الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لنكتب عن قطاع غزة (3)

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2019 / 5 / 11
القضية الفلسطينية


إن ما يتناهى إلى العلم عن معاناة سكان قطاع غزة يوحي بأننا حيال سيرورة غايتها النهائية التخلص من مجموعة من الناس الفلسطينيين ، هذا ما جعلنا نقارن القطاع بغيتو فرصوفيا الذي أقامه الالمان ، اثناء الحرب العالمية الثانية لكي يتخلصوا من مجموعة من الناس اليهود . و لكن لا يبدو أن المقاومين في القطاع يائسون ، و الدليل على ذلك أن جميع محاولات الإسرائيليين لنزع سلاحهم باءت حتى الآن بالفشل ، فلقد أثبتت حرب الأيام الخمسة الأخيرة أنهم ليسوا لقمة سائغة ، كما يمكننا أن نتصور ،استنادا إلى ميزان القوى بين قوات المستعمرين من جهة و بين " المعذبين " في أرض قطاع غزة من جهة ثانية ، قياسا بالمعيار المادي فقط ، أي بكمية و نوعية السلاح الذي يمتلكه الإسرائيليون .
ينبني عليه أن الذين أخفقوا مرة بعد أخرى في نزع سلاح المقاومين الفلسطينيين في قطاع غزة ، سيلاقون على الأرجح صعوبات أكبر في لبنان ، و في سورية و العراق ، و في أيران على وجه الخصوص ، و العكس في اعتقادي صحيح ، أي أن من يستطيع نزع الصواريخ الإيرانية لن يعجز عن إخماد جذوة المقاومة ضد المشروع الأميركي ـ الإسرائيلي في البلدان السورية و في بلاد ما بين النهرين.
ما أود قوله هنا هو أنه لا مفر من الاعتراف بأن المقاومة التي تعترض منذ سنوات 1980 ، المشروع الأميركي ـ الصهيوني في البلدان التي أشرنا إليها ، تتمثل بشبكة تمتد من قطاع غزة إلى إيران. هذا يقودنا ، بصرف النظر عن مواقفنا السياسية و ميولنا الفكرية و العقائدية ، إلى التساؤل عن طبيعة هذه المقاومة التي يحسب حسابها الأميركيون و الإسرائيليون و بعض الدول الأوروبية أيضا ، بعد سقوط النظام الرسمي العربي نهائيا ، فوصموها بالإرهاب و فرضوا على أصدقائهم و أتباعهم مقاطعتها و مضايقتها و محاربتها ، في كل مكان من هذا العالم ، ضمنا في البلدان التي غزاها المستعمرون مثل لبنان أو الواقعة تحت الاحتلال مثل فلسطين . بتعبير آخر ، إن أعداء المقاومة اللبنانية كثيرون في لبنان و أعداء المقاومة الفلسطينية كثيرون أيضا في فلسطين .
أنا لا أقصد هنا طبعا ، الخصوم السياسيين ، أو المعارضين . ولكن من المعلوم في هذا الصدد أن نوعا من العلاقة العلنية أو السرية ، المباشرة و غير المباشرة تربط أعداء المقاومة في البلدان العربية ، بالولايات المتحدة الأميركية و الدول الأوروبية المجرورة بالقاطرة الأميركية ، حيث استطاعت هذه الدول الغربية أن تحرضهم أحيانا على المقاومة في بلادهم و تدفعهم إلى مشاغلتها و افتعال صدامات عنيفة معها .
و لا بد في إطار هذه المقاربة من التوقف عند ميزة فارقة لدى الفريقين ، كون المقاومين وأعدائهم يعلنون تمسكهم بالدين , إذ يستوحي المقاومون تجربة الثورة الإسلامية الإيرانية حيث أن من دروسها، كما يقول الباحث و الناشط الفرنسي أوليفيي روا (En quête de L’Orient perdu )، أن على المؤمن أن ينخرط في خدمة الدولة و البلاد ، ما حدا به إلى اعتبار الجمهورية الإسلامية في أيران أكثر الدول المشرقية علمانية . و في المقابل يبرر أعداء المقاومة عداوتهم لها باسم الدين أيضا ، بمعنى آخر هم لا يقبلون أن يتصدى لمقاومة للغزاة و المستعمرين أناس اختاروا السير على نهج الثورة الإسلامية في إيران ، ففضلوا التضحية بالدولة و البلاد حفاظا على " الخلافة " . هذا يذكرنا بما ورد في كتاب صادق جلال العظم ، ذهنية التحريم ، عن الشيخ المصري متولي الشعراوي، أنه سجد لله ركعتين فور علمه بالهزيمة العربية في حزيران 1967 ، مبررا ذلك بقوله " لو كنا انتصرنا لكنا قد فُتنّا في ديننا من الشيوعية " . لا جديد في العالم العربي حيث يتحول الصراع ضد المستعمر في كثير من الأحيان إلى اقتتال بين المقاومين الوطنيين من جهة و بين المتعاونين مع المستعمر من جهة ثانية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقيف مساعد نائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصال


.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تهز عددا متزايدا من الجامعات




.. مسلحون يستهدفون قواعد أميركية من داخل العراق وبغداد تصفهم با


.. الجيش الإسرائيلي يعلن حشد لواءين احتياطيين -للقيام بمهام دفا




.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال