الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علم الدلالة بين المفهوم والريادة – حواريات – حيدر مكي

حيدر مكي الكناني
كاتب - شاعر - مؤلف ومخرج مسرحي - معد برامج تلفزيونية واذاعية - روائي

(Haider Makki Al-kinani)

2019 / 5 / 23
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


علم الدلالة بين المفهوم والريادة – حواريات – حيدر مكي
يبدو أن صاحبنا (حيران) لا يكل ولا يمل من حوارياته المعرفية والفكرية والمنهجية فشغله الشاغل البحث عن حقيقة الأشياء وما يعجبني فيه أنه لا يتعامل مع دراسته في الماجستير تعاملا تقليديا فهو لا يتعامل مع الأشياء تعاملا تقليديا سطحيا بل يحب الوجه الآخر للحقيقة الوجه الذي طالما لم نعبئ فيه لكنه هو جوهر الأشياء فهناك فرق بين محاضرة مبنية على التلقين وهي حال واقعنا المعاش الآن ومحاضرة أخرى تستخدم التيسير وفك رموز الفكرة والوصول إلى كنه الأشياء فانثيالات الأفكار تبدأ من (فايروس) الحكاية المبني على ثيمة فكرة يتيمة تتّقد في لحظة لتصل إلى أعلى منطقة ممكنة في ظلال المعاني والكلمات لتبحث عن مفردة تكوين لانطلاقاتك وأنت تتجسّد فيها معلنا معركتك الجديدة في فكرة لم تولد بعد , هاهو (حيران) يكتب لي ويرفق لي نسخا مصورة من مصادر يعدها ضرورية لمباحثتنا حول (الدلالة ) فهو منشغل في فكرة مثلث الرواقيين وشبهه بمثلث المعنى الذي وضعه كل من (تشارلز أوغدن وزميله آيفر رتشاردز).
-عزيزي حيران بالنظر الى ظرفك الدراسي وكونك تدرس في مكان يبعدك عني جغرافيا لكنك هنا انت معي في كل شاردة وواردة ولأنك محتاج لحواريتنا حول الدلالة سأوجز لك ماسألت واليك كتابي مصحوبا بالشوق الى لقاء قريب .
علم الدلالة : علم لغوي حديث يبحث في الدلالة اللغوية .
حدوده : النظام اللغوي والعلامة اللغوية .
ما كان سائدا : أن علم الدلالة تقتصر دراسته على دلالات الألفاظ وتطورها, لماذا؟ لكونها أكثر العناصر اللغوية قابلية للتغيير في اللغات الإنسانية كونها لا تستقر على حال واحد لأنها تتبع الظروف , لماذا ؟ لأن كل فرد كل متكلم يكوّن مفرداته من أول أيام حياته إلى آخرها بمداومته على الاستعارة ممن يحيطون به .
-الإنسان يزيد وينقص من مفرداته حسب الاستعمال اللغوي .
-أخذ المصطلح من أصل يوناني بمعنى (يعني ) أو (يدلّ)
-حمل هذا المصطلح معناه العلمي الحديث في كتاب (حياة الكلمات ) للفرنسي (دمستتر) عام ( 1887 ) م وكتاب (محاولة في علم الدلالة ) للفرنسي ايضا (بريال) 1897 م .
-علم الدلالة (سيمانتيك ) Semantics، بنوع من التعميم هي فرع من اللسانيات يدرس المدلولات.
-وهناك رأي آخر يقول أن أول من ابتكر كلمة الدلالية sémantique لأول مرة هو اللساني الفرنسي(ميشيل بريال Michel Bréal ) صاحب كتاب "دراسة الدلالة" وذلك خلال أواخر القرن التاسع عشر.
-إن الدلالية تتناول الكثير من الموضوعات فهي تعالج:
-دلالة الكلمات المركبة.
-العلاقات المعنوية القائمة يبن الكلمات (الاشتراك اللفظي، الترادف الدلالي، *التشاكل الدلالي،التضمن الدلالي ).
-شروط الصدق الخاصة بالملفوظ.
-التحليل النقدي للخطاب.
-التداولية منظورا إليها كفرع من الدلالية.



قبل الاصطلاح لابدّ من ولادة
عند الإغريق
أولى الفلاسفة اليونانيون اهتماماً كبيراً لقضية الدلالة في أبحاثهم. ومن أهم القضايا الدلالية التي تناولها اليونان بالدراسة، قضية العلاقة بين اللفظ ومعناه والتي تعارضت فيها نظريتان.
ترى الأولى أن العلاقة بين اللفظ ومعناه طبيعية.
ترى الثانية أن العلاقة ناجمة عن عرف واصطلاح وتراضٍ بين البشر.
ونجد أفلاطون وهو أشهر من يمثل الاتجاه الأول في حواره كراتيل من "أن للألفاظ معنى لازماً متصلاً بطبيعتها أي أنها تعكس –إما بلفظها المعبر وإما ببنية اشتقاقها –الواقع الذي تُعَبِّرُ عنه."
أما الاتجاه الثاني: فيمثله أرسطو إذ يعد الناطق بهذه النظرية القائلة لأن "للألفاظ معنى اصطلاحياً ناجماً عن اتفاق وعن تراضٍ بين البشر."

عند المسلمين
ظهرت بدايات هذا العلم عند العرب والمسلمين وقد برع الكثيرون منهم مثل: ابن خلدون، والجرجاني والسكاكي وغيرهم، والذي وصلوا إلى دراسة معنى الكلمة (الدال والمدلول)، ومعنى الجملة (الإشارة، والإستدلال)، وتناوله اللغويون الغربيون المحدثون بالبحث والدراسة في أواسط القرن المنصرم؛ حتى غدا اليوم علماً متكاملاً يدرس في أكثر جامعات العالم.

عند الغربيين
ويرجع أول ظهور لدراسة علمية خاصة بالدلالة إلى أواخر القرن التاسع عشر هي تلك التي قام بها اللغوي الفرنسي ميشال بريال MICHEL BREAL حين كتب بحثاً بعنوان "مقالة في السيمانتيك Essai de semantique وذلك سنة 1897. فميشال بريال هو "أول من استعمل المصطلح "سيمانتيك" لدراسة المعنى".

وقد كانت دراسة المعنى عنده منصبة على اللغات الهندية الأوروبية مثل اليونانية واللاتينية والسنيكريتية وعدَّ بحثه آنذاك ثورة في دراسة علم اللغة، وأول دراسة حديثة خاصة بتطور معاني الكلمات.

وهذا يعني أن الدراسة الدلالية عنده كانت "مقصورة في الواقع على الاشتقاق التاريخي." وفي سنة 1923 ظهر كتاب آخر تحت عنوان "معنى المعنى" الذي ألفه الإنجليزيان أوجدن Ogdan وريتشاردز Richards. وقد ترجم هذا الكتاب عام (2015) وحصد جائزة الشارقة للإبداع وقام بتأليفه وترجمته الدكتور العراقي (كيان أحمد حازم ) وقد جاء هذا الكتاب نتيجة التأثير الكبير الذي أحدثه ميشال بريال إذ كان بمثابة الموجه إلى قضية هامة تعنى بالمعنى هي السيمانتيك.



إن الدلالية تتناول الكثير من الموضوعات فهي تعالج:
دلالة الكلمات المركبة.
العلاقات المعنوية القائمة يبن الكلمات (الاشتراك اللفظي، الترادف الدلالي، *التشاكل الدلالي،التضمن الدلالي... ).
شروط الصدق الخاصة بالملفوظات.
التحليل النقدي للخطاب.
التداولية منظورا إليها كفرع من الدلالية.

كتاب (الفيدا) منبع الدراسات اللغوية

كان شأن الهنود قديماً حيث كان كتابهم الديني (الفيدا) منبع الدراسات اللغوية والألسنية على الخصوص التي قامت حوله، ومن ثمة غدت اللسانيات الإطار العام الذي اتخذت فيه اللغة مادة للدراسة والبحث. وكان الجدل الطويل الذي دار حول نشأة اللغة قد أثار عدة قضايا تعد المحاور الرئيسية لعلم الألسنية الحديث فمن جملة الآراء التي أوردها العلماء حول نشأة اللغة قولهم: "بوجود علاقة ضرورية بين اللفظ والمعنى شبيهة بالعلاقة اللزومية بين النار والدخان."

إن المباحث الدلالية قد أولت اهتماماً كبيراً لعلاقة اللفظ بالمعنى، وارتبط هذا بفهم طبيعة المفردات والجمل من جهة وفهم طبيعة المعنى من جهة أخرى، فلقد درس الهنود مختلف الأصناف التي تشكل عالم الموجودات.

قسم الهنود دلالات الكلمات إلى أربعة أقسام:‏

1-قسم يدل على مدلول عام أو شامل (مثل لفظ: رجل)‏
2-قسم يدل على كيفية (مثل كلمة: طويل)‏
3-قسم يدل على حدث (مثل الفعل: جاء)‏
4-قسم يدل على ذات (مثل الاسم: محمد)‏
إن دراسة المعنى في اللغة بدأ منذ أن حصل للإنسان وعي لغوي، فلقد كان هذا مع علماء اللغة الهنود، كما كان لليونان أثرهم البين في بلورة مفاهيم لها صلة وثيقة بعلم الدلالة، فلقد حاور أفلاطون أستاذه سقراط حول موضوع العلاقة بين اللفظ ومعناه، وكان أفلاطون يميل إلى القول بالعلاقة الطبيعية بين الدال ومدلوله، أما أرسطو فكان يقول باصطلاحية العلاقة، وذهب إلى أن قسّم الكلام إلى كلام خارجي وكلام داخلي في النفس، فضلاً على تمييزه بين الصوت والمعنى معتبراً المعنى متطابقاً مع التصور الذي يحمله العقل عنه.
وقد تبلورت هذه المباحث اللغوية عند اليونان حتى غدا لكل رأي أنصاره من المفكرين فتأسست بناء على ذلك مدارس أرست قواعد هامة في مجال دراسة اللغة كمدرسة الرواقيين. ومدرسة الإسكندرية ثم كان لعلماء الرومان جهد معتبر في الدراسات اللغوية خاصة ما تعلق منها بالنحو، وإليهم يرجع الفضل في وضع الكتب المدرسية التي بقيت صالحة إلى حدود القرن السابع عشر بما حوته من النحو اللاتيني، وبلغت العلوم اللغوية من النضج والثراء مبلغاً كبيراً في العصر الوسيط مع المدرسة السكولائية (Scolastique) والتي احتدم فيها الصراع حول طبيعة العلاقة بين الكلمات ومدلولاتها، وانقسم المفكرون في هذه المدرسة إلى قائل بعرفية العلاقة بين الألفاظ ودلالاتها وقائل بذاتية العلاقة.‏
وبقي الاهتمام بالمباحث الدلالية يزداد عبر مراحل التاريخ، ولم يدّخر المفكرون أي جهد من أجل تقديم التفسيرات الكافية لمجمل القضايا اللغوية التي فرضت نفسها على ساحة الفكر، ففي عصر النهضة، أيضا سادت "الكلاسيكية" بأنماطها في التفكير والتأليف امتازت الدراسات اللغوية في هذه المرحلة بالمنحى المنطقي العقلي، وأحسن من يمثل هذه الفترة رواد مدرسة (بوررويال) الذين رفعوا مقولة: أن اللغة ما هي إلا صورة للعقل، وأن النظام الذي يسود لغات البشر جميعاً قوامه العقل والمنطق.
وفي الجانب الآخر من العالم، كان المفكرون العرب قد خصصوا للبحوث اللغوية حيزاً واسعاً في إنتاجهم الموسوعي الذي يضم إلى جانب العلوم النظرية كالمنطق والفلسفة علوماً لغوية قد مست كل جوانب الفكر عندهم واحتاج ذلك منهم إلى وضع أسس نظرية، فيها من مبادئ الفلسفة والمنطق ما يدل على تأثر العرب بالمفاهيم اليونانية ولذلك يؤكد عادل الفاخوري أنه "ليس من مبالغة في القول إن الفكر العربي استطاع أن يتوصل في مرحلته المتأخرة إلى وضع نظرية مستقلة وشاملة يمكن اعتبارها أكمل النظريات التي سبقت الأبحاث المعاصرة." فالأبحاث الدلالية في الفكر العربي التراثي، لا يمكن حصرها في حقل معين من الإنتاج الفكري بل هي تتوزع لتشمل مساحة شاسعة من العلوم لأنها مدينة "للتحاور بين المنطق وعلوم المناظرة وأصول الفقه والتفسير والنقد الأدبي والبيان." هذا التلاقح بين هذه العلوم النظرية واللغوية هو الذي أنتج ذلك الفكر الدلالي العربي، الذي أرسى قواعد تعد الآن المنطلقات الأساسية لعلم الدلالة وعلم السيمياء على السواء، بل إنك لا تجد كبير فرق بين علماء الدلالة في العصر الحديث وبين علماء العرب القدامى الذين ساهموا في تأسيس وعي دلالي هام، يمكن رصده في نتاج الفلاسفة واللغويين وعلماء الأصول والفقهاء والأدباء، "فالبحوث الدلالية العربية تمتد من القرون الثالث والرابع والخامس الهجرية إلى سائر القرون التالية لها، وهذا التأريخ المبكر إنما يعني نضجاً أحرزته العربية وأصّله الدارسون في جوانبها.

إن العالم اللغوي (بريال) انطلق- دون ريب- في تحديد موضوع علم الدلالة ومصطلحه من جهود من سبقه من علماء اللغة الذين وفروا مفاهيم مختلفة تخص المنظومة اللغوية من جميع جوانبها يقول الدكتور كمال محمد بشر: "إن دراسة المعنى بوصفه فرعاً مستقلاً عن علم اللغة، قد ظهرت أول ما ظهرت سنة 1839، لكن هذه الدراسة لم تعرف بهذا الاسم (السيمانتيك) إلا بعد فترة طويلة أي سنة 1883 عندما ابتكر العالم الفرنسي (م.بريال) المصطلح الحديث."

إلا أن المؤرخين اللغويين لظهور علم الدلالة يجمعون على أن فضل (بريال) يكمن في تخصيصه كتاباً استقل بدراسة المعنى هو كتاب (محاولة في علم المعاني) بسط فيه القول عن ماهية علم الدلالة، وأبدع منهجاً جديداً في دراسة المعنى هو المنهج الذي ينطلق من الكلمات نفسها لمعاينة الدلالات دون ربط ذلك بالظواهر اللغوية الأخرى.




المنهج اللغوي الجديد انطلاقاً من نص (بريال) في علم الدلالة:‏

أولاً: إذا كانت اللسانيات تهتم بشكل الكلمات، فإن علم الدلالة (السيمانتيك) يهتم بجوهر هذه الكلمات ومضامينها.‏

ثانياً: الهدف الذي ينشده علم الدلالة هو الوقوف على القوانين التي تنتظم تغيّر المعاني وتطورها، والقواعد التي تسير وفقها اللغة، وذلك بالاطلاع على النصوص اللغوية بقصد ضبط المعاني المختلفة بأدوات محددة وفي هذا سعي حثيث إلى التنويع في التراكيب اللغوية لأداء وظائف دلالية معينة.

ثالثاً: إتّباع المنهج التطوري ألتأصيلي الذي يقف على ميلاد الكلمات ويتتبعها في مسارها التاريخي، وقد يردها إلى أصولها الأولى فالنظام اللغوي، نظام متجدد ما دامت الكلمات لا تخضع لقانون ثابت يلزمها بمدلولاتها، فاللغة تنتظمها نواميس خفية تعود إلى اقتضاءات تعبيرية هي جزء من النظام الكلي الذي تسير وفقه اللغة، وتصرف دلالات تراكيبها.‏

هذه النقاط الثلاث هي الأطر الكبرى التي يندرج ضمنها منهج (ميشال بريال) في علم الدلالة ومعه تحديد لمجمل فروع البحث في هذا المجال.‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم


.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..




.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية


.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها




.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة