استخدام المواطنين لمواقع التواصل الاجتماعي بكثافة اولاّ ومن تذمرهم من الأوضاع السياسية والاقتصادية السائدة والتجائهم لتصفح المواقع المُضحكة والطريفة كنوع من التهرب من الواقع المُزري من جهة أخرى.
يمكن عن طريق بعض النكت اذا ما كانت هادفة تدمير القيم الاجتماعية وتعميق الخلاف بين المكونات والطوائف المختلفة ودفع المواطن للتجرد من القيّم المتوارثة والمتجذرة في تراثه الاجتماعي.
هل يُعقل ان يصل موضوع "النكت" مثلاً الى ان يصفع الابن ابيه او إهانة الأم او الطمع في عرض الجيران او الإساءة للانبياء او التطاول على الأديان!
لا اعتقد بان نكت كهذه تعبر عن انحطاط وصل اليه تفكير الأفراد في المجتمعات بقدر ما تعبر عن تخطيط مُسبق لتشويه القيّم الاجتماعية، ويتم تقديم هذا الابتذال باللغة العربية الفصحى احيانا وباللهجات العراقية، المصرية، الجزائرية، المغربية، السورية غالباً، الهدف منه النزول الى مستوى الأشخاص الذين لا يفقهون كثيراً في اللغة العربية الفُصحى، واصبحت تتناول وبجرأة غير معهودة قيّم اجتماعية تساهم الاسرة والمدارس والدين في ترسيخها.
انتشرت صفحات النكت في مواقع التواصل الاجتماعي بفضل إمكانية استخدام الناس اللامحدود للانترنيت، هنالك صفحات تحظى بالآف الأعضاء (المشاركين)، ممن يتصفحونها يومياً ويتفاعلون معها.
ساهمت عوامل عدة في انتشار صفحات النكت هي:
-سهولة إنشاء الصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي، وفتح الباب امام الآخرين للمشاركة والتصفح.
-استحالة التحكم بتدفق الموضوعات في مواقع التواصل الاجتماعي، نظراً لعدم تمكن اَي جهة من معرفة مصادرها الحقيقية.
-سهولة الوصول الى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.
ان تفاعل الأشخاص مع النكت في مواقع التواصل الاجتماعي بغض النظر عن الجهة التي تقف ورائها، تعبر عن سطحية التعامل مع "القنابل" المزروعة وعدم الإدراك لتأثيرها على المدى الطويل، ينبغي ان يكون للإعلام العربي دور لا يقل عن دور الاسرة في توعية المجتمع بخصوص التأثير السلبي للنكت التي يتعدى هدفها الضحك الى المساس بقيم المجتمع.
ينبغي التعامل مع الكتابات المنشورة في الاعلام الاجتماعي بوعي وادراك، لانها تستهدف منظومة القيم التي تصيغ سلوكيات أفراد المجتمع وتعبر عن تراثهم الحضاري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توترات متصاعدة في جامعات أمريكية مرموقة | الأخبار


.. !الرئيس الألماني يزور تركيا حاملا 60 كيلوغرام من الشاورما




.. مئات الإسرائيليين ينتقدون سياسة نتنياهو ويطالبون بتحرير الره


.. ماذا تتضمن حزمة دعم أوكرانيا التي يصوت عليها مجلس الشيوخ الأ




.. اتهام أميركي لحماس بالسعي لحرب إقليمية ونتنياهو يعلن تكثيف ا