الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابراهيم المصري

فهد المضحكي

2019 / 5 / 18
سيرة ذاتية


إبراهيم سليمان حداد الذي اشتهر باسم ابراهيم المصري يأتي في طليعة كتاب القصة المصرية التي وصلت قامته فيها إلى مكانة عالية منذ بواكيرها، ومازالت مجموعاته القصصية الكثيرة تقرأ لما فيها من نظرات صحيحة وتماسك وحبك، وغوص في بواطن النفس مع جمال العرض وطرافة العبارة وشاعريتها، إلى جانب ما أسبغه عليها من تأملات وعطف كبير على كثير من شخوصها المنتمين إلى الطبقات المتدنية النازلة، وقد اتحد حسه وعقله في تصوير مشاهد الحياة الحافلة بالتقلبات والمفارقات.. وهو من القلائل الذين خبروا سرائر المرأة وابانوا عن خفاياها الغامضة.

وفي مقاله المتميز المعنون «إبراهيم المصري.. رائد القصة النفسية» ينقل إلينا الكاتب أحمد حسين الطماوي كيف كان المصري موضع تقدير من عدد من معاصريه، مثل يحيى حقي وسيد حامد النساج ووديع فلسطين وغيرهم، ولكن بعد وفاته أخذت الأضواء تنحسر عنه وخفي على كثيرين من أبناء الجيل الجديد الذين لم يعرفوا انه ممن أثروا القصة وقدموا الثقافة الاوروبية، ولكن الكاتبة والباحثة سلمى مرشاق سليم فاجأت الجميع حين أصدرت كتابًا كبيرًا عنه أقلّ ما يقال فيه أنه مازال لإبراهيم المصري عشاق معاميد يبحثون فيه وينقبون في آثاره وإصداراته ويستظهرون مناقبه.

وكتاب الباحثة سلمى «إبراهيم المصري رائد القصة النفسية - مدخل بيليوجرافي» الصادر في لبنان عمل بيليوجرافي حي، والمقصود ان المؤلفة لم تسرد فيه عناوين كتبه ومقالاته وقصصه وتذكر امام كل عنوان اسم دار النشر والصحف التي كتبت فيها مع تدوين التواريخ حسب التتابع الزمني فحسب، وهذا ما يصنع غالبًا في البيليوجرافيات، وانما وقفت عند كل كتاب وبينت محتوياته سواء أكان مجموعة قصصية تعرض ملخصًا موجزًا لكل قصة فيها، وتفعل الشيء نفسه في الكتب الأدبية أو الثقافية فتعرض فصول كل كتاب، وكذلك فعلت في المقالات التي نشرها في الصحف المختلفة، وهذا ما قصدته بكلمة «بيليوجرافية حية»، أي بانورام واضحة متحركة ترى فيها كل أعمال الكاتب فصلاً فصلاً أو جزءًا جزءًا، وتحيط به أعمال في ملخصات مختصرة.

ولم تكتفِ الكاتبة بالتلخيص وكشف فحوى القصص والكتب والمقالات، وإنما إلى جانب ذلك سطرت ملاحظاتها وتعليقاتها النقدية، ما يبيّن أن ما نهضت به هو فحص متأمل.

وفي كتاب -كما يروي الطماوي- للباحثة مرشاق إشارات كثيرة إلى التحليل النفسي وتشريح العواطف في شخوص قصصه، وهذه الإشارات من النقد تعقب بها على الإبداع الفني.

أرهق إبراهيم المصري من كثرة العمل وأصيب بانهيار عصبي ألزمه الفراش عدة سنوات، وقد صوّر في قصتيه «الأشباح» و«النار والأفعى» الانهيار العصبي من خلال سرد قصصي، وهنا تتساءل المؤلفة: «هل الوصف الدقيق للانهيار ناجم عن تجربة الكاتب الشخصية؟»، وفي موضع آخر تقول عن قصة مشابهة ولربما كان ذلك وصفًا لوضع الكاتب نفسه، فهي تستنتج من دقة وصف حالة الانهيار أنه يصف نفسه لا بطل القصة، وهي -أي المؤلفة- تتابع البحث عن روافده القصصية، فقد تكون بعض القصص مستوحاة من ثقافته مرة، ومن تجاربه الشخصية مرة أخرى، كما أن هذه الملاحظات الذكية تبيّن شمول نظرتها لحياة إبراهيم المصري وثقافته أو لما هو أصيل فيه وما هو مستعار من غيره.

يقول الطماوي: قدر لي ان أعرف الأستاذ إبراهيم المصري في باكورة عمري عام 1965 عن طريق الاستاذين نقولا يوسف ووديع فلسطين، وكنت قد أعددت بحثًا في نقد قصص وروايات إحسان عبدالقدوس وقرأته على المصري، بعد الانتهاء من القراءة أعطاني ورقة وقلمًا، ثم أحضر لي كراسة وإحدى مجموعاته القصصية وأشار إلى قصة منها، وطلب أن أنقلها في الكراسة، وقد فعلت ولا أروي هذا لمجرد الذكرى، فقد عرفت أنه يعيد نشر هذه القصص المكررة في مجموعات المصري، ولا شك ان وراء هذا التكرار دوافع مادية، وبخاصة انه كان عليلاً ويحتاج إلى الغذاء والدواء ولا يستطيع الإنتاج والإبداع بوفرة، لعل وراء تكرار نشر بعض اعماله القصصية إحساسه بأن الجيل الجديد من القراء لم يطالع ما سلف من أعماله، وقد تساءلت الباحثة سلمى عن هذه الظاهرة وطرحت عدة تصورات، منها انه ربما كان يرغب في المحافظة على وجود اسمه في الساحة الادبية.

ولكن كاتب البيليوجرافيا بالرغم من سعيه ودأبه تفوته أشياء، وبخاصة إذا كانت هذه الببليوجرافيا عن شخصيات امتد بها العمر مثل إبراهيم المصري (1900-1979) وكتب في دوريات كثيرة معظمها توقف وتهرأ، إضافة إلى أن هذه الدوريات ليس لها اكتشافات او ببليوجرافات تعين الباحث، ومن هنا تنأى عن يده أشياء، ومما فات الباحثة ذكره مقالات لإبراهيم المصري في مجلة «التمثيل» التي اصدرها عدلي جرجس ويوسف توما وظهرت واحتجبت عام 1924، ومنها مقالة عن «رواية مارك انطون وكليوباترا على مسرح رمسيس» ومقالة «نظرة عامة في مسرح مسيس» وسلسلة مقالات كتبها عن ممثلين وممثلات مثل عمر وصفي وحسن رياض وروزا اليوسف وزكي طليمات، كما ان المصري لم يجمع كل مقالاته المنشورة في جريدة البلاغ، مثل مقالة عن ديوان «أنفاس محترقة» لمحمود أبي الوفا المنشورة في الجريدة المذكورة عام 1933، وهذا مجرد مثال، وهي أشياء -كما يذكر الطماوي- لا تقلل من جهد الباحثة ولا تنقص من قدرتها، وقد اعتذرت المؤلفة عما تكون وقعت فيه من تقصير بكلام الهمذاني: «اني رأيت انه لا يكتب انسان كتابًا في يومه إلا قال في غده، لو غير هذا لكان أحسن، لو زيد هذا لكان يستحسن.. وهذا من أعظم العبر..». ومهما يكن من أمر، فقد رفعت الكاتبة عن إبراهيم المصري الأستار وجعلته في مستوى النظر، ومتناول القلم.

والباحثة سلمى مرشاق سليم مصرية المولد والنشأة، تلقت تعليمها في الجامعة الأمريكية بالقاهرة وهي من شوام مصر، لبنانية الأصل والإقامة وحصلت على درجة الماجستير من الجامعة الامريكية ببيروت عن هجرة الشوام إلى مصر ومساهمتهم في النهضة، كتابها عن إبراهيم المصري وثيق الصلة بها وبرسالتها في الماجستير، إذ إنه من شام مصر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء