الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب الأصيل بعد فشل الوكيل المحلي … وصفقة القرن!!

شوقي إبراهيم عثمان
(Shawgi Ibrahim Osman)

2019 / 5 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


السياسة الدولية دائما وأبدا ذات وجهين، وجه مُعلَن وآخر مُبَطَن!! المحلل الحقيقي يحاول أن يقرأ المبطن، بينما الوجه المعلن هو قبلة المحللين الطيبين، السذج أو الهواة. كيف نفهم السياسة الأمريكية الإسرائيلية اليوم؟ نجزم، أن كل الحراك الأمريكي الإسرائيلي المبطن منذ ربع قرن يدور حول إنقاذ عملة الدولار، بينما الحراك الآخر وهو الحراك الأطول نفسا، ابتلاع كامل الأراضي الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين، أو تشتيتهم ضمن مشروع ضخم، يسمى “صفقة القرن”. بينما أي شيء آخر، هو مجرد رتوش، أو أصباغ، تخدم الهدف المبطن.

وسنشرح أيضا كيف أن “صفقة القرن” تخدم إنقاذ عملة الدولار.

بعد أن فشل الوكيل المحلي، السعودية الإمارات وقطر وأدواتهم الإرهابية التكفيرية داعش والنصرة كومباني، ومعهم فشلت مؤامرة تمزيق الدولة السورية وتقسيمها وخلع رئيسها بشار الأسد 2011-2019م، وقبلها، هزِم حزب الله اللبناني إسرائيل هزيمة مدوية في حرب الثلاثة وثلاثين يوما في يوليو/أغسطس2006م، نزل الأصيل الأمريكي الإسرائيلي بنفسه في الشرق الأوسط، كي يطبق الكارت الأخير على الجمهورية الإسلامية الإيرانية. بتعبير مختصر: حين فشلوا في إنهاء حزب الله، ثم فشلوا في شطب الدولة السورية لم يتبق لهم سوى الكارت الأصعب: الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

كل الحراك الأمريكي الإسرائيلي الحالي هو حصرا من أجل تنفيذ الفصل الأخير من “المسرحية”، ونقول الفصل الأخير، لابتلاع كافة الأراضي الفلسطينية وإنهاء القضية الفلسطينية. هدف ابتلاع “كافة” الأراضي الفلسطينية هو “الهدف الإستراتيجي” الكبير ثم رسمه ما قبل عام النكبة 1948م، ولكنهم من عقدية لأخرى، كانوا يغيرون التكتيك، ويتنقلون من تكتيك لآخر، ولم يوفروا جهدا في استنباط كل السلوكيات المعززة behavioural enhancers للوصول للهدف الاستراتيجي الكبير. ولكن السمة المطلقة في الإستراتيجية والتكتيك الأمريكي الإسرائيلي هي التي ينطق بها القانون الثالث، هكذا:

Conceal your Intentions, Keep people off-balance and in the dark by never revealing the purpose behind your actions. If they have no clue what you are up to, they cannot prepare a defence. Guide them far enough down the wrong path, envelope them in enough smoke, and by the time they realize your intentions, it will be too late.

,وهنا ترجمة القانون الثالث أعلاه:

(أخفي نواياك، ضع الآخرين في حالة عدم التوازن في الظلام عندما لا تكشف أبدا الغرض خلف أفعالك. عندما لا يكون لديهم معلومات عن ماذا أنت مقبل عليه لا يستطيعون ترتيب دفاعاتهم. قودهم بما فيه الكفاية في الطريق الخطأ، وغلفهم بما يكفي من الدخان، وفي الوقت الذي يكتشفون فيه نواياك، سيكون الوقت قد فات). بهذا القانون الثالث دوخ الأمريكيون والإسرائيليون قادة الدول العربية، و “جرجروهم” خطوة خطوة إلى أن أركعوهم. ما عدا الرئيس الراحل السوري حافظ الأسد.

أول من أطلق مصطلح “الهلال الشيعي” كتحذير ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية هو ملك الأردن عبدالله في حوار له مع الواشنطون بوست في ديسمبر 2004م. وكان تحذيره إيذانا لحقبة جديدة لخلط الأوراق، حيث ستنطلق بعدها حملة إعلامية منظمة بشيطنة إيران كعدو، بينما إسرائيل هي الصديق. ودعم اللفظة محمد حسني مبارك. وهو كذلك نفس العام أو بعده بقليل وسيبدأ التآمر على سورية، فنزلت قطر بدءا من عام 2005م بثقلها المالي كمستثمرة في سورية، بينما الهدف المبطن شراء كل المسؤولين، وإفسادهم الخ، وشارك في هذه الخدعة علي عثمان محمد طه، فوقَّع مع رئيس الوزراء السوري وقتها محمد ناجي عطري 22 اتفاقية، لم يكن الهدف من الاجتماعات المشتركة سوى كشف نقاط ضعف الدولة السورية لصلح المؤامرة على سورية

وما أن حللنا عام 2009م، حتى فتح يوسف القرضاوي عنان حملة مبرمجة مقذعة في حق إيران، مصحوبة بحركة تنشيط محمومة لمجمع أزهري كان لعقود سابقة خامدا، تتمثل فيه كافة الدول العربية السنية بممثل، على غرار مجلس الفاتيكان المسكوني (المسيحية الكونية). كان على رأس هذه الحركة التنشيطية شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي، لمحاربة إيران. كانت الخطة محاربة إيران في كافة الدول العربية بقيادة أزهرية مرجعية مركزية، ولكن أيضا اعتقال “الفتاوى” وإحالتها إلى فتوى مركزية. وقتل الله تعالى محمد سيد طنطاوي في العاصمة الرياض في 10 مارس من عام 2010م، فيما يشبه الفضيحة (ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله..) صدق الله العظيم. وبموته مات مشروع تحويل الأزهر فيما يشبه الفاتيكان!!

وبدأت الثورة الملونة (على غرار ثورة جوان غويدو) المصنوعة في منتصف مارس من عام 2011م، والبقية معروفة!!

عندما تستعرض الخطاب السياسي الأمريكي السعودي الإماراتي القطري الإسرائيلي فيما يأخذونه على إيران تتمثل في عموميات لا مصداقية لها. “زعزعة وأمن استقرار المنطقة”، “الاستعمار الشيعي للدول العربية (كما زعم القرضاوي 2009م)”، “التمدد الشيعي في الدول العربية السنية”، “التهديد الإيراني إزاء الدول العربية”، “توسع النفوذ الإيراني في منطقة الخليج العربي”، “التهديدات الإيرانية للمصالح الأمريكية ولحلفاء واشنطن بالمنطقة“، “سيناريو ردع إيران ووكلائها يكتمل في المنطقة | أخبار سكاي نيوز عربية”، إضافة إلى بضعة إن لم يكن مئات الآلاف من الذباب الإلكترونيي يلعب على الكي بورد من الخلف، خليجي وإسرائيلي، إضافة إلى مراكز بحثية تبدو محترمة بينما ليست كذلك، مثل مركز عزمي بشارة القطري، ومركز دراسات الوحدة العربية لخير الدين حسيب والعشرات، بينما المراكز الوسيطة المدفوعة الثمن خليجيا تتمركز في مصر وهي أقل شهرة مثل “المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية” https://afaip.com/aboutus/ ولا شك أنه يمول من قبل إحدى الدول الثلاثة أو جميعا معا السعودية، قطر، والإمارات.

لقد نجحت الخطة الأمريكية الإسرائيلية الخليجية في تحويل صورة العدو من الكيان الصهيوني إلى إيران، بالضرب على وتر سنة/شيعة ولكن إعلاميا. بينما هذه التحويلة لم يستسغها الجمهور العربي السني الأشعري تدريجيا، خاصة بعد هزيمة الإرهابيين التكفيريين في سورية، وانفضاح خيوط التأمر، وانقشاع الدخان عن الصورة الكلية، التي لم تكشف عن “صفقة القرن” وانهاء القضية الفلسطينية فحسب، بل أيضا شروع دول الخليج ومصر ورئيسها العميل الأمريكي عبد الفتاح السيسي، والملك الأردني الصغير، في إنشاء “ناتو عربي” بقيادة واشنطون وتل أبيب.

يقول أحد المحللين المصريين الذين يقتاتون من موائد الخليج:
„يُعتبر الحديث عن تأسيس كيان لدول البحر الأحمر وخليج عدن أكثر منطقية ومصداقية، فنجاح الدول العربية في إيجاد هذا الكيان التنظيمي والتعاون الأمني والتنموي بينها من خلال هذا الكيان، من شأنه أن يمنع دخول الدول غير العربية في الترتيبات الأمنية المنتظرة في هذه المنطقة الاستراتيجية. حيث أعلنت المملكة العربية السعودية* يوم 12/12/2018 تأسيس كيان لدول البحر الأحمر وخليج عدن يضم كلاً من السعودية ومصر والسودان وجيبوتي واليمن والصومال والأردن، لتعزيز سبل التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية بين الدول العربية والإفريقية المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن، والسعي لتحقيق مصالحها المشتركة وتعزيز الأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي، وتقديرا للأهمية التي يمثلها هذا الممر المائي المهم للدول العربية والإفريقية المشاطئة وللملاحة والتجارة الدولية، وفي إطار المسؤولية التي تقع على عاتق هذه الدول لتوفير الأمن والأمان لهذا الممر الذي كان ولا يزال جسرا للتواصل بين الحضارات والثقافات”.

* (السعودية: اتفاق لتأسيس كيان لدول البحر الأحمر وخليج عدن، موقع العربية، 12 ديسمبر 2018، تاريخ الدخول 15 ديسمبر 2018، مُتاح على الرابط التالي: http://ara.tv/rw76r ).

وهذا ما يفسر التكالب السعودي الإماراتي على إجهاض الثورة السودانية وتشجيع العسكر بالقيام لعمل انقلاب عسكري أبيض، وهذا ما يفسر لم الطابوران الخامس الكيزاني والسلفي في السودان يشجعان العسكر ليحكموا مطلقا دون المدنيين. هذا إضافة إلى عاملين آخرين، الخشية من سحب القوات السودانية التي تقاتل كمرتزقة في اليمن الشقيق، والرغبة في تمرير صفقة القرن وانهاء القضية الفلسطينية بمعزوفة سعودية إماراتية (عربية) واحدة. وأيضا ما يفسر جر أبوظبي الحركات المسلحة للجلوس مع ابن زايد، وزيارة مريم الصادق المهدي المشبوهة، والرهان على أبيها. بينما البرهان وحميدتي يبدوان إنهما متورطان حينما كانا تحت مظلة الرئيس اللص المخلوع، فهما في حل من هذا الارتباط المشبوه لتحويل البحر الأحمر إلى بحيرة إسرائيلية تخدم مدينة “نيوم” لإبن سليمان، و”صفقة القرن” السيئة الصيت لإنهاء القضية الفلسطينية، وفي حل من وضع العصي في دولاب “طريق الحرير” الصيني وقطع الطريق على عملة “الرينمينبي” كي لا تطيح بعملة الدولار.

[IMG]http://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1546010141224389700/1546010180000/1280x960.jpg[/IMG]

وكي تمر صفقة القرن، التي سيشرعون في تنفيذها بعد نهاية شهر رمضان الكريم، دفعت الولايات المتحدة وإسرائيل كل طاقتهما لمحاصرة إيران اقتصاديا لإضعافها واستفزازها، ثم حرك ترامب أساطيله نحو الخليج الفارسي. ودول الخليج تطبل بسذاجة من أجل الحرب. هل تشتعل الحرب؟ الجواب: نعم. لن تعدم واشنطون وتل أبيب الحيلة لصنع ذريعة بخفية تبُرر بها الحرب على إيران، رغم كل تصريحات ترامب إنه ليس راغبا في حرب. إنه يكذب. إنها ستكون حربا إقليمية لا تُبقي ولا تزر!! ففي سبيل القفز على آبار البترول، وتحت عنوان “إعادة بناء دول الخليج” كما حدث لأوروبا ما بعد الحرب العالمية الثانية، من السهل على اليهود الخزر التضحية بالأسطول الأمريكي برمته في مواجهة إيران، لإنقاذ عملتهم الدولار. ونقول “عملتهم” لأن الدولار يملكه اليهود بالمعنى الحرفي للكلمة وليس المجاز اللغوي.

حرب مدمرة... ولا تزر... لتنشيط عجلة الاقتصاد الأمريكي، وشطب الديون والعجز الداخلي الذي بلغ 25 تريليون دولارا، ليس أفضل من خيار حرب مدمرة للشرق الأوسط والسيطرة على آبار النفط تحت شعار إعادة البناء. وتحت غبار الحرب الإقليمية سيسهل عليهم تشكيل الديموغرافيا والجغرافية الفلسطينية، أما بضم أراضي لغزة من سيناء تآمرا مع العميل السيسي، أو ترحيل كافة فلسطينيي 48 والضفة الغربية نحو الأردن، ويقال لهم هذه دولتكم بعد إزاحة الملكية الأردنية.

في الختام نذكر عبد الفتاح البرهان وحميدتي (مع احترام الألقاب) عليهم أن يسلما السلطة للمدنيين، وأن يسحبا أنفسهما من “محور البحر الأحمر”، ومن حرب اليمن القذرة الإبادية لشعب كريم، أو أن يتركا هذه الأمور للحكومة المدنية القادمة، وللمجلس التشريعي القادم، لرفع العتب. غير ذلك، فلن يوافق الشعب السوداني المنتفض أن يكون ألعوبة لدول الخليج.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على