الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفكر الثوري في الجزائر في مواجهة الفكر الانفصالي

منصور بختي دحمور

2019 / 5 / 2
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم




كثيرا ما استوقفتني تلك الأفكار الجريئة التي تنادي بما تتيقن هي بذاتها أن الشعوب ترفضه، وتريد من الإنسان أن يفعل ما هي على يقين من رفضها هي بذاتها له، تلك الأفكار التي لا يؤمن أصحابها بها إلا من جهة أنها تكفل لهم تحقق الوصول إلى السلطة أو الوصول إلى مسمى المناضل الاستئصالي، في حلقة مغلقة تسمى الميكيافيلية الانهازية، تلك السبيل التي يستغل فيها صاحب الفكرة أبناء قومه ليصنع مجده على أكتاف البسطاء.
علينا أن نعلم أن أصعب مراحل التاريخ وأخطر مراحل صناعة التاريخ هي مرحلة الوعي الجمعي التي تتكون من خلالها الأفكار المتلازمة وغير المتلازمة ولاسيما خلال تبلو الفكر الثوري في إطاره العام سوا الثورة التغييرية أو النهضوية، من خلال بروز ما يحاول كبح جماع الفكر الثوري حفاظا على المعتاد من النظام العام في مجتمع ما نهض لتحقيق وعيه العام على أرضه.
يبرز الصراع بين النمطين من الأفكار في مرحلة الصدام عند استشعار الخطر من اتساع نسبة الوعي الفاعل في الثورة حيث يبدأ ظهور الفكر المدافع عن الواقع في مواجهة الفكر الطالب لما يراد وقوعه، بمعنى أن أي حركة إصلاح أو تغيير تنتج حتميا ردة فعل معاكسة، فإذا كانت الحركة الثورية تحمل فكرة الوحدة فإن الفعل الدافع سيكون حتما مناقضا لما هو كائن من الفكر الثوري، وبالتالي فإن ردة الفعل إذا ما لم تنجح في صد الثورة فإنها تقوم لزاما بكسرها، والكسر ليس إلا بالأفكار الانفصالية على اختلاف أشكالها، سواء كانت الفكرة تحمل حجة عرقية أو دينية أو لغوية.
منذ بداية شهر أفريل من هذه السنة، حذرت في "فلسفة الثورة" في حديثي عن الحراك الثوري في الجزائر من مغبة ما حدث منذ أيام قليلة من الجهر بالفكر الانفصالي واصطناع فكرة انفصالية عرقية وإلقائها في الوسط الاجتماعي من طرف ما يعرف بـ: الحركة الانفصالية لبلاد القبائل، تلك الحركة التي ليس لها من الوجود إلا بعض الشخصيات التي رفضها المجتمع الجزائري كله، حيث كانت بداية رفض الفكر الانفصالي أول ما كانت من طرف من يتكلم الانفصاليون عنهم بمعنى أن حركة الرفض للانفصال كانت من وسط أحرار بلاد القبائل نفسها تلك المنطقة التي صرح فيها المجاهد الكبير والمناضل الثوري حسين آيت أحمد رحمه الله سنة 1963 أن ثورته رفقه كبار الثائرين لم تكن لفكرة انفصالية وإنما كانت ضد سياسة النظام الذي انحرف في نظره عن منهاج الثورة التحريرية الكبرى، وبالتالي فإن الفكر الذي ينادي به من يرفضه مجتمعه ورفضه كبار الثوار في الجزائر كالدا حسين رحمه الله ليس إلا محاولة لتشويه صورة المجتمع أو استفزاز الوطنيين من بلاد القبائل للرد العنيف ضد من يحملون تلك الفكرة العنصرية المرفوضة اجتماعيا وتاريخيا.
علينا أن نعلم أن الميدان الثوري في الجزائر والحراك السلمي في البلاد اليوم يعد مخبرا لكبريات التجارب الدولية من أجل محاولة السيطرة على الفكر الجماعي والوعي الجماعي للجزائريين في سبيل الإطاحة بالهدف في دوامة النزاع العرقي أو الطائفي، تلك الورقة التي تعتبرها مخابر الفكر الغربي ومراكز المخابرات الدولية وعلى رأسها الفرنسية والأمريكية ورقة احتياطية في حال عدم المقدرة على السيطرة على العقلية الجزائرية التي جعلت من تحرير العقل الجزائري وتحرير البلاد من التبعية أول أهداف حراكه ذلك الهدف الذي يصنع لزاما الاستقلال السياسي الداخلي بتغيير النظام وتحسين الوضع الاقتصادي وتجسيد استقلالية القضاء والفصل بين السلطات وإعادة حق الاختيار الديمقراطي للشعب.
ما يجب التنبيه إليه هو أن الحركات الانفصالية هي حركات عميلة لا تخدم المصلحة الداخلية للوطن ولا حتى للعرق أو الطائفة نفسها، ذلك أن التاريخ يشهد لنا أن وراء أي حركة انفصالية دولا أجنبية ومراكز مخابرات غربية هدفها بث السيطرة وإضعاف ما تخشاه من ذلك المجتمع عن طريق كسر الرابط الاجتماعي ومحو الشعور بالانتماء.
وفي العموم فإن الشعب سيكون في خضم دوامة الدفاع عن وطنه عن طريق رفض كل ما يمكن أن يفرق الوحدة الوطنية من أفكار وأحداث، وبالتالي فإن الوحدة مسؤولية الشعب في ذاته لا مسؤولية المؤسسات والنخبة وغيرهم فالفكر الانتهازي لا تحمله إلا العقول الطامحة إلى التاريخ ولو على حساب البسطاء والأولى بالحذر هم المؤسسات والنخبة نفسها، فإذا صنع الشعب ثورته فالواجب عليه حمايتها بالحذر من الأفكار.
إذا كتب الشعب قصته رفع الأشخاص أقلامهم، لأن التاريخ في عصرنا لا يصنعه الأفراد وإنما تصنعه الشعوب، وما يجب على الشعب الجزائري هو الحفاظ على الثورة وحمايتها من الاجهاض والكسر والتوجيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرد الإسرئيلي على إيران .. النووي في دائرة التصعيد |#غرفة_ا


.. المملكة الأردنية تؤكد على عدم السماح بتحويلها إلى ساحة حرب ب




.. استغاثة لعلاج طفلة مهددة بالشلل لإصابتها بشظية برأسها في غزة


.. إحدى المتضررات من تدمير الأجنة بعد قصف مركز للإخصاب: -إسرائي




.. 10 أفراد من عائلة كينيدي يعلنون تأييدهم لبايدن في الانتخابات