الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شبح الحرب و الفساد و اللادولة .2.

مهند البراك

2019 / 7 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


و تشير تجارب دول عديدة الى ان الفساد هو الطابور الخامس لإشعال الحروب من اجل تحقيق اعلى الأرباح الأنانية، و خاصة في حالة اللادولة . . بعد ان عشعش الفساد في البلاد و صار هو الحاكم الفعلي الذي عَبًر المحاصصة الطائفية و العرقية لتحقيق الأرباح القذرة دون ابسط مراعاة لحقوق الشعب و الوطن، بترابط و دعم قوى و طغم فساد اقليمية و عالمية (1).
الأمر الذي تسبب بانسحاب العديد من الممولين و المستثمرين الكبار لإعادة بناء و تعمير البلاد، و افقد البلاد مصداقيتها امام دول العالم القادرة و الراغبة في مساعدتها في محنتها، خوفاً لما يمكن ان يحدث لمشاريعهم من الفساد الذي يموّل الإرهاب و انواع الميليشيات الإرهابية على اختلاف راياتها، في بلاد لها دستور و برلمان و مؤسسات دستورية غير فاعلة، بل صارت حتى مناقشات البرلمان و توزيع الحصص تتم على اساس المنافع الفردية و باشتباكات بالايدي علناً .
و يرى قسم من المطّلعين و باسف، بأن حكم الميليشيات التابع لدولة جارة على اساس الدولة العميقة . . فرز وضعاً قد لا يمكن فيه الآن لأية جهة داخلية ان تلعب دوراً لإصلاح الاوضاع دون قوة مسلّحة او تأييد منها، بعد ان لم تتوصّل انواع الاحتجاجات و المصادمات المطالبة بتوفير الخدمات العامة، ومعالجة البطالة ونسب الفقر . . التي عمّت البلاد من اقصاها الى اقصاها و قوبلت بالرصاص و تساقطت فيها اعداد الشهداء و الجرحى و المختطفين منذ عام 2011 و التي وصلت الى اقتحام المنطقة الخضراء و البرلمان و مقرات الأحزاب الحاكمة . .
و يرون بإجراء السيد عبد المهدي بدمج الحشد الشعبي بالجيش بداية يتمنون لها النجاح، فيما ترى اقسام ليست قليلة فيه، بكونه لايزال اجراء اعادة تنظيم و ليس لحل الميليشيات و لحصر السلاح بيد الدولة (2)، حيث بقي الحشد كياناً مستقلاً خاصاً مع الاحترام لبطولات وحداته في قتالها لداعش الاجرامية، و يذكّرون بأن الحشد تأسس اساساً تلبية لفتوى المرجع الشيعي الأعلى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي، الذي دعى الى الالتحاق بالقوات النظامية الحكومية للدفاع عن البلاد من خطر دولة داعش الارهابية الاجرامية، و ليس لتأسيس فصائل مسلحة لاحدود لمرجعياتها و اجتهاداتها.
من ناحية اخرى فإن حكم الميليشيات، اوصل الأمر الى تساؤل كثيرين عن كيف تفسّر الحكومة القائمة اسراعها لإكمال تشكيلها، اثر التهديد الضروري للسيد الصدر بالدعوة لإجتياح الجماهير للخضراء و البرلمان ان لم يتم اكتمال التشكيل . . في زمن ازدياد ابتعاد الحكومة عن الجماهير و تبدّل منطق الصراع الاجتماعي ـ السياسي و ادواته و لغاته، رغم ثبات جوهره . .
و من ناحية ثانية، يرى سياسيون و وجوه اجتماعية، بأن الاوضاع المؤلمة الجارية في البلاد، ادخلت حتى الواعين من الناس في متاهات و تعليلات مؤسفة وحيدة الجانب، تصل الى ان الشعب هو المسؤول عمّا يجري لأنه هو الذي انتخبهم رغم مشاركة اقل من 50 % ممن يحق لهم الانتخاب(3) في الانتخابات التشريعية الأخيرة.
غير منتبهين او غافلين عمّا عملته الدكتاتورية الدموية لعقود و عمّا تعمله القوى الحاكمة الفعلية طيلة ستة عشر عاماً لتبرير و تغطية سرقاتها الفلكية و ادامة كراسيها . . في تجهيل الشعب و سوقه بانواع الحيل الايمانية و الطائفية، و بعنف الميليشيات و الإغراءات و كمّ الافواه و ملاحقة الصحفيين و الإعلاميين النزيهين، و عدم الاهتمام بخيرة مفكري و علماء البلاد الذين ساقتهم الدكتاتورية المنهارة الى الخارج . . حتى صار الشباب يسعى لترك البلاد و الهروب منها .
و ترى اوسع الاوساط بأن المحاربة الجادة لحيتان الفساد بوتيرة اعلى و اسرع ممايجري الآن و بقوة الدستور و القانون و بصرامة، هي الطريق الاساسي في المساعي الخيّرة للوقوف امام الضغوط المتنوعة لزج البلاد في الحرب التي يجري الإعداد لها، بل و للمساهمة الفاعلة لمنع اندلاعها، فكما عبر الفساد المحاصصة فان مكافحته الجادة هي التي تحقق عبور المحاصصة و بالتالي الغائها، و السير الحثيث لتقوية الدولة على اساس المواطنة.
و للسير على ذات الطريق المؤمِن للثقة بالحكومة، لابدّ من كسب الجماهير التي بدون تأييدها و استعدادها للعطاء، لايمكن مواجهة شبح الحرب، و لنا في الانتصارات التي تحققت و حطّمت دولة داعش الاجرامية مثالاً ساطعاً، و لكسبها لابدّ من البدء الفعلي بحل ابرز و اخطر مشاكلها و آلامها الحياتية، بقرارات ديوانية سريعة و فوق العادة، تصون حياة الجماهير و تُشعرها باهتمام الحكومة بحياتها و مصيرها و لكسب ثقتها بالخطط التي يتم وضعها و البدء بها. و الاّ و بعيداً عن تعقيدات السياسة و الآيديولوجيا . . كيف نهضت دولة الكويت مجدداً بعد ان دمّرتها حرب الدكتاتورية ؟ و كيف تتحدى دولة ايران ماتواجهه اليوم رغم حرب الثماني سنوات المدمّرة على يد ذات الدكتاتورية ؟ في بلاد من اثرى بلدان العالم تعيش تجربة (ديمقراطية) مضى عليها ستة عشر عاماً .
و الاّ فان داعش ستظهر من جديد بوجه قد يكون بجيل اسلاموي طائفي عروبوي ارهابي، كما توقع ابرز المراقبين و السياسيين العراقيين منذ الاعلان عن سقوط دولتها في الموصل التي لم يجر التحقيق حتى الان في اسباب سقوطها (الموصل) بيد عصابات داعش و لم يُقدّم المسؤولون عنه و عن مذبحة سبايكر ـ اللتين شكّلتا اكبر الخسارات بالارواح و النفوس و الاموال في هذا العهد ـ لم يُقدّموا الى القضاء حتى الآن وبقى المسؤولين عنهما في مواقعهم . . من جهة، و ستتواصل الإحتجاجات الشعبية المطالبة بالماء و الكهرباء و حل مشاكل البطالة و الصحة و التي من المؤسف الى انها قد تتصاعد بأعلى مما مرّ و يصعب السيطرة على مضاعفاتها، لأن الاحوال صارت احوال حياة او موت !! من جهة اخرى . . بتقدير عديد من الخبراء و العارفين المستقلين. (انتهى)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. كمثال، راجع مقابلة قناة التغيير مع السيد انتفاض قنبر في الشهر الماضي، عن تقرير اميركي فضح قضية فساد اميركية ـ عراقية و نُشر علناً اواخر 2018 .
2. مستشهدين باجراء رئيس الوزراء السابق السيد العبادي و الذي لم يغيّر شيئاً.
3. وفق الإعلان الرسمي لمفوضية الانتخابات ذاتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أوروبية جديدة على إيران.. ما مدى فاعليتها؟| المسائية


.. اختيار أعضاء هيئة المحلفين الـ12 في محاكمة ترامب الجنائية في




.. قبل ساعات من هجوم أصفهان.. ماذا قال وزير خارجية إيران عن تصع


.. شد وجذب بين أميركا وإسرائيل بسبب ملف اجتياح رفح




.. معضلة #رفح وكيف ستخرج #إسرائيل منها؟ #وثائقيات_سكاي