الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صلة الرحم ليست زيارة

محمد سمنور

2019 / 5 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين.
وبعد،
فقد لاحظت أن هناك التباس في مفهوم "صلة الرحم" في زماننا المعاصر الشئ الذي لم يكن موجودا في الازمان السابقة، وقد يرجع هذا الي ضعف صلتنا باللغة، فكثيرا ما نأخذ الحقيقة علي سبيل المجاز والمجاز علي سبيل الحقيقة.
من المعلوم ان الاسلام دين اخلاق، وقد ذكر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم انه انما جاء ليتمم مكارم الاخلاق، لذلك ما من خلق حميد الا ودعا له، ومن ذلك صلة الرحم.
ولما كان الاسلام له حِكَم عظيمة من وراء جميع تشريعاته، فلابد ان نسال انفسنا ما هي فائدة صلة الرحم؟ ولماذا اقر الاسلام هذا الخلق الحميد؟
يقول رسول الله (ص): (أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس).
ويقول (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه).
لا شك ان ديننا يريد للاقارب ان يكونوا متحابين متعاونين، ليس بينهم غبن ولا غل ولا تباغض، فهل مجرد تبادل الزيارات يحقق هذا الهدف؟
لكي تتضح المسالة لابد ان نبحث جيدا في النصوص المتعلقة بالموضوع في الكتاب والسنة، وننظر لها نظرة كلية فاحصة.
ولكن قبل ذلك نود ان نشير الي مسألة مهمة، وهو ان اعتبار القرآن والسنة مصدرين منفصلين للتشريع امر لا يساعد علي فهم النصوص الشرعية لانهما في الحقيقة مصدر واحد، ولذلك من اهم القواعد الاصولية التي توصل اليها الامام الشافعي رضي الله عنه هي ان السنة مبيّنة للقرآن، لا تنسخه ولا ينسخها، لان الله تعالي يقول: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) النحل: 44.
وعليه فقد لاجظنا ان الرسول (ص) عندما يحض علي صلة الرحم انما يبين آيات القران التي تتناول في مناسبات عديدة موضوع الاحسان الي ذوي القربي:
- (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ) البقرة: 177
- (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى) النساء: 36
- (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى) النحل: 90
- ( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا) الإسراء: 26
- (وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) النور: 22
- (فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الروم: 38
- (وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ) الأنفال: 75 ، الأحزاب: 6
وتبيانا لذلك يقول الرسول (ص) للذي جاء يسال عن عمل يدخله الجنة (تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم). متفق عليه
ويقول (لا يدخل الجنة قاطع). متفق عليه
ويقول (إن الله خلق الخلق، حتى إذا فرغ من خلقه، قالت الرحم: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب، قال: فهو لك قال رسول الله (ص): فاقرءوا إن شئتم: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) محمد: 22. رواه البخاري
ويقول: (إن الرحم شجنة من الرحمن، فقال الله: من وصلك وصلته، ومن قطعك قطعته). وعن عائشة قالت: قال رسول الله (ص): (الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني: وصله الله، ومن قطعني؛ قطعه الله) متفق عليه.
ولكن من اين عرفنا ان المقصود من أحاديث الرسول عن "صلة الرحم" هو ما دعا اليه القرآن من "ايتاء ذي القربي"؟
الحق انّ هذا ما قاله المفسرون، فمعظمهم لمّا فسّروا عبارة (ايتاء ذي القربي) لم يزدوا عن قولهم "هو صلة الرحم" ومن هؤلاء المفسرين: القرطبي والسمرقندي والثعلبي والسمعاني والبغوي والزمخشري وابن عطية والبيضاوي والنسفي والرازي.
فأبو المظفر السمعاني يقول: "قوله تعالى: (فآت ذا القربى حقه) أكثر المفسرين على أن المراد من إيتاء ذي القربى هاهنا صلة الرحم بالعطية والهدية".
انظر! لقد قال: "صلة الرحم بالعطية والهدية" ولم يقل بالزيارة.
ان الزيارة لا تعدو ان تكون ناتجا عرَضيا للصلة، فهي وسيلة وليست غاية.
لا يمكن لاحد ان يقول ان المقصود بايتاء ذي القربي ان نعطيه زيارة!
ان مجرد قراءة سريعة للايات السابقة تبين لنا ان "الايتاء" يشير الي اعطاء المال او المساعدة المادية ، انظر للعبارات:
(ولا تبذر تبذيرا) .
(واتي المال علي حبه).
(اولي الفضل منكم والسعة).
الا تدل هذه العبارات علي ما يتصل بالمال والعطاء؟
بل ان اعطاء المال ذكر صراحة في آية البقرة: (واتي المال علي حبه ذوي القربي)
إذن فمن يسّر الله عليه في الرزق لابد ان يعين أقرباءه ممن رق حالهم.
يقول فخر الدين الرازي في تفسيره لقوله تعالي (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ) النساء1:"العادة جرت في العرب بأن أحدهم قد يستعطف غيره بالرحم فيقول: أسألك بالله والرحم، وربما أفرد ذلك فقال: أسألك بالرحم".
ويقول: "واتقاء الأرحام بأن توصل ولا تقطع فيما يتصل بالبر والإفضال والإحسان".
ويلاحظ ان سورة النساء بدأت بالحديث عن الحقوق المالية:
(وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ) .
(وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ) .
(وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ) .
(يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ).
جاء في كتاب "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الاثير: "قد تكرر في الحديث ذكر صلة الرحم. وهي كناية عن الإحسان إلى الأقربين، من ذوي النسب والأصهار، والتعطف عليهم، والرفق بهم، والرعاية لأحوالهم. وكذلك إن بعدوا أو أساءوا. وقطع الرحم ضد ذلك كله"، ويقول: "فكأنه بالإحسان إليهم قد وَصَل ما بينه وبينهم من علاقة القرابة والصهر".
فابن الاثير يشرح بوضوح ان عبارة "صلة الرحم" هي كناية عن الإحسان إلى الأقربين. واستعمال الكناية كثير في كلام العرب لانهم يحبون ان يعبّروا بالفاظ غير مباشرة كقولهم: فلان "نقي الثوب"، أي لا عيب فيه، و"طاهر الجيب" أي ليس بغادر، و"دنس الثوب" أي فاجر، و"غمر الرداء" أي كثير المعروف، و"مغلول اليدين" أي بخيل، ويقولون: كبا زنده، وأفل نجمه، وذهب ريحه، وطفئت جمرته، وأخلف نوؤه، وانكسرت شوكته، وكلّ حدّه. وأفل غربه، وتضعضع ركنه، وفت عضده، ولانت عريكته؛ وكل هذه كنايات عن معني متشابه لا يراد منه المعني الظاهر.
وفي صحيح مسلم عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: قدمت عليّ أمي وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدهم فاستفتيت رسول الله (ص)، فقلت: يا رسول الله، قدمت عليّ أمّي وهي راغبة، أفأصل أمي؟ قال: (نعم، صِلي أمك).
فهنا الام عند بنتها، في منزلها، ومع ذلك تقول "أفأصِل أمّي؟" فمعني كلامها اذن: "أفأعطيها؟" – قولا واحدا لا يحتمل التأويل، فقد ذَكَرت ان أمها "راغبة" اي طامعة فيما عندها.
وبالطبع هنالك حقوق خاصة للوالدين غير الصلة كصحبتهما بالمعروف ومخاطبتهما باللين وبرهما والشكر لهما.
وجاء في السنة ان من برهما "صلة" اصحابهما. ولكن انظرما هو مدلول "الصلة" عند الصحابة، ففي صحيح مسلم عن ابن عمر ان أعرابيا لقيه في الطريق كان صديقا لابيه عمر، فأعطاه حمارا كان يتروّح عليه، وعمامة يشد بها رأسه، وقال: إني سمعت رسول الله (ص) يقول: «إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولّي).
وجاء في تهذيب الأخلاق لابن مسكويه: "وأما صلة الرحم فهي مشاركة ذوي اللحمة في الخيرات التي تكون في الدنيا".
وجاء في تفسير الطبري عن حبيب المعلم، قال: سأل رجل الحسن، قال: أعطي قرابتي زكاة مالي فقال: إن لهم في ذلك لحقا سوى الزكاة، ثم تلا هذه الآية (وآت ذا القربى حقه).
وفي مسند أحمد عن سلمان بن عامر، قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: (الصدقة على المسكين صدقة، والصدقة على ذي الرحم اثنتان: صدقة، وصلة).
وفي تفسيرالقرطبي: " قال مجاهد وقتادة: صلة الرحم فرض من الله عز وجل، حتى قال مجاهد: لا تقبل صدقة من أحد ورحمه محتاجة".
يقول (ص): (ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها). جاء في إرشاد الساري للقسطلاني : "والحاصل ثلاثة مواصل ومكافئ وقاطع، فالواصل من يَتفضّل ولا يُتفضّل عليه والمكافئ الذي لا يزيد في الإعطاء على ما يأخذ والقاطع الذي يُتفضّل عليه ولا يُتفضّل.
وقد جاء رجل ال النبي (ص) فقال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إليّ، وأحلم عنهم ويجهلون عليّ، فقال: «لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم الملّ ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك).
فمعني "اصلهم ويقطعونني" انه حينما يكون حاله ايسر منهم يعطيهم، ولكن عندما يكونوا هم ايسر حالا منه لا يعطونه.
وهذا ينطبق في عصرنا هذا علي كثير من الاقرباء الذي يساعدهم اقرباؤهم عندما يكونون في بداية حياتهم، ولكن عندما يقفون علي ارجلهم ينأون بأنفسهم.
لا ادري لماذا يسكت الدعاة والخطباء عن توضيح المفهوم الحقيقي لصلة الرحم، والرسول (ص) يقول (من كتم علما يعلمه، جاء يوم القيامة ملجما بلجام من نار)، ولكن الحقيقة لابد ان ان تظهر فالحق ابلج.
هل يتحرّجون من ان يعطيهم من هم احسن حالا منهم، والدين علّمنا قبول العطية او الهدية مهما كان المرء غنيا؟
هل يخشون من طَمَع من هم دونهم؟
ام انهم يستحون من ذكر ان الاقرباء في حاجة الي بعضهم البعض؟
ان الله لا يستحي من الحق، والله له حكمة فيما يأمر وينهي، وحسبنا ان نعلم ان الله سبحانه لا يريد ان يكون بين الاقارب غبائن وضعائن وغِلّ وحسد، ولذا فقد بيّنت السنة ان أعظم الصدقات اجرا علي الاطلاق الصدقة علي ذي الرحم الكاشح، أي الذي تبدو منه العداوة.
كذلك ربما كان من حكمة إعطاء الصلة وغيرها من العطايا ان يعرّف الله عباده ان ما بأيديهم من مال هو له وحده تعالي بالاصالة، وهو لهم بالوكالة، ولذلك جعل في مالهم حقوقا للغير.
انه ليحزّ في النفس ان يتيه الناس عن ذلك المعني الواضح لصلة الرحم، ويظنوا انها زيارات ولقاءات بأياد خاوية، ونخشي ان يكون البعض قد انحرف بالمعني بمبررات واهية، مثل الخوف من ان يعتمد بعض الاقرباء علي اقاربهم، أو ان يكون ذلك مدعاة الي التبطل، إن هذا الا فقه البخلاء الذي يدلّل علي شح الأنفس، فالنفس قد جبلت علي الشح: (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الحشر9.
فاذا كان اناس عاصروا النبي (ص) ورأوه وربما تحدثوا اليه، ولكن حالما تُوفّي النبي (ص) امتنعوا عن زكاة أموالهم ، فغير مستبعد ان يقوم بعض المتفيقهين من البخلاء بالالتفاف على المعني الصحيح لصلة الرحم.
وقد نسي اولئك ان الله تكفل بتعويض الواصلين اموالهم، بل تكفل بان ينمّيها لهم ويبسط رزقهم ويمد في اعمارهم، يقول (ص):
(من سره أن يبسط له في رزقه، أو ينسأ له في أثره، فليصل رحمه).
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري:(قال العلماء: معنى البسط في الرزق البركة فيه، لأن صلة أقاربه صدقة، والصدقة تربي المال وتزيد فيه فينمو بها ويزكو).
فالقاطعون يفوّتون فرصة كبيرة لزيادة اموالهم (وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ) محمد: 38.
قد يظن بعض الحمقي من اهل الملة ان الاسلام ساد العالم بشجاعة محاربيه الذين نجحوا في احتلال أجزاء كبيرة من اراضي العالم، بسطوا سلطتهم عليها، وما دروا ان الاسلام ساد العالم باحتلال القلوب والعقول بتشريعاته العبقرية السامية التي أعلت من قيم الخير والحق والعدل والحرية، والتي قللت كثيرا من اثار الفوارق الاجتماعية، فجعلت الناس يتجهون للعمل والانتاج في كافة مناحي الحياة، فصنعوا أعظم حضارة في التاريخ، حتي ان احد الأعلام من غير المسلمين ذكر ان جميع مشاكل عالم اليوم لو عرضت علي شخص مثل محمد رسول الاسلام لأمكنه حلها وهو جالس يحتسي فنجانا من القهوة.
لقد آلمتني كثيرا بعض المواقف التي تدل علي جهل كبير بحق الاقرباء، فاذكر انني قبل عدة سنين مررت برجل كان يشكو لمرافِقه من ابن خاله: انه يحج كل عام هو وجميع افراد اسرته وينفق في سفره هذا مليارات الجنيهات وانه يوزع كل رمضان ثلاثة الاف جوال سكر، الا انه ومنذ ثلاث سنوات لم يأته منه شئ.
ومما يُحكي ان احدهم قُررت له عملية جراحية فذهب الي مستشفي كبير يملكه اخوه شقيقه، ولانه لم يستطع ان يكمل مبلغ العملية اصر اخاه الا يجري له العملية الا بعد ان رهن له شقيقه سيارته.
هذه امثلة بسيطة من الاف القصص الواقعية التي توضح جهل الناس بحقوق ذوي القربي.
الغريب ان بعض الناس يطبقون صلة الرحم بفطرتهم فرأيت أنّ بعضهم يبعثون لاقربائهم الطعام والكسوة وغيرها، ومع ذلك يعتبرون انفسهم قاطعي رحم لانهم مقصّرون في الزيارة.
وفي الجانب الاخر يجتهد الكثيرون في الزيارة ولا يساعدون بشئ.
فابن الخال ذاك لا يعرف انه قاطع للرحم بعدم تذكّره لابن عمته وهو يتصدق بمئات الأطنان من الأغذية!
انه ينفق مليارات الجنيهات في التطوع بالحج وما دري ان مساعدة اقاربه المحتاجين واجب عليه، فقد جاء في مكارم الاخلاق للخرائطي: قال الفضيل بن إسحاق: سألت الفضيل بن عياض: الرحم أحقّ أم الغزو؟ قال: "إن كانوا محتاجين فهم أوجب من الغزو"، ثم قال: "صلة الرحم وعطفٌ على جارٍ وبرّ الوالدين حدّ شريف وأمر عظيم".
ان الجهل ليس بعذر، ولذلك جعل الاسلام طلب العلم فريضة علي كل مسلم ومسلمة.
ختاما نعلم ان هذا القول قد يستغربه كثير من الناس، ولكننا –كما رأيتم- لم نأت به من عندنا، وانما جمّعناه من اقوال علمائنا الاقدمين، وقد كنت اتّهم نفسي انني وحدي من كان يلتبس عليّ الفهم، ولكن لما عرضت الموضوع علي مجموعة من الاصدقاء واستنكروا عليّ جميعهم، ادركت مدي انتشار ذلك المفهوم الخاطئ؛ ولكني لم اتعجب كثيرا لهذا لان الناس عندما يعتادون علي مفاهيم معينة لزمان طويل، يصعب عليهم تغييرها، وقد حدث هذا لدعوة الاسلام نفسها في بدايتها، فكثير من الناس لم يقبلوا ما جاء به الرسول (ص) عن تصور الاسلام للإله الواحد الذي يختلف عن تصورهم الذي اعتادوا عليه، فكان عذرهم انهم لا يستطيعون التخلي عن دين ابائهم: (بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ) الزخرف: 22.
نرجو من الدعاة الصادقين وكل مخلص لدين محمد بَلَغَه هذا التصحيح المفهومي ان يعمل علي نشره وتوضيحه، ولا يبطروا الحق بسبب حبهم لشيوخهم او مذاهبهم، فان ائمتنا الاربعة انفسهم كانوا يصرون علي عدم الأخذ بأقوالهم متي ما وُجد انها تتعارض مع قول الرسول (ص).
ان هذه نصيحة اقدمها لاخوتي المسلمين في كافة انحاء العالم امتثالا لقول الرسول (ص): (الدين النصيحة: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم).
ألا هل بلغت، اللهم فاشهد.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نحو 1400 مستوطن يقتحمون المسجد الأقصى ويقومون بجولات في أروق


.. تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون




.. الجزائر | الأقلية الشيعية.. تحديات كثيرة يفرضها المجتمع


.. الأوقاف الإسلامية: 900 مستوطن ومتطرف اقتحموا المسجد الأقصى ف




.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية