الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


10 مايو 1973 / 10 مايو 2019 / تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2019 / 5 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


بحلول 10 مايو 2019 ، تكون قد مرت سبعة أربعين سنة على تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب . وإذا كان التأسيس محفوراً في ذاكرة من عاشوا ظروف التأسيس ، فان هذه الظروف تكاد تكون مجهولة بالنسبة للشباب الصحراوي الذي ازداد ونشأ في مخيمات اللاجئين ، بسبب الأيديولوجية والأسطوانة التي غرستها في أدمغتهم الهشة ، الأجهزة المخابراتية الجزائرية من مدنية وعسكرية ، حتى اصبح الحل الراسخ في ذهن هؤلاء هو الانفصال ، خدمة لمخططات النظام الجزائري الإقليمية ، التي لا علاقة لها بالقضية الصحراوية .
وبالرجوع الى ظروف المرحلة ، فالشباب الصحراوي الذي سيبادر الى انشاء الجبهة في سنة 1973 ، هم مغاربة احرار كانوا يدرسون بكلية الحقوق ، وبكلية الآداب بالرباط ، وكانوا ينتمون الى الأحزاب المغربية ، وفي مقدمتها حزب " الاتحاد الوطني للقوات الشعبية " ، " حزب الاستقلال " ، " حزب التحرر والاشتراكية / الحزب الشيوعي المغربي " ، كما ان منهم من انضم الى فصائل الحركة الماركسية المغربية ، وكلهم كانوا مناضلين في اطار المنظمة الطلابية المغربية " الاتحاد الوطني لطلبة المغرب " .
ففي خضم الظروف التي كان يمر بها ومنها النظام المغربي ، حيث كان الصراع على اوجهه بين القصر ، وبين المعارضة التي كانت تعمل على نظام الجمهورية ، سيتبلور لدا الطلبة الصحراويين بقيادة الوالي مصطفى السيد ، فكرة تحرير الأقاليم الصحراوية من الاستعمار الاسباني ، لا بهدف انشاء دولة انفصالية ، بل كان التحرك من اجل استرجاعها الى المغرب .
وحتى يُكوّنوا فكرة صائبة عمّا يمكن ان يحصل من تطورات ، بسبب رفعهم لشعار تحرير الصحراء ، وحتى يضعوا الطبقة السياسية المغربية امام سياسة الامر الواقع ، ويكشفوا زيفها الوطني ، قاموا بمبادرات اتصال مع زعماء الأحزاب السياسية المغربية ، وعلى رأسهم الأستاذ عبدالله إبراهيم ، وعبدالرحيم بوعبيد عن حزب " الاتحاد الوطني للقوات الشعبية " ، وعلال الفاسي عن " حزب الاستقلال " ، و علي يعتة عن " حزب التحرر والاشتراكية / الحزب الشيوعي المغربي " ، وابراهام السرفاتي عن " منظمة الى الامام " .
الاتصالات هّذه لم تسفر عن أي نتيجة إيجابية ، فمن جهة إنّ كل الزعماء اعتبروا قضية الصحراء هي قضية القصر ، وانْ لا دخل لهم فيها ، ومن جهة فان ابراهام السرفاتي ، فضل الاستمرار في الانكباب على مشروع جمهوريته الديمقراطية الشعبية ، بدل الاهتمام بقضية تحرير الصحراء .
ان هذه المواقف المفضوحة لما يسمى بالنخبة السياسية الحزبية ، وهي مواقف لا تزال سارية الى الآن ، تبين جليا ، ان قضية الصحراء ليست فقط قضية نظام ، بل هي قضية جميع الأحزاب التي فوّضت للنظام امر معالجتها بما تفرضه معطيات الساحة الوطنية ، والإقليمية ، والدولية . وانّ اكبر دليل على هذا ، ان جميع الأحزاب تبارك وبدون نقاش ، مواقف الملك بخصوص الصحراء . فباستثناء حزب " النهج الديمقراطي " ، فان جميع الأحزاب كانت تقف مساندة ، ومدعمة لمواقف القصر بدون ابداء ملاحظات حتى ولو خجولة ، هكذا ستدعم الأحزاب اتفاق الاطار الذي اعده جميس بيكير ، ودعمت دعوة النظام لتنظيم الاستفتاء في سنة 1982 ، كما دعمت حل الحكم الذاتي في سنة 2007 ، وصفقت لاعتراف النظام بالجمهورية الصحراوية ، وفي سنة 1975 سيطبلون وسيصفقون ، لتوقيع النظام على اتفاقية مدريد الثلاثية التي قسمت الصحراء كغنيمة بين الرباط ، وبين نواكشوط ، ومدريد التي كانت حقوقها في الفوسفاط والاسماك ، والتخلي ، بل التنازل عن سبتة ، ومليلية ، والجزر الجعفرية .
بعد الانتكاسة / الصدمة التي اصابت الشباب الصحراوي الثوري ، من مواقف زعماء جميع الأحزاب السياسية ، وبعد ان فهم الشباب الصحراوي تلك المواقف على انها بادرة خيانة ، شمّروا عن سواعدهم ، وقرروا التحرك بما يضمن التناقض الأساسي بين الاستعمار الاسباني وبين النظام المغربي ، حيث سيُنظّمون مظاهرة بموسم طانطان في سنة 1970 ، رفعت فيه شعارات تحرير الصحراء ، وتم توزيع مناشير تحُثُّ على المقاومة لاسترجاع الصحراء الى المغرب ، لا الى انفصالها .
عند تنظيم المظاهرة سيتدخل النظام المغربي بقيادة الجنرال محمد افقير لقمعها ، وترتب عن ذلك اعتقالات طالت التحررين الذين تم رميهم في السجون .
لقد كان رد فعل النظام من المظاهرة ، خطأ استراتيجيا أدى بالشباب الصحراوي الذي عانى من ظروف الاعتقال ومن السجون ، الى طرح مبادرة تجمع بين التحرير وبين الديمقراطية . وهنا سيتم التنسيق مع اطر المقاومة وجيش التحرير المرابطين بالجزائر ، وبمبادرة من الفقيه محمد البصري ، وعبدالفتاح سباطة ، ومولاي عبدالسلام الجبلي .. ومقاومين آخرين ، سيتم تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ، وكانت الغاية من ذلك ، من جهة توظيف الجبهة التي أصبحت مسلحة من تحرير الصحراء ( التحرير ) ، ومن جهة توظيفها كتناقض مع النظام الذي كانوا يخططون لقلبه من اجل نظام الجمهورية البرلمانية ( الديمقراطية ) .
وعندما طرح النظام قضية الصحراء كخلاص من النفق السياسي الذي كاد ان يخنقه ، لان رأسه كان مطلوبا ، نجح بطرحه قضية الصحراء ، في استقطاب المعارضة الراديكالية التي انتقلت من مطلب الجمهورية ، الى مطلب اقتسام الحكم ، ولينتهي بها الزمن بعد سنوات ، وبعد ان تم افراغها من مضمونها ، الى مهرولين فقط للمشاركة في الحكومة ، وليس في الحكم الذي ظل بيد الملك .
أدى التوقيع على اتفاقية مدريد التي قسمت الصحراء كغنيمة ، الى اثارة النعرة الجزائرية التي لعب وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسينجر ، دورا في الدفع بها ، كتناقض يستجدي نصيبه من الكعكعة .
هكذا وبعد ان كان طرفا النزاع نواكشوط والرباط ، ستصبح الجزائر طرفا فاعلا ، ولا عبا أساسيا في الصراع الدائر بالمنطقة ، وتطور المسلسل الى التدخل المباشر للجيش الجزائري بأمغالا ، وبتهجير الصحراويين الى تندوف ، لاستعمالهم كدروع وشماعة ، تستجدي بهم الجزائر المنظمات الدولية ، لخدمة مصالح الجزائر الإقليمية ، باسم الصحراويين الكمبراس في الصراع .
فماذا حققت جبهة البوليساريو بعد استقطابها من قبل نظام الهواري بومدين ، وبدعم قوي ومباشر من قبل معمر القدافي ؟
في بداية النزاع المسلح ، وبفعل تدخل قوات اجنبية ، بسبب التخندق الذي املته وتحكمت فيه الحرب الباردة ، ونزوع افريقيا الى التحرر من الاستعمار ، نجحت البوليساريو في حصاد دعم دولي كانت تتزعمه الكتلة الاشتراكية العالمية ( اوربة الشرقية والاتحاد السوفياتي ) ، وبعض الدول العربية كليبيا ، اليمن الجنوبي ، الجزائر ، سورية ، منظمة التحرير الفلسطينية .... وقد تزامن هذا النجاح مع الدخول في حرب ضروس خلفت مآسي ونتائج كارثية على شعوب المنطقة ، كما ركزت كل مجهودات الدول المتصارعة على اقتصاد الحرب ، وتعطيل التنمية المدنية من اقتصادية واجتماعية ، مما اثر على الوضع الداخلي للأنظمة السياسية ، فالجزائر ستشهد ثورة شعبية في بداية الثمانينات ، والنظام المغربي تعرض لعدة هزات كادت ان تقطف رأسه .
لكن كل هذه الإنجازات التي تحققت طيلة ستة عشر من الحرب ، سيتم الانقلاب عليها عندما وافقت قيادة الجبهة ، وبموافقة الجزائر على وقف اطلاق النار الموقع في سنة 1991 بين الجانبين ، وتحت الأشراف المباشر للأمم المتحدة ، ومجلس الامن .
ان أطماع الجزائر بالوصول الى مياه المحيط الأطلسي لم تبق من ضروب الخيال ، بل أضحت مسألة وقت ، لان الضامن لنتائج اتفاق وقف اطلاق النار تبقى الأمم المتحدة ، وبما ان الهدف الرئيسي هو تنظيم الاستفتاء الذي خلق له الاتفاق " هيئة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية " ، فانتظار تنظيم تقرير مصير الصحراويين لم يكن يتجاوز سنة 1992 ، او 1993 ، وفي ابعد الحالات 1994 .
لكن ما غاب عن النظام الجزائري ، وليس الجبهة التي تخضع للدولة الجزائرية ، ان عدم الالتزام بالتعهدات في القضايا الثانوية مثل قضية الصحراء ، ليس مهما بالنسبة للدول الكبرى المسيطرة على مجلس الامن ، وما دام ان هدف هؤلاء ، هو اللعب على الوقت بتمديد النزاع الى اقصى مسافة ممكنة ، بغية التحكم في المنطقة ، بهدف استنزاف الأنظمة ، خاصة الحلقة الضعيفة في المعادلة التي هي النظام المغربي .
فهل كان على مجلس الامن ان يغمض عينيه ، لو كان الخروج عن نص الاتفاق الموقع ، وتحت اشرافه يتعلق بنزاع جيو – استراتيجي له علاقة بالغاز او البترول ، او بإحدى الصناعات الاستراتيجية كصناعة النحاس التي تسببت في قلب نظام سلفادور اليندي بالشيلي ؟
فنزاع الصحراء رغم انه جاوز أربعة وأربعين سنة ، فهو يكاد يكون من النزاعات المنسية التي تهتم بها الأمم المتحدة من خلال اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار مرة واحدة في السنة ، او مجلس الامن في دورته التي يعقدها كل شهر ابريل من سنة ، والتي أصبحت دورتين في السنة ، هي شهر ابريل وشهر أكتوبر، وهذا دليل ساطع ان الأمم المتحدة ، ومجلس الامن لا يعيرون ادنى أهمية للنظامين المغربي والجزائري ، ومنهما جبهة البوليساريو .
فما دام ان النزاع يكبل الأنظمة ويستنزفها ، ويعطل وحدة الشعوب ، ويعرقل أي مشروع وحدة اندماجية ، ويضع العصا في عجلة التنمية المعطوبة اصلا ، فمجلس الامن غير متعجل من امره ، لتسريع حل قد يتناقض مع المشروع الغربي الذي يضع المنطقة تحت المراقبة ، والسيطرة .
لذا ومنذ التوقيع على وقف اطلاق النار في سنة 1991 ، ومع مرور السنوات كلها عجاف ، ودامت ثمانية وعشرين سنة ، ولم يتحقق الهدف الذي أنشأت من اجله المينورسو ، الذي هو الاستفتاء ، حتى دب اليأس والملل الجبهة ، ودب الإحباط وسط الصحراويين الذي ملوا العيش لأزيد من أربعة وأربعين سنة بتندوف ، وتحت السلطة المباشرة لعسكر الجزائر ومخابراتها .
والسؤال هنا : من يتحكم في هيكلة الجبهة ؟ من يتحكم في شكليات المؤتمرات ، كالمؤتمر الوطني الرابع عشر للبوليساريو ؟ من يمول الجبهة بالمحروقات ، بسيارات النقل العسكرية ؟ من يزودها بالأسلحة ، من دبابات ، ومزنجرات ، وصواريخ مضادة للطائرات ، وللدروع والدبابات ؟ من يشرف على تمويل السوق الغذائي بالمخيمات .....لخ .
وبما ان وضع الجبهة مرهون بالنظام الجزائري ، فهي تكون تابعة كمديرية سياسية لوزارة الخارجية الجزائرية ، وتكون من خلال الاشراف على الامن ، بمثابة مديرية بوليسية من المديريات التي تتكون منها المديرية العامة للأمن الجزائري ، وكمنظمة شبه مسلحة ، فهي عبارة عن طابور ملحق بالجيش الجزائري ، الذي كان المسؤول الوحيد عن كل هجمات الجبهة في سبعينات ، وثمانيات القرن الماضي .
وبعد ان تخلت على الكفاح المسلح في سنة 1991 ، ومع مرور السنين ، تحولت الجبهة الى ما يشبه حزبا ، او منظمة سياسية تتقن الثرثرة ، والاطناب في الكلام ، وأصبحت تغويها المظاهر والبروتوكلات ، معتقدة انها بهذا التباهي الطاووسي ، تكون قد حققت النجاح في اعتراف الدول بها ، في حين ان الواقع ينطق بعكس ما تتخيله القيادة اليمينية الفاشلة .
وبما ان الحكم على اية تجربة يكون مرهونا بتقييم الحصيلة والنتيجة ، فان القاء نظرة ولو بسيطة عن الوضع الحالي للجبهة ، والمآل المؤسف الذي انتهت اليه تنظيميا ، حيث اصبح واضحا تحكم النظام الجزائري في كل تحركاتها ، هو انقلاب الصورة بشكل معكوس ، من منظمة حققت نتائج إيجابية ، وكادت ان تربك الأنظمة التي كانت مهددة بالسقوط ، بفضل ستة عشر سنة من الكفاح المسلح ، الى منظمة أضحت عالة على الصحراويين الذي ملّوا من انتهازيتها ، وانتظاريتها ، واكاذيبها ، واسترسالها بدون خجل في تحويل الهزائم الى نصر ، بل واتقان دفن الرأس في الرمال ، في كل مرة واجهت مشكلة ، او افتضح امرها ، او تفاجئت بشيء جديد لم تكن تتوقعه ، كالقرار 2468 الذي قضى على كل احلامها التي كانت متوقعة ، واضحت مجرد سرابا .
هكذا وامام التغيير الذي ستقبل عليه الجزائر فيما إذا نجح الشعب الجزائري في بناء جمهورية جديدة ، جمهورية الشعب ، وامام الشعارات التي تم رفعها من قبل الحراكيين تطالب بطرد جبهة البوليساريو ، تطور الامر داخل المخيمات ، التي بدأت تشهد انتفاضات شعبية ضد القيادة ، وضد نظام القبيلة ، ورافضة للمزيد من العيش بالملاجئ بتندوف ، مع ضنك العيش ، وقلة الشيء ، وهو ما تم تفسيره بانقلاب الصورة لرسم أخرى معبرة عن حقيقة المعاناة التي يعاني منها الصحراويون طيلة أربعة وأربعين سنة مضت .
ومما زاد في ارباك وضع الجبهة ، انها أضحت موضوع تجادب وتنافس ، بين سياسيي قصر المرادية ، وصقور جبهة التحرير الوطني الذين حاولا توريطها في الحراك الشعبي الجزائري المستمر ، وجنرالات الجيش الذين بعد ان اكتشفوا المخطط ، حتى اتخذوا إجراءات صارمة تضيق اكثر من تنقلات الصحراويين بين المخيمات ، وبين المخيمات والأراضي الواقعة خارج الجدار، وهي التي يسمونها بالأراضي المحررة .
الآن قضية الصحراء ، وقيادة الجبهة محاصران بالجزائر ، والقيادة لم يعد لها أي تجاوب مع الجنرالات ، الذين لم يعيروها أي اهتمام ، في قضية الصحراوي احمد خليل الذي لفظ أنفاسه تحت التعذيب ، واصبح وجود الجبهة ليس فقط عالة على الصحراويين ، بل اصبح عالة حتى على الجزائر التي ضاقت درعا من وجودها بتندوف طيلة أربعة وأربعين سنة مضت .
فبسبب احتجاجات الشارع الجزائري ، انقسم على نفسه النظام الحاكم في الجزائر بخصوص تحديد موقفه من الجبهة ، الى ثلاثة تيارات متناقضة ، واحد داعم لبوتفليقة ، وهم مافيا الجزائر ، والثاني مدعم للحراك ومعادي لتيار بوتفليقة ، وتيار ثالث غير مؤثر ويتكون من المرجئة الذين ينتظرون الفرصة لمغادرة الجزائر ، الشيء الذي جعل التيار المؤيد ظاهريا للحراك يهدد بالكشف عن حقائق تخص العلاقة بين تبذير المال العام ، والدفاع عن قضية الصحراء الغربية ، والغريب المفاجئة ، ان هذا التيار يترأسه القايد صالح قائد الجيش ، الذي يقف وراء تقنين خروج الصحراويين خارج المخيمات ، متضرعا بحجة تهريب المحروقات لتبرير القرار المنع ، في حين ان سبب قرار المنع الحقيقي هو الحيلولة دون فرار الصحراويين ومنعهم من الالتحاق بالمغرب ، ومن جهة منع أي تواصل بين الصحراويين وبين الحراكيين الجزائريين ، ومنع التواصل بين قصر المرادية وقيادة الجبهة الصحراوية حتى لا يتم أي اقحام للصحراويين في حراك الشعب الجزائري ، وخصوصا وان مقترحات في الموضوع ، وبدعم المخابرات الفرنسية ، كانت بين ايدي نظام بوتفليقة ، طرحها الجنرال البشير طرطاق ، وسعيد بوتفليقة لاستعمال عناصر صحراوية مدربة كبلطجية من اجل خلق البلبلة بين صفوف المحتجين ، وهو الامر الذي رفضه القايد صالح واخضع معه المخيمات للمراقبة المشددة .
كل هذه المعطيات ، إضافة الى الاتجار في المخدرات ، تشاركت لتسبب غضب المؤسسة العسكرية الجزائرية على القيادة اليمينية الفاشلة الصحراوية ، التي قررت تقنين الولوج الى تلك المناطق ومراقبة حركة الدخول والخروج منها ، أي ان المخيمات اليوم أصبحت عبارة عن سجن كبير للاجئين الصحراويين .
وامام عجز القيادة اليمينية الصحراوية رفع تلك القيود عن حركية الصحراويين ، وامام الفشل الذي أصاب الجبهة منذ تطليقها الكفاح المسلح ، وامام التطورات السلبية التي طرأت على وضع الجبهة ، بانتقالها من الكفاح المسلح الذي كاد ان يعطي نتائج ، الى وضع انتظاري دام ثمانية وعشرين سنة خلت ، وامام الهزيمة المدوية على جميع الأصعدة ، وخاصة الأممية التي انهاها مجلس الامن بقراره الفريد 2468 ، سيكون على الصحراويين النضال ضد القيادة اليمينية التي تلاعبت بهم ، وباعتهم الأوهام من اجل التمسك ، والتشبث بالسلطة طيلة المدة التي أعقبت اتفاق وقف اطلاق النار في سنة 1991 ، وضد قرارات جنرالات الجزائر الغير الإنسانية ، بسبب الوضع المزري في المخيمات ، ونقص انْ لم نقل انتفاء المواد الأولية ، وغياب مجالات تشغيل الشباب ، وحتى لا يكون الصحراويون ضحية التغييرات السياسية بالجزائر ، وضحية ضعف القيادة اليمينية التي تعيش في بحبوحة نعيم لا تتوفر للصحراويين بملاجئ تندوف .
ان الحل الذي على صحراويي المخيمات العمل من اجله ، هو القيام بانتفاضة تحتية وشعبية عارمة ، ضد القيادة اليمينية للجبهة ، وضد قمع جنرالات الجيش الجزائري ، وان تكون الهبّة قوية للحسم مع حلول الكذب في المؤتمر الوطني الخامس عشر المقبل للجبهة .
ان الانتصار على القيادة المرتهنة لعسكر الجزائر لا يتحقق ، الا بانتصار الشباب الصحراوي على برامج الكذب في مؤتمر الجبهة القادم ، وتبوئهم القيادة لاختيار الحل المناسب والذي لن يخرج عن :
1 ) التسليم بالتغيير الحاصل بشكل ارتدادي منذ تطليق الكفاح المسلح في سنة 1991 ، والارتماء في المفاوضات من اجل المفاوضات ، وهي المفاوضات التي مآلها الفشل دائما .
وهنا فالقرار يجب ان يكون جريئا ، والذي لن يكون غير العودة بدون شروط الى المغرب ، لان الطرف المنتصر هو من يملي شروطه .
2 ) التسليم باقتراح النظام المغربي والذي لن يتجاوز حل الحكم الذاتي . والحكم هنا سيكون من حيث الشكل والمضمون خاضعا للقرار والتصور المغربي ، وليس الحكم الذاتي الذي تفرضه الأمم المتحدة ، والذي يكون المرحلة ما قبل الأخيرة للانفصال .
3 ) العودة الى الكفاح المسلح ، بعد ان طلقوه منذ ثمانية وعشرين سنة خلت . وهنا يجب الاخذ بعين الاعتبار ، التحول العميق الذي طرأ على الجيوش ، من حيث نوع الأسلحة ، وتعداد الجنود ، والضباط ، وضباط الصف ، وهو الواقع الذي ادركته الجزائر ، وجعلها تتصرف بأسلوب مغاير لسنوات السبعينات والثمانيات من القرن الماضي .
4 ) التسليم بواقع العيش في تندوف ، والذوبان ضمن المجتمع الصحراوي الجزائري ، ونسيان شيء كانوا يسمونه بالصحراء الغربية .
فبدون الجرأة في اتخاذ موقف من الواقف أعلاه ، وامام استمرار حصد الهزائم المتوالية منذ سنة 1991 ، وإذا فشل الشباب الصحراوي في حسم الموقف في المؤتمر الخامس عشر ، واستمرت الوضع على ما هو عليه ، الا نقول ان جبهة البوليساريو بعد مرور ستة واربعين سنة من انشائها ، في طريقها الى الاندثار ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد