الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- التصفيق بيد واحدة-.. الطبيب عندما يكون قاصا

عامر هشام الصفّار

2019 / 5 / 26
الادب والفن



أتيحت لي الفرصة قبل أسابيع لزيارة مكتبة مدينة برمنغهام الأنكليزية والأطلاع على مجموعة كتبها باللغة العربية. فما كان مني الاّ أن أبدأ في مطالعة المجموعة القصصية للقاص الطبيب السوري ماهر منزلجي والمعنونة ب "التصفيق بيد واحدة" وهو العنوان الذي جاءت به واحدة من قصص المجموعة والتي أتسمت بالقصص القصيرة جدا حيث أحتوت المجموعة على ما يزيد عن 120 قصة قصيرة جدا تمتّع القاريء وتثير فيه أعمال الفكر، وتوقد عنده اليقظة والحذر.. ثم أن المجموعة القصصية والتي صدرت عام 2004 عن دار كنعان للنشر في دمشق قد تصدّرت غلافها لوحة للفنان البريطاني سمكنز. وجاءت ب 150 صفحة من الحجم المتوسط، حيث راحت تحتل صفحاتها بترتيب، القصص القصار والتي قد يمر عليها القاريء أكثر من مرة للأستزادة من المتعة والدهشة. وهذا هو ما يبتغيه القاص الناجح خاصة من نصوصه القصار جدا والتي أرادها كومضة نور في ليل الدجى والظلمة.. فهي القصص الومضة أو القصص اللقطة الذكية التي تكتب للقاريء بغية الأثارة والتنبيه لحالة معينة مثلا في الحياة الأجتماعية العامة، فاذا بها المفارقة التي نعيشها كل يوم دون جذب الأنتباه الى المغزى الذي يكمن فيها. ففي قصة خطوة موفقة نقرأ الأتي:
" ملّ رشيد حياة العزوبية وعزف عن علاقاته النسائية، فخطب في صبح وتزوج في مساء. بذلك أصبح جاهزا لتذوق (طعم) الخيانات الزوجية، آملا أنها ستكون من طرف واحد"... فالطبيب القاص منزلجي كان لابد له من أن يغوص في مشاكل مجتمعه فيبدأ قصا عن مفارقات أجتماعية شديدة الوقع على القاريء، حيث العائلة / النواة الأولى في تكوين الجسد الأجتماعي المعافى.. وهنا تبدأ رحلة القاص في مجموعته هذه دون أن يجعل الملل يتسلل الى نفس القاريء.. لنقرأ معا في قصة "خوف" :
"تلكأ فقير أمام مطعم يتصاعد منه دخان شواء اللحم الذي كان يتقلب على النار، حتى شبع وشعر بالأمتلاء، ثم أبتعد مسرعا خشية الأصابة بالتخمة..!". ولعلي أسارع هنا لأقول بأن القصة القصيرة جدا اليوم هي فن عالمي قد يكتب به أهل القلم متى شاءوا ساعين الى أكتمال شرط الكتابة به، لتحقيق الهدف والمراد من فن الكتابة أساسا. وكل ذلك لأن القصة القصيرة جدا هي فن العصر السردي الموجز والمكثف والسريع اللمحة والخاطر والبناء لتكون المفارقة فيه عنوانا ولكن لن تكون شرطا للأدهاش...لنقرأ قصة "التحضير للمستقبل" :
"كان العامل منهمكا في تثبيت الكاميرا الأمنية وتركيز عينها بدقة "منحرفة" على مدخل المصرف. وكان الحرامي في داخله يتابعه بشغف ويراقب حركاته بأهتمام.. فحاميها في النهار سيكون حراميها في الليل"...
وها هو القاص منزلجي يبدي اهتماما هو له أهل بلغة القصة وتكثيف أفعالها دون أطناب في الوصف ودون تخصيص في المكان أو الزمان بل دون تبئير في لحظة الفعل القصصي أذا صح التعبير.. وهنا تتحقق شمولية القصة القصيرة جدا...لتقص عن حال أنساني قد تشترك من خلاله وفيه عدة أقوام وعدة مجتمعات... لنقرأ قصة " العيب فيه:
" أفنى أياد عمره في أرضاء الأخرين وحك ظهوره، لكن أحدا لم يعامله بالمثل، فأياد كان برأس وجذع وأطراف.. ومن غير ظهر يسنده!. ". أن في واقع الحياة الكثير الكثير من حالات ووقائع وصراعات وتحديات مما يمكن أن يملأ صفحات مجلدات القصص القصيرة جدا في أنحاء العالم... ما على الكاتب الأ تسجيل اللحظة والأهتمام بحبكة عميقة المعنى لتعبّر عنها جمل قصار في الحجم ولكنها ذات بأس شديد.. !
وبعد.. فالقاص ماهر منزلجي يعمل جراحا في العظام والكسور في مستشفيات بريطانيا وهو من مؤسسي الجمعية الطبية العربية في بريطانيا...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية


.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-




.. المغربية نسرين الراضي:مهرجان مالمو إضافة للسينما العربية وفخ


.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ




.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني