الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في رواية طائر القشلة

زهير إسماعيل عبدالواحد

2019 / 7 / 1
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


طائر القشلة في عيون شاكر نوري
في آخر إبداعاته الروائية يحاكي شاكرنوري التاريخ القريب ويستدعيه ليشكل منه نواة عمله الأدبي " طائر القشلة "(1) حيث اتخذ من اغتيال الفنان العراقي المسرحي الشاب "كرار نوشي" محوراً له دون التصريح بلك ، تاركاً للقارىء فهم ذلك وإدراكه...
وقد عبر عن ذلك ضمناً في قوله (( لعل أصعب مافي العمل الروائي أن يكون البطل الذي نكتب عنه أراد أن يكتبها بنفسه ، لكن أسراره دخلت القبر المظلم ، ثم يأتي الكاتب هنا ليحل محله ، ويفك شيفرة هذه الأسرار)) فالولوج إلى عالم الأموات ومحاولة استنطاقهم ليس بالأمر الهين...لكن نوري فعل ذلك وتوغل به رغبة منه في تمجيد الجمال المتجسد في هذا الفنان الذي كان هو الميت...وإظهاراً للقبح والبشاعة التي مثلتها الميليشيات التي اغتالته ومثلت بجثته واختصرت سني عمره مبكراً...
ولعل هذه الحادثة تشير من قريب أو بعيد إلى اغتيال بغداد مهد الحضارات والجمال التي تغنى بها الشعراء وغازلها الفنانون والتي كانت في الآن نفسه مطمع مغول الأمس واليوم الذين حاربوا أهلها وسلبوها روائعها وعاثوا فيها فساداً...اغتصبوا حريتها وقتلوا ضحكة أبنائها وسلبوها هدوء ليلها ، حتى باتت مدمرة تبكي وتنعي شبابها وأطفالها واستقرارها....
كرار الشاب الذي عرف بجماله الفطري والشكلي ومن هم مثله أزهقت أرواحهم لتكون قرابين للآلهة البشرية المقنعة التي تتدثر بعباءة الدين لتكون اسم الله في الأرض وهي بعيدة كل البعد عن قدسية هذا الاسم ورحمته ..هي مجرد أدوات يحركها الشيطان وفق هواه ليقضي بها على كل دمث خلق وجميل هيئة وسليم فكر...فالرواية في المحصلة هي تتنقل بين جنبات الدين والتاريخ والحضارة لهذا البلد الذي لم يشف من جراحاته يوماً...وكرار الفتى الذي حاول أن يغير الواقع بفنه وأن يخاطب جمال الروح بمسرحه يشبه طائر القشلة الجميل الذي يطير بجناحيه في هذه الساحة الثقافية ذات المعالم التاريخية ...طائر مات قبل أن يبعث التغيير ويبثه...
سطور الرواية ليست سيرة بل هي انتقاد صارخ تارة ومبطن تارة أخرى لحقب تاريخية ومقاليد حكم لم تتصف الا بالعنف والقسوة اللتين قضتا على حضارة الرشيد واغتالتا معاني الإنسانية...
غدير وأصيل وجواد وريان وعلاء هم ثوار التغيير الذين أرادوا لأحلامهم ان تتحقق يوما ما فكانوا الضحية وغيرهم الكثيرين...الولادة تتعسر لكنها لابد لها أن تخرج من رحم الحياة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1 )/ طائر القشلة / صدرت عن داري معالم للنشر والطباعة والتوزيع الامارات العربية / ابو ظبي و دار )
المؤلف للنشر والطباعة والتوزيع لبنان بيروت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع عماد حسن.. هل سيؤسس -الدعم السريع- دولة في د


.. صحف بريطانية: هل هذه آخر مأساة يتعرض لها المهاجرون غير الشرع




.. البنتاغون: لا تزال لدينا مخاوف بخصوص خطط إسرائيل لتنفيذ اجتي


.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال




.. صوت مجلس الشيوخ الأميركي لصالح مساعدات بقيمة 95 مليار دولار