الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في علم الثورة الشيوعية

فؤاد النمري

2019 / 5 / 25
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


في علم الثورة الشيوعية

لما كانت السياسة هي علم يتأسس على تطور قوى الإنتاج فلا بد إذاً أن تكون الثورة وهي مفصل أساسي في علم السياسة علماً له قواعده وقوانينه الخاصة .
في صلب علم الثورة تثور مسألة حديّة في غاية الأهمية وهي هل هناك ضرورة لإقامة حزب شيوعي في بلد ليس فيه بروليتاريا !؟ تلك هي المسألة التي يتطارح حولها بعض الشيوعيين واليساريون .

من الحقائق الكبرى التي كشف عنها ماركس ويغفل عنها الكثيرون من المتمركسين وهي أن النظام الرأسمالي هو نظام عالمي ؛ فمثلاً كانت صناعة النسيج في بريطانيا، وهي أهم صناعة رأسمالية قبل الحرب العالمية الثانية، مرتبطة إرتباطا وثيقاً بزراعة القطن في مصر والتي لم تكن من الإنتاج الرأسمالي . في العام 1913 وجد لينين كما في كتابه "الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية" أن كامل سطح الكرةالأرضية تقريبا مقسم بين بضعة دول إمبريالية، وأن هذه الدول الإمبريالية في صراع لا يهدأ من أجل إعادة تقسيم الأسواق ويصل بها الأمر إلى حرب عالمية تبيد الجنس البشري كما في الحربين العالميتين الأولى والثانية .

الترابط العضوي العالمي للنظام الرأسمالي لا بد وأن ينتهي إلى ثورة عالمية وهي الثورة التي استشرفها ماركس في مركز النظام الرأسمالي الأكثر تطوراً كما كان الحال في إنجلترا وألمانيا وتستمر الثورة حتى انتصارها النهائي في العالم كله (Permanent Revolution) . مفهوم الثورة الدائمة الذي طرحه ماركس في خطابه على عصبة الشيوعيين في العام 1850 يقتضي قيام حزب شيوعي في مختلف البلدان حالما يكون هناك ثورة شيوعية في أحد مراكز الرأسمالية الكبرى حيث نجاح الثورة في المركز يقتضي بالضرورة نجاحها في الأطراف .
ظروف الحرب العالمية الأولى المعقدة والتي أنهكت الدول الرأسمالية المتحاربة في الطرفين مكنت البلاشفة بقيادة لينين من الا ستيلاء على السلطة في موسكو . لكن البورجوازية الروسية أعلنت الحرب على البلاشفة فكانت الحرب الأهلية في مارس آذار 1918 وقد حسمها البلاشفة لصالحهم الأمر الذي مكنهم من إعلان الثورة الإشتراكية العالمية وقد خطب لينين في الإجتماع التأسيسي للأممية الشيوعية في مارس آذار 1919 بحضور ثلاثين حزباً اشتراكياً من مختلف أصقاع الأر ض يعلن الثورة الإشتراكية في العالم كله ويقول أن مصائر شعوب العالم ستقررها البروليتاريا الروسية . لم يحدث أن أخطأ لينين في أي من استشرافاته وتاريخ العالم خلال القرن الفاصل يؤكد ذلك . ما زال العالم يعيش تداعيات ثورة أكتوبر البلشفية .
الثورة الإشتراكية العالمية في موسكو كانت تقتضي قيام أحزاب شيوعية في جميع بلدان العالم بغض النظر عن مستوى تطورها، إمتلكت طبقة بروليتاريا أم لم تمتلك طالما أن الثورة في موسكو هي ثورتها وهي التي تقرر مختلف الأمور في أطراف العالم المختلفة . وهكذا تكون الأحزاب الشيوعية في مختلف بقاع الأرض وكأنها كتائب في حملة واحدة رئاسة أركانها القيادة السوفياتية، تطيح بالنظام الرأسمالي في العالم من أجل الإنتقال إلى مرحلة الإشتراكية .

لكن ما كنا فيه في النصف الأول من القرن العشرين ليس ما نحن فيه اليوم منذ بداية النصف الثاني . رئاسة أركان عمال العالم في موسكو خانت الطبقة العاملة جهاراً نهاراً وذلك ليس فقط باغتيال ستالين بالسم بأيدي رفاقه في المكتب السياسي، وليس بإبطال إنتخاب مؤتمر الحزب 12 عضوا جديداً في المكتب السياسي بعد سويعات قليلة من موت ستالين بل بإلغاء الخطة الخمسية بقرار من قيادة الحزب كما أذيع في سبتمبر ايلول 53 من أجل عسكرة الإقتصاد السوفياتي الإشتراكي . وفي العام 56 أمر العسكر رجلهم خروشتشوف بشتم ستالين وتحقيره لأن ستالين كان بطل العمل الإشتراكي وأيقونة النضال الشيوعي ؛ وفي يونيو حزيران 57 قام العسكر بانقلاب ضد الحزب وطردوا سبعة أعضاء من المكتب السياسي من مجموع تسعة أعضاء ؛ وفي العام 61 ألغى الحزب دكتاتورية البروليتاريا وأبدلها بما أسماه "دولة الشعب كله" وهو ما يعني بكل جلاء النكوص عن لإشتراكية التي تعني أول ما تعني محو الطبقات .
بعد المؤتمر الثاني والعشرين للحزب الشيوعي في العام 61 لم يعد الشيوعيون شيوعيين فرئاسة الأركان في موسكو خانت القضية وعليه لن تحقق كتائب الشيوعيين في مختلف البلدان أي تقدم نحو الهدف الشيوعي . ذلك ما كنت أكدته لقيادة الحزب الشيوعي الأردني في مايو أيار 1965 وتركت الحزب على هذا الأساس وعندما علمت المخابرات بالأمر استدعوني ليسألوني لماذا تركت الحزب فكان جوابي لأن الحزب لم يعد شيوعياً وقد عرضوا علي عروضىاً مغرية من أجل أن أعلن هذا الأمر على العامة ورفضت تلك العروض رغم أنني كنت وأطفالي نكابد من الجوع ..
الأحزاب الشيوعية وقد تبينت لها خيانتها بانهيار الإتحاد السوفياتي لم ترعوِ وأخذت بمبدأ أن الغريق لا يخشى من البلل، فتحولت إلى أحزاب بورجوازية تستظل براية زائفة هي راية الديموقراطبة والعدالة الإجتماعية . تحولت إلى أحزاب بورجوازية شيمتها النفاق وليس أدلّ على ذلك من أنها ما زالت تحتفظ باسم "الشيوعي" رغم علمها علم اليقين أنها كانت قد خانت قضية الشيوعية وأن الديموقراطية والعدالة الإجتماعيىة لن يتحققا في مجتمعاتها المتخلفة .

في مثل هذا المقام تحديداً يقوم تساؤل لدى الكثيرين من المتحمسين لقضية الشيوعية، يتساءلون .. طالما أن الأحزاب الشيوعية سابقا لم تعد شيوعية فلماذا إذاً لا تقوم أحزاب شيوعية حقيقية بدلاً عنها !؟
في علم السياسة يقوم الحزب الشيوعي بقيادة الطبقة العاملة لأن تقوم بثورة شيوعية وتستولي على السلطة، فهل ثمة حالة في عالم اليوم تتوفر فيها شروط الثورة الشيوعية !؟ شروط الثورة الشيوعية التي حددها ماركس هي أن تقوم الثورة بداية في أحد مراكز النظام الرأسمالي المتطور وتنطلق الثورة في ديمومة لا تتوقف حتى الإنتصار النهائي في كل العالم . الأحزاب الشيوعية لم تقم في العالم إلا بعد أن تأكد أن البروليتاريا الروسية كانت أقوى من البروليتاريا في انكلترا وفي ألمانيا وأن موسكو قد غدت مركز الثورة الشيوعية في العالم وهو ما يتطابق مع شروط ماركس للثورة الشيوعية .
في خمسينيات القرن العشرين استطاعت البورجوازية الوضيعة السوفياتية أن توجه ضربة قاصمة للبروليتاريا السوفياتية التي اعتبرها لينين أقوى بروليتاريا في العالم، ولم يكن ذلك ممكناً لولا العدوان الهتلري المجنون وترك الإتحاد السوفياتي وحيدا في مواجهة النازية المتوحشة والهمجية الأمر الذي انعكس في خلخلة الهرم الطبقي للمجتمع الإشتراكي وتصادف ذلك مع اغتيال ستالين في نهاية شباط فبراير 53 .
أما وقد استسلمت هيئة رئاسة أركان كتائب البروليتاريا في العالم للأعداء فذلك كان يعني أيضاً استسلام كافة الأحزاب الشيوعية في العالم للأعداء . وما زاد على مهانة الإستسلام مهانة أكبر هو أن لا هيئة رئاسة الأركان في موسكو ولا تأحزاب الشيوعية في العالم اعترفت بالاستسلام . ولذلك لم ينجح استبدال هيئة رئاسة الأركان في موسكو بهيئة أخرى في بكين وانعكس ذلك في تشظي الأحزاب الشيوعية في مختلف اركان الأرض .
استسلام الحزب الشيوعي السوفياتي للأعداء لم يضع حداً للثورة الإشتراكية فقط بل كان ذلك أيضاً ضربة قاصمة للبروليتاريا في العالم . مع انتهاء الثورة الإشتراكيةتراجعت مساحة طبقة البروليتاريا في المجتمع السوفياتي بنسبة تزيد على 70% حيث انعدمت الصناعة في روسيا باستثناء صناعة الأسلحة . كما تراجعت البروليتاريا في العالم الرأسمالي عقب انهيار النظام الرأسمالي في سبعينيات القرن الماضي . وقد تمثل تراجع طبقة البروليتاريا في العالم بقصور الإنتاج البضاعي في العالم بمقدار 2 ترليون دولار سنوياً .


(يتبع)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اخي العزيز ابن وطني الغالي السيد فؤاد النمري
نعمان رباع ( 2019 / 5 / 26 - 09:42 )
التسارع في التصنيع كان هدف الثورة البلشفية منذ الاساس وتروتسكي كان من اشد المؤيدين لها


2 - مشكل في المنهج
عبد الرحمان النوضة ( 2019 / 5 / 27 - 11:31 )
ملاحظات :
1) مضمون المقال لا يتناسب مع عنوان المقال.ء
2) لا يحتوي المقال على حجج لإثبات الأطروحات المقدمة في المقال.ء


3 - أخي الكريم عبد الرحمان
فؤاد النمري ( 2019 / 5 / 27 - 12:40 )
ألم تر أن الوحدة العضوية للنظام الرأسمالي وبما تحتويه من تناقضات هي السبب الرئيسي لقيام الثورة الشيوعية بكل مكان بعض النظر عن مستوى التطور
ولعلي أفهمك بأن تعرضي لتراجع الثورة الشيوعية في مركزها ابتعد عن الموضوع لكن لما كنا شرحنا لماذا كانت الثورة الشيوعية يلزم أن نتعرض لأسباب تراجعها
وفي العام أنا أتفهم انتقادك وأشكرك عليه
وأرجو أن يخدم نقدك ما تبقى من الموضوع
تحياتي البولشفية

اخر الافلام

.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا


.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا




.. تصريح عمر باعزيز و تقديم ربيعة مرباح عضوي المكتب السياسي لحز


.. طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز




.. يوم الأرض بين الاحتفال بالإنجازات ومخاوف تغير المناخ