الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسية الخارجية الروسية اتجاه سوريا ( قراءة تاريخية)

سهام احمد

2019 / 5 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


إن الدولة الروسية التي تحاول أن تنهض بنفسها والتي ترفض أن تهبط مكانتها العالمية وأن يتجاوزها الأخر في رسم الخارطة العالمية ,فلا زالت روسيا تملك من القوة الاقتصادية والعسكرية والحضور الإقليمي والموقع الإستراتيجي ما يؤهلها إلى أن تلعب دورا محوريا في صياغة العلاقات العالمية.
فقد سعى القادة الروس إلى استعادة روسيا لأمجادها القديمة وعملوا على فرض حضورها على الساحة الدولية , عبر سلسلة من المواقف المعترضة على سياسيات القطب الواحد فقد رفضت روسيا نشر نظام الدرع الصاروخي الأمريكي والأطلسي في أوروبا الشرقية ورفضت أية قواعد أمريكية , كما رفضت توسيع حلف الناتو شرقا باتجاه الدولة السوفيتية سابقا التي لا زالت تعتبرها مجالا حيويا لأمنها ومصالحها.
آما فيما يتعلق بالسياسية الخارجية الروسية اتجاه سوريا :
فعندما انتقلت الحالة المسماة "الربيع العربي " إلى سوريا عام 2011 وأسفرت عن اندلاع صراح دموي مسلح , جلب الدمار إلى البلاد , بالإضافة إلى تسببها بصراعات عالمية , حين أن الأزمة تسببت باختلال الاستقرار في المنطقة , يعود ذلك إلى كون سوريا دولة محورية في وسط منطقة حيوية وليست بلدا هامشية , الأمر الذي يثير قلق العديد من القوى العالمية على مستقبل هذا البلد وما يمكن أن تتطور من أمور بسبب هذه الأزمة.
هناك العديد من النظريات والآراء التي تستعرض الموقف الروسي من الأزمة السورية فالبعض يضعها في خانة الخوف من تكرار السيناريو الليبي الذي سببه الغرب , والبعض الأخر يضعها في خانة أن هناك تحالفا استراتيجيا ما بين روسيا وسوريا .
حيث امتازت العلاقة الروسية – السورية على مر السنين , بقدر كبير من الثبات والاستقرار العلاقة , حيث تعود هذه العلاقة إلى فترة نجاح الثورة البلشفية وبداية قيام الاتحاد السوفيتي عام 1917م, فقد كانت أنظار الاتحاد السوفيتي تتجه نحو سوريا كما الوطن العربي , وكان عربون الصداقة اتجاه العرب هو تبني النظام الشيوعي ورفضه للدبلوماسية السرية.
حيث كشف الاتحاد السوفيتي كافة الاتفاقيات والمعاهدات التي عقدت مع الدول الكبرى قبل الثورة ولعل أهم هذه المعاهدات والاتفاقيات , معاهدة سايكس بيكو , والتي كشفها الاتحاد السوفيتي عام 1917 وتم فضح التواطؤ الانجليزي –الفرنسي في تقسيم الوطن العربي فيما بينهما , ولعل الحكومة السوفيتية سعت لتفجير الثورة في المنطقة العربية عن طريق فضح مخطط الاستعمار .
كان الاتحاد السوفيتي السابق من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال سوريا , حيث أقام علاقات دبلوماسية معها في عام 1944م, ولم يقف الأمر عند ذلك بل سعى الاتحاد السوفيتي بقوة لإدراج سوريا في قائمة الدول المؤسسة لهيئة الأمم المتحدة , على رغم من المعارضة الغربية الشديدة , بالإضافة إلى أن الاتحاد السوفيتي , وبصفته عضوا دائم في مجلس الأمن الدولي , فقد دعم المطالب السورية بسحب القوات الفرنسية منها عام 1946 م, الأمر الذي تم فعلا في ذات العام , وهكذا استمرت العلاقة ما بين الدولتين بالتطور والاستمرارية .
وقد زادت هذه العلاقة اتساعا ومتانة بعد وصول حافظ الأسد للسلطة في سوريا عام 1970 م, وقد ساعد في ذلك التطور عامل مهم جدا وهو حادثة طرد السوفييت من مصر في السبعينات من القرن الماضي , إبان حكم الرئيس المصري أنور السادات , حيث ان هذه الحادثة دفعت القادة السوفيت إلى ترسيخ علاقتها بالقوى التي أبدت ثباتا في العلاقات الإستراتيجية معها وقد كان كل من سوريا والعراق أقوى الدول المطروحة في المنطقة العربية , حيث كانتا تحت حكم الحزب البعث , مما أدى إلى تدفق السلاح الروسي إلى الدولتين بالإضافة إلى دعم سوفيتي كبير لسوريا سواء سياسيا في المحافل الدولية أو عسكريا عن طريق مد سوريا بشتى أنواع الأسلحة بالإضافة إلى الجانب الاقتصادي ودعم البنية التحتية السورية بعوامل قوة بنووية كبيرة مما آثار ايجابية على سوريا ومكانتها وأهميتها في المنطقة العربية .
وبشكل عام فإن العلاقة والتي تمتد لسنيين طويلة ما بين الطرفين شهدت الكثير من التطورات والقفزات الأمر الذي يدفع بالقول بأن العلاقة ما بين الطرفيين تعدت وتجاوزت حدود العلاقة الجيدة بين أي دولتين بل أنها علاقة تمثل تعاونا استراتيجيا قريبا من التحالف ,بالإضافة إلى وجود رؤى مشتركة وتنسيق شامل فيما يتعلق بالأمور الدولية.

امتاز الموقف الروسي من موجة " الربيع العربي " بالكثير من التريث وعدم الوضوح وحتى التزام الصمت حتى تتضح الأمور, وكان هناك توجها ثابتا في الموقف نحو التذكير بأهمية أن يكون التغيير إن حصل بطريقة سليمة بعيدا عن العنف , ونبذ العنف في البلدان العربية ومثال هذا الحالة التونسية التي تابعتها روسيا بتمعن لم تبد موقفا واضحا إلا بعد تنحي زين العابدين وكان الموقف لا يحمل تأييدا لأي طرف على أخر بل التمني بأن تستقر الأوضاع في تونس , كما أنها كانت حذرة في الموضوع المصري وتمركز موقفها نحو الدعوة للحوار بين النظام والمعارضة في مصر , لكنها كانت تبدي ارتياحها عند تولي الجيش المصري الفترة الانتقالية ونرى أن الأمور تستقر بذلك , كما أن روسيا التزمت الصمت والحياد والدعوة إلى الحوار في الحالتين اليمنية والبحرينية لكن فيما يتعلق في سوريا اتخذت روسيا موقفا واضحا في وقت مبكر فقد اخترت روسيا دعم السلطة الحاكمة في سوريا , حيث دعمت النظام السوري سياسيا – دبلوماسيا – عسكريا بشكل واضح .
كانت روسيا تثق بقوة الدولة السورية البنيوية , وقدرت منذ البداية أن الدولة السورية وعلى رأسها بشار الأسد لديها القدرة على الاستمرار ولديها قدر كبير من القاعدة الشعبية , وأن سقوط النظام ليس بالأمر الهين , وعلى أي حال فقد رأت روسيا أن ما يحدث في سوريا هو حرب أهلية , كما انتقدت التدخل الخارجي في الشأن السوري خاصة في موضوع التسليح , ورأت فيه زعزعة لاستقرار المنطقة .
قامت روسيا بتقديم الدعم الكبير لسوريا بأشكال متعددة , حيث عارضت العقوبات الأمريكية والأوروبية على سورية , وقد استمرت في علاقتها الاقتصادية والتجارية وحتى العسكرية معها , وقامت بدعمها بوجه العقوبات , حيث قدمت روسيا في عام 2012 قرض بالعملة الصعبة إلى سوريا , كما استمرت بتصدير النفط ومشتقاته لها , وبعد إيقاف البنك المركزي النمساوي لطبع الأوراق النقدية السورية , طبعت روسيا أوراق نقدية سورية جديدة , وأما الجانب العسكري فقد استمرت روسا بتوريد السلاح لسوريا , وذلك بموجب العقود الموقعة بينهما , ولكنها أكدت أن السلاح المقدم لسوريا هو سلاح دفاعي لا يمكن استخدامه ضد متظاهرين سلميين , بل أنها تمد سوريا بالسلاح الذي يؤهلها لصد أي عدوان خارجي , مؤكدة أنها تعمل ضمن القانون الدولي في هذا المجال , على عكس الولايات المتحدة الأمريكية والغرب وحلفائهما الذين ينتهكون القانون الدولي بتقديمهم السلاح للمسلحين في سوريا من وجهة نظر روسيا.
وهناك جانب مهم , لطالما أكدت عليه روسيا في الموضوع السوري , وهو أنها تعمل وفق القانون الدولي , وأنها تحمي هذا الأمر ولن تسمح بتجاوزه حيث أكد ذلك الرئيس الروسي بوتين حيث قال " نحن لا نحمي الحكومة السورية , ولكننا نحمي القانون الدولي "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر