الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أراهن علي الحوار بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري

سعد محمد عبدالله
- شاعر وكاتب سياسي

2019 / 6 / 13
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


تشهد الساحة السودانية إضطرابات وتحولات تحدث بين الفينة والأخرى علي الصعيد السياسي والثوري، فالثورة تتقدم وتتنوع أدواتها علي مستوى الشوارع وأخر مشاهدها العصيان المدني والإضراب السياسي الذي أبهر العالم أجمع، وعلي الجانب السياسي هنالك متغيرات عميقة حدثت خلال الفترة الماضية، حيث جرت محادثات بين القوى الوطنية مع تحركات إقليمية ودولية لحل المسألة السودانية المتأزمة إلي حد كبير، ومع تصاعد وتيرة الحراك الثوري والحركة السياسية داخل وخارج البلاد باتت هناك مؤشرات جديدة لعودة الأطراف السودانية إلي منضدة الحوار لبحث كيفية نقل السلطة من العسكريين إلي المدنيين بمقترحات جديدة ربما تساعد السودانيين علي تجاوز الأزمة السياسية الراهنة، والرهان علي الحوار السياسي هو إتجاه ديمقراطي وعقلاني لحل أوعص المشكلات السياسية والإجتماعية علي طول وعرض تاريخ العالم، ولا يتعارض الحوار مع مطلب التحقيق حول إنتهاكات وجرائم المليشيات المسلحة ومجزرتها القاسية في القيادة العامة وتحقيق العدالة بمحاسبة كافة المسؤلين الذين يثبت تورطهم باصدار الأوامر او تفيذيها او التكتم علي معلومات عن إنتهاكات حقوق الإنسان، وتلك الجرائم بالطبع لا تسقط بالتقادم ولا يمكن تجاوز الملف الإنساني مهما حدث، ويظل الحوار السياسي واحد من وسائل التغيير وعبره يكون الوصول إلي التحول المدني الديمقراطي والعبور الفعلي إلي دولة الحرية والسلام والعدالة والمواطنة بلا تمييز.

هنالك دعوات دولية معتبرة لعودة السودانيين إلي طاولة المفاوضات بعد أيام من توقفها بسبب فض إعتصام القيادة العامة بقوة السلاح الناري الأمر الذي أدى لإستشهاد وجرح عددد كبير من الثوار المدنيين العزل بزريعة تنظيف منطقة "كولمبيا" من الإجرام ليقع الجرم الأكبر علي الثوار، وإزاء ذلك الوضع سادة حالة من الغضب الشعبي وسخط واسع وسط القوى الوطنية الديمقراطية إضافة للإستنكار العالمي، وتعتبر زيارة السيد رئيس الوزراء الأثيوبي أبي أحمد للسودان وإجراء مقابلات منفصلة مع قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري خطوة جيدة في إتجاه إيجاد حل سياسي للمعادلة الوطنية المتشابكة والمعقدة جدا، وتمثل تلك الزيارة واحدة من المبادرات الإقليمية الرفيعة، إذ انها تدعم موقف الإتحاد الافريقي والإتحاد الأوروبي، والموقفان يصبان في صالح الشعب السوداني بالتأكيد الواضح والصريح علي ضرورة تشكيل حكومة مدنية ديمقراطية بمستوياتها الثلاثة "مجلس وزراء ومجلس تشريعي ومجلس سيادي" بصلاحيات كاملة تمكنها من مباشرة مهام المرحلة الإنتقالية لثلاثة سنوات تجري خلالها إصلاحات سياسية وإقتصادية ومهنية وتعد لقيام المؤتمر القومي الدستوري وتعالج قضايا الحرب في دارفور وجبال النوبة/جنوب كردفان والنيل والأزرق وتفتح مسارات للغوث الإنساني وتقوم بتهيئة المناخ العام لإجراء إنتخابات حرة ونزيهة تمكن السودانيين من إبداء الرأي السياسي والإنتخاب دون قيود.

حاليا هناك مجموعات غاضبة جدا من ممارسات المجلس العسكري وتتحفظ من العودة لقاعات التفاوض وترى ضرورة إسقاط مجلس العسكر وهذا الموقف بالطبع له مبرراته التي يجب أن تؤخذ بجدية، بينما هنالك من يرون ضرورة إتخاذ الحوار السياسي كوسيلة لتحقيق أهداف الثورة وتحرير الوطن من الدكتاتورية ومحاسبة كل من أجرم بحق الشعب السوداني، ونجد بين كلتا المجموعتين قواسم مشتركة لا تتعارض في جوهرها المطالب بمدنية وديمقراطية السلطة الإنتقالية ومحاسبة المجرمين بيد التباين فقط في وسائل وطرائق التغيير خاصة بعد مجازر المجلس العسكري التي أنهت الثقة وقطعت التواصل وسدت كافة منافذ الحلول السياسية السلمية، ولكن يبقى الحوار آلية مجربة لتحقيق الأهداف وإن طال عمدها إلا أنها ستثمر ذات يوم، وبالنظر للتطورات الأخيرة في الساحة السودانية لا ضير في العودة إلي التفاوض مع التمسك بالحقوق الأساسية التي لا تقبل المساومة كحقوق العدالة للشهداء والجرحى واللاجئيين والنازحيين وكافة ضحايا الحرب وإطلاق سراح الأسرى والمعتقليين السياسيين وإرجاع المفصولين قسرا إلي وظائفهم وتحقيق كل ما يتصل بجوانب حقوق وحريات والإنسان السوداني، فالمنطق يحتم علي القوى الوطنية عدم الركون والإستكانة في هذه المرحلة التاريخية الصعبة من عمر الوطن بل يجب التحرك في كل الإتجاهات من أجل البحث عن السلام والعدالة والديمقراطية وسودان جديد حر وموحد يسع الجميع.


سعد محمد عبدلله
12 يونيو - 2019م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا


.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس




.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم


.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟




.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة