الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأساة يغود الجزء الثاني الحلقة الأولى

امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)

2019 / 6 / 13
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


كانت فرحته عارمة، اجتمع مع أصدقائه، بعد فراق طويل، قضوا سنوات بعيدا عن الزاوية، رجعوا فخورين، كما يعتقدون، شاركوا في تحرير بلاد يغود: يغودا، مولود يشك في كل شيء، لا يثق في أقوالهم، خبر مناورات الشيوخ، القاضي، مسألة الأرض علمته الكثير، فهم باكرا أنه استقلال زائف، ينصت إلى أحاديثهم، لا يثق بها كثيرا، يواجههم : أما مسألة الأرض ؟ والقاضي ؟ يستهزؤ منهم، يقول لهم : هيئوا المناجل، استعدوا لحصد الحرية والديمقراطية !

كانت تساؤلاته ترهقهم، عن الخونة، مصيرهم، القاضي، هل ينصفه ؟ ذهب الباشا، الحاج حمادي، الشاوش حمادي، بقي القاضي بمكتبه، يزوره، يسأله عن مسألة الأرض ؟ يجلس مع أصدقائه، صاحبه العسكري يفهم جيدا اللعبة، كان يراقب المكالمات الهاتفية، يفهم لغة المستعمر، مناوراته، يتحدث إلى مولود، يؤكد له أن الاستعمار مستمر، الخونة محميون، السياسيون يناورون، صديقهم حماد، بقي بالدار البيضاء، يتابع تطورات الوضع، في مكالماته مع العسكري، يخبرهم: الوضع لا يبشر بالخير، القصر مفتوح، جيش التحرير ينظم عمليات التمشيط، القبض على القواد الخونة، يصادر ممتلكاتهم، يقودهم إلى المقصلة، يرميهم بالصحراء.

لا يطمئن مولود لما يدور حوله، الزاوية كما هي، شيخها، عبيدها، نفس علاقات العبودية، تجارته مزدهرة، تصل الحافلة كل يوم من مراكش، تحمل أخبار المقاومة، السياسيون نشطون، القاضي يتحرك، التجمعات تقام، الوفود قادمة من كل المناطق، تبارك الاستقلال للقاضي، مر جيش التحرير هنا، بالزاوية، طمأن الجميع، في اتجاه الصحراء. كل ما يشغل مولود هو الأرض، أرض الأجداد، يعرف أن القاضي لن ينصفه، اشترى بقعة أرضية، شرع في بنائها، يرى في الاستقرار بالزاوية خلاصا، اختار العيش فيها، بعيدا عن أرض الأجداد، أرض تم اغتصابها.

صديقه العسكرية، بسيارته، يحركها، يركل معه أصدقاؤه، فرحين، يمتلكهم وهم الاستقلال، يمرون على مولود، بدكانه، يشترون بعض المواد الغذائية، في اتجاه بيت صاحبهم، بن حمو، الفكاهي، يصور لهم الحكم الجديد، في ظل الاستقلال المشبوه، اتصل به القاضي، يخبره بالجديد، حفل الولاء بالرباط، يبحث عن مرافقين له، يستعد للمشاركة في السلطة، مر وفد القاضي بدكان مولود، اشتروا أحذية جديدة، بلغة صفراء، التحقوا بدار القاضي، في اليوم الموالي، استقالوا سيارة القاضي، التحقوا بالوفود، أمام القصر قابعون، قضوا ليلتهم، في الصباح الباكر، يعج المشوار بالوافدين من المناطق، تمت البيعة، تم تنصيب الملك الجديد، في عرشه، بداية الاستعمار الجديد.

أهل الزاوية ينتظرون، أخبار الرباط، لم تصل بعد، القاضي، رئيس الوفد، غاب عن الوفد، غادرهم دون أن يعرفوا مصيره، في المساء، جاءهم، تغيرت ملامحه، غادرهم بلحيته، لحية الفقيه، جاءهم بدون لحية، بلا جلباب، سأله أحدهم: ماذا جرى يا فقيه ؟ أجابه: تم مسخنا ! رغم موقفه هذا، مستعد للقيام بمهام السلطة، ارتدى اللباس العسكري، من قاضي إلى قائد، تمت ترقيته، هو مستعد لذلك، كان من بين السياسيين بالزاوية، أسسوا فرع الحزب، منذ 10 سنوات، اليوم أصبح أحد رجال السلطة !

شاع الخبر بالزاوية، القاضي أصبح قائدا، يتلقى التهاني، الوفود قادمة من كل مكان، دخل عليه صاحبه، بن حمو، يستهزئ، ببساطته المعهودة، يحاول الاستخفاف من مكانته، بشكل فكاهي، قاطعه القائد، أمره بالجلوس، قال له: نحن قد تم مسخنا ! لا مفر، علينا بخدمة السلطان، أقسمنا أمامه، ليس لدي صديق بعد اليوم، مكتبي مفتوح للجميع، ممنوع ممارسة السياسة، ندعم حزب القصر، سياسة القصر، السلطة الجديدة، أنا أبحث عن معاونين، جميع السياسيين أعرفهم، لا أثق بهم، أقترحك أحد أعواني، مقدم الزاوية، لا أريد أن تستمر سياسة المقاومة، أعرف عنها كل شاذة وفادة، أعرفهم جميعا، طموحاتهم، يجب أن تستمر العبودية بالزاوية، أن تتوقف الممارسة السياسية، سكتان يحاصروننا، لا ثقة فيهم، يملكون المال والسلاح، يناورون، لديهم نفوذ بالدار البيضاء، في المقاومة وجيش التحرير، يجب أن أقطع هذا الحبل، نحن وراء السلطان، لا سياسة بعد سياسة السلطان، وقع معاهدة جديدة مع فرنسا، تبادل المصالح بين الدولتين، حماية جديدة للسلطان، فكرة المقاومة يجب أن تتوقف، أريدك أن تكون عونا لي، أعرفك، إنسان لطيف، شاهدت ما جرى بالدار البيضاء، عليك أن تستفيد الآن.

السلطة تغير الأشخاص، هكذا استنتج بن حمو، رأى في قاضي البارحة رجلا آخر، تغيرت لهجته بين عشية وضحاها، لم يستطع رفض طلب صاحبه، كيف لا وهو رجل سلطة، يريد أن يتقي شره، لا مفر، الاستجابة لطلبه، يرتبك، الموقف لا يصلح معه هزل، تم القطع مع الفكاهة، مرحلة جديدة تبدأ، عون السلطة، مهمة صعبة، مراقبة الآخرين، حتى الأصدقاء، مصير مجهول، ما عليه إلا أن وافق، خرج من مكتب القائد، في اتجاه الزاوية، يفكر في الأمر، دخل إلى البيت، يتناول الطعام، وجبة كسكس، من أيدي زوجته المحترمة، يحترمها كثيرا، بأسلوبه الفكاهي يناقشها، لا يرفض لها طلب، نظرت إليه، خاطبته: تبدو ملامحك متغيرة، ماذا وقع ؟ لم أعهد منك هذا الصمت، قل لي ماذا جرى ؟ ما أخبار المقاومة ؟ ما أخبار حماد المقاوم ؟ ما أخبار الدار البيضاء ؟ يجيبها محاولا التخفيف من حيرتها، أخباري أبلغ من أخبارهم، لقد تم الأمر، أصبحت مهما بالزاوية، الكل سيحترمني، أنا عون قائد تالوين !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلتنا: مقتل شخص في غارة استهدفت سيارة بمنطقة أبو الأسود ج


.. مشاهد جديدة من مكان الغارة التي استهدفت سيارة بمنطقة أبو الأ




.. صحفي إسرائيلي يدعو إلى مذبحة في غزة بسبب استمتاع سكانها على


.. هجوم واسع لحزب الله على قاعدة عين زيتيم بالجليل وصفارات الإن




.. شمس الكويتية تسب سياسيي العراق بسبب إشاعة زواجها من أحدهم