الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التنمية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية... أية علاقة؟

عائشة العلوي
(Aicha El Alaoui)

2019 / 5 / 25
الادارة و الاقتصاد


يعاد كل مرة طرح سؤال التنمية الاقتصادية وإعادة التفكير في طرح برامج تنموية وما هي القطاعات المنتجة أو الأكثر إنتاجية وما هي القطاعات الغير المنتجة أو المستهلكة للثروة... وفي كل أزمة يجب التضحية بالقطاع العقيم والمكلف اقتصاديا من أجل الاهتمام بقطاعات يتم الظن العبثي أنها منتجة للثروة بينما الأخرى مستهلكة وعقيمة، مما يؤدي إلى رفع الاستثمارات في الأولى واعتبارها محرك دائم للتنمية وإهمال الأخرى لأنها مكلفة والاستثمار فيها لن يجلب سوى العبء التمويلي؛ أويتم وضع مخططات ظرفية غير منسجمة أفقيا وأحيانا عموديا مع مخططات أخرى، فتتداخل في ما بينها وعوض الانسجام تتعارض فتعطي نتائج معكوسة بتكلفة اقتصادية واجتماعية ضخمة؛ أويتم وضع استراتيجيات بعيدة عن الامكانيات الذاتية والمؤهلات الطبيعية تفتقر لرؤية استراتيجية بعيدة الأمد فتكون مردوديتها قصيرة ومتوسطة الأمد على حساب استراتيجيات ذات أفق طويل الأمد ومتعدد الأبعاد... فيتم تراكم الفوارق الاجتماعية والاختناقات الاقتصادية، ويتم من جديد وضع ترتيبات/استراتيجيات بظنون / افتراضات أخرى... النتيجة الحتمية أزمات اقتصادية واختناقات اجتماعية. لكن، من العبث أيضا الظن أو الافتراض أن جميع الدول تمر بنفس طبيعة وحدَّة الأزمات والاختناقات, وذلك لسبب بسيط، الأمر يتعلق بمدى تماسك النسيج الاقتصادي والنظام الاجتماعي والقوة السياسية للبلد، يختلف الواقع فتختلف معه النتائج. إن كان البعض يبحث عن الظنون فالبعض الآخر يبحث عن اليقين، فتتحول أزماتهم إلى فترة تقييم ومحاسبة من أجل الاستمرار في مسلسل التنمية... التنمية هي قضية اقتصادية واجتماعية وسياسية...الافتقار الى سياسة اقتصادية واجتماعية واضحة ومواطنة يعطي هذا العبث الاستراتيجي والظن النفعي والآني ...
من ناحية أخرى، الاعتماد على المقاربة الاقتصادية الضيقة في غياب لنظرة شمولية واضحة، تأخذ بعين الاعتبار-أيضا- المقاربة الاجتماعية والثقافية في بعدهما الأفقي والعمودي والمجالي والترابي ، يعطي لا محالة الانزياح عن المسار التنموي الصحيح....لكن، عندما يتم بناء نموذج متداخل ومنسجم فإنه يعطي قطعا التراكم المطلوب للبناء على جميع الأصعدة والأزمنة ويوفر بذلك إمكانيات التنمية المستدامة بدون تفاوتات اجتماعية كبيرة أو تفاوتات مجالية شاسعة؛ الكل مرتبط في علاقة مَداخل-مَخارج (Input-Output) فيتم تذويب المتحكم والحاكم. أي الكل له أهميته وقوته الفاعلة والمتحكمة في الآخر في علاقة متوازنة وعادلة حتى وإن وجدت اللاتوازنات واللاعدالة؛ لأنه في هذه اللحظة، يمكن القبول بالقليل منهما (اللاتوازنات واللاعدالة) في سبيل العدالة الاجتماعية والعدالة الضريبية وتصبح الأزمات مجرد انتكاسات وتجاوزها يكون دون تصدعات بنيوية عميقة بل يمكن أن تمر دون الإحساس بها. يشترط للاستمرار في التنمية معانقة الاجتماعي في مرحلة الأزمات أو الانتكاسات رغم تكلفته، فهو صمام الأمان والرافعة الحقيقية للخروج منها دون صراعات عنيفة أو دموية، فيتم القبول بها في علاقة تضامن وتعاضد...
التفاوت الكبير الذي تم خلقه بين التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية طيلة عقود من الزمن راكم معه التهميش والفقر والفوارق الاجتماعية والمجاعة رغم أن الانتاج العالمي يساوي ثلاث أضعاف حاجيات سكان الكوكب الأزرق من داخل منظومة إنتاج-ربح-إنتاج صانعا بذلك نماذج بشرية استهلاكية... لا يمكن في أي حال من الأحوال الاستمرار على هذا النوع من العلاقة الانتاجية دون رؤية تنموية تكون بالإنسان وللإنسان مع الحفاظ والاهتمام بغير-إنسان وفي عملية تنصب على توظيف جهود الكل من أجل صالح الكل والتركيز على القطاعات والمجالات الترابية والفئات الاجتماعية التي حرمت من حقها من ابراز امكانياتها الطبيعية المتاحة، أي سيكون من العبث الفصل بين التنمية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية... التنمية تعتبر سلسلة مستمرة من عمليات إحداث التغيير وقادرة على استيعاب التغيير فتتجدد آلياتها لكن يبقى الانسان هو جوهرها وهدفها، لذا دون وضع نموذج شمولي ومتكامل يزاوج بين الهدفين الاقتصادي والاجتماعي سيتم دائما الظن على سبيل المثال أن التعليم والمعرفة والصحة والترفيه والفن قطاعات مكلفة وغير منتجة...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محافظات القناة وتطويرها شاهد المنطقة الاقتصادية لقناة السو


.. الملاريا تواصل الفتك بالمواطنين في كينيا رغم التقدم في إنتاج




.. أصوات من غزة| شح السيولة النقدية يفاقم معاناة سكان قطاع غزة


.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الخميس 25-4-2024 بالصاغة




.. بركان ثائر في القطب الجنوبي ينفث 80 غراما من الذهب يوميا