الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فؤاد عارف دراسته العسكرية ونشاطه العسكري حتى عام 1936ج 2

سعد سوسه

2019 / 5 / 13
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


اعداد الدكتور : سعد سوسه
التحق فؤاد عارف في الثامن عشر من شباط عام 1935، بمنصب آمر فصيل في فوج الحدود الثالث في منطقة راوندوز ، الذي كان ضمن القوة المعروفة بـ(قوة شيرباز) والتي تشكلت لمواجهة حركة خليل خوشوي، فقد كانت مهمة تلك القوة القيام بجمع سكان قرى عدة في قرية واحدة، بغية قطع الاتصال بين أهالي تلك القرى وجماعة خليل خوشوي، لضمان عدم حصول جماعة على خليل خوشوي المؤنفقام الجيش بإخلاء القرى الصغيرة الواقعة بين (ميركة سور وشيروان مازن) ، وتم وضع قوة عسكرية لفرض الأمن والسيطرة على المنطقة .
وعلى الرغم من أن عدد أتباع خليل خوشوي كان لا يتجاوز المائة شخص ، إلا أن حركته شكلت مصدر قلق للحكومة العراقية آنذاك، فعمدت الأخيرة إلى تجهيز قوة شيرباز فضلا عن قوات غير نظامية من العشائر الكردية الموالية للحكومة استعانت الحكومة العراقية آنذاك بالعشائر الكردية الموالية لها، للقضاء على حركة خليل خوشوي، بعد أن عجزت عن ذلك بمفردها، وكانت تسمى قوات العشائر غير النظامية بـ(جتة) وهي كلمة كردية تعني (قطاع الطرق). استعانت الحكومة العراقية آنذاك بالعشائر الكردية الموالية لها، للقضاء على حركة خليل خوشوي، بعد أن عجزت عن ذلك بمفردها، وكانت تسمى قوات العشائر غير النظامية بـ(جتة) وهي كلمة كردية تعني (قطاع الطرق). وذلك لان خليل خوشوي وجماعته استفادوا من الطبيعة الجبلية التي توفرها المنطقة والمناطق التركية المجاورة التي كانوا يلجؤون إليها، عندما تضيق القوات العراقية بمساعدة الطيران الملكي البريطاني الخناق عليهم داخل الأراضي العراقية، ما جعل الحكومة العراقية تطلب مساعدة نظيرتها التركية لإخماد تلك الحركة ، وقد استجابت الأخيرة لطلب الحكومة العراقية في أواسط اذار أرسلت الحكومة التركية آنذاك قوة عسكرية مختلطة من المشاة والجندرمة التركية قوامها (300) شخص إلى نقطة الحدود العراقية – التركية، التي كان يستعملها خليل خوشوي وجماعته للمرور عبر حدود الدولتين، وتقع في منطقة (بيروك) التركية، كما ألقت القبض على رؤساء العشائر الكردية المتعاونة مع خوشوي.1935أرسلت الحكومة التركية آنذاك قوة عسكرية مختلطة من المشاة والجندرمة التركية قوامها (300) شخص إلى نقطة الحدود العراقية – التركية، التي كان يستعملها خليل خوشوي وجماعته للمرور عبر حدود الدولتين، وتقع في منطقة (بيروك) التركية، كما ألقت القبض على رؤساء العشائر الكردية المتعاونة مع خوشوي .
ويبدو أن السبب الذي دفع الحكومة التركية آنذاك للتعاون مع الحكومة العراقية من أجل القضاء على حركة خليل خوشوي، يرجع إلى خشية المسؤولين الأتراك من تحول خليل خوشوي إلى رمز قومي أو كقائد قومي كردي يلتف حوله الأكراد في تركيا والعراق، الأمر الذي قد يؤدي إلى حدوث مشكلات لتركيا هي في غنى عنها آنذاك.
وخلال تلك الحركات العسكرية، أصبح فؤاد عارف آمرا لحامية بيران ، التابعة لقوة شيرباز، وكان واجبه حراسة أهالي بعض القرى الكردية في تلك المنطقة، وبسبب سوء الأوضاع المعيشية التي كان يعاني منها الأهالي في تلك المنطقة، بادر فؤاد عارف لمساعدتهم من خلال تقديمه الأرزاق المخصصة له للأهالي، فضلا عن شرائه المواد الغذائية مثل (السكر والشاي) من ماله الخاص ليوزع تلك المواد بين القرويين، كما انه كان يزورهم بشكل مستمر ليطلع على أوضاعهم، كما كان يحثهم على فتح محالهم لبيع منتوجاتهم الزراعية على الجنود، وفي الوقت نفسه حث الجنود والمراتب الذين كانوا بإمرته على شراء منتوجات القرويين ومساعدتهم، وعدم التعرض لهم والاعتداء عليهم ، وقد جاء الموقف الإنساني الذي قام به فؤاد عارف أزاء السكان القرويين، لشعوره بالأوضاع المزرية التي يعانون منها، فضلا عن تعاطفه معهم لكونه كرديا .
أدى تعاطف فؤاد عارف مع القرويين إلى نتائج سلبية عليه، إذ عدت مخالفة للقوانين والأعراف العسكرية، بعد أن أخذت التقارير والوشايات ترفع ضده، فتسلم برقية من مقر قوة شيرباز تطلب منه تسليم حامية بيران إلى احد الضباط، والحضور إلى مقر القوة لإحالته إلى المجلس العرفي العسكري كانت التهمة الموجهة لفؤاد عارف، هي قيامه باستبدال الأرزاق الجافة كالرز والعدس التي كانت متوفرة لدى الجيش بالخضروات الموجودة لدى الأهالي، فعدت تلك المقايضة مخالفة عليه ، وفي غضون ذلك كان لمعاملة فؤاد عارف الجيدة دور مهم في إنقاذه من المأزق الذي كان فيه، إذ أهلته للقيام بأول وساطة – إذا صح القول – في حياته، بين الجيش (قوة شيرباز) من جهة وجماعة (أحمد بيدود) من جهة ثانية، إذ استطاع كسب ثقة تلك الجماعة نتيجة لموقفه تجاه الأهالي، فأرسلوا إليه احد رؤساء عشيرة شيروان ، ليبلغه رغبة أحمد بيدود وجماعته بلقائه، وبعد أن فكر في الموضوع قرر الذهاب إليهم بمفرده، وعند لقائه بأحمد بيدود اخبره الأخير بأنه يريد تسليم نفسه مع أفراد جماعته للحكومة، على أن يكون ذلك على شرف فؤاد عارف وشرف الحكومة، إذ اتفق فؤاد عارف مع أحمد بيدود على الصيغة التي سيتبعها الطرفان لتنفيذ عملية الاستسلام اتفق فؤاد عارف مع أحمد بيدود على (كلمة سر) بينهما، لإبلاغ بيدود وجماعته موافقة قيادة قوة شيرباز أو عدم ذلك، وكانت كلمة السر باللغة الكردية وهي (به خير هاتن) وتعني قدمتم خيرا، إشارة إلى حصول الموافقة لتسليم أنفسهم، وكلمة السر الأخرى هي (هه رماون ليره)، أي مازالوا هنا، في حالة عدم الموافقة وان الجيش سيباغتهم ويحاصرهم ، ومن ثم رجع فؤاد عارف إلى مقر الحامية، وبعث ببرقية إلى قيادة قوة شيرباز، ابلغهم فيها عن نية أحمد بيدود بالاستسلام، وتفاصيل ما جرى بينه وبين جماعة بيدود، وقد احتوت تلك البرقية شروطا للاستسلام وضعها فؤاد عارف بنفسه ، وكانت تلك الشروط على الشكل الآتي: ( ما شروط عفوكم عنهم؟ في حالة العفو أين سيسكنون؟ عند عدم حصول الموافقة أرجو إخباري بذلك. أما إذا وافقتم على العفو، ثم نكثتم العهد لأي سبب فأرجو اعتباري احد رجال خليل خوشوي ) .
وافقت قيادة قوة شيرباز على شروط الاستسلام تلك، إذ كان قائد القوة آنذاك اللواء الركن محمد أمين زكي، ومقدم اللواء المقدم (العقيد فيما بعد) الركن محمد فهمي سعيد ، على جانب من الحنكة والتفهم والإنصاف، وبدوره ابلغ فؤاد عارف جماعة بيدود بموافقة القيادة على العفو عنهم شريطة تسليم أسلحتهم أولا .
وفي العشر من نيسان عام 1935، سلم أحمد بيدود نفسه مع أربعة وعشرين شخصا من أتباعه ، إذ تمت عملية الاستسلام في مقر حامية بيران، وتجدر الإشارة إلى انه منذ سنة لم يسلم شخص من أتباع خليل خوشوي نفسه للحكومة، ومن جانبه تسلم فؤاد عارف برقية جديدة من مقر قيادة شيرباز، احتوت على شكر له لما بذله من جهود لإتمام عملية الاستسلام تلك، كما تضمنت البرقية أمرا يلغي ما جاء في البرقية الأولى التي كانت تنص على إعفاء فؤاد عارف من منصبه وتقديمه للمجلس العرفي .
وفي الحادي عشر من أيار عام 1935 تم إصدار أوامر بنقل الفوج الثالث، الذي كان فؤاد عارف يشغل منصب آمر فصيل فيه، من منطقة العمليات العسكرية ضد خليل خوشوي إلى منطقة الفرات الأوسط ، اثر قيام بعض العشائر في تلك المنطقة بالتمرد ضد الحكومة في السادس من أيار عام 1935 قامت الحكومة العراقية آنذاك بالقبض على رجل الدين الشيخ (احمد أسد الله) في الرميثة ، فثارت عشيرة ( بني إزيرج ) بزعامة رئيسها الشيخ ( خوام العبد العباس) ضد السلطات المحلية هناك، ومن ثم تبعها تمرد منطقة سوق الشيوخ في التاسع من الشهر نفسه، فقامت الحكومة بإرسال قوات إضافية لإخماد تلك الحركات، وأوكلت قيادة العمليات العسكرية للفريق بكر صدقي. وبعد مدة قصيرة تمت إعادة الفوج الثالث إلى مقره الأصلي في شيروان مازن، إذ صدرت أوامر بذلك في التاسع والعشرين من تموز عام1935 .
وبالنسبة لخليل خوشوي وحركته، فإن الحكومة العراقية اتخذت إجراءات أمنية عدة، أدت إلى انحسار نفوذه وضعف قوته، ما اضطره للهرب إلى إيران مع ما تبقى من أتباعها تخذت الحكومة العراقية إجراءات عدة لمواجهة حركة خليل خوشوي وإضعافها، ومن تلك الإجراءت إصدار الحكومة العراقية عفوا عن خليل خوشوي في أيار عام 1935، إلا انه لم يستجب لذلك العفو، فعمدت الحكومة إلى إعلان الأحكام العرفية في منطقة بارزان في أواخر آب من العام نفسه، وأصدرت المحكمة العرفية أحكام الإعدام بحق ثمانية من أتباع خليل خوشوي، كما تم تشييد المزيد من مخافر الشرطة في منطقة بارزان وما جاورها من قرى اتخذت الحكومة العراقية إجراءات عدة لمواجهة حركة خليل خوشوي وإضعافها، ومن تلك الإجراءت إصدار الحكومة العراقية عفوا عن خليل خوشوي في أيار عام 1935، إلا انه لم يستجب لذلك العفو، فعمدت الحكومة إلى إعلان الأحكام العرفية في منطقة بارزان في أواخر آب من العام نفسه، وأصدرت المحكمة العرفية أحكام الإعدام بحق ثمانية من أتباع خليل خوشوي، كما تم تشييد المزيد من مخافر الشرطة في منطقة بارزان وما جاورها من قرى ، وأزاء تلك التطورات ألغيت قوة شيرباز، وصدرت تعليمات جديدة لتنظيم شؤون إدارة المنطقة بشكل آخر، فأصبح فؤاد عارف المسؤول العسكري الأول لناحية بيران التي كانت ضمن منطقة عمليات قوة شيرباز صدرت تعليمات تنص أن يتولى ضابط الجيش المسؤولية الأولى في المنطقة وفي حالة وجود ضابطين من الجيش والشرطة، فيكون ضابط الشرطة معاونا لضابط الجيش، وإذا كان ضابط الشرطة يحمل رتبة رئيس أول (رائد) فما فوق أي (مدير شرطة)، يكون هو المسؤول الأعلى، ويصبح ضابط الجيش معاونا له إذا كانت رتبته أدنى= =من ضابط الشرطة، وبما أن ضابط الشرطة في ناحية بيران كان برتبة ملازم أول، أصبح فؤاد عارف هو المسوؤل العسكري الأول في الناحية، وضابط الشرطة معاونا إداريا له ، قتل خليل خوشوي في أواسط آذار عام 1936 أثناء محاولاته عبور نهر الزاب الأعلى ، بعد أن استأنف نشاطه ضد الحكومة العراقية في مطلع العام نفسه ، ومن الجدير بالذكر أن خليل خوشوي قتل على يد احد الجنود المنتسبين للفصيل الذي كان بإمرة فؤاد عارف ، وفي السابع والعشرين من أيلول من العام نفسه، نقل فؤاد عارف إلى الموصل، ليشغل منصب آمر فصيل في معسكر مشاة المنطقة الشرقية .
وهكذا يتضح أن عمل فؤاد عارف في الجيش قد هيأ له فرصة الإطلاع على واقع الحركات الكردية عن كثب، وجاء ذلك في وقت مبكر من حياته العسكرية، كما أتاحت له الظروف أن يقوم بأول وساطة – إذا صح التعبير- سياسية بين الجيش الذي يمثل الحكومة العراقية وجماعة أحمد بيدود التي تمثل جزء من الحركة الكردية المسلحة في منطقة العمليات العسكرية، التي كان فؤاد عارف يعمل فيها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف