الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الربيع العربي وانعكاساته على القضية الفلسطينية

محمد ابراهيم الضابوس

2019 / 5 / 16
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


الربيع العربي... وانعكاساته على القضية الفلسطينية.
حل الربيع العربي بعد طول انتظار ضيفاً ثقيلاً غير مرحب به من الأنظمة العربية، بعد سنوات من القحط والظلم والجفاف وتساقط الحقوق في خريف طال بقاؤه.
لقد أدت حالة الاستقطاب الحاد في دول الربيع العربي إلى انقسام لم يسبق له مثيل في الواقع العربي، رافقه تكريس للانقسام الفلسطيني سياسياً وجغرافياً، كما أوجدت التغيرات الإقليمية والدولية مناخاً جيداً للتقارب والتطبيع بين دول عربية وإسرائيل مما خلق تحالفات غير رسمية أو خفية ساهمت في فقدان القضية الفلسطينية لمركزيتها.
ويأتي التصعيد في وتيرة المواجهة العسكرية, والذي قد يفضي الى توطين اللاجئين وتعويضهم ونسيان حق العودة، كذلك ما يتسرب حول صفقة القرن وتوسيع غزة باتجاه سيناء, من أجل خلق واقع جديد يمهد لفرض سياسة الأمر الواقع بالقوة العسكرية.
فماذا سيكون رد الفعل العربي أمام تلك المتغيرات والإملاءات؟ هل ستكون الاعتصامات المنددة بالاعتداءات أكبر من نظيرتها في الحروب السابقة على غزة أم ستكون أكبر المظاهرات في لندن وميلانو ونيويورك؟ هل ستخرج القاهرة كما خرجت في حرب 2008؟ أم ستخرج طرابلس العرب؟ أم بيروت؟ أسئلة صعبة ولكن الإجابة الحزينة عليها هي على الأغلب "لا".
لن يخرج العرب من تلك الحفرة العميقة، فالسنوات القادمة كفيلة بالإجابة، وبالرجوع إلى الماضي نجد أن الانقسامات والفرقة بين العرب قد استوطنت أراضيهم ويرجع هذا لسبب واضح هو تراجع الدور الرسمي والشعبي العربي, وظهور ملفات أخرى شغلت الواقع العربي والاسلامي بشكل عام. بالإضافة الي الدور الغربي في تصفية الدول الوطنية واعطاء الفرصة للإسلام السياسي المروض في الحكم.. وأيضا رفع وتيرة النزاعات الطائفية والعرقية لتفتيت المفتت وتجزئ المجزأ.. للوصول للهدف البعيد وهو القبول بفكرة وجود اسرائيل باعتبارها ذراع أمريكا القوية والوحيدة القادرة على الدفاع عن حلفاء أمريكا في المنطقة.. ولتمهيد وجودها كحليف قوي للعرب يمكن الاستعانة به لصد المد الشيعي الايراني والمتزايد نفوذه في المنطقة العربية.
وفي ظل التقارب الإسرائيلي الخليجي بشكل كبير وغير المسبوق أصبحت قضية فلسطين قضية ثانوية يمكن استعمالها من أجل مصالح الأنظمة العربية المناهضة للتمدد الإيراني في المنطقة. فبعد الاتفاق النووي الغربي الإيراني، وجد العرب في الخليج أنفسهم بحاجه لحماية أمريكية ودفع مستحقاتها المالية الباهظة لمواجهة إيران، التي تستمر في فرض هيمنتها على سوريا بوجود حرسها الثوري والمليشيات الموالية لها وعلى لبنان من خلال الحليف الاستراتيجي حزب الله وفى فلسطين من خلال حليفين لها وهم "الجناح العسكري لحماس وحركة الجهاد الإسلامي" وفي اليمن وعبر الحوثيين؛ فقد زرع النظام الايراني أحزاباً ومليشيات في خاصرة الوطن العربي، تستخدم لتغيير قواعد الاشتباك وتسهم في إرباك المشهد السياسي لصالح إيران، وبكل هذا وذاك يدفع المواطن العربي البسيط الثمن الأكبر من دمه وماله في تلك اللعبة الحقيرة.
وهكذا فالوضع في ظل الربيع العربي وغياب حكام كان لهم وزنهم وانتماؤهم للقضايا العربية قد أرسى تلك المعادلات. فالانقسامات استفحلت في الصف العربي وزادت من ضعف التحالفات العربية الضعيفة أصلاً، وانقسم الإخوة الذين يعانون من آثار الربيع العربي الذي حل على واقع سيء. ووضع النظام الرسمي العربي الآن مصلحته أولاً وخصوصاً وقف التمدد الإقليمي لمنافسيه أمام القضية الأولى للعرب والمسلمين، وذلك حسب بيانات القمم العربية والإسلامية. فالساسة العرب أشغلتهم قضاياهم الداخلية، وما أنتجه الربيع العربي وما سبقه من أحداث أدت إلى ضعف وتدمير لمقدراتهم وخاصة قوة الجيوش العربية وذلك بدءاً بالجيش المصري الذى أُفرغ من عقيدته القتالية منذ أن أعلن السادات أن حرب أكتوبر هي آخر الحروب ومروراً بالجيش العراقي وانتهاءاً بالجيش السوري.. ليتحقق بذلك هدف أساسي لأعداء الأمة هو عدم مقدرة الجيوش العربية صد أي مواجهة عسكرية محتملة مع إسرائيل.
أضف إلى ذلك أن إسرائيل قد أصبحت تتحكم في قواعد اللعبة بالكامل، وأصبحت الساحة الفلسطينية مباحة لها فقد تجرأت بشن ثلاث حروب على غزة كان آخرها حرب2014 ثم تلاها عدة جولات تصعيدية متتالية استنزفت الشعب وزادت عليه طوق الحصار والانقسام الذي أعفى إسرائيل من أي استحقاقات سياسية وأعفى الأنظمة العربية من أي التزامات.
كما ارهق مقدرات الشعب الفلسطيني بدفع خيرة عقول شبابه للهروب من هذا الواقع الصعب للبحث عن حياة أفضل من خلال الهجرة للمجتمعات الأوروبية, وبهذا فقد خسرت القضية الفلسطينية المزيد من الجهد في ظل استنزاف طاقاتها البشرية، والتي كان آخرها إطلاق فعاليات "مسيرات العودة" كمحاولة يائسة من بعض التيارات الشبابية الناشطة من أجل توجيه البوصلة إلى ما يحدث ساعيين بذلك تحريك القضية الفلسطينية مجدداً بعد أن تراجعت للأسباب التي تم ذكرها.
ويضاف إلى ذلك الانقسام الفلسطيني والذى القى بظلاله وثقله على الوضع الاقتصادي ومسبباته, حيث انعكس بدوره على تحويل عنوان مسيرات العودة كهدف أساسي يغلب عليه الطابع السلمي الى تسميته "بمسيرات العودة وفك الحصار" وتبني الفصائل وعلى رأسها حركة المقاومة الاسلامية حماس ومحاولتها استغلال ذلك لفك الحصار المفروض عليها، فبذلك أصيبت الفكرة بانتكاسة وفقدت مضمونها الأساسي وهذا لخروجها عن السياق السلمي الشعبي إلى طابع حزبي ودخول بعض الوسائل الخشنة التي دفعت الجيش الاسرائيلي للرد بمزيد من القوة رغم أنه ليس بحاجه لمبرر في ذلك, حيث استخدم القوة المفرطة رغم سلمية المسيرات. والتي كان من نتائجها المتتالية مزيد من الضحايا والاعاقات في صفوف المتظاهرين السلميين وهدر لطاقات شبابية قد تجد ضالتها بالهروب نحو المجهول والموت, والذي يؤدي بطبيعة الحال إلى تفاقم الوضع سوء وردود أفعال فلسطينية تخرج عن النطاق السلمي باستخدام أساليب المقاومة المختلفة والمتوفرة بأبسط الامكانيات مقابل ترسانة إسرائيل الهائلة, وهذا من خلال رد هنا أو هناك يؤدي إلي جولات متصاعدة ومتكررة وعدوان إسرائيلي متزايد, بتفاقم الوضع سوءاً، لينتهي الأمر بتدخل المال القطري مهرولاً من أجل الابتزاز السياسي، لتحقيق ما تصبو إليه إسرائيل من أهداف لترسيخ الانقسام الفلسطيني وتعميقه، وبهذا يكون الخاسر الأكبر من ذلك هو المواطن الفلسطيني البسيط الذي أمس همه الأكبر لقمة عيش مرة مغمسة بعهر السياسات، فقد أشغل الجوع والفقر والهم بال أصحاب القضية، وأصبحت القضية تتعلق بأمور حياتية تسير حياة الناس لعدة أيام أو أشهر، ولم يعد للقضية هذا الاهتمام وذاك وأغلقت الأبواب في وجه الفلسطيني، ليبقى الأمل.. في وجه الله، فأبوابه حتماً لم.. ولن تغلق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الوساطة القطرية في ملف غزة.. هل أصبحت غير مرحب بها؟ | المسائ


.. إسرائيل تستعد لإرسال قوات إلى مدينة رفح لاجتياحها




.. مصر.. شهادات جامعية للبيع عبر منصات التواصل • فرانس 24


.. بعد 200 يوم من الحرب.. إسرائيل تكثف ضرباتها على غزة وتستعد ل




.. المفوض العام للأونروا: أكثر من 160 من مقار الوكالة بقطاع غزة