الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخطاب الدبلوماسي .. و مجافاة الحقيقة .

حسن كعيد الدراجي

2019 / 5 / 5
السياسة والعلاقات الدولية


لم يعد الخطاب الدبلوماسي في يومنا هذا ، كما كان بالامس ، حكرآ على العاملين في السلك الدبلوماسي وعلى المشتغلين في السياسة الخارجية ، بل نرى ان هذا المفهوم صار حرّآ ، حيث أخذ شكلا واسعا فضفاضا تخطى اختصاصاته المحددة ، ليضم فضاءات اجتماعية متنوعة ، في البيت والشارع والمدرسة والمنتدى ، بعد ان كان ذلك الخطاب حبيس الاروقة الرسمية ، فلقد تحولت لغة الخطاب الدبلوماسي الى لغة للتخاطب اليومي بين الناس يفضي الى كسب ود الشخص المقابل وتحقيق النجاح الذاتي بآلية الاقناع والكلام المنمق الذي يتناغم مع ذوق المتلقي ويتفاعل ايجابيا مع دواخله وينسجم مع خلجات نفسه ويتناسق مع رغباته وتطلعاته وآماله ..أما الجانب الرسمي للخطاب الدبلوماسي ( الذي هو مدار حديثنا ) ذلك الخطاب المتعارف عليه في أروقة السياسة والعرف الدبلوماسي و في تقاليد المجاملات البروتوكولية بين الرؤساء وزعماء السياسة في العالم ، فلقد بات يرتب على السياسيين ألتزاما جديدا هو ضرورة تمتع السياسي بالذكاء والحكمة اكثر من اي وقت مضى بسبب تطور العلاقات السياسية وتشعب مسالكها بين الدول ، على ان استثمار الخطاب الدبلوماسي في القول والتصرف ينبغي ان لا يقفز فوق حقائق التاريخ وثوابت الجغرافية وان لا يتجاوز المعقول او يعمل على تسطيح فهم الناس وإلغاء ذاكرتهم الجمعية ، لإن الخطاب الدبلوماسي في مثل هذه الحالة يكون ضربا من النفاق السياسي ونوعآ من المجاملات الفارغة والمسيئة ، والتي توحي بضعف الطرف الذي يستخدمها ، خصوصا اذا أبدى ذلك الطرف المبالغة في الاطراء وفي المديح الذي لا يستحقه نظيره .. سقت هذه المقدمة لتكون مدخلا للحديث عن مجريات المؤتمر الصحفي المشترك بين الرئيس العراقي برهم صالح ونظيره الايراني حسن روحاني الذي جرى في بغداد بتاريخ 12 / 3 / 2019 ، وقد أسترعى انتباهي ما ورد في حديث السيد برهم صالح حين وصف العلاقات العراقية الايرانية ، بالقول : إن العراق ( ( محظوظ ) ) لكونه مجاورا لإيران ، إن المفردات التي تندرج في باب المجاملات الدبلوماسية كثيرة ومتعددة ، فلماذا عجز قاموس الرئيس صالح عن إختيار مفردة توصيفية أخرى غير التي وصف بها حال تلك العلاقات ، تكون أكثر مصداقية وقربآ للواقع ، واقع الامس وحال اليوم ، عوضآ عن استخدام تلك الجملة المجافية للحقيقة ، فأذا كان الرئيس العراقي لم يقرأ التاريخ ، فلا اظن ان ذاكرته تخونه ، فحرب الثمان سنوات لا زالت ماثلة للعيان وأن احداثها ومجرياتها ستبقى عالقة في الاذهان ولعدة عقود قادمة من الزمن ، لإنها حرب أكلت الاخضر واليابس ، أودت بحياة نصف مليون عراقي ،ولم يبقى شيئا سليما في البنى التحتية الا وطاله التدمير والخراب .. ألم تبلغ مسامع الرئيس صالح ما قامت به إيران في السنوات القليلة المنصرمة بل وما زالت الى هذا اليوم تحرم العراق من حقه في استثمار موارده المائية عندما عمدت الى قطع اربعين نهرا ورافدا من المرور في الاراضي العراقية حيث اقامت السدود وشيدت الخزانات من غير ان تحسب حساب مصالح العراق وحقه في هذه الثروة المائية المشتركة .. ننصح السيد صالح بالعودة تاريخيا الى حقبة الاحتلال الصفوي الفارسي للعراق ومدى ما اقترفه من جرائم فضيعة ، وما أثاره من النزاع والفرقة بين ابناء الوطن الواحد ، وخاصة ما جرى على ايديهم في بغداد عام 1624 م ..على الرئيس صالح ان يقلّب سريعا صفحات التاريخ القديم ليرى ما فعله جيران العراق الفرس منذ قيام الامبراطورية الفارسية الاخمينية وانتهاءآ بالامبراطورية الساسانية مرورا بكل الوقائع والحيثيات اوالفواصل الزمنية الدامية التي تخللت تلك الحقب التاريخية ...عندئذ سيدرك مغزى المثل الشعبي العراقي القائل : (( كومه احجار ولا ها الجار )),,,







أطراء مبالغ فيه ومديحا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي


.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض




.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا


.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24




.. وضع كارثي في غزة ومناشدات دولية لثني إسرائيل عن اجتياح رفح