الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خواطر فلسطينية، عبدالفتاح القلقيلي ابو نائل

مهند طلال الاخرس

2019 / 7 / 18
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


خواطر فلسطينية كتاب من جزئين للمناضل الوطني والمثقف والكاتب عبد الفتاح القلقيلي، وكل جزء يقع على اكثر من ٢٣٠ صفحة بقليل وهو من اصدار دار العودة للدراسات والنشر في فلسطين سنة ٢٠٠٤ وسنة ٢٠٠٥ على التوالي.

والكتاب عبارة عن مجموعة مقالات وخواطر فلسطينية بحتة كتبت جميعها في فترة محددة تقريبا وهي مرحلة تأسيس وبدايات السلطة الوطنية الفلسطينية، لهذا فهذه الخواطر وتلك المقالات لها اهمية كبيرة جدا اذ تقدم صورة مقطعية وافية للحالة السياسية السائدة لتلك الفترة الزمنية والهامة من تاريخ القضية الفلسطينية رغم ان هذه النظرة هي في معظم زواياها نظرة نقدية ومن باب المعارضة لكن المعارضة الوطنية الحقة والغيورة والطامحة للاصلاح بغية العيش في الوطن الذي نحب ونأمل ونطمح.

هذا الكتاب بجزئيه الاول يوميات اللئيم والظريف والثاني على الرصيف يشكل مادة معرفية وارشيفية وتأريخية لتاريخ ونضال الشعب الفلسطيني، ولاسباب عدة تبرز اهمية هذا الكتاب بجزئيه، منها: اهمية ومكانة الكاتب النضالية والمعرفية والسياق والنهج العام الذي كان ينتمي له ضمن صفوف حركة فتح والموقع القيادي الهام والمعارض الذي كان يمتاز به، اضافة الى ان هذه المقالات كانت تنشر بشكل اسبوعي وكل يوم سبت عبر صفحات جريدة الحياة الجديدة في فلسطين القريبة من السلطة الوطنية والمحسوبة عليها، وبالتالي فانها كانت مادة موجهة ومفتوحة ومعروضة للنقاش العام.

هذا الكتاب بمحتواه من خواطر ومقالات تقع وتصنف ضمن الادب الساخر وهو الادب الذي غالبا ما يسمى بصحيفة المعارضة الاوسع انتشارا، وهو سلاح من لا سلاح له في عصر الظلم والاستبداد، ويكفيه لمساحات صوته المقهور مساحة ضيقة على الرصيف ليعلن عن كل آراءه ويعبر عن كل مواقفه، والانتماء للرصيف بهذا المعنى شكل حلقة الوسط بين المؤسسة السلطوية والرسمية وبين رواد الشارع من الجماهير وعموم فئات واصناف الشعب، وفي مفهوم آخر فإن رواد الرصيف وكتابه بهذا المعنى كان عصيا على التطويع والاحتواء من قبل المؤسسة الرسمية وفي جانب آخر هو ضمير الشعب وصوت همس الخطوات في الشوارع.

في هذين الكتابين وعبر حوارية اللئيم والظريف وتدخل شخصية الراوي تدور احداث كل الخواطر والمقالات والمواضيع المطروحة في الساحة الفلسطينية ويتم طرحها للنقاش وابداء الاراء من زوايا متعددة تسهم في بناء خط وطني صحيح وواضح بحيث لا تتيه البوصلة هذا اولا وثانيا تمتاز هذه الحواريات بالصيغة الحكواتية الشيقة والممتعة والجاذبة وثالثا وهو الاهم فهي تقدم مادة معرفية ووطنية ضخمة نستلهم منها العبرة والعظة ورابعا لانها كل ما تقدم الزمن بها تظهر صحة وصوابية اعتقادها منذ البدايات وخامسا لانها اصبحت جزء لا يتجزء من ذاكرة الشعب الفلسطيني ومسيرته وبالتالي ينطبق عليها تصنيف المذكرات، وبالتالي اصبح من اللزوم والواجب الوطني حفظ هذه المذكرات لا بل واكثر من ذلك ؛ فنحن مدعوون لتوثيق وتدوين كل ما يصدر عن تلك القيادات والكوادر التي تصدرت في فترة ما المشهد الفلسطيني وفي اي خط سياسي كان اوفي جهة تنظيمية يتبع، المهم هو تسجيل وتدوين وتوثيق هذا التاريخ.

في هذا الكتاب تجد نفسك امام مثقف موسوعي ضخم، فهو يتحدث عن الفيزياء والحساب وعلم النفس والاجتماع والسحر والميكانيكا والقانون والنظريات ولا ينفك عن استحضار اي مثل من اي تاريخ او علوم ومن مختلف الحضارات والحقب التاريخية كل ذلك واكثر تجده يستحضره الكاتب في سبيل ضرب الامثلة من شتى اصناف العلوم والاجتماعيات واستحضارها بغية ربطها مع ما يعتري الامة والقضية من مواقف بغية احداث المقاربات المطلوبة وتوفير الدروس من نماذج مختلفة عبر التاريخ.

والكتاب بهذا المعنى يقدم نموذجا في الحالة الفلسطينية من زاوية معينة ومن وجهة نظر معارضة داخل حركة فتح والسلطة، وهذه الوجه قابلها الكاتب والمناضل حسن البطل من زاوية أخرى واصدر مجموعة من مقالاته وهي مختارة طبعا ضمن كتاب من خمسة اجزاء، وعلى اختلاف الزاوية والمنظور التي ينطلق منها كل كاتب وبالتالي اختلاف طريقة ومستوى التعبير والمشكلات التي يطرح، إلا ان ما يهمنا نحن في هذا الجانب ان كلاهما ساهما في حفظ ارث وتاريخ وسيرة هذا الشعب فكلاهما كما قال درويش" من يكتب حكايته يرث ارض الكلام".

من الجميل جدا الاشارة ان فلسطينييون كثر كتبوا يومياتهم ومذكراتهم او ذكرياتهم بطرق شتى وباستخدام اساليب ادبية مختلفة ساهمت كلها بحفظ هذا الارث وصون هذا التاريخ من العبث.
ومن الجميل الاشارة ايضا الى ان هذا الكتاب له طابع اصيل ومتجذر في الساحة العربية والفلسطينية رغم اختلاف الاداة او الاسلوب وهذا ما نجده في كتب خليل السكاكيني وخليل بيدس وفي الحالة العربية نجد الاصل والمنبع في كتاب وحي القلم لمصطفى صادق الرافعي بالاضافة الى كتب المنفلوطي وعباس محمود العقاد وتوفيق الحكيم في يوميات نائب في الارياف وحمدي البطران في كتابه يوميات ضابط في الارياف ويوميات سياسي محترف للشاعر عبد الوهاب البياتي، وكمال النجمي وكتابه المعنون ب"يوميات ارباب السيوف والاقلام" وهذا كله طبعا دون اغفال يوميات بوليفيا للمناضل العالمي تشي جيفارا وكتاب يوميات الثورة الجزائرية لفرانز فانون.

الكتاب بجزئيه وثيقة هامة ومادة قد تشكل في احد ثناياها بلاغ مكتوب الى النائب العام الفلسطيني(ينقصه اسماء المشتكى عليهم صراحة) ودعوة للتحقيق في معظم من اختصت المقالات بالتعرض لهم من حيث كونهم اسهموا في الفساد والافساد والتسلط على العباد واغتنوا على حساب الثورة ، والاهم انهم اسهموا بحذف البوصلة ان لم يكن ضياعها.

الكتاب بجزئيه وبمقالاته وخواطره والتي جائت تحت ١٨٣ عنوان -رغم تكرار بعضها- ورغم جلد الذات الفائض والزائد اذا ما قورن بمسائل اخرى قد تكون اكثر اهمية وبصرف النظر عن قناعات الكاتب التي ابداها صراحة حول الموقف من القدرة على تغيير الوضع والاكتفاء بالاشارة إليها فقط-حسب ما ذكر في الكتاب- إلا انه كتاب سعيت مطولا لأحصل عليه ولازين رفوف مكتبتي به، وهو منذ سنتين يعتليها بجدارة.

بقي ان نقول ان سيرة الكاتب والمثقف والمناضل عبد الفتاح القلقيلي ابو نائل تستحق ان تقرأ وتُدرّس، والاهم قبل كل ذلك ان نقوم بتدوينها وتوثيقها حرصا عليها وعلينا من عبث الايام ومن غدر الزمن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما


.. عبر روسيا.. إيران تبلغ إسرائيل أنها لا تريد التصعيد




.. إيران..عمليات في عقر الدار | #غرفة_الأخبار


.. بعد تأكيد التزامِها بدعم التهدئة في المنطقة.. واشنطن تتنصل م




.. الدوحة تضيق بحماس .. هل يغادر قادة الحركة؟ | #غرفة_الأخبار